قراءة من حب وأناة في المتقاعدين والمسألة الجنوبية
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 17 سنة و شهر و يوم واحد
الخميس 04 أكتوبر-تشرين الأول 2007 12:30 ص

مأرب برس - خاص

فاصل

أقول أن أبناء المحافظات الجنوبية وأولهم أصحاب الصيحة والغضب الساعة،هم الوحدة أولا تاريخا وحاضر، وإنما نحن تبع لهم فيحسن بالكريم أن لا يفرط بل ليبقى على ما كان عوده أبيه .

ثم

ما زال في الأمر متسع والجراح بعد لم تبلغ الخدوش و مسافة بين نقطة الإرهاصات الآن وبين النقطة الأخيرة المتوقعة كأسوأ الاحتمالات لا زالت ممتدة وتسمح بكثير من الفرص في الاحتواء والمعالجات ، أتمنى لو يفطن لها صادق وقادر شغوف بشعبه وبلده . 

قالوا أن عددهم ستون ألفا تتفاوت رتبهم وتستوي معاناتهم ، هذا الكم والكيف من الصعوبة بمكان القول بانفصاليته وأنه حملة راية لمشروع انفصالي ومعادي للوحدة كان أو كائن الآن ، إذ انه –فريقالمتقاعدين-لو وقف ضد قيام الوحدة منذ لحظتها الأولى لاستحالت ولما قامت لها قائمة باعتباره مركز القوة والقرار كجيش نظامي كما دول العالم الثالث ، وانه في هذا السياق لو دعم إعلان الانفصال لا حقا وتجرد له بعقيدة قتالية وتكوين نفسي قوي لتحقق الانفصال على أكتاف الربع من هذا الكم والكيف ، أو لاستطاع عشر هذا الرقم تحويل المحافظات الجنوبية إلى جمر ملتهب إذا نفر إلى نموذج حرب العصابات .

إذن فالعقيدة والنية في محاربة الوحدة لم تكن موجودة أو مبيتة من قبل ولم تكن الآن ، وان كان بعض الشحن فهو لتفريغ نفسي يعتمل كردود أفعال جراء أسباب ومقدمات أوصلت إلى هذا السخط والموجات من الغضب.

من جهة أخرى ..فالعسكريين هم في العادة الأكثر انتماء ومن يفاخر بهذا الشرف عن غيرهم ومن تستبين عندهم أكثر لوحة الشرف والواجب والعهد ..

لا أنسى تلك الانكسارة والمرارة التي رأيتها في عين الكثيرين من هذا الصنف صبيحة سقوط بغداد بيد الغزاة، كانت لدينا أحزاننا ودموعنا لكنها أبدا لم تكن بمستوى ما لهذا الفريق .

إذن ..ما لذي حصل ودعا الإخوة المتقاعدين من شريحة العسكر إلى الخروج في اعتصامات ومسيرات وشعارات الغضب .

القضية في الظلم الذي يورث النفس الإحباط وحس التمرد ، حينما يصل من رتبته عميد وكان في مقام الآمر والقائد والذي يحوطه الشرف من جهاته الأربع إلى أن يبيع البطاط أو يعمل على تاكسي ليسد الحد الأدنى من متطلبات المعيشة ، ودعك هنا من الإحساس بالهوان النفسي لديه وأمام أسرته ومن حوله جراء إلغاءه كفاعل وتصريف طاقته وحيويته إلى بين الركام .

هو هنا إن زاد واحتد ببعض الشعارات المناطقية والتي تسيء للوحدة بعد ما أنس بها وهام حينا من الدهر وجاء إليها مهرولا فاتحا أحضانه ييهبها كل هذا الحب فوجدها حلوبا لغيره بارة بالرعاع والطفيلية فحكمه حكم المضطر مع الميتة ، أو حكم (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) فان الجوع والكفر قرينان ، ولو كان الفقر رجلا لقتلته ، وعليه أيضا فان التفريط والخيانة –إن حصلت -فثمرة للإفقار والتجويع، فليس هنا العتب أو هذا من يلام .

وحتى في هذا الأتون فكم سمعنا تصريحات للكثير منهم أن خروجهم وموقفهم ليس إلا لحقوق فقط ، وان منهم من رفع علم الوحدة قبيل إعلانها الرسمي .

ألا يكفي بعد هذا أن نحملهم على الأعناق وان نبر بهم ولو بحسن النوايا وصدق المواقف والنصرة.

السلطة أخيرا التفتت إليهم ولو من ثقب إبرة وبما يشبه الاعتذار بقليل معالجات والقول أنها سوء بصيرة في هذا التفريط ، والحقيقة أن المساحة أكثر وان هذه الشريحة إنما ظهر حسها ونبظها بفعل برجمتها النفسية على الصف والانضباط فلما حضر لها قائد برزت وأسمعتنا صوتها .

وكم من فئات اجتماعية أخرى تأخرت إن لم يتدارك أمرها بحل شامل وجذري فان الواقع سيدفعها إلى ذلك الذي سبقت إليه أختها من قبل ولكن بمجهود أقوى وبفعل صقلته الخبرات وتعززه الفرص المجانية المتاحة ومن الخيبة أن نسمع يومها هذه الصيغة من الاعتذار.

فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رمز نفتخر به ، مؤتمن ،صاحب قرار وموقف تاريخي وانتماء متجذر..لو استبانت الأمور أمامه بجلاء لما كانت حصلت تلك التجاوزات والاختلالات التي باتت تهدد واقعنا ، مشكلته كما مشكلتنا بهذه النكبة من المستشارين حوله وصناع القرار الذين ليس لهم من تأهيل إلا النفاق والتطبيل ثم إدارة البلد بعقلية الهبر ومنطق الخبرة والصاحب ، نهيبه لشخصه ومقامه ونستحضر في الوعي مواقفه الايجابية وحضوره المتكرر في هذا السبيل ، نناشده بمواقف متجردة تستعيد للوحدة واليمن الأرضية والقواعد الحضارية.

المؤتمر الشعبي العام هو من تقع عليه التبعة هنا، فقد أثبتت لنا الأيام والمواقف ومختلف المحطات انه غير مؤتمن أو مؤهل أخلاقيا وقدرة في الحفاظ على منجز الوحدة اليمنية كفعل حضاري نناطح به الأمم.

فلم تكن ولم تزل أهداف قياداته النافذة وصاحبة القرار إلا المصالح المادية المفرطة الضيقة والغير مشروعه ولو كانت على حساب قيم الدنيا والدين، لا يحظر إلا في الموقف الذي يكون فيه مرتزقا واقرب إلى المهرج المهذا ، ويغيب في الموقف المسئول..

لم نسمع له في المحافظات الجنوبية حسا نبيلا تجاه قضية الوحدة مع هذا التداعي أو موقفا نبيلا وحانيا يستوعب ويعيد البناء والجسور.

 وحده صالح باصرة الذي نطق صدقا وقال خيرا بانتماء نعتز به وروح وحدوية صادقة وعملية .

ولم نسمع له في المحافظات الأخرى موقف رشد أو مراجعة إلا ما كان للعواضي والقاضي كحالات فردية هي بعينها الاستثناء .

2-سلسلة الاعتصامات والمسيرات التي عجت في كل محافظات الجمهورية لا يجب التذعير منها ورمي أصحابها بصكوك الخيانة والتآمر والتفريط إنما توظيفها في السياق الايجابي كظاهرة صحية تتجه إلى المعالجات الشاملة والهيكلية والبعيدة بما يعزز في النهاية من مداميك الوحدة وحيوية القرار والأداء الرسمي على الصعيدين الداخلي والخارجي وقبل كل ذلك يعيد لهذا النسيج الاجتماعي عرى الأخوة والمحبة والتسامح وسكينة الدفيء.

ما زال في الأمر متسع والجراح بعد لم تبلغ الخدوش و مسافة بين نقطة الإرهاصات الآن وبين النقطة الأخيرة المتوقعة كأسوأ الاحتمالات لا زالت ممتدة وتسمح بكثير من الفرص في الاحتواء والمعالجات، أتمنى لو يفطن لها صادق وقادر شغوف بشعبه وبلده . 

حتى مع أولئك الذين جاهروا بمشروع ما يسمى الجنوب العربي، كانت لهذا الفريق ذات يوم مواقف تكتب بماء الذهب بشان الوحدة ويمنية الانتماء .

فالسيد احمد الحسني على سبيل المثال مهما اشتد وقسا اليوم لا تنسى مواقفه في الدفاع عن الوحدة يوم إعلان الانفصال إذ عرض حياته للموت فداء للوحدة وقد قيل انه كان والأستاذ عبد ربه هادي منصور كفرسي رهان أو كركبتي بعير في ميدان البطولة والفداء والواجب ومن ثم ففرصة الالتقاء معه ومع زملائه أمر وارد وغير متعذر .

والرئيس السابق علي ناصر محمد توارى عمره في المنفى الاختياري لم يتكلم البتة على الوحدة إلا بما تحتم عليه يمنيته وانتماؤه لمشروعه النضالي في إطار الوحدة كخيار استراتيجي له وللحزب الاشتراكي سابقا ولاحقا ، فمن الرعونة والغباء جره إلى منا وشات إعلامية واستهداف تجربته بنبش في ما يوظف سلبا عليه ويستهدفه .

والحزب الاشتراكي اليمني ، أول من بذر الوحدة في النفوس وسار بها ، فعافية البلد من عافيته وإضعافه وتفريخه سيأتي بمن يملأ الفراغ على الوجه الذي يتجه حاليا.

لكن ذلك لا يعني أن ليس للانفصال وجه أو صورة وهو يفصح عن نفسه ويعلن صباح مساء ، الواجب الانتباه والحوار مع أنصاره وكوادره والعودة بهم إلى هذا النسيج بما ينصفهم وينصفنا منهم .

على أن يستبين الكل أن أي دور إقليمي يزيد من الشقة والبون فإنما هو زعافا على الجميع .

وهل يجهل أحد أننا نعامل عند هذا الجار كأقل من مستوى الخدم وأنها نظرة متأصلة ومتوارثة في حال قوتنا وموقعنا فكيف إذا افترقنا وصرنا عناكب .

أقول أن أبناء المحافظات الجنوبية وأولهم أصحاب الصيحة والغضب الساعة،هم الوحدة أولا تاريخا وحاضر، وإنما نحن تبع لهم فيحسن بالكريم أن لا يفرط بل ليبقى على ما كان عوده أبيه .

وهب أن زوج أمي جار علي ووظف حنانها وما تملكه من مال له وحده ولبنيه من غيرها بل واجبرها على أن لا تهبني ابتسامة ولحظة من حنان ، هل يصح في حقي وحقها أن أتبرا منها وأعلن عليها القطيعة والعقوق ، وأنا على يقين أنها بحر الحب والحنان.

المقدمة

ربما تكون كلمات ندت مني في تناولات سابقة بها من الحدة ما تستفز وتعاب غلبتني عاطفتي على تربتي وتكويني أجد الأريحية كلها وأنا أقدم اعتذاري بشأنها .

فلا تثريب علي هبوها من كريم ..

وعليكم ..الوحدة أمكم فلا تجمعوا عليها بين حزنين 

زوج جلف وبئس العشير

وابن عاق ومتسرع

alhager@gawab.com