مأرب بين تركة الماضي وإقصاء الحاضر
بقلم/ عادل محمد الصلاحي
نشر منذ: 11 سنة و 7 أشهر و 28 يوماً
الخميس 21 مارس - آذار 2013 04:34 م

إن الظلم الواقع على مأرب منذ اكتشاف النفط فيها وحتى اليوم يقتضي منا جميعا صحوة ضمير ووحدة صف بعيدا عن إرث الماضي وأخطاء الحاضر علينا ان نترفع عن الولاءات الضيقة وان نتجاهل خلافاتنا التي مزقت وحدة صفنا حتى اصبحنا مجموعة من القبائل المتصارعة وهذا ما سهل على الظالمين ظلمنا واستمراء نهب ثرواتنا أمام اعيننا وحرماننا منها حتى بالشيء اليسير, وارتفاع نسبة البطالة بين شبابنا وتفشي الامراض الخطيرة التي سببتها الشركات العاملة في مارب وتدني مستوى المعيشة والفقر وانتشار الجهل واتساع رقعة الثأرات القبلية, كل تلك المصائب وغيرها كانت نتيجة السياسة التي انتهجها الحاكم في النظام السابق تجاه مأرب وأهلها وبشكل متعمد وممنهج من أجل ان تبقى مأرب أرضا بلا انسان ليتسنى لهم الاستحواذ بشكل مستمر على خيرات مأرب وأهلها صامتون ومنهمكون في صراعاتهم وجهلهم, كانت مأرب في فهم وعقلية الحاكم عبارة عن مخزون من الثروات يخصه هو وأسرته و بعض عصابته ولايحق لأحد ان يقترب من هذه الثروات ولا يعرف الناس كم حجم الانتاج ومامقدار مايباع به ذلك الإنتاج فهي خطوط حمراء , لم يكن غريبا عليه ذلك فقد عاش وشعر معظم العقلاء في مارب مقدار مايكنه لهم من الحقد والكراهية وهذا التعامل تجلت انعكاساته في معاناة مأرب وحرمانها الى اليوم حيث لم يكن يستحق ابناء مأرب اي مكانة لديه فلم يقم لهم اي اعتبار وكان يحرص على استبعادهم من أي مناصب او اعمال لها اهميتها في اجهزة ومؤسسات الدولة مدنية كانت ام عسكرية منذ وعيت على الدنيا لم اجد من مارب وزيرا في تلك الحكومات المتعاقبة في عهده ولم تحظَ مارب بتمثيل ولا يتم تمكين اي من ابناء مارب من الوصول الى مواقع قيادية في الدولة الا ماندر وبحسب معاييره التي لا تنطبق على ابناء مأرب الذين تغلب عليهم صفات الاعتزاز بالنفس والأنفة ولا يتقبلون الإهانات من اي كان وهو يدرك ذلك جيدا فيشعر بعقدة نقص تلازمه حتى وان كان على رأس الحكم في اليمن.. كما نتذكر حادثة ذات يوم وقعت في قصره كان في اجتماع له مع بعض الشخصيات من ابناء مارب و كان يريد ان يمارس هوايته في اهانة الناس ولكنه واجه بشكل مباشر من يلجمه ويكذبه في مقامه دون خوف منه وبثقة واعتزاز وهذا موقف مشهور فأبناء مأرب لايتقبلون الاهانة اطلاقا ولا المساس بكراماتهم ..
لا ننكر ان اليمن ككل تعرضت لظلمه ولكن مأرب على وجه الخصوص كان يتعامل معها بشكل اقسى حرمها من ابسط الحقوق تنمية وتعليم وصحة وكهرباء وغيرها ولكن ابناء مأرب لم يصبروا على هذه العداوة طويلا فقد خرجوا عن صمتهم في اسلوب حضاري سلمي وتم تشكيل ملتقى ابناء مأرب الذي مثل اول انطلاقة لإعلان قضية مأرب في العام 2007م وبحشد جماهيري كبير يضم مختلف مكونات مارب الاجتماعية وخرج من هذا الملتقى ما يوضح للناس معاناة مأرب ومطالبها كقضية حقوقية وانسانية وهو الهم الذي اصبح يحمله كل شباب مأرب ويبحثون عن متنفس ليضعوا فيه كل تلك الهموم ويبحثون عن وسائل لتغيير هذا الوضع حتى يقام العدل والأنصاف في هذه البلاد..
ما أن اندلعت ثورة التغيير في الحادي عشر من فبراير 2011م حتى كان ابناء مارب السباقين في الانخراط في صفوفها وفي مقدمة الثوار وقدم شباب مارب افضل الأدوار البطولية في التضحيات والنضال السلمي مع زملائهم من شباب الثورة في مختلف ساحات التغيير وميادين الحرية, حينها لم يكن ابناء مأرب يرفعون أية شعارات خاصة بهم او بمحافظتهم بل كانوا على العكس يرفعون شعار الوطن وهموم الشعب كبقية اليمنيين ينشدون الحرية والعدالة والعيش الكريم وإنصاف المظلوم ورد الحقوق عبر ثورة التغيير السلمية التي تعلمنا منها افضل الدروس الحضارية الراقية لانتزاع الحقوق.. ضنا منهم ان كافة القضايا الوطنية سوف ينظر اليها وقضيتهم من ضمنها
وكان الاعتقاد عندهم ان الثورة ستكتمل وتحقق جميع اهدافها بنجاح وهو الامر الذي سينعكس على قضيتهم قضية مأرب الأرض والإنسان كجزء من هذا الوطن المظلوم وكان الأمل ان يتم انصاف ابناء مأرب والعمل على حل كافة القضايا التي تسببت في تدهور وحرمان مارب في جميع المجالات.. هذا هي التوقعات التي كان يحملها شباب مأرب خصوصا بعد ازاحة رأس النظام السابق الذي كان السبب الرئيسي في مالحق بهم من ظلم ومعاناة..
 واليوم وبعد مرور اكثر من عامين على اندلاع الثورة لم نجد ما يبعث على الأمل في رفع الظلم عن مأرب وأهلها وحل قضايا مأرب العادلة فقرر شباب مأرب الخروج والتعبير عن حقوقهم ومظلوميتهم في وقفات ومسيرات احتجاجية سلمية لتوضيح تلك القضية للنظام الجديد وللرأي العام كقضية حقوقية وانسانية و كواحدة من قضايا الوطن الهامة التي يجب ان تضعها السلطة في حسابها ومع ان الشباب لا يحملون أي مطالب او اهداف شخصية بل يضعون وقفاتهم ونضالهم في مسار ثورة 11فبراير وامتدادا لها ومع هذا إلا اننا تفاجئنا بنفس سياسة التجاهل التي كان يتبعها النظام السابق حيث لم يلتفت احد الى شبابنا ومايحملون من هموم عامه وقضية انسانية يحركها الضمير ومظلومية ابنائها  ولم نجد اذنا تصغي لهم فالنهج في التعامل مع المظالم والقضايا مايزال نسفه رغم اكثر من عشر وقفات ومسيرات احتجاجية امام الحكومة و امام القصر الجمهوري ولجنة الحوار وامام الشركات التي تنهب الثروات والحال يقول :لقد اسمعت ان ناديت حيا ولكن لاحياة لمن تنادي ..ومع هذا كله لم ينقطع الأمل لدينا تماما حيث كنا نتوقع ان نسمع بتبني قضية مارب في الحوار الوطني من أي من الأحزاب او المعنيين بالإعداد للحوار وطالبنا بإدراجها ضمن أجندة الحوار وتمثيلها التمثيل المناسب.. لكننا صدمنا كغيرنا منذ أول وهلة عند اعلان قرارات الحوار التي كان مبعث احباط لكثير من أبناء الشعب بشكل عام ولأبناء مأرب على وجه الخصوص حيث لمسنا الإقصاء الذي لم نكن نتوقعه من الرئيس ولجنة حواره ومن حكومة الوفاق وأحزابها المختلفة, اليوم وجدنا ان مأرب هي مأرب في نظرتهم سواء السابق منهم او اللاحق.. اليوم لمسنا عدم الشعور من الجميع بان هنالك بشر في مارب يموتون ويظلمون و يحرمون ويعانون وتحت اقدامهم ارض من ذهب, كنا ننتظر ان يكون لمأرب مكانتها وأن يحظى ابناء مأرب بالاهتمام ويراعى حضور قضيتهم ويراعى اختيار من يمثلها في مؤتمر الحوار الوطني.. ولكن ما حدث هو العكس اتضح لنا مدى الاستخفاف الذي يتعاملون به مع أبناء مأرب.. وهذا الوضع الذي يجعلنا نعلن موقفنا كما اعلناه من قبل محذرين بان ابناء مأرب غير ملزمين بنتائج ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني ولاتعنيهم بشيء مالم يتم اعادة النظر في اختيار ممثلين لمأرب وقضيتها التمثيل المناسب بما يضمن الخروج بنتائج مرضية حول هذه القضية الهامة وعلى الجميع ان يدرك ان ابناء مأرب قد خرجوا عن صمتهم وأعلنوا قضيتهم للجميع وقد تعالوا عن كل خلافاتهم واختلافاتهم وهم اليوم اشد عزما ان يواصلوا مسيرتهم ويستعيدوا حقهم بأنفسهم ويضعون حدا للعبث بمصيرهم مهما كلفهم ذلك من تضحيات. ولن يضيع حق وخلفه مطالب.