|
في هذه الظروف التي تتطلب مزيدا من التقارب والثقة والإخاء بين أبناء الوطن يؤلمني كثيرا من يكتب منشورا متسائلا فيه بلغة التعيير والتنقيص عن بعض المكونات وخاصة ( الإصلاح ) وأين مكانهم من الأحداث في الجنوب . والمتسائل يعلم أن شباب الإصلاح موجودون في مواطن المواجهة , إن لم يكن هنا فهم في مقدمة المقاتلين في موقع أخر , ينالون الشهادة ويتعرضون للإصابة ويبذلون الجهد كغيرهم لدحر العدو الغاشم الظالم . لا مجال اليوم أمام أحد للتواري والتخلف , فإن لم يكن من بوابة الدفاع عن العقيدة فسيتواجدون من باب الدفاع عن الأرض والعرض . وهذا هو منطلق كل مسلم من جميع المكونات وممن لا ينتمي لأي جهة سياسية .
ومصدر الألم ليس ذكر بطولة الشهداء والمقاتلين ولكن ما يهدف له المنشور من نشر رسالة تهدف إلى التشويه والسخرية وبث الفرقة بين أبناء الوطن . وما أراه حقيقة أن الجميع في هذا الظرف قد انصهروا في بوتقة واحدة تحمل اسم كيان أكبر . الوطن الذي تعيش فيه كل مكونات السياسة من إصلاح وحراك ومؤتمر ورابطة وغيرهم , وفيه كل الكيانات الاجتماعية بمختلف طبقاتها ومكانها , ويتنفس هواه كل مواطن أكان عضوا في مكون سياسي أو ممن ليس لهم بالسياسة علاقة ولا قربى . الكل اليوم ينتمون لتربة هذا الوطن ويدافعون عنه بأرواحهم ومالهم ودمائهم ومنشوراتهم وأقلامهم ودعاءهم وبما تجود نفوسهم من غذاء وكساء ووقود ودواء , وغيرها من وسائل الدعم لكتائب ستسطر ملحمة بطولية يتحدث عنها الجيل القادم . عن رجال كان يقال عنهم أنهم متفرقون متشاكسون , يستحيل توحدهم ويصعب تجمعهم على رأي وهدف واحد يستفيد منه الوطن , ولكنهم قهروا الصعب وحققوا المستحيل .
سيتحدث جيل الغد عن رجال أبطال قاتلوا جنبا إلى جنب , كتفا بكتف , يفتدي بعضهم بعضا ويؤثر أحدهم الأخر بالحياة على نفسه . في هذا الظرف العصيب لا نريد أن يشغل كل مكون سياسي أو اجتماعي نفسه بالقيام بعملية الرصد والتسجيل لما قدمه من تضحيات وبذل في معركة الشرف ليقوم بنشره قاصدا بذلك التفاخر المذموم والتعالي على غيرهم والتنقيص من مكانة الآخرين , وبما يكون سببا للتفريق والعصبية والشحناء .
إن من يكتب اليوم مثل هذا الطرح لا يخلو أن يكون أحد ثلاثة , غبيا أحمقا لا يدرك أبعاد كتاباته وآثارها , أو عميلا خائنا ما زال يعمل في صف العفافشة وأداتهم الحوثية ويهدف إلى تفتيت كل تقارب سيثمر قوة وينتج خيرا ويحقق نصرا , أو حقودا قد بدت البغضاء من أقواله وتجلت في أقلامه ولا يستطيع أن يتقبل قلبه أي تقارب وتسامح , ولا يجيد سوى فن الرجم وثقافة الهدم وبذر الشكوك وزرع الكراهية , ولا يتقبل مطلقا الإبحار مع من خالفه الفهم ولو كان الثمن غرق السفينة وانتصار عدونا ( مخالف الضد ) علينا جميعا . كم نحن اليوم في حاجة إلى سفينة تسع الجميع بحب وعدل ويقودها أهل الخبرة والحكمة للنجاة والنصر .
اليوم كل جريح وشهيد ومشارك يجب أن يعتبره الجميع أخا لهم ومنهم وفيهم , وأن يكون له مكانا فسيحا في قلب ولسان كل فرد ولو كان من غير تنظيمهم أو قبيلتهم . وليسجل أمام كل جريح وشهيد ومقاتل أنه من أبناء هذا الوطن الغالي وإن ما قدمه شرف وفخر لكل نفس تدب على أرضنا دون الحاجة للنظر في تاريخه السياسي أو السؤال عن انتماءه الاجتماعي . بهذا سيتحقق النصر سريعا لقوم يحبهم الله .
" إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " .
في الأحد 05 إبريل-نيسان 2015 02:59:43 م