نصف الجيش على الورق
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و يومين
الأحد 16 ديسمبر-كانون الأول 2012 11:46 ص

•حتى وقت قريب وبالتحديد إلى قبل خروج الناس إلى الشوارع في ثورة شعبية سلمية فبراير 2011م لم يكن مسموحاً الحديث عن الجيش والأمن وميزانيتهما وفسادهما المالي وتوغلهما في الحياة العامة وكان الحديث عن فساد الجيش والأمن يفتح نار جهنم على منتقدي العسكر ويؤدي بأصحاب ذلك النقد إلى المهالك تبدأ أولها بالإتهام بالعمالة ونزع صفة الوطنية ثم بالسجن بتهمة ملفقة هذا إذا لم تتم التصفية الجسدية بشجار أو حادث سيارة أو تناول وجبة غداء أو تخزينة قات مسمومة.

• أن تنقل وسائل الإعلام وفقا لتقارير 128 لجنة عسكرية ميدانية زارت جميع الوحدات العسكرية التي يتكون منها الجيش اليمني \\\" أن نصف الجيش اليمني غير موجود إلا على الورق فقط وأن مرتباتهم تذهب إلى قادة عسكريين فاسدين كونوا خلال الفترة الماضية إمبراطوريات من الثراء الفاحش على حساب الجيش والاقتصاد اليمني بشكل عام\\\" هذا معناه أن هناك توجهاً جاداً لمحاربة الفساد في الجيش وهذا لعمري تقدماً غير مسبوق وأحدى ثمار الثورة الشبابية السلمية.

• صحيح الأمر سوف يستخدم كضغوط لإزاحة بعض القيادات العسكرية \\\" الهبارون الكبار\\\" في إطار تنفيذ هيكلة الجيش والأمن وقد يستخدم بانتقائية لمن يراد إبعادهم فقط لكنه في المحصلة النهائية أمر جيد ورائع ومفرح ومفيد كونه سيفتح الباب أمام وسائل الإعلام بتناول فساد المؤسسة العسكرية والأمنية وكشف كبار\\\"الهبارين\\\" فيها وكشف تغولها في الحياة العامة وهو بداية طيبة سيجعل من كبار الفاسدين في الجيش يعملون ألف حساب وسيعيدون تقليب ملفاتهم وسيحد من ممارسة الفساد في مختلف مفاصل الدولة.

•وهيكلة الجيش عملية ليست بالسهلة وتحتاج المزيد من الوقت ولن تنجح إلا إذا بدأت بضرب مراكز الفساد المالي في المؤسسة العسكرية والأمنية فعملية بناء الجيش تمت خلال العقود الثلاثة الماضية بطريقة قبلية ثم ضاقت الدائرة لتصبح عائلية ولا يستطيع أحد الإنكار إن قيادات الجيش اليمني أصبحت من عائلة واحدة فإن لم يكن القائد من هذه العائلة يكون نائبه أو أركاب حرب ومعروف أنه كان يتم شراء ولاءات بعض الوجاهات والمشائخ والشخصيات عبر منحهم مئات الرتب العسكرية لهم ولأقربائهم وأنصارهم وتصلهم المخصصات المالية ومواد التغذية والسيارات والأسلحة إلى بيوتهم ووزعت الرتب العسكرية للمدنيين في عملية شراء ولاءات سياسية وذمم وتم توزيع هذه الشخصيات المدنية لقيادة \\\" مؤسسات عامة ومختلطة وجامعات \\\" بعد ربطها برتب عسكرية وجعلها تنقاد بالأوامر العسكرية وتخضع لغرف عمليات الجيش والأمن مما أضعف المؤسسة العسكرية والأمنية بل وأساء إليها ولم يقويها كما كان يعتقد البعض بل أدى إلى إضعاف الجانب المدني وعسكرة الحياة برمتها وأصبحت البلاد والعبادة تدار بالأوامر العسكرية فالبدء بإصلاحات وهيكلة الجيش والأمن ومحاربة الفساد في هذه المؤسسة باعتبارها رأس الحكم خلال فترات طويلة في البلاد سيؤدي إلى تفاءل أبناء الشعب بأن اليمنيين يمكنهم الولوج في الدولة المدنية لان فساد الجيش والأمن جعل اغلب المدنيين يبحثون عن رتب عسكرية ويقبلون بإضافة رتبة عقيد إلى جوار الرتبة العلمية دكتور أو مدير عام أو رئيس مجلس أدارة ويدارون بالعسكرة والعسكر.

•وأخيراً الحديث عن الفساد في الجيش ليس تحاملاً على الجيش والأمن ففيه أغلبية ساحقة يعانون من هذا الفساد ويكتوون بنيرانه وللمؤسسة العسكرية والأمنية اداوراً بطولية في مختلف مراحل النضال والثورة ولكنها القبلية والأسرية والمناطقية والولاءات الضيقة هي من دمر سمعة الجيش ومحاربة الفساد في الجيش لمصلحة الجيش والوطن