هل سيكون 27 يناير يوما مختلفا ؟
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 17 يوماً
الأربعاء 30 يناير-كانون الثاني 2013 04:43 م

بإعتقادي أن يوم الأحد 27 يناير 2013م سيكون واحداً من الأيام التي ستسجل في التاريخ كمحطة مهمة في تاريخ اليمن المعاصر, وقد يتم اتخاذه عنواناً لما قبل وبعد 27 يناير, حيث تداعى ممثلو15 دولة في مجلس الأمن للجلوس على طاولات النقاش في صنعاء وليس نيويورك واستمعوا لليمنيين وتحدثوا معهم. 

بالنسبة لي شخصياً فهو يوم لا ينسى وللكثيرين غيري في العاصمة صنعاء, فقد ظل الطيران الحربي يحوم في سمائها منذ الصباح الباكر وحتى المساء, ويصدر ضجيجاً أقلق من تبقى من الآمنين وأيقظ النائمين وبعث الاستغراب لدى من يجهلون وجود رئيس وأعضاء مجلس الأمن فوق أرضنا اليمنية.

 ووجودهم في بلدنا الحبيب تأكيد منهم على دعم المجتمع المدني, بل العالم كله للتغيير في اليمن الذي انتهج له أسلوباً حضارياً سلمياً وصبر على الأذى والاستفزاز وتحمل المعاناة ليحقق هدفه الأساسي بطريقة هي من صميم قيم اليمنيين وتاريخهم العريق.

 ورغم ذلك الضجيج الذي تسببت به المروحيات المحلقة طوال يوم الأحد إلا أنه بعث لديّ نوعاً من الطمأنينة وأعطاني دفعة جديدة من التفاؤل إثر شعوري بوجود دولة يمنية بالإمكان إكمال مقوماتها لو وجدت الإرادة الصادقة وقبلها لو توفرت النية الخالصة لدى النخب الحاكمة والسياسية والاجتماعية والثقافية.

لم يقتصر الأمر على الطيران, فرغم إزدحام شوارع صنعاء المزدحمة أصلاً, لكنها ازدحمت في ذلك اليوم بشكل مضاعف, غير أنه منحنا شعوراً بالأمان والهدوء نوعاً ما, زاده حلاوة غياب صوت الدراجات النارية المزعج والمقلق في آن واحد, وعجز ضجيج المروحيات عن إزعاجنا كما هو الحال بالنسبة لإزعاج وقلق الدراجات النارية وهي خطوة نتمنى استمرارها لما فيه صالح سكينتنا و حياة ضباطنا الأبطال في الجيش والأمن والمخابرات.

بالتأكيد كان يوماً مختلفاً شهدته صنعاء, وتحدث فيه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة, جمال بن عمر, بمفردات لم نسمعها منه من قبل أو لم تكن قوية كالتي تضمنتها كلمته يوم الأحد, حيث تحدث فيها عن شباب الثورة الذين كانوا يتعرضون لمجازر ويدفعون أثماناً باهظة ومعهم شعبهم العظيم.

وتضمنت كلمة بن عمر رسائل واضحة وقوية, رغم أني أرى أنها لم تعد كافية, مع كثرة التهديدات والتحذيرات غير العملية, وأوضح استحالة عودة الأوضاع إلى ماكانت عليه قبل ثورة الشباب وصعوبة توقف عجلة التغيير التي انطلقت في اليمن.

 وكان أكثر وضوحاً وهو يخاطب أطرافاً محددة أبرزها الرئيس السابق وعائلته وفلوله أو من يسعون لاستعادة الحكم الإمامي الذي داس عليه اليمنيون قبل نصف قرن بأن: على الواهمين إما البقاء سجناء للماضي أو المشاركة في صنع المستقبل.

والمستقبل الذي قصده ورسم معالمه المغربي القدير بن عمر, هو يمن ووطن الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة والمساواة والحكم الرشيد, وهو يمن جديد, حيث الدولة المدنية المنشودة لدى غالبية اليمنيين.

كانت رسائل المجتمع الدولي مركزة ومختصرة لعل معرقلي التسوية السياسية والحوار الوطني يفهمونها, لكنها قد لا تكون كما كنا نريد, بل ظهر فيها كثير من التدليل للرئيس السابق والذي لم يحظى به أحد قبله أو بعده على الأقل في عهد ثورات الربيع العربي.

فلازال رئيس الدورة الحالية لمجلس الأمن, مندوب المملكة المتحدة يتحدث عن رؤى لإخراج الرئيس السابق من اليمن كحل حقيقي وهو ما طرحه الكثيرون ممن يقودون اليمن نحو تجاوز هذه المرحلة الانتقالية ونجاح مؤتمر الحوار الوطني وفي مقدمتهم حكومة الوفاق وأحزاب اللقاء المشترك وآخرون من قيادات سياسية واجتماعية وعسكرية.

لا شك أن حديث رئيس مجلس الأمن عن هذه النقطة كان خطوة متقدمة ولكنها تبدو في حركتها بطيئة ولم تصل إلى حد تسمية معرقلي التسوية أو معيقي التقدم نحو إنجاز الحوار الوطني وبناء الدولة وقبلهما المعيقون لخطوة توحيد الجيش والأمن بصورة عملية وميدانية وليس فقط نظرية وسياسية.

بالتأكيد, لا يمكن الانتقاص من قيمة ماحدث في صنعاء يوم الأحد 27 يناير 2013م فهو يوم مختلف وتاريخي بالنسبة لليمنيين وتاريخهم المعاصر وثورتهم الشبابية السلمية, لكن ما سيعقبه سيكون مختلفاً حقيقة ، فهو إما سيكشف كذب المجتمع الدولي بشأن تحقيق تطلعات اليمنيين في التغيير أو مصداقيته في تمكين اليمنيين من ذلك.