|
ما زال المواطن العربي يعيش حالة ذهول واستغراب من ردة فعل الأنظمة العربية إزاء الوضع الراهن فلا نجد أي منها يحرك ساكناً سوى المواقف القطرية الأبرز والأقوى جهراً ..
ومما يدعو للحيرة وجود جامعة عربية وتحالف خليجي إلا أنهم غالباً يتركون الأمر جملة وتفصيلاً للدول المجاورة كما حدث في سوريا وحلف الناتو في ليبيا وهذا ليس إلا إعلان خجول متى وكيفية تدخل كل الدول العربية أو معظمها في ذلك فليس من المنطقي أبداً أن الحلف له صلاحية فرض حظر الطيران دون أي مساعدات ومشاركات دول الجوار لدولة ليبيا وعندما أعلنت دول مجلس التعاون سحب سفرائها من دمشق لم يكن نابعاً من تخطيط استراتيجي و إنما تدخلها عبارة أوامر خارجية من الدول العظماء وقد يدخل الشأن السوري المرحلة الدولية في القريب العاجل.
بينما تتسارع الأحداث لازالت الدول العربية متمسكةً بسياستها القديمة سواء كانت بشأن ما يحدث في الدول الشقيقة أم في الشأن الداخلي فيما يخص الثورة الشعب وقد يكون هذا ناتجاً عن خوفها من القادم المجهول ,وما هذا إلا مقدمة بسيطة لنلخص عن دور الجارة السعودية ومواقفها من الثورة اليمنية لندرجها في مقارنة مع الموقف التركي بشأن الثورة السورية.
إلى الآن لازالت المملكة العربية السعودية تعول على شخص وتمسك بعصا نخرت في اليمن كثيرا و تتكئ عليها وتترك درعها الجنوبي وحامي ظهرها يغرق في بحر الفوضى بل أنها لازالت تعول على هذه العصا المعوجة لتقويم ما تهدم في هذه البلد لترى بعين الحرص إلى الماضي كأنها تضمن له وكأن ما يجري في هذا البلد لن يؤثر على أمنها واستقرارها ضامنة أنها لن تدفع ثمن باهض من استقرارها واقتصادها خاصة إذا أصبح اليمن مركز للإرهاب وعمل المخابرات الدولية كما يلوح في الأفق .
نقدي لسياسة المملكة نابع من حرصي على العلاقات بين الشعب اليمني والشعب السعودي وما بيننا من صلة دم ونسب وقرابة أما الأنظمة فهي إلى الزوال لذلك أرى أن سياسة الرياض تجاه ما يجري في اليمن مؤخراً تنحدر نحو بنا حجاز كبير من العداء والخصومة بين الشعبين الشقيقين , فالحكومة السعودية كل مواقفها تراعي فيها النظام الذي لطالما كان على عداء مع شعبه وهذا سيؤثر سلبا على علاقاتهما في المستقبل كان قريبا أو بعيداً ولا يتماشى أبدا مع مبدأ حسن الجوار الذي أوصى به سيد الخلق محمد بن عبدالله عليه وعلى اله أفضل صلاة وأزكى تسليم.
واذا ما أقدمنا على مقارنة بسيطة مع الموقف التركي نجده من أول يوم انطلقت فيه الثورة السورية يختلف عن مثيله السعودي كل الاختلاف فالقيادة السياسية التركية اتجهت إلى بناء الثقة مع الشعب السوري فبدأت بنصح نظام الأسد بالإنصات والرضوخ لإرادة الشعب وأحداث الصدمة في التغيير لإيقاف الثورة حتى لا تتجه إلى العنف لكن النظام السوري أسوة بمن سبقها تتبعت إثرهم في الغباء المركب فلم يتعظ وأصر على الحلول الأمنية ولم يكن بأفضل حلاً من غيره من حيث إجهاش سيل التهم على هذا الشعب المغلوب على أمره بالخساسة والعمالة لجهات أجنبية معادية أم إرهابية لنجد سوريا تكرر سوريا مثيلاتها الطامحون للحرية المتعطشون للعدالة قد غرقت في بحر من الدماء بذات الوقت نجد النظام التركي يطور موقفه ويصعد تباعاً لما يقوم به الثوار حتى وصل المقاطعة مصرحاً به عبدالله جول في مقابلته التلفزيونية على قناة الجزيرة حيث صرح أنه من الآن فصاعدا لن يتم التواصل مع النظام السوري وهذا تصريح جهري بانحيازهم إلى جانب الشعب السوري وربما يكون له الأسبقية حتى من جانب الثوار السوريين ذاتهم , وهذا إن دل يدل على حنكة سياسية وقرأه ناصعة ومشرقة للعلاقات بين الجانبين التركي والسوري مستقبلاً.
وهذا الموقف عكس الموقف السعودي مع ثورة الشعب اليمني فكلما اشتد الثوار في الساحات كلما أمعنت السياسة السعودية في دعم النظام الهالك وتثبيت بقائه.. فشتان مابين ذاك الجار وجارنا..
مجرد تساؤل..
ما سر هذا التوجه السلبي؟ هل عقم سياسي عربي أم النظرة الدنيوية من الحكام العرب لشعوبهم ومطالبها؟ أم الغباء السياسي العربي المركب؟ أما آن الأوان لبذل الجهود والحلول المرنة؟!!!.
*أمين عام جمعية الجالية اليمنية الأمريكية, نيويورك.
في الثلاثاء 13 سبتمبر-أيلول 2011 06:28:07 م