شباب التغيير.. بين فساد الحزب الحاكم وتخبط أحزاب المعارضة
بقلم/ حارث الشوكاني
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و يومين
الخميس 14 إبريل-نيسان 2011 05:08 م

هبت رياح التغيير والثورات الشعبية في العالم العربي بهدف إسقاط أنظمتها السياسية الطاغوتية الإستبدادية التي عانت منها الشعوب طويلاً بسبب فسادها السياسي الذي إحتكر السلطة ومنع الحريات السياسية وكمّم الأفواه وزجّ بالأحرار والثوّار في المعتقلات السياسية ومارس قيوداً على حريات الصحافة والتعبير، وفسادها الإقتصادي الذي إحتكر الثروة ولم يلبي حاجيات الناس الضرورية بحيث إتسعت الفجوة بين طبقات المجتمع (الطبقة الغنية – والطبقة الوسطى – والطبقة الفقيرة) حيث زاد الأغنياء غنى وسحقت الطبقة الوسطى أهم طبقات المجتمع وازداد الفقراء فقراً، فاختمرت عوامل الثورة الشعبية واحتقنت المجتمعات والشعوب العربية بكل أسبابها.

وبدأت جذوة هذه الثورات في تونس فسرت وتصدرت هذه الجذوة إلى بقية الدول بشكل تلقائي ودون تخطيط مسبق بسبب الإحتقان الموجود في بقية الدول من جراء ممارسات أنظمتها الطاغوتية التسلطية.

وعصفت رياح التغيير في اليمن كبقية الدول وخرج شباب التغيير إلى ساحات التغيير في ثورة شعبية سلمية بهدف تغيير أوضاع البلاد سياسياً واقتصادياً وتعليمياً واجتماعياً نحو الأفضل والأحسن لا نحو الأسوأ والأردأ عملاً بقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }الرعد11. أي أن الله سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم من خنوع وخضوع واستكانة للأنظمة الطاغوتية ويمتلكوا إرادة التغيير ويعزمون عليه فعندئذ تكون إرادة الله مؤيدة ومعينة لإرادتهم.

ولما كانت فلسفة التغيير في القرآن وفي الواقع كسنّة إجتماعية لا تتم إلا عبر مرحلتين متلازمتين هما مرحلة إبطال الباطل وإحقاق الحق، مرحلة النفي والهدم للباطل والبناء والإثبات للحق { وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }الشورى24 {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ }الأنفال8.

فإن الخطأ الكبير التي تقع فيه الكثير من الثورات الشعبية أو المسلحة أنها تعدّ نفسها لمرحلة إبطال الباطل ولا تعدّ نفسها لمرحلة إحقاق الحق فيؤدي ذلك إلى إنحراف مسار كثير من الثورات وعدم بلوغها إلى أهدافها وغاياتها.

ذلك أن عملية التغيير لا تؤتي ثمارها إلا إذا توافر لها عنصران أساسيان:

- الوعي التغييري.

- والإرادة التغييرية.

فالوعي التغييري هو الشرط الأول لنجاح عملية التغيير لأن العلم يسبق العمل وحسن التصور يسبق حسن التصرف والتخطيط يسبق التنفيذ، ولذلك هو أشبه بالمصباح المضيء الذي يهدي السالكين في الطريق.

والإرادة التغييرية هي مرحلة العمل والتنفيذ وحسن التصرف والسلوك الفعلي في طريق التغيير.

ووعي تغييري دون إرادة تغييرية أشبه بإنسان يقف في طريق التغيير وهو يمسك بمصباح ينير للسالكين لكن هذا الإنسان لا يتحرك.

وإرادة تغييرية دون وعي تغييري أشبه بإنسان يسير في طريق التغيير لكن دون ضوء في ظلمة حالكة، ولذلك فهو عرضة للسقوط والوقوع في حفر أو مهاوي لا يراها وعرضة للإنحراف عن المسار.

وتجنباً لهذا المحذور فإن شباب التغيير لا بد أن يمتلك رؤية واضحة للباطل الذي يريد إبطاله والحق الذي يريد إحقاقه ومالم يمتلكوا هذه الرؤية والبصيرة فإنه من المحتمل جداً أن يتحول هؤلاء الشباب إلى أدوات بيد غيرهم وتابعين لا متبوعين فتسرق ثورتهم وتوظف تضحياتهم لخدمة أهداف سياسية غير مشروعة قد تضر بمستقبل اليمن وتدفع به إلى مصير مجهول.

ومن هذه الزاوية أود تنبيه هؤلاء الشباب إلى أن ثورتهم التغييرية واقعة بين مطرقة الحزب الحاكم وسندان أحزاب المعارضة أيضاً.

وأنا معهم في هدفهم الأول وهو إبطال باطل الحزب الحاكم والنظام السياسي الحالي عبر المطالبة بإسقاطه بسبب فساده الذي عمّ وطم وخلّف أوضاعاً مأساوية في البلاد، فقر ومعاناة وبطالة وسياسة تجويع نتج عنها أزمات سياسية متعددة، حراك في الجنوب يهتف ضد الوحدة ويؤيد الإنفصال وقوة سياسية إمامية حوثية في صعدة تستهدف اليمن الجمهوري واليمن الوحدوي.

ولولا سلسلة الأخطاء التي إرتكبها النظام السياسي والحزب الحاكم لما تدهورت أوضاع البلاد الإقتصادية ولما تأسست على هذه الأزمة الإقتصادية هذه الأزمات السياسية المتعددة الوجوه.

ومن هذا المنطلق أنتم على حق في المطالبة بإسقاط هذا النظام وإبطال باطله لفساده، ولكن ما يجب تحذيركم منه هو ما يتعلق بمرحلة ما بعد إسقاط النظام، مرحلة إحقاق الحق، فإن لم تكن أهداف هذه المرحلة التالية واضحة فإن الخطر كامن فيها، وفي هذا السياق يتوجب عليكم أن تدركوا أيضاً أن أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) يشاركونكم في هدف إسقاط النظام ويختلفون معكم في أنهم يريدون بعد إسقاط النظام إسقاط الوحدة اليمنية وتجزئة البلاد إلى أقاليم يتفرع عنها إقامة دويلات وسلطنات على مستوى كل محافظة ومديرية مع أن مشكلة اليمن في النظام السياسي الفاسد وليس في الوحدة اليمنية، ومن المعلوم أن الخروج على الوحدة اليمنية الإندماجية إلى واقع التجزئة والتفتيت مخالفة شرعية لمقصد من أعظم مقاصد الدين (مقصد الوحدة)، وبالتالي فإن الدفع بهذا الهدف (إسقاط الوحدة عبر المشروع الفيدرالي الإمامي الشيعي الذي تبنته أحزاب المعارضة) لا يعتبر إحقاقاً لحق وإنما إبطالاً لحق، والمشارك في هذا العمل من شباب التغيير آثم شرعاً ومعاقب أمام الله سبحانه وتعالى، وعلى هذا الأساس يتوجب على شباب التغيير كما أنكروا منكر الحزب الحاكم لفساده وطالبوا بإسقاطه أن ينكروا منكر أحزاب المشترك التي تطالب بإسقاط الوحدة بعد إسقاط النظام عبر تعديلات دستورية تلغي وحدة اليمن الإندماجية وتنقلها إلى النظام الفيدرالي والحكم المحلي الواسع الصلاحيات الذي سيفتت اليمن إلى أقاليم ودويلات مع منافذ بحرية منها إقليم شيعي يمتد من صعدة إلى ميدي وإلى سلطنات ودويلات على مستوى كل محافظة ومديرية ، لأن قيادات الأحزاب الجمهورية في المعارضة التي صدّق عليها إبليس الإمامة ظنه عبر المشروع اللامركزي الفيدرالي الرامي لتمزيق اليمنيين شر ممزق والمباعدة بين أسفارهم وتفريق أيدي سبأ (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ{18} فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ{19} وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ{20}) لم يدركوا أن عمق المشكلة التاريخية في اليمن حتى يومنا هو غياب الدولة المركزية الواحدة التي تحفظ الأمن والإستقرار، حيث هيمن مشهد الدويلات المتصارعة وسلطة القبيلة والقبائل المسلحة المتحاربة بدلاً عن سلطة الدولة على التاريخ اليمني منذ دخول الأئمة إليه من طبرستان والديلم، وهذه الإشكالية حولت اليمن طوال ألف عام إلى ساحة للحروب الدائمة إما على مستوى الدويلات أو على مستوى القوى القبلية، بحيث كانت الحروب المتواصلة هي الأصل طوال تلك الحقبة وفترات الأمن والإستقرار هي الإستثناء. ومن هنا ندرك أهمية حديث الرسول (ص) القائل: (والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه).

وبالتالي فليست مشكلة اليمن في وجود الدولة المركزية الواحدة وإنما في غيابها وحلول سلطة القبيلة محل سلطة الدولة على الدوام حتى بعد قيام الثورة والوحدة، فما زال وجود الدولة المركزية ضعيفاً ومازالت العصبيات القبلية متمكنة رغم مرور خمسين عام على الثورة والوحدة، وحدود الدولة المركزية لا يتجاوز أطراف العاصمة، ولست بحديثي هذا عن القبيلة أذمّ القبائل لأن اليمنيين كلهم أبناء قبائل وإنما أذم العصبية القبلية وأحذر من سلطة القبيلة في غياب سلطة الدولة خوفاً على القبائل من الحروب القبلية التي كانت سياسة الأئمة عبر التاريخ، حيث ألغوا دولة اليمنيين المركزية وعمّقوا العصبيات القبلية وضربوا كل قبيلة بالأخرى واستطاعوا بهذا الأسلوب إذلال أقيال اليمن ومشايخها حيث أودعوا أبناء المشائخ في السجون وجعلوهم رهائن فيها.

ولذلك يجب التفريق بين الفردية والمركزية، فالإشكالية في الممارسات الفردية لا في المركزية لأن المركزية هي أساس أي نظام سياسي وإداري، واللامركزية مكملة بعد بناء المركزية بصورة علمية، لأن المركزية تعني واحدية الدولة لا تجزئتها إلى دويلات على أن يتم بناء الدولة المركزية على أسس علمية (مبدأ سيادة الدستور والقانون والعمل المؤسسي)، ويجمع علماء النظم السياسية والإدارية على أنه لا يمكن قيام نظام لامركزي في غياب نظام مركزي سليم.

وبالتالي فمشكلتنا اليوم هي الممارسات الفردية داخل إطار الدولة المركزية الضعيفة الواهنة في واقع مجتمعي سلطة القبيلة فيه أقوى من سلطة الدولة، والحل هو رفع شعار نحو بناء دولة مركزية قوية ورفع شعار مبدأ سيادة القانون والعمل المؤسسي لتخليص الدولة المركزية من الآثار السلبية للممارسات الفردية، وبعد إيجاد الدولة المركزية على أسس علمية قوية يتم تطبيق اللامركزية الإدارية والإدارة المحلية لا المركزية السياسية والحكم المحلي، لأن الدولة اليمنية دولة بسيطة لا مركبة ولا تعاني من تعدد عرقي ولغوي وديني.

أما من يرون بأن حل مشكلة الممارسات الفردية في إطار الدولة المركزية الضعيفة الواهنة ذات المجتمع الذي تغلب فيه سلطة القبيلة والقبائل المسلحة يكون بتجزئة الدولة الواحدة إلى دويلات وأقاليم بعدد مدنها ونواحيها فهو الحل الكارثة الذي سيلغي سلطة الدولة ويحيي سلطة القبيلة (سلطنات ومشيخات) لا سيما في ظروف سياسية غير مستقرة وأوضاع إقتصادية منهارة لأن عواقب مثل هذا الحل ستكون كارثية وهي إعادة اليمن إلى مرحلة ما قبل الدولة كالصومال فتندلع الحرب الأهلية ويشتعل نار لهيبها بحيث يصعب إطفاء هذا اللهيب كالصومال وقد إعترف زيد الوزير منظر أحزاب المعارضة في كتابه (نحو وحدة يمنية لامركزية) أنه يريد باللامركزية تكريس نظام السلطنات والمشيخات كما فعل الإستعمار البريطاني في الجنوب، كما إعترف بأن هذه الفكرة اللامركزية قد دفعت الوحدة اليمنية ثمنها الباهض والإعتراف كما يقال سيد الأدلة حيث قال في الطبعة الأولى للكتاب في ص39: (وجاء البريطانيون وشجعوا الفردية المحلية في شكل المشيخات القائمة ودعموها وتعاملوا معها فظن السذج أنهم أحرار فأخلصوا ولاءهم للمستعمرين وبهذه الطريقة العجيبة تمكن البريطانيون عن طريق إستخدام اللامركزية لتثبيت الفردية المشيخية من جرّ كل تلك القوى بخطام من حرير زائف وهكذا نجد أن اللامركزية البريطانية دعمت بذكاء وعن عمد فردية المشيخة من أجل صفقة مأساوية دفعت الوحدة اليمنية ثمنها الباهظ)، وهاهو زيد الوزير القيادي في اتحاد القوى الشعبية والتنظيم الإمامي يجرّون القوى الجمهورية في المشترك بخطام من حرير زائف تحت شعار اللامركزية والحكم المحلي والفيدرالية وهي أسماء لمسمى واحد في صفقة مأساوية ستدفع الوحدة اليمنية ثمنها الباهظ، مع أن الغاية التي يسعى إليها الإماميون من خلال اللامركزية وخدعوا بها قيادات المشترك هي المشيخات والسلطنات لا بناء الدولة الحديثة وما زال لهذه الفكرة نموذج باقي إلى اليوم من رواسب عصور الإمامة وهو نموذج مشيخة الجعاشن فهل هذا ما ينتظره أبناء اليمن من هذه الثورة التغييرية.

في حين أن توطيد دعائم الدولة المركزية الواحدة على أسس علمية سيؤدي إلى الإنتقال بالمجتمع اليمني تدريجياً إلى المجتمع المدني المبرأ من العصبيات القبلية والحروب القبلية الدائمة وواقع المشيخات والسلطنات، ويحل السلام والأمن بدلاً عن منطق الصراع والحروب وتتوحد الإمكانات والطاقات البشرية للبناء والتنمية فيحصل الإزدهار والرفاه لأبناء المجتمع اليمني الذين شهد لهم تاريخهم التليد بأن اليمن كانت مهداً لأعرق المدنيات والدول والحضارات التي نمت وأشعّت في وقت كانت البشرية فيه تخبط في مجاهل الظلام والتخلف (حضارة عاد وإرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وحضارة ثمود وحضارة معين وسبأ وحمير).

ومالم ينكر شباب التغيير منكر أحزاب المعارضة كما أنكروا منكر الحزب الحاكم للمحافظة على مكتسبات اليمن الإسترتيجية (الثورة – الوحدة – الديمقراطية الشوروية- المنجزات التنموية) فإن عملية التغيير هذه ستكون نحو الأسوأ لا نحو الأحسن لأن كلمة التغيير في القرآن جاءت عامة، التغيير من حال إلى حال سواء كان نحو الأحسن أو نحو الأسوأ بحسب ما في نفوس قيادات التغيير .. تغيير نحو النعمة أو تغيير نحو النقمة {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأنفال53، وأعظم نعمة في القرآن هي نعمة الوحدة لقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103.

فأول خطوات الإصلاح السياسي هو تحقيق الوحدة:

- الوحدة السياسية (واحدية الدولة)

- والوحدة الاجتماعية (واحدية الأمة)

- والوحدة الحضارية (وحدة الطاقات البشرية والإمكانات المادية).

فلا تسمحوا ياشباب التغيير لقيادات المعارضة أن يطيحوا بهذا المنجز (الوحدة اليمنية) ويعيدوا اليمن إلى مرحلة ما قبل الدولة كالصومال وأفغانستان.

وليعلم كل فرد من أفراد شباب التغيير أنه مسئول أمام الله مسئولية فردية {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً }الإسراء13، وإذا كان في ساحة التغيير شباب حزبي يتبعون قياداتهم تبعية عمياء فإن ذلك لا يعفيهم أمام الله يوم القيامة لقوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ }البقرة166، فتبرأوا يا شباب التغيير من منكر أحزاب المعارضة ومطالبتهم بإسقاط الوحدة بعد إسقاط النظام عبر المشروع الفيدرالي الذي يمرر بإسم الحكم المحلي، مالم فإن حال التابعين من شباب التغيير لقياداتهم الحزبية (المتبوعين) سيكون يوم القيامة كالتالي {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ }البقرة167، وسيكون لسان حالكم يوم القيامة في تبعيتكم العمياء لقياداتكم الحزبية {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا }الأحزاب67.

واعلموا يا شباب التغيير الذين تبذلون نفوسكم للشهادة أن دماءكم الزكية يجب أن تسكب فيما يرضي الله ويصلح أحوال اليمن وإذا أردتم فعل ذلك فعليكم رفع شعار يجسد مرحلتي التغيير معاً (إبطال الباطل – وإحقاق الحق) وهو شعار (نعم لإسقاط النظام لا لإسقاط الوحدة اليمنية) إنكاراً لمنكر الحزب الحاكم ولمنكر أحزاب المشترك مالم فإن أحزاب المعارضة بعد إسقاط النظام ستعدّل الدستور لإلغاء الوحدة اليمنية وتجزئة اليمن إلى أقاليم، وعندها ستكون جهودكم قد ذهبت هباء ودماءكم وأرواحكم التي أزهقت قد أهدرت فيما يغضب الله لا ما يرضيه لا سيما لمن بلغته الحجة وقد أعذر من أنذر.

ومالم ترعوي قيادات المعارضة عن هدف إسقاط الوحدة اليمنية بعد إسقاط النظام فعلى شباب التغيير تنظيم نفسه في مجلس ثوري تنسيقي مستقل بعيداً عن فساد الحزب الحاكم ونكوص أحزاب المعارضة عن أهم مقاصد الإسلام واليمن (الوحدة اليمنية).

عندها يتحول شباب التغيير في الساحة إلى قيادات لتغيير حقيقي يغيروا أوضاع اليمن وفقاً لما في نفوسهم لا وفقاً لما في نفوس قيادات أحزابهم، ما لم فإن مستقبل اليمن سيتجه نحو التجزئة والحرب الأهلية والعياذ بالله.

وفي هذا السياق أدعوا أيضاً القوى الإقليمية والدولية لا سيما المملكة العربية السعودية ودول الخليج لممارسة الضغط على أحزاب المعارضة في حال توليهم السلطة بعدم المساس بالدستور وإجراء التعديلات الدستورية في إتجاه النظام الفيدرالي تحت مسمى الحكم المحلي لتجزئة اليمن إلى أقاليم وسلطنات ومشيخات على مستوى المحافظات والمديريات منها إقليم شيعي حوثي يمتد من صعدة إلى ميدي، لأن المشكلة ليست في الوحدة اليمنية وإنما في الفساد الذي مارسه الحزب الحاكم عبر السياسات التي إنتهجتها حكوماتها المتعاقبة، وإذا كان لابد من تعديلات دستورية فهذا من حق الشعب وليس من حق القوى السياسية عبر السلطة التشريعية المنتخبة من الشعب بعد المرحلة الإنتقالية لأنه لا يمكن الوصول إلى مضمون دستوري ديمقراطي إلا عبر آلية ديمقراطية (جمعية تأسيسية منتخبة أو سلطة تشريعية منتخبة) أما لجنة معينة لصياغة مشروع دستور حتى لو تم الإستفتاء عليه فستكون بصمات اللجنة المعينة والتوجهات الحزبية مهيمنة على مضمون الدستور أكثر من بصمات البعد الشعبي، وأنا متأكد أنه لو تم إستفتاء الشعب اليمني هل تريدون بقاء الوحدة الإندماجية أم تجزئة اليمن إلى أقاليم وسلطنات ومشيخات فلن يكون جوابهم بنعم فحسب بل إنهم مستعدون للقتال على الوحدة اليمنية، لكن الأحزاب السياسية ستقوم بتعديل الدستور للوصول إلى هذه النتيجة بصورة ملتوية لا صريحة، وهنا مكمن الخطر، وحتى لا نعود إلى سراديب الإستبداد والدكتاتورية مرة أخرى فعلى الجميع أن يدركوا أهمية أن تكون الفترة الإنتقالية قصيرة لا طويلة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وتختزل مهمة الحكومة الإنتقالية في التحضير للإنتخابات لتسليم السلطة إلى الشعب لتعميق أسس الخط الديمقراطي الشوروي والدولة المدنية وعدم إستبدال النهج الديمقراطي بالتوافق الحزبي، وكذلك خطورة التمثيل المناطقي (صعدة – الحراك الجنوبي) لأن هذه الصيغة في المنظور الإمامي لا تعترف بوحدة اليمن السياسية والإجتماعية والثقافية بل تحمل معها بذور دولة زيدية (صعدة) ودولة شافعية (حراك جنوبي) مع أن المناهج الدراسية التي أعقبت الثورة قد صاغت الأجيال اليمنية تعليمياً وتربوياً بمنهج سني تجديدي يرتبط بالكتاب والسنة مباشرة بعيداً عن العصبية المذهبية زيدية أو شافعية وعصور الجمود والتخلف، وأصبح أبناء اليمن قاطبة وحدة ثقافية وتعليمية واحدة يسيرون على خطى المنهجية التجديدية العلمية التي ظهرت في اليمن على يد إبن الأمير والشوكاني والمقبلي وجمع غفير من العلماء المجتهدين، في وقت كانت العصبية المذهبية والتقليد والجمود قد عمّ العالم الإسلامي، وانعكست آثار هذه المدرسة التجديدية اليمنية ليس على اليمن فحسب بل على العالم الإسلامي باسره.

والله الهادي إلى سواء السبيل.

أبيات شعرية لشاعر الثورة والوحدة عبد الله عبد الوهاب نعمان رحمه الله:-

إملأوا الدنيا إبتساما

وارفعوا في الشمس هاما

واجعلوا القوة والقدرة في

الأذرع الصلبة خيراً وسلاماً

وذروا الحق هو المعنى الذي

فيه تمضون وتنضون الحساما

وارفعوا أنفسكم فوق السماء

أبداً عن كل سوء تتسامى

واحذروا أن تشهد الأيام في

صفكم تحت السماوات إنقساما

واحفظوا للعز فيكم ضوءه

واجعلوا وحدتكم عرشاً مُقاما