محمد علي لقمان رجل الفكر والتنوير في اليمن
بقلم/ حنان محمد فارع
نشر منذ: 15 سنة و 6 أشهر و 21 يوماً
الثلاثاء 14 إبريل-نيسان 2009 04:28 م

" لقد أثبت التاريخ الحديث التأثير العظيم الذي أحدثته الصحافة في شتى مناحي الحياة في أوروبا وأمريكا واليابان وكثير من البلدان الشرقية الفتية وكما أن للصحافة الفضل الأكبر في النهضات القومية والتقدم الأدبي والرقي الفكري فإن النظام الاقتصادي الحاضر يعتمد على الجرائد والصحف السيارة في تتبع سير الأحوال التجارية ...... ولما كانت عدن ونواحيها بحاجة ماسة إلى جريدة عربية تكون لسان حالها عزمت على إصدار هذه الصحيفة خدمة لهذه البلاد وأهلها ..... جاعلاً هذه الصحيفة منبراً لشباب الجزيرة العربية وأدبائها . رامياً فيما ارمي إليه إلى تعميم التعليم للبنين والبنات ناشراً ألوية الأخلاق الحميدة ...... "

هكذا كانت أولى افتتاحيات صحيفة ( فتاة الجزيرة ) بقلم الأستاذ محمد علي لقمان الذي كان صدورها الأول في مطلع شهر يناير من عام 1940م ، لتبدأ مرحلة جديدة من حياة لقمان حيث تشرّف القلم أن يكون بين أنامله مشعلاً للعلم والتنوير والنضال على امتداد عمله الصحفي الذي استمر قرابة ستة وعشرين عاماً .

في الفترة الواقعة مابين 13- 15نوفمبر 2006م عقدت جامعة عدن ندوة حول محمد علي لقمان من أجل تخليد أحد الأعلام الفكرية - الثقافية والاجتماعية- التربوية ، ثم تذكرته الجامعة مجدداً في محاضرة ألقاها أ.د محمد أبو بكر حميد بعنوان : (صفحات مطوية في تاريخ الحركة الوطنية والفكرية والثقافية في عدن ) في المحاضرة وضع د. محمد أبو بكر حميد وجهة نظره حول منهج لقمان الذي اعتبره رجل دين سلفي سار على خط الوهابية وهذا التحليل جاء مناقضاً لرؤية د. الهمداني في كتابه المجاهد محمد علي لقمان المحامي (فتاة الجزيرة افتتاحيات ومقالات من عام 1940_1950م ) ومنذ السطور الأولى للكتاب وضح للقارئ ليبرالية الواعية للقمان واعتناقه للكثير من الآراء والأفكار والمبادئ الذي توحي أن محمد علي لقمان رجل ليبرالي تنويري مستنداً على العديد من مقالاته ومن خلال افتتاحيات فتاة الجزيرة التي ظل يكتبها حتى وفاته .

سأضع مختصراً لمعرفة سيرة وتاريخ واحد من أعلام الفكر والثقافة والصحافة في عدن على مدى نصف قرن من الزمن ، شكل خلالها مدرسة فكرية ، ثقافية ، وسياسية ، واجتماعية تخرج منها عدد من الموهوبين في مختلف جوانب الحياة المعروفة .

• - من هو محمد علي لقمان ؟

ولد محمد علي لقمان في عدن في السادس من نوفمبر عام 1898م ، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس عدن وحصل على شهادة ( السنيور كامبردج ) من بريطانيا عام 1922م ، كان يعمل دهاناً في أوقات الفراغ من الدراسة ، وبدأ حياته العملية بوسيلة تنقل وهي الدراجة الهوائية التي كان بواسطتها يتنقل من مكان لآخر ، وهذه الظروف الصعبة جعلته يستشعر حاجة الناس و كانت الدافع على تنمية البعد الإنساني والاجتماعي في شخصيته .

عمل في إدارة مدارس عدن لمدة أربع سنوات مابين عامي 1924م - 1928م بعد ذلك تم فصله بسبب رسالة نقد للتعليم عنوانها ( هل هذه قصاصة ورق ؟ ) ، ثم انتقل للعمل وكيلاً لشركة البس في الصومال في الفترة مابين1930 -1934م ، غادر إلى مدينة ( مومباي ) في الهند عام 1936م لدراسة القانون ونال شهادة المحاماة عام 1938م فأصبح لقمان أول عربي يعمل في مهنة المحاماة في محاكم عدن والصومال ، وعمل بعد دراسته الجامعية في سلك المحاماة مدافعاً عن المظلومين من أبناء وطنه دون مقابل ولم يفكر بالثراء عن طريق التلاعب بقضايا الناس واضعاً نصب عينيه ثقة موكليه.

بدأ لقمان يشعر بحاجة الناس إلى النهضة الفكرية فكان الافتقار للصحافة يقف عائقاً دون تحقيق تلك النهضة ، سعى لتحقيق حلم إقامة صحيفة في عدن بعد أن استولى عليه حب الصحافة بيد أن المصاعب المالية الذي واجهته كانت عائقاً مؤقتاً منعته من الوصول لذاك الحلم ، تمكن أثناء عمله مع شركة البس في ( بربره ) في بلاد الصومال من إصدار صحيفة بخط يده اسماها ( شمسان عدن ) لكن هذه الصحيفة لم تدم طويلاً . بعزم قوي وإرادة لا تنثني تمكن لقمان من الحصول على موافقة بإنشاء صحيفة أسبوعية اسماها ( فتاة الجزيرة ) فكان ظهورها في 1 يناير عام 1940م ، ولم يقف عند هذا الحد فقد تمكن في سبتمبر من عام 1940م من شراء مطبعة صغيرة لتكون نواة لما عُرف فيما بعد بـ ( دار فتاة الجزيرة ) .

جاءت صحيفة ( فتاة الجزيرة ) للدفاع عن حقوق أبناء عدن والبلدان المجاورة ، حيث حمل لقمان على عاتقه دوراً كبيراً التزم به في أولى افتتاحياته واستمر على نفس الدرب حتى الممات وساهم بمقالاته وأفعاله في نشر الوعي وإدخال الحداثة إلى المجتمع اليمني وخلق جيل من المتعلمين والمتعلمات ليصبح رجل التنوير الأول في اليمن وأستاذاً لجيل واسع من المثقفين ، وتصبح جريدته مدرسة فكرية ومنبراً لأفكاره وآرائه والأب الروحي لكثير من الأدباء والكُتاب والساسة ورجال الفكر في اليمن والجزيرة العربية.

• - لماذا أصبح لقمان رائداً للنهضة والتنوير في اليمن ؟

".... كيف نرقى ونحن لا نفكر فيما يعود على بلادنا وعلى أنفسنا بالخير ، نقضي الساعات الطويلة في مبارز القات من غير فائدة نجنيها أو علم ننتفع به نصرف الذهب الأحمر في ملاذ مضرة بدل من إنفاقها على تعليم البنين والبنات وعلى إصلاح المساكن والعمارات ، ....... )

تلك كانت أيضاً إحدى افتتاحيات لقمان في صحيفة ( فتاة الجزيرة ) بعنوان : ( هل نأمل في رقي ؟ ) كانت في 28 مارس 1943م.

حمل لقمان راية الإصلاح والتجديد ووقف على قضايا العصر ومشاكل الزمان والمكان فكان مصلحاً اجتماعياً ، ونقل صورة حيّة عن حياة الإنسان والمجتمع العدني في تلك الفترة واضعاً جل اهتمامه في ضرورة التعليم والتأهيل اللذان بدونهما لا يمكن بناء أي حضارة وتشييدها والنهوض بالواقع مركزاً على تعليم الفتاة حيث اهتمت صحيفته بذكر أخبار مدرسة البنات الحكومية وتقدمهن المدرسي حتى إنها ذكرت أسماء المتفوقات من الطالبات تشجيعاً لهن .

حرص لقمان على إرسال البعثات الطلابية إلى الخارج من اجل الدراسة والتحصيل العلمي ، فكتب إلى الزعيم التونسي عبد العزيز الثعالبي قائلاً : ( تتذكرون أني كنت ذكرت لكم رغبتي في إرسال بعض أولادي إلى الخارج ليتعلموا وقد كتبت أخيراً خطاباً للملك غازي - عاهل العراق - ورجوته أن يسمح لنا في عدن بأن نبعث عشرة تلاميذ إلى العراق ليتعلموا أسوةً بإخوانهم " ، فقد كانت له في الأعمال الخيرية أياد بيضاء يخطب بالناس في المساجد والنوادي ويحرضهم على التآلف والاتحاد وطلب العلم .

الفقيد محمد علي لقمان امتلك مشروعاً تنويرياً وحضارياً متكاملاً من خلال أعماله المنشورة الذي كتبها على امتداد حياته ، بدءاً من كتابه ( بماذا تقدم الغربيون ؟ ) وحتى كتاب ( قصة الثورة اليمنية ) برنامجه النهضوي يشتمل على قاعدتين أساسيتين وهما : الفكر الإسلامي للأمة العربية الإسلامية ، والقاعدة الثانية يعتمد على التكنولوجية الغربية والأخذ بأسبابها . ودعا لقمان لمحاربة الجهل والتخلف فحارب الشعوذة والخرافات وناد إلى إقامة دستور نحو بناء مجتمع مدني متحضر.

 النزعة التنويرية المتأصلة في كتاباته جعلت أ.د. أحمد علي الهمداني _ مؤرخ تاريخ لقمان _ يراه صاحب فكر ليبرالي وهو الشيء الذي جعله الرائد الأول للفكر التنويري الذي حاول التجديد في جميع نواحي الحياة الرئيسية والثانوية .

من هذا المنطلق كانت مطالبه الأساسية تكمن في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للناس وتوفير التعليم المجاني الأساسي والجامعي ، وإيجاد المرافق الصحية القادرة على صيانة عقول الناس وأجسادهم ، لقد مست مطالبه الجوانب المختلفة في حياة المجتمع اليمني الروحية والمادية .

والبعد الإنساني والاجتماعي والإصلاحي الذي تمتعت به شخصية لقمان أهلته لنقد الوضع بموضوعية والوقوف على قضايا الناس اليومية وواقعهم الاجتماعي المزري فقد كتب في عام 1947م يقول :" .... حياتنا الاجتماعية حياة شعب بدائي رغم مرور 110 سنوات على دخول بريطانيا العظمى بلادنا نحن لا نزال حفاة عراة غالباً نأكل القات ..... حياتنا الاجتماعية مهزلة ومستقبلنا اسود ونحن نعرف أن عدن بعد زمن قصير ستصبح في مسيس الحاجة إلى الأطباء والمهندسين والخبراء الفنيين ..... "

لخص د. محمد عبد الهادي السمات العامة للتنوير عند لقمان بالآتي :

دعوته إلى الإصلاح الاجتماعي ، مناداته بالتجديد في التراث ، كتاباته الملحة في التطوير التعليمي والتربوي ، مقالاته في الحقوق و الواجبات ، خطبه في الدين والحياة ، ردوده على أنواع التعصب القبلي والسياسي ، انفتاحه على المدنية العصرية ، تفاعله الاجتماعي لخلق النخب الثقافية ، إبداعه المستمر في التنوع الفكري .

لم يتبوأ لقمان تلك المكانة الرفيعة في حياته بسهولة ويسر بل جاءت بعد مخاضات هائلة وإرهاصات كبيرة .

• - هل وصلت اهتماماته الأدبية_ الثقافية إلى حدود انشغاله بالجوانب الفكرية ؟

انشغال لقمان بالجوانب الفكرية التنويرية جعلته يبتعد قليلاً عن النواحي الأدبية ، صاغ عدداً من القصائد الشعرية ولولا إهماله لهذا الجانب على حساب نواح أخرى لأصبح شاعراً مبدعاً ، لكنه استطاع بواسطة صحيفته ودارها المساهمة في نشر الوعي الأدبي على كل المستويات فقد بدأ في نشر الأعمال القصصية والكتابات النقدية المختلفة واشتغل في الترجمة من اللغات الأخرى لاسيما اللغة الانجليزية

عمل على فتح الصالونات الأدبية الثقافية على غرار ما كان في مصر والشام والعراق منها : ( نادي الأدب العربي ) عام 1925م و ( مخيم أبي الطيب ) 1939م أما الذي حققه في هذين الصالونين نُشر في كتاب بعنوان ( أقلام المخيم ) حمل مجموعة من المحاضرات كان يلقيها مفكرو عدن ، ولا ننسى دعوة لقمان على تحرير النثر من كل عبودية عبر مقالاته حول الحركة الأدبية في عدن وسعى إلى تطبيق هذه الدعوة .

أما في المسرح فلا نستطيع حقيقةً الوصول إلى الجهد الذي بذله لقمان في سبيل تأسيس المسرح اليمني والقصتين الروايتين ( "سعيد " ، "كملا ديفي أو درب الآلام" ) شكلتا البدايات لنشوء الحلقة الأولى في تطور القصة والرواية اليمنية ، وفي عام 1929م شكل لقمان لجنة للإشراف على قصة ( صلاح الدين الأيوبي ) وتقديمها للمسرح ، ومن تأليفه قدم مسرحية ( القائد المغرم ) إلى نادي الإصلاح العربي في التواهي عام 1933م .

• _ كيف يبدو السجل التاريخي السياسي النضالي للمجاهد محمد علي لقمان ؟

الدور النضالي دفعه إلى أن يرتبط ارتباطاً وثيقاً برجال عصره من زعماء الدول في الداخل والخارج ، فكان على صلة وطيدة بكل من : محمد علي الطاهر ، شكيب ارسلان ، عبد العزيز الثعالبي ، جميل جمال ، الحسيني ، غاندي . التاريخ لا ينسى علاقته القوية بـ ( حركة الأحرار ) ورجالها ، كان واحداً من مهندسي انقلاب 1948م وعلى معرفة وثيقة بالرئيس السلال الذي قال عنه : ( اعرف لقمان واعرف جهاده الطويل ) ، كما وصفه المناضل عبده حسين الأدهل في كتابه ( الاستقلال الضائع ) بأنه " رائد النهضة الفكرية والحركة التحررية في عدن والجنوب بلا منازع " ، التاريخ السياسي والنضالي ل محمد علي لقمان وارتباطه الوثيق بحركة الأحرار وثورة السادس والعشرين من سبتمبر تدل على أن تجربته النضالية امتدت لتشمل اليمن كله .

تجلت وطنيته الكبرى في تأسيس ( الجمعية العدنية ) عام 1949م التي أصبحت فيما بعد اللبنة الأولى في النشاط السياسي ، حاول من خلالها الحفاظ على حقوق أبناء عدن في ظل حرمانهم من ابسط مقومات الحياة الكريمة ومقاومة الاستعمار بالطرق السليمة ، تجلى نضاله السياسي والفكري في مشروع أعماله مثل : ( عدن تطلب الحكم الذاتي) و ( قصة الثورة اليمنية ) و ( قصة الدستور اللحجي).

أروع صور النضال ضد الاستعمار البريطاني رسمها المناضل لقمان عندما توجه إلى نيويورك على نفقته الخاصة على اثر سعي بريطانيا لدمج عدن قسراً إلى الاتحاد الفيدرالي ، قضى الليالي الطوال محاولاً كسب تأييد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للسماح له ليخطب ويشرح قضية الوطن المغلوب على أمره وتحققت الأمنية وأنصت العالم إلى لقمان لمدة أربع ساعات وهو يفضح الأعيب الاستعمار وينادي بتصفية قواعده وإعلان الاستقلال التام كان ذلك في 18 سبتمبر 1962م .

وصفه د. الهمداني : " كان رجلاً شجاعاً جريئاً عالماً ومناضلاً ، سياسياً وحكيماً ، نصير المظلومين ، شيخ عدن ، أبا الأحرار ، مصباح الشعب ، رجل البيان ، سفير الحقيقة ... "

• _ الشأن الخارجي ، إلى أي مدى شغل لقمان ؟

من خلال مقالاته وعلاقاته الواسعة مع زعماء قادة التحرر العربية ، كان لقمان يستشعر بهموم أمته العربية الإسلامية التي ترزح تحت نير الاستعمار ، وحمل حباً كبيراً نحو العرب والمسلمين إيماناً منه بضرورة تطور وتقدم مجتمعاتهم ، فيما اتسع مشروعه الحضاري التنويري من اجل قيام دولة عربية_ إسلامية قوية البنيان راسخة التقاليد أساسها العدل والمساواة .

أسهم في الكتابة عن القضايا العالمية في صحفيه (فتاة الجزيرة ) ، فقد جاء صدور الصحيفة بعد سنة من قيام الحرب العالمية الثانية ، قدم خلالها لقمان في مقالاته عدة معلومات وأفكار وقضايا ساعدت القارئ في الشارع العدني على معرفة مجريات الأحداث ، وبحكم أن عدن قاعدة بريطانيا فهي لم تكن بعيدة عن دوائر وصراعات تلك الحرب ، فقد تعرضت لعدة غارات جوية من الطائرات الحربية الايطالية التي أحدثت فزعاً بين سكان عدن ، وباتت تلك المقالات مرجعية تاريخية وصحفية للتعرف على دور الصحافة في رصد هذه المرحلة ، فقد وفق الكاتب في تقديم ما لديه للقارئ من خلال الأسلوب الذي اعتمد الكلمات الواضحة والمعبرة بشكل مباشر دون الإغراق في التعقيد أو المصطلحات السياسية والفلسفية والاقتصادية التي لا تصل إلى فهم أو إدراك رجل الشارع والعامة من الناس .

• _ ما قوة تأثير صحيفة فتاة الجزيرة على المجتمع اليمني ؟

الصحيفة منذ صدور أولى أعدادها امتلكت سياسة واضحة المعالم على الرغم من الظروف المادية الصعبة لكنها حققت نجاحاً كبيراً في عامها الأول جَرت وراءها عدد كبير من الصحف والمجلات واستقطبت عشرات الأقلام في كل زمان ومكان من السياسيين والأدباء والكُتاب ورجال الفكر على امتداد سبعة وعشرين عاماً احتضنت خلالها الصحيفة المواهب الأولى والقدرات الكبيرة والعبقريات في مجال القصة والشعر والرواية والمسرح وفي السياسة والاقتصاد والدين وعلم الاجتماع وأظهرت دارها عشرات الدواوين والمسرحيات والأعمال الفكرية والأدبية ، فأصبحت مرجعية من اجل تلقيح الأفكار المختلفة الانتماءات المتعددة ، وشكلت حواراً مفتوحاً مع الآخر ووسيلة للتقارب بين الرأي الإسلامي والرأي البريطاني .

وكونها أول جريدة عربية في تاريخ اليمن ، فقد ملأت جانباً من الفراغ في المجتمع وأحدثت حراكاً ونشاطاً محموداً وجهت الإنسان إلى نواح جديدة من الفكر والثقافة تعود بالنفع عليه والسير نحو التجديد والابتكار ورفع المستوى الثقافي بين الشباب داخل المجتمع ، وأضحت الحافظة الأمينة للحفاظ على تاريخ وتراث الشعراء والأدباء .

مدت يد المساعد للفتاة العدنية للنهوض في مقالات شجعت المرأة على التعليم ، أوضحت واجب الرجل نحو المرأة وناشدت الناس بإنشاء لجنة لمساعدة المرأة . عملت على نشر الفضيلة والأخلاق والمبادئ الصالحة والثقافة والدعوة إلى الوحدة وتطهير الحياة الاجتماعية من جراثيم الفساد ورفع بعض المظالم عن الناس .

• _ ماذا ترك لنا لقمان ؟

كان رحيل لقمان في 24/ مارس / 1966م ، أثناء طريقه لتأدية فريضة الحج ودفن في مكة المكرمة.

ترك المجاهد محمد علي لقمان المحامي مجموعة كبيرة من الأعمال الفكرية ـ السياسية والاجتماعية ـ التاريخية التي تشكل تراثه الإبداعي في مختلف مجالات الحياة. وهي على النحو الآتي:

هل هذه قصاصة ورقية ؟ 2. بماذا تقدم الغربيون ؟ 3. رسالة رجب 4. سعيد (رواية) 5. الشعب البريطاني 6. أرض الظاهر 7. كملا ديفي (رواية) 8. انتصار الفكر 9. قصة الدستور اللحجي 10.عدن تطلب الحكم الذاتي 11. قصة الثورة اليمنية. 12. جولة في بلاد الصومال . 13. وهناك عدد كبير جداً من المقالات والمذكرات التي كان ينشرها تباعاً في صحيفة "فتاة الجزيرة" و"إيدن كرونيكل" .

كم نحن اليوم بحاجة إلى مضاعفة الجهد وإعادة قراءة سجل رواد العلم والنهضة والتنوير في اليمن ، أولئك الذين شكلوا صفحة ناصعة البياض في تاريخنا ، أن الاهتمام بتراثهم وتاريخهم المشرف ونفض الغبار عن أعمالهم إنما هي خطوات مباركة لرفد وإثراء تاريخنا بما يشد الأجيال اللاحقة نحو التمسك باليمن الإنسان والأرض .