|
دخل على مسار الأزمة في سوريا عامل جديد يتمثل بسعي الأكراد الى اعلان الحكم الذاتي "المؤقت" ، وإدارة شؤون مناطقهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ريثما يتم ايجاد حل نهائي لما تتخبط به سوريا اليوم .ويبدو ان النظام السوري قد ابلغ الجهات الكردية المعنية موافقته على الحكم الذاتي ،بعد ان كان محل رفضه منذ سنوات طويلة، وذلك بهدف تحييد المناطق الكردية عن دائرة الصراع ووضعها سداً امام تمدد اطراف المعارضة سواء من انصار الائتلاف السوري او من الجماعات الأصولية .ومعلوم ان الأكراد يشكلون ما نسبته 15 % ، وتتراوح التقديرات غير الرسمية لأعدادهم ما بين مليون ومليونين، وبعض المصادر المقربة من الأكراد ترفع تلك التقديرات إلى نحو ثلاثة ملايين نسمة من أصل أكثر من 23 مليونا هم عدد سكان سوريا ويقيم الأكراد في محافظة الحسكة وفي مناطق متاخمة للحدود التركية ، وسبق وأسسوا عددا من الأحزاب السياسية من أهمها الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تأسس عام 1957 والحزب الديمقراطي اليساري الكردي الذي تأسس أواخر خمسينيات القرن الماضي، وكلاهما دعا في البداية إلى تحرير وتوحيد كل الأقاليم الكردية، قبل أن يعيدا النظر في خطابهما السياسي ويطالبا فقط بالمساواة السياسية والثقافية. وهذا يعني ان سيطرة منطقة الحكم الذاتي ستمتد من المالكية شرقا إلى أجزاء من حلب غربا وتشمل القامشلي وريفها وصولا إلى الحسكة المدينة مع ترجيح أن تكون القامشلي هي المدينة العاصمة. اما المنافذ الحدودية ستكون بالدرجة الأولي رأس العين، بالإضافة إلى منفذ سيملكا مع العراق وهو منفذ مائي فوق نهر دجلة غير رسمي وهو الوحيد مع العراق من جهة الحسكة، وكذلك منفذ نصيب مع تركيا في القامشلي، ويوجد منفذ غير رسمي في رأس العين وهو مغلق منذ أكثر من شهرين بسبب المعارك، وكذلك منفذ تل أبيض. وأستغل الأكراد الحرب الدائرة في سوريا منذ اكثر من سنتين وغيروا أسماء الشوارع من العربية إلى الكردية وبدأوا بتعليم اللغة الكردية في المدارس، كما تقوم الميليشيات الكردية برفع علمها في نقاط التفتيش على الطرق الرئيسية ولكن اعلان الحكم الذاتي الكردي دونه صعوبات كبيرة اهمها:
1 – تخوف ايراني من هذه الخطوة التي ستؤثر بالضرورة على اوضاع الأكراد الإيرانيين وهذا ما حاول ان يبدده زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم في زيارة مؤخراً الى طهران .
2 – تخوف تركي عبَر عنه بوضوح وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الذي حذر المجموعات الكردية في سوريا من أي اتجاه انفصالي ومن "العواقب الخطيرة" التي يمكن أن تنجم عن ذلك .3 – رفض من قبل مجموعات سلفية متواجدة بقوة في المناطق الكردية وتخوض الأن معارك ضارية مع المقاتلين الأكراد سقط بنتيجتها عدد كبير من الجرحى والقتلى من الفريقين .ويبدو ان خلفيات هذه المعارك قد اثارت حفيظة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني الذي اكد استعداد الإقليم للدفاع عن أكراد سورية إذا تبين أنهم يتعرضون للتهديد من جانب إرهابيين على صلة بتنظيم القاعدة في كل الأحوال يظهر ان الأزمة السورية تتجه نحو ابعاد جديدة وسط تخوف الكثيرين من ان يكون مسار بداية تقسيم سوريا قد بدأ بحيث يكون الحكم الذاتي الكردي ذات الطابع العرقي مقدمة لقيام "دويلات" حكم ذاتي أخرى ذات طابع طائفي او مذهبي
في الأحد 18 أغسطس-آب 2013 10:01:34 م