يدخل حيز التنفيذ من اليوم .. بوتين يرد على صواريخ الغرب بالتوقيع على مرسوم العقيدة النووية الروسية المحدثة احتراق حافلة متوسطة مخصصة لنقل الركاب في هذه المحافظة بعد تحديث بوتين عقيدة روسيا النووية.. أردوغان يوجه تحذيراً لـ الناتو على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. مليشيات الحوثي تهدم منزلاً على رؤوس ساكنيه ماذا ينتظر وكلاء طهران في اليمن في عهد ترمب...وهل سيكون هناك استهداف للقادة الحوثيين ؟ كيف نجا البرنامج النووي الباكستاني من مخططات إسرائيل والهند ؟ السعودية تحدد أقصى مبلغ يسمح للمقيمين بتحويله إلى خارج السعودية وعقوبة بالترحيل الفوري مفاجآت صحية حول تأثير البرتقال على الكبد والكلى رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع في أول مهمة دولية تبدأ بالقاهره وتمر عبر الإتحاد الأوروبي مجلس الأمن يوجه دعوة عاجلة للحوثيين
يتذكر أحدهم ممن تصادق مع نجل الزعيم في مدرسة آزال حدة أن الأخير قال له، "أبي وعدني يعمل لي معسكر إذا اهتميت بالدراسة." كان المعسكر بجنده وعدته وعتاده وميزانياته الضخمة مجرد هدية تُهدى لأطفال الزعيم، فالأمر يبدو أنه لا يتطلب سوى شخصية قوية وأقارب للإسناد!! لم يكن أحد من أقرب أقرباء صالح، وخاصةً أبناؤه وأبناء أشقائه، خريجاً من أكاديمية عسكرية باستثناء طارق محمد عبد الله صالح الذي تخرج من كلية الشرطة ليضيع تخصصه بعد التخرج باختياره أن يقود لواء النخبة في الجيش!! وتُعد هذه النقطة أقوى مؤشر لعدم كفاءة أو أحقية أولئك الرهط في قيادة الشئون العسكرية والأمنية للبلاد بشكل مهني متميز رغم استحواذ قوات أحدهم فقط على معظم ميزانية الجيش دون أن تحسم تلك القوات معركة واحدة لصالح الوطن.
بالبحث عن مؤهلات أحد أولئك الخاصّة وربطها بمنصبه العسكري، أحببتُ إلقاء الضوء على العميد ركن يحيى صالح كشخصية نشيطة مهووسة دوماً بالقيادة إلى جانب التجارة والمشاركة السياسية المنحازة في آن واحد، رغم تحريم الدستور للعسكري ممارسة كليهما. من المستحيل على أي شخص بمكان أن يجد السيرة الذاتية الحقيقية لهذه الشخصية، وخاصةً تفاصيل مؤهلاته العلمية التي يُفترض أنه استحق بموجبها قيادة معسكر الأمن المركزي وفروعه في الجمهورية منذ عام 2000، باستثناء بضع دورات تدريبية وشهادة "ضابط أكبر" التي يفخر بحيازتها من بلاد النوارس "لبنان" حسب إحدى سيره الذاتية المتاحة على النت.
يحيى جسدٌ وعقلٌ مليءٌ بصراع حاد التناقض في كنه الشخصية وطابع الهوية، فلم يكد يقتنع بلقب "دنجوان اليمن" حتى سعى بسرعة ونشاط للحصول على لقب "جيفارا اليمن" إلى الحد الذي دفعه للسفر وزيارة أسرة المناضل أرنستو تشي جيفارا! ولم يدرِ أحدٌ السببَ وراء الزيارة تلك إلا من صور أخذها مع أفرادها، ثم صور أخرى غريبة تظهره في ملابس غريبة أيضاً وملونة في شواطئ بنما المجاورة في شهر رمضان الفائت!! مَنْ يستعرضُ مقاطع اليوتيوب يجد أن يحيى لا يكترث بتقاليد هذا الشعب المحافظ الذي يزعم أنه يخدم أمنه وثقافته، فهو يقيم حفلات عيد ميلاده (مناسبة لا يحتفل بها اليمنيون وخصوصاً الرجال منهم) داخل معسكره، ويجمع حوله الشرطة النسائية وبنات يصرخن حوله وينعتنه بلقب "دنجوان الزمان" على وقع أغنية أجنبية سريعة الإيقاع. وفي مناسبة أخرى يسمح لجندية لديه بإبراز موهبتها الغنائية في أحد مطابخ معسكر الأمن المركزي وسط أفراد المعسكر، كما يستغل جمعية كنعان لفلسطين التي يرأسها لإقامة عددٍ من البرامج الموجهة نحو اختلاط سافر لشباب وشابات الجمعية، ويتم تنظيم عروضهم وهم يرتدون بنطلونات الجينز والقمصان شبه الضيقة، وهم في أعمار ناضجة - كما هو جلي في كثير من الفيديوهات عن شبيبة كنعان - غير مكترث لأيٍٍّ كان.
من ناحية أخرى ، كان يحيى، في الماضي القريب، مناصراً للقومية العربية تأسياً بجمال عبد الناصر، وكانت علاقته بمصر الحديثة قوية رغم ممالأة نظامها السابق للعدو الصهيوني ضد أبناء الأمة الفلسطينية والعربية. وعندما قامت الثورة المصرية، وبدأ عصب التشدد العروبي القومي في الاندثار، قلب يحيى المجن تماماً مع انبزاغ ثورة الشباب اليمني ليضيف لنفسه قالباً جديداً، لكنه متناقض تماماً مع شخصية الدنجوان المدلل، ويختار مناصرة القومية الأمريكية اللاتينية التي يجسدها شخص وقضية تشي جيفارا "رمز الحرية في العالم"، ذلك الطبيب الكوبي الأرجنتيني المولد الذي يحب اللاتينيون حَمْلَ صورته فوق تعليق يحمل اسم " غيريليرو هيروويكو " ويعني "بطل حرب العصابات".. جيفارا الذي تغير داخلياً وثار بعنف بعد مشاهدة الفقر في بلده وجميع بلدان أمريكا اللاتينية ضد الولايات المتحدة الأمريكية والظلم الكبير الواقع من الحكام والإمبرياليين على المُزارع اللاتيني البسيط. فبدأ يحيى، الصديق المقرب لدبلوماسيي وعسكر السفارة الأمريكية، فجأة يلبس ملابس وقمصان وربطات عنق غريبة ذكرتني ببعض ملابس القذافي! ثم اعتمر القبعة التي تحمل النجمة الصفراء ذات الخلفية الحمراء، وألبسها لكثير من أبناء اليمن أعضاء شبيبة كنعان بدلاً من الرمز والعلم الوطني كثقافة جديدة لأجيالنا لا نعلم ولا يعلمون شيئاً عن مغزاها!
كما بدا لي على الأقل، فيحيى لم يقرأ عن قضية تشي جيفارا التحررية ضد الإمبريالية الأمريكية على بلاده الواسعة، ولا عن قضيته ومبادئه وشعبيته وبساطته وحبه الشديد للمواطن البسيط وتركز قضيته على النظرة الاقتصادية الاشتراكية التي تهدف إلى القضاء على احتكار الثروة على الخاصّة، وإشاعتها للجميع، ومحاولته أن يأكل مما أنتجته يداه. وفي المقابل، تجد وجه يحيى صالح في كل المحافل والفعاليات المتعلقة بفلسطين وجمال عبد الناصر وصدام حسين وجيفارا! لكنك تجد النقيض تماماً من شخصية وحلم جيفارا، فتجده بطلاً مستمراً في الحفلات التي تقام مع الدبلوماسيين الأمريكيين ومنافحاً عتيداً عن الصواريخ الأمريكية التي قتلت ولا تزال تقتل المئات من مواطني بلاده الأبرياء، ومليارديراً مرفهاً وأنيقاً يلبس البذلة باهظة الثمن، ويعشق أضواء الكاميرات وميكروفونات القنوات، ويحب تلقيبه بـ"الأستاذ".. يجيد الانجليزية، ويركب الليكسيز، ويهوى الموسيقى الغربية، ويدخن السيجار، ويرافقه موكب مخيف من جنود مكافحي الإرهاب.. وأحياناً يبدو في الكثير من المناسبات الميدانية تحرسه المجندات وعلى صدره صورة جيفارا! وأشد ما يكرهه هو رؤية اللحية! وكل ما يفضله يحيى كان يمقته جيفارا بل ويثور ضده. فماذا استلهم يحيى من جيفارا وبماذا شابهه!!
بعد ثلاثة أشهر من جمعة الكرامة، اجتمع يحيى صالح بشباب يرتادون ساحة التغيير -عبر إحدى الناشطات- لغرض فهم "أي تغيير يقصدونه " ، وحينما بدءوا يناقشون الوضع، قال لهم (وهو يشير إلى صورة جيفارا المعلقة في مكتبه): "أنا مع التغيير وأُحب جيفارا"، لكن الذين "قطعوا شوارعنا" يطالبون بالمستحيل ، وبشرهم باستعداده لإطلاق حزب جديد بصبغة علمانية (مختزلةٍ على حلق الشارب وحب الموسيقى ( ، بالرغم من أن جيفارا كان "مطوعاً"!!
وبدأ يحيى يستهتر بقضية الثورة اليمنية، ويقارنها بمشروعية الثورة الجيفارية كمعيار اختاره لقياس أحقية القضية الشبابية.. في الوقت الذي لم يُدْلِ أي مسؤول عائلي بأي تصريح صحفي استفزازي إزاء ثورة الشباب. لقد كثف يحيى صالح تصريحاته اللامسؤولة، وأكثر من شتم واحتقار الشباب في وسائل الإعلام الدولية قبل المحلية، ليصف ثورتهم بأنها "مملة"، ووصف الثوار "بالحقارة"، وبأنهم "مجموعة من الكذابين"، بل وقال بأن "قوات مكافحة الإرهاب لم تشارك في قمع المظاهرات"، متهماً المتظاهرين بأنهم حملوا السلاح لاحتلال المنشآت والمؤسسات الحكومية، وقال بأن المظاهرات غير سلمية، ويدعمها من وصفهم "بالمتطرفين المرتبطين بتنظيم القاعدة."
يحب يحيى أن يصف نفسه بأنه " رائد التقدمية " وترى اسمه أو صورته أو كليهما في كل قطعة خبرية على موقع منتدى الرقي والتقدم، وقد قاد كثيراً من الجهود التي تستهدف مسخ وتمييع ثقافة وفطرة الشباب اليمني، حيث أكد إعلاميون يمنيون أنه وراء تأسيس ودعم إذاعة " راديو يمن إف إم " سيئة السمعة و غير المصرح بها قانوناً، وانه استضافها في معسكره، وهو الذي استقدم لها كوادر لبنانية من قناة LBC ، وبثت برامج لبنانية وباللهجة اللبنانية، تخللها الكثير من المواقف الإيحائية المبتذلة على الهواء مباشرة. التزمت هذه الإذاعة الخط الخادش والمتعارض مع قيم وأخلاقيات المجتمع اليمني وعاداته النبيلة عبر البرامج والمواضيع والمواد التي تبثها وتتناولها . وأشتكى الكثير من المستمعين من انتشار المعاكسات على الهواء مباشرة منذ أول برنامج حواري ليلي يقدمه مذيع لبناني باسم "ماجد".. ويسمح البرنامج بمغازلات ومعاكسات بين فتيات يمنيات والمذيع وشباب يمنيين ومذيعة عراقية، لكنها لا تتحدث في البرنامج إلا باللهجة اللبنانية، لهجة العصافير . وبالمناسبة، فيحيى هو رئيس جمعية الأخوة اليمنية – اللبنانية!
من ناحية أخرى، لا يتحرج يحيى من ازدواجية شخصيته من رئاسة "الرقي والتقدم"، إلى "نادي العروبة الرياضي"، إلى "جمعية الأخوة اليمنية-اللبنانية"، إلى "جمعية كنعان لفلسطين"، إلى الدعم اللامحدود لأي مؤسسة نسوية تطلب دعماً، إلى تعيينه المرأة "المنفتحة فقط" في إدارة شركاته (ألماز للخدمات النفطية، ووكالة سمر للسياحة والسفر – مثلاً) وفي منظماته المدنية التي يرأسها، وقيادته "الأمن المركزي"، وإخراجه للعديد من جنوده من زنازين المعسكر بعد تعذيبهم بسبب رأيهم، وكان أبرزهم الدكتور محفوظ الحميري (طبيب في المعسكر احتُجِز لما يقارب 19 عاماً) الذي خرج في مارس الماضي بيدٍ لا تقوى على حمل اللقمة، فكيف ستُعيل أسرة قوامها 9 أشخاص ؟! هذا في معسكره فقط، ناهيك عن المئات من أبناء بلاده السلميين الذين قُتلوا وأصيبوا على أيدي جنوده.
ذلك هو القائد يحيى صالح الذي قال مرات إنه "مع التغيير ويُحب جيفارا " !!.