الرئيس البيض يعيد رسم خارطة الجنوب
بقلم/ ماجد الداعري
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و 23 يوماً
الأحد 31 مارس - آذار 2013 05:44 م

يتصدر اليوم الرئيس الجنوبي علي سالم البيض المشهد السياسي في الجنوب بصورة غير مسبوقة، منذ صدور التحذيرات الأممية التي اعتبرته احد معيقي المبادرة الخليجية الخاصة بلم شمل فرقاء العمل السياسي بصنعاء، ومروراً برفضه القاطع لأي حوار مع ساسة وفرقاء من يصفهم بـ"قادة الاحتلال اليمني للجنوب"، مالم يكون حوار بين دولتين وتحت رعاية أممية ومظلة عربية على الأقل، نتيجة التعاطف الشعبي الغير مسبوق الذي لقيه في الشارع الجنوبي بعد تلك التهديدات التي جعلت منه اليوم الرجل الجنوبي الذي يحكم قبضته على الشارع الجنوبي ونضاله السلمي، باعتباره رمزا جنوبيا استثنائيا في استماتته واصراره على خياره الوحيد في استعادة الدولة الجنوبية ، وعلى خلاف مع كل القيادات الجنوبية البارزة المنفية خارج اليمن المشتتة بين الفيدرالية وحكم الاقاليم وبين الاستقلال والاستمرار على وحدة بأشكال مختلفة.

وبرز النفوذ والاجماع الجنوبي الاستثنائي مؤخرا على شخص البيض، بعد تمكنه في الفترة الاخيرة التي تلت التحذيرات الأممية بمعاقبته، من توجيه الجماهير الجنوبية التي احتشدت وتحتشد في الفترة الأخيرة في عدن وحضرموت، بصورة متكررة في مليونيات عدة رفضا للحوار وللمطالبة باستعادة الدولة الجنوبية المستقلة، واعتلاء صورته لمنصة تلك المهرجانات التي قلما سبق وان توافق منظميها على وضع صور قيادات الحراك على المنصة حفاظا على وحدة الجماهير الجنوبية وارضاءا لجميع القيادات والقوى الجنوبية المناضلة في اطار الحراك الجنوبي السلمي ولقواعدها الحاضرة في تلك الفعاليات والمهرجانات الجنوبية المليونية التي لم يسبق ان شهدها الشارع الجنوبي منذ اندلاع ثورة الحراك الجنوبي السلمي التحرري في مطلع العام 2007م- كمايرى الكثير من متابعي المشهد السياسي الجنوبي.

ولايمكن لجنوبي انكار الحضور السياسي للبيض وقناته(عدن لايف) التي صارت اليوم الموجه الاعلامي الجنوبي الوحيد والحصري للجماهير الجنوبية في كل فعاليات الحراك ومنها يستمد المشاهد الجنوبي أوقات ومواعيد المهرجانات والتظاهرات الاحتجاجية ومختلف المناسبات الجماهيرية المختلفة للحراك الجنوبي في كل مناطق الجنوب الملتهب اليوم بصورة ثورية غير مسبوقة، إضافة إلى ضلوعها الحصري في تحديد أوقات العصيان المدني واماكن ومواعيد الخروج للتظاهرات والفعاليات الجنوبية المختلفة باعتبارها المنبر الاعلامي الوحيد الذي يسيطر على الشارع الجنوبي ويرسم مستقبل النضال الجنوبي المنطوي في اطار النضال السلمي للحراك الجنوبي بصورة أقلقت النظام الحاكم بصنعاء بشكل كبير ودفعته إلى البحث عن كل الطرق والوسائل المختلفة للضغط على الأقمار الاصطناعية والسلطات اللبنانية لايقاف بث القناة التي تتخذ من بيروت مقرا لها ولمالكها البيض، ورغم كل الانتقادات الاعلامية الجنوبية التي توجه لها ولدورها الاعلامي وتغطياتها لمايجري في الشارع الجنوبي من فعاليات مختلفة تخص مختلف قوى وفصائل الحراك الجنوبي، كنتيجة طبيعة لتعدد الرؤى والفصائل الجنوبية وتباينها في بعض القضايا الجانبية المتعلقة بمستقبل الدولة الجنوبية المستقلة، كمطلب جنوبي عام ومشترك توحدت حوله اليوم الغالبية العظمى من فصائل الحراك الجنوبي بعد رفضها للمشاركة بمؤتمر الحوار الوطني بآليته الحالية.

ولايمكن لعاقل جنوبي اومنصف سياسي أن ينكر حقيقة الاجماع الحضور السياسي الغير مسبوق للرئيس البيض وتسيده اليوم للمشهد الجنوبي بفضل التحذيرات الاممية التي ساوت بينه في منفاه، وبين الرئيس السابق علي صالح وحضوره السياسي العلني في الداخل اليمني، ودون انكار اوتجاهل للدور النضالي والجهود الأخرى التي تضطلع بها العديد من القيادات الجنوبية الاخرى ومالها ولفصالها وقواها المنظوية في الحراك من شعبية وحضور نضالي في الشارع الجنوبي.

فعلى عكس كل التوقعات جاءت ردود فعل الشارع الجنوبي على تهديدات مجلس الأمن بفرض عقوبات على البيض، لتزامنها مع اخر انتظار جنوبي لأي دور اممي تجاه قضية الجنوب العادلة ومطالب الملايين من أبناء الجنوب المطالبين سلميا باستعادة دولتهم الجنوبية المستقلة التي يجمعون على انها تقع اليوم تحت احتلال عسكري يمني ناجم عن حرب صيف العام 1994م، وقبل ان يخرج مجلس الأمن الشهر قبل الماضي بذلك البيان التوعدي للبيض والرئيس اليمني السابق علي عبدالله على حد سواء، باعتبارهما من معيقي التسوبة السياسية القائمة على المبادرة الخليجية التي لم يكن للبيض علاقة بها ولا ناقة له ولاجمل - كمايقول يعلق الجنوبيون اليوم عليه، بعد أن شكل صدمة جنوبية قاسية لأنصار الحراك الجنوبي بمختلف فصائلهم المختلفة، خاصة بعد أن تلاه السفير البريطاني الدائم بالأمم المتحدة الرئيس الدوري لمجلس الامن، ولكونه جاء بلسان سفير دولة علق عليها الجنوبيون آمال كبيرة في الاسهام باستعادتهم لدولتهم المستقلة ولم يبخلوا عليها في الكثير من المناسبات من مغازلتها بوسائل مختلفة وصلت حد الاشادة بعهدها الاستعماري للجنوب وتمني العديد من القيادات والجماهير الجنوبية بصورة علنية ان تعيد حقبتها الاستعمارية للجنوب، إضافة إلى ان تلك التهديدات الاممية من مجلس الأمن للبيض جاءت في وقت حساس بالنسبة لجماهير الشارع الجنوبي التي كانت يعلق يومها آخر امالها على مجلس الأمن وتنتظر لفتة أممية لقضيتهم العادلة المستبعدة من اروقة جلسات ومناقشات اعضاء المظلة الاممية التي ساهمت في العقد الأخير في استقلال وتحرير العديد من دول العالم، غير ان تلك التهديدات التي صدرت لاول مرة وبالإسم للبيض قد ساهمت في خلق الاجماع الجنوبي حوله، كرئيس وبطل جنوبي استثنائي يواجه لوحده وبمفرده كل الضغوط الدولية ويتحدى باسمه إرادة المجتمع الدولي وتهديداته بمعاقبته على خلفية مواقفه التي لاتتزحزح حول مطالبته المستميته باستعادة الدولة الجنوبية، وصار البيض-الزاهد سياسيا، كمايصر على ذلك من خلال تأكيداته المستمرة على انه مع شعبه في الجنوب لاستعادة دولته المستقلة وبعدها سيسلم الراية للجيل الجنوبي القادم – من يومها الرجل الجنوبي الأقوى والمتحكم الاول في "تهييج" الشارع الجنوبي بدعواته المختلفة للخروج باعتباره رمزا لثورة الحراك الجنوبي السلمي المطالب بخيار التحرر واستعادة دولة الجنوب المستقلة التي سبق له وأن اعلن اندماجها مع الجمهورية العربية اليمنية في الـ22مايو1990 لتشكيل ماعرفت من يومها بالجمهورية اليمنية الحالية.

ويعتبر اليوم الغالبية العظمى من انصار الحراك الجنوبي، ان التهديدات الأممية التي طالت البيض بالاسم، شهادة دولية على نضاله الجنوبي الفعال وضريبة لاستماتته القوية في استعادة دولة الجنوب ورفضه لكل الخيارات والمشاريع واللقاءات العبثية التي تعلن هنا وهناك من أجل تبني رؤى مختلفة لحل القضية الجنوبية التي لايجد هو أي خيار آخر منذ عودته لواجهة المشهد الجنوبي من مينونخ الالمانية في مطلع العام 2009على استعادة استقلال وسيادة دولة الجنوب ولاخيار سواه.

ووسط تلك الزوبعة الأممية الخاطئة التقدير حول شخصية جنوبية قومية بحجم الرئيس البيض جاء تقبل الشارع الجنوبي لفحوى الصورة المشتركة التي جمعته في وقت سابق بمكتبه بلبنان بالاكاديمي الجنوبي واستاذ الاقتصاد بجامعة عدن الدكتور حسين العاقل، والتي ظهر من خلالها البيض كمن يتمعن في ملامح وحدود خارطة قديمة لدولة الجنوب المستقلة قبل اندماجها مع الجمهورية العربية اليمنية في عام1990م، ويسعى لتأمل ملياً في تلك الصورة وماتحويه من حدود ومعالم دولة الجنوب والمناطق النفطية المكتشفة فيها بعد وحدة حرب صيف 1994م ،ويسأل عن كل مايتعلق باجمالي حجم الانتاج النفطي من الآبار النفطية الجنوبية، ومقدار الثروة التي استهلكت منها حتى اليوم وماتبقى. اضافة إلى مراجعته لتلك الخارطة ، بصورة الباحث عن إستعادة وطن مسروق ورسم خارطة مشهد الدولة الجنوبية المقبلة والتباحث على مايتعلق بحدودها ومعالمها التي ينبغي ان يعاد ترسيمها من جديد مع من يحرص على تسميتها بدولة الاحتلال اليمني( الجمهورية العربية اليمنية)