أخلاقيات قيمة في الحوار
بقلم/ منصور صالح الفقيه
نشر منذ: 11 سنة و 7 أشهر و 27 يوماً
الجمعة 22 مارس - آذار 2013 05:25 م

  الخلق الأول: التواضع:

إن الكبر واعتقاد امتلاك الحقيقة المطلقة وتمثيل الخير المطلق لا يساهم في تشجيع الحوار بل يؤجج الحقد والعداء، ومنطق "الأنا ضد الباقي" منطق شوفيني إقصائي يرفض الاعتراف بحقيقة التكامل والاعتماد المتبادل بين كل شعوب العالم.

وسياسة استعمال القوة لحل مختلف الأزمات، سياسية لا أفق لها ولا تنتج إلا مزيدا من الصراعات والتوترات.

لهذا ينبغي أن يتعلم الأفراد والشعوب قيم التواضع والتسامح واللجوء للحلول السياسية للتمكن من التواصل والتفاهم والتعايش.

الخلق الثاني: الرأفة:

الإحساس بآلام ومآسي الآخرين والتعاطف معها، وهذا هو المنطلق للوعي بإنسانيتنا وقيمتنا، أي بكون أنه رغم كل الاختلافات الحقيقية المتواجدة بين الأفراد في العالم بأكمله، إلا أن كل منا يسكن ذوات ودواخل الآخرين الذين يشاركوننا في إنسانيتنا.

و علينا أن نمتلك القوة الأخلاقية والقدرة النفسية لكي نضع أنفسنا في مكان الأفراد والشعوب التي تعاني من عدة مآسي، وذلك لنحس بما يشعرونه ونفهم معاناتهم وإحباطا تهم من الداخل وبشكل يجعلنا نعي بأن معاناتهم تعنينا بشكل مباشر وتهدد إنسانيتنا.

والقاعدة الذهبية في هذا الموقف هي:" لا تعامل الغير بغير ما تريد أن يعاملك الغير بمثله". وهذا ما عبر عنه الفيلسوف ورجل الدين اليهودي موسى ابن ميمون بقوله:"لا تتعامل باللامبالاة مع ما يهدد الآخرين"، والدين الإسلامي يؤكد على قاعدة" أحب لغيرك ما تحب لنفسك"، قال الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

يقول في هذا عالم النفس الألماني إريك فروم: " فكرة " لا تعامل الغير بما لا تريد أن تعامل به"، تشكل مبدأ أساسيا للأخلاق.

لكن من الأفضل أن نقول:" إن ما تفعله من سوء للغير، هو كما لو أنك تفعله لنفسك ولإنسانيتك".

الخلق الثالث: الرضى والحب:

قبل كل شيء على الأفراد أن يتمكنوا من الرضى عن أنفسهم وحب ذواتهم قبل أن يحبوا الآخرين، فلا يمكن لمن هو غير راض على حياته الشخصية وغير واثق في مؤهلاته وغير مستمتع بحريته أن تتفتح شخصيته لحب الآخرين والتعاون والتجاور معهم.

لذلك ينبغي تنمية مؤهلاتنا بالقدرة على الحب: حب الحياة، حب الغير، حب العمل، حب الخير، حب الحقيقة والمعرفة وحب البشرية.

الخلق الرابع: التعايش والتسامح :

تعلم التسامح والتعايش السلمي على المستوى الثقافي والديني بين مختلف الأفراد، الجماعات والشعوب وجاء في السنة المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام (تبسمك في وجه أخيك صدقة) وجاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الأحر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة وضيافته ثلاثة أيام فما كان بعد ذلك فهو صدقة ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه.

 

الخلق الخامس: - الحوار الداخلي:

إن الحوار لا ينبغي أن يكون ترفا زائدا مخصصا للمنتديات والمؤتمرات، فعليه أن يتحول إلى حاجة أساسية لا تهم فقط العلاقات بين الأحزاب والسياسيين، بل تشمل كل من شيء بداخل هذا البلد، فمن العبث التفكير في حوار إذا لم يكن هناك حوار داخلي يحل جميع مشاكلنا الداخلية والخارجية للبلد.

الخلق السادس : البحث عن الحقيقة:

السعي لمعرفة الحقيقة شرط أساسي للحوار، فالحوار هو اكتشاف الغير واحترامه كما هو وكما يريد أن يكون، ومعرفة الاختلافات والقيم المشتركة للتمكن من التبادل والتفاهم.

وكما يقول ميشال لولون: "لحسن الحظ فإن عصر الحروب قد انتهى، ولكن عصر الحقد والاحتقار سيستمر ما دامت كل جماعة تنظر إلى الأخرى لا كما هي وكما تريد أن تكون و كما تشعر بوجودها، بل من خلال صورة مشوهة. أول عمل لتحقيق المصالحة الحقيقية بين الجميع هو البحث عن الحقيقة".

إن السعي لمعرفة الحقيقة مسار طويل يتطلب الإرادة والعمل الدؤوب، والبحث عن الحقيقة من شأنه أن يجعلنا نؤمن بتعدد الرؤى والوصول إلى أمن وسلامة البلد.

و كل كائن بشري ينبغي معاملته بإنسانية، كل شخص عليه أن يتصرف إزاء الآخرين كما يتمنى أن يتصرف الآخرون نحوه.

والله ولي الهداية والتوفيق