أتمنى أن لايمر المزيد من الوقت قبل ان يستوعب البيض ومن معه من المطالبين بما يسمى استعادة الدولة ان نجاح القضايا التي تتعلق بانشاء او استعادة الدول المنتهية يعتمد على كثير من العوامل والاسباب التي يجب توافرها وان السعي لاقامة دولة هو اشبه مايكون بالقيام بزراعة شجرةِ حقلٍ حيث انه لايمكن ان يكتب لهذه الشجره البقاء او ان تتمكن من النمو مالم تكن التربة التي تم زراعتها فيها وكذا المناخ والمحيط الذي زرعت فيه مناسبَيْن لزراعتها وملائمين لوجودها بل انه وعندما يتعلق الامر بالمشاريع الهادفة الى استعادة الدولة المنتهية يمكن القول ان فرص نجاح مثل هذه المشاريع ربما يكون اكثر صعوبة باعتبار ان الحديث عن نهايتها السابقة يعد مؤشرا على ضعف فرص امكانية بقائها اي بمعنى انها لو كانت قابلة للبقاء ما انتهت ومع ان هذه الحقائق تعتبر من المسلمات المتعارف عليها ومع انه يكفي للجزم بعدم صحة الاعتماد على مجرد ضعف الدولة لانجاح اي مشروع انفصالي ان نشير الى فشل جمهورية ارض الصومال في تحقيق الانفصال والاعتراف بها كدولة على الرغم من مستوى الضعف والتفكك الذي بلغته الدولة في الصومال الا اننا ولغرض التاكيد على ضرورة استيعاب جميع المعطيات التي يفرضها الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي نرى انه من المهم ان نذكر هنا بتجربة اخرى وهي تجربة الاكراد
في العراق والنتيجة التي توصلوا اليها مع مشروع استعادة الدولة الذي كانوا يسعوا اليه " فجلال طالباني ومسعود برزاني " ومن ورائهم البشمركة والاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني والعديد من الكيانات الكردية السياسية والعسكرية الاخرى كل هؤلاء بل والشعب الكردي باكمله تخلى عن المطالبة باستعادة الدولة الكردية التي انتهت في العام 1947 م كل هذا حدث وتنازل هؤلاء القادة عن كل التضحيات التي بذلوها خلال نضالهم في سبيل استعادة الدولة منذ العام 1958 - وقبلوا بالعيش والمشاركة في عراق فدرالي موحد عندما توصلوا وبعد عناء طويل الى ان الشعب العراقي والدول المجاورة ممثلة بايران وتركيا وكذا المجتمع الدولي لايمكن ان يقبل باعلان دوله كرديه مستقلة عن العراق ( لقد فهم هؤلاء القادة الدرس واستوعبوا الوضع وجنبوا وطنهم وامتهم مغبة السقوط في مستنقع الحروب والزج بها في وضع اسوأ مما تعاني منه اصلا ) ومع ان هناك فرق ما بين البيض والقادة الاكراد الذين ذكرناهم واختلاف كبير بين وضع الاكراد في العراق والوضع في اليمن الا ان العاقل يجب ان يتعظ من تجارب الاخرين اما غير العاقل فانه يحتاج الى ان يمر بنفس التجارب لكي يتوصل الى نفس الحقائق التي مر بها الاخرين و اذا كان قدرنا في اليمن ان نبتلى بمن لايعقل فانه ليس بيدنا سوى ان نتوجه الى الله بالدعاء لهم بالهداية لان الله وحده فقط هو من يملك ان يرفع الغشاوة عن أعينهم ويهديهم الى سبيل الرشاد .