ثمة آيات باهرات لأولي الألباب برزت إبّان ثورات وانتفاضات الربيع العربي
بقلم/ د. محمد معافى المهدلي
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و يومين
الثلاثاء 15 يناير-كانون الثاني 2013 05:39 م

صبرت الشعوب العربية طويلاً على جور وفساد حكامها، إلا أنّ الصبر نفد بعد نجاح أول انتفاضة عربية في تونس، تلك الانتفاضة التي فجرها الشاب البوعزيزي، فانتقلت شرارتها المباركة إلى مصر وليبيا والمغرب ثم اليمن وسوريا، وهاهي تصل بقوةٍ وعنفوانٍ إلى العراق بلاد الرافدين .. والمسيرة مستمرة حتى تتحرر بلداننا وشعوبنا العربية من ظلم جلاديها ومستعمريها .

تبرز هذه الآيات الباهرات فيما يلي:

1) سقوط الصنم الأكبر والطاغية الأعظم في التاريخ العربي المعاصر، معمر القذافي، هذا السقوط مهّد لانتصار الثورة العربية في كل من مصر واليمن .. ولولا أنّ الله أسقط هذا الطاغية لكان ربما الحال غير الحال.

فالقذافي لو لم يكن عجل الله بزواله وهلاكه وسقوطه، في مستهل ثورة الربيع العربي، فلن يتهاون في دعم أي قوة تستطيع إخماد جذوة الثورة، سواء في مصر أو اليمن أو سوريا .. إلا أنّ الله تعالى بدأ به، فزالت بذلك أهم عقبة أمام الثورة العربية الكبرى .

وظني أنه ما كانت الثورة في مصر – على الأخص- لتحقق هذا النصر وهذه الإنجازات على كل الصعد، لو كان القذافي موجوداً، صحيح أن ثمة قذاذفة كثر لا يزالون هم الآخرون موجودون على صعيد الخارطة السياسية العربية، ينتظرون دورهم، إلا أنهم أقل تأثيراً وأضعف جنداً، نظراً لبعدهم الجغرافي عن مصر، أو لضعف أثرهم السياسي والاستخباراتي والأمني، أو لضعف أسيادهم أمام تيار الأمة الجارف .

ولذا كانت عناية الله البالغة وحكمته الباهرة أن بدأ فأسقط الطاغية الأكبر، ليتساقط بعد ذلك من بعده من الطغاة، الأكبر فالأكبر منهم، ثم الأول فالأول، وربك القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير .

2) وفي سقوط الطاغية الآخر \"علي عبد الله صالح\" آية باهرة أخرى .. فقد كان الطاغية صالح يمثل مدرسة عالمية رائدة في الكذب والخداع والتضليل الإعلامي، لم يشهد التاريخ لها مثيلا، ولنتخيل أنه لو لم يسقط صالح وعائلته مالذي يمكن أن يحدث؟!!.

ستظل آلة التضليل والخداع مستمرة على أشدها، وسيظل الشعب اليمني يتجرع خصص التضليل والخداع الصالحي، لنتخيل الموقف، مثلاً، بعد فوز الرئيس مرسي بالحكم مالذي كان يمكن أن يفعله صالح لو كان في السلطة ؟!

بالطبع سيبادر الثعلب صالح بالإعلان عن دعم الرئيس مرسي، فالرئيس مرسي إرادة شعبية، قائلا متبجحاً: لنجرب الإسلاميين في الحكم، كما جربنا الماركسيين والعلمانيين والشيوعيين.. الخ هذا التصريح سيجعل بعض شيوخنا الطيبين يتنهد تنهيدة عظيمة جدا، قائلا هذا يدل –يا أبنائي- على أصالة طينة علي عبد الله صالح، ويذكرنا هذا الموقف بمواقف الخلفاء الراشدين، والرأي عندي أن نحرك المسيرات المليونية لدعم هذا الموقف وأن نحوله إلى موقف شعبي عام، ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى، وفي الوقت الذي تجوب فيه المظاهرات شوارع صنعاء، والستين الشمالي على وجه التحديد، سيكون وفد \"الثعلب\" قد عاد من رحلة مكوكية لعدد من البلدان العربية لإقناع الدول العربية ذات التأثير في القرار العربي، بإسقاط الرئيس مرسي، وعدم الاعتراف به، وضخ الأموال للمعارضة المصرية، لإسقاط المشروع الإسلامي، ويكون قد جنى \"الثعلب\" من هذا الموقف الإعلامي بضعة من المليارات المودعة في خزينة الشعب اليمني العامة، في سويسرا وأخواتها، ثم يخرج الثعلب مجدداً، على الفضائية اليمنية، وأخواتها، ليعلن - بعد أن اطمأن إلى وصول المبالغ إلى بنوك سويسرا - ليعلن أن على الرئيس مرسي أن يسلم السلطة كاملة للمجلس العسكري، ويتنحى عاجلا، سيما بعد خروج بعض المظاهرات التي شارك فيها بضعة مئات أو آلاف من المعارضة !!!!!.

هذا الموقف هو صورة متكررة لسياسة المخلوع صالح، على مدى 33 عاماً، ومن يسير في فلكه بعلم أو بدون علم، لكن اقتضت إرادة الله الجبار أن يُسقط هذا الخداع والتضليل الإعلامي بسقوط السفاح صالح وعدد كبير من أزلامه وأنصاره، والقذافي بجيشه وجنده وماله، وتمكن بحمد الله وفضله الرئيس مرسي من تثبيت أقدامه والانتصار لإرادة شعبه وثورته المباركة، وما كان هذا ليقع – وفق تقديرات البشر - لو أنّ القذافي وصالحا على سدة الحكم ، فسبحان من بيده مقاليد السموات والأرض .

3) وفي تأخر النصر في المشهد السوري، رغم مرور أكثر من عامين على الثورة السورية، حكمة ربانية باهرة أخرى، فالشعب السوري في ظني إنما يهيؤه الله لمهمة كبرى، ألا وهي تحرير فلسطين، وما يجري الآن في سوريا من معارك طاحنة، ما هي إلا بروفات للمعركة الكبرى الفاصلة التي سيقودها جيش الشام، فالثورة السورية تمثل فرصة سانحة لاستكمال تشكيل هذا الجيش المنتظر الحر الأبي، الذي لا يتبع أي نظام عربي، عميل، لقد آن الأوان لفلسطين وللمسجد الأقصى أن يتحرر من براثن اليهود الغاصبين، وآن الأوان لراية الجهاد أن ترتفع بعد أن نكسها اليهود وأذنابهم وأسيادهم في كل المنطقة العربية .

لقائل أن يقول: يا رجل إنما نرى شعبا آخر يتشرد كما تشرد الشعب الفلسطيني واضطهد، ولا بوادر تلوح في الأفق عن يوم النصر المنشود، سوى أنّ مزيدا من شعوبنا العربية تتشرد وتجوع، فأي حديث عن هذا النصر الذي تتحدث عنه ؟!!.

وجوابه : أنّ هذه الآلام والكوارث هي مقدمات هذا النصر، ويكفي أنه ظهر أخيراً الجيش الذي يحمل راية الإسلام والجهاد، في بلاد الشام، وليس بينه وبين مستوطنات اليهود إلا بضعة كيلومترات، والجيش الصهيوني على مرمى حجر من الجيش الحر، وما أن يسقط النظام النصيري في سوريا حتى يجد الصهاينة أنفسهم عراة من كل حماية وقوة، وسيأتيهم اله من حيث لم يحتسبوا، وسيخرب عليهم حصونهم وأسوارهم العازلة، وكذلك أخذ ربك القرى إذا أخذ القرى وهي ظالمة إنّ أخذه أليم شديد .

إنها قدرة إلهك وآياته الباهرة وعظمته وقدره الذي راد له ، يعز من يشاء ويذل من يشاء ويحكم ما يريد ، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه.

والحمد لهد رب العالمين،

مشاهدة المزيد