الحوثي في اليمن..يمضي إلى أين؟!
بقلم/ علي العقيلي
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 21 يوماً
الثلاثاء 25 سبتمبر-أيلول 2012 08:40 م

هكذا ظهر الحوثي في شمال البلاد، كما ظهر حسن وجماعته في جنوب لبنان،وكأن إيران قامت بنسخ ولصق مقاومة جنوب لبنان إلى شمال اليمن، لكي تقترب من إستهداف تل أبيب أكثر بكثير من جنوب لبنان!!.

كانت حركة الحوثي في بدايتها عبارة عن مجاميع من الشباب المسالم منضوية تحت تنظيم يسمى "الشباب المؤمن" قام بتأسيسه حسين بدر الدين الحوثي عام1991م، بعد إنشقاقه عن حزب الحق الذي تأسس عام 1990م وكان والده بدر الدين أحد المؤسسين.

وقد ساعد في نهوض تنظيم الشباب المؤمن المباركة والرعاية الرسمية التي حظي بها حينها من رئاسة النظام السابق، لغرض التصعيد ضد حزب الإصلاح السنّي، وكان تنظيم الشباب يحمل الفكر الشيعي الجارودي المستمد من إيران وليس الزيدي، مما دفع زعامات حزب الحق وعلماء الزيدية إلى إصدار بيان بمقاطعته، كما وصفوه بالعمالة والخروج عن المذهب، وقد تسبب السفر المتكرر لحسين بدر الدين إلى إيران في زيادة تأثره بثورة الخميني، وقد تلقى تعاليم عدة حول إنتماء الخميني ورؤيته في جانب الدين والسياسة، وأقام في مدينة قم لأشهر ومكث أبيه من بعده لسنوات، وفور عودته اليمن شرع في إرسال المئات من الطلاب إلى إيران بواسطة المنح الدراسية الخاصة التي كانت تأتي من إيران.

وفي نهاية عام 2003م بعد سقوط بغداد بيد الإحتلال الأمريكي، ظهر الحوثي شمال البلاد بمليشيات مسلحة، متمكنة بقوة عتادية ضاربة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة.

وفي عام 2004م أندلعت الحرب الأولى بين مليشيات الحوثي والجيش اليمني، وتوالت بعدها خمسة حروب يخرج الحوثي في نهاية كل حرب بقوة أكبر وبمهارة أجدر من سابقها، وهذا يعود إلى فشل وفساد رئيس النظام الحاكم آنذاك ومتاجرته بالأرواح والعتاد لتصفية حسابات شخصية مع قيادات الدولة، كان ضحيتها أفراد القوات المسلحة والأمن، ويدفع ثمنها الوطن.

وقد أستطاع الحوثي في تلك المرحلة توسيع نفوذه وكسب تعاطف كبير، مما ساعد في توسيع القاعدة الشعبية له في أوساط المدنيين في المناطق التي يتواجد بها، كما أستخدم مصطلح "أهل البيت" في دعوة القبائل التي تدعي نسبتها لأهل البيت كالسادة والأشراف المنتشرين في معظم المحافظات اليمنية، حيث بعث إلى مشائخ تلك القبائل رسائل تدعوهم إلى الإذن بالولاء، ووعدهم مقابل ذلك توليتهم حكم مناطقهم، فمن أستجاب فقد حظي بالدعم المالي والفكري.

وهناك عوامل أخرى ساعدت في توسع الحوثي، وفي مقدمتها الجهل الذي يعم المجتمع اليمني، وبالذات سكان الأرياف والمناطق النائية التي لا يزال سكانها يؤمنون بواقعية قصص وحكايات خرافية وأساطير خيالية، ومن خلال ذلك أستطاع الحوثي أن يملأ تلك العقول بأفكار تدين بالولاء له وبوجوب طاعته وما إلى ذلك، كما هو حال الخميني مع أنصاره أثناء الحرب مع العراق حيث كان يسلّم للمقاتل مفاتيح ويوهمه بأنها مفاتيح الجنة فيقتحم الألغام وهو يعلم بوجودها طلباً منه للجنة التي تسلّم مفاتحها مقدّماً! وهنا أيضاً حدث كهذا من الشباب المتشبع بالفكر الحوثي حيث كانوا يقتحمون المواقع العسكرية المحصنة طلباً منهم للموت وللجنة التي وعدهم بها سيدهم حسين!!.

ومن العوامل أيضاً الحالة المادية التي كان يعيشها الشعب اليمني، وقد أستغل الحوثي ذلك فعمل على دعم الأسر المحتاجة ومنح رواتب شهرية لأنصاره، معتمداً في ذلك على الدعم الإيراني والخمس الذي يأخذه من أصحاب الأموال في مناطقه، كما أستغل أيضاً فساد النظام الحاكم آنذاك وعمل على ملئ الفراغ الذي تركه وقام بتوفير الخدمات الرسمية كالأمن والقضاء.

كما أستغل إعلامياً التدخل الأمريكي في اليمن والإنتهاكات الأمريكية من خلال حملته الإعلامية ضد التدخل الأمريكي، في محاولة منه لكسب عقول المنزعجين من التدخل الأمريكي في اليمن والضربات الأمريكية.

ومن خلال مشاركته الإعتصامات في ساحات الثورة، كما في العاصمة وفي تعز، أستطاع نشر فكره وتوصيله للآخرين، بعيداً عن العنف المسلّح الذي يستخدمه في صعدة وأجزاء من حجة وعمران والجوف، وبمشاركته ساحات الثورة الشعبية السلمية ليس سعياً منه إلى تحقيق الدولة المدنية والتداول السلمي للسلطة، بل كطريقة أولى سلمية تمهيداً لنظامه القادم من جبال صعدة.

ومن خلال تلك العوامل التي أستخدمها الحوثي والمعاملة التي يقدمها، تمكن جيداً من تمديد نفوذه وتوسيع حجم القاعدة الشعبية.

ولكن هناك عوامل تحول الحوثي دون تحقيق دولته وبسط نفوذه، وفي مقدمتها تبعيته لشيعة إيران التي يختلف معها المجتمع اليمني كثيراً حتى المذهب الزيدي الذي الحوثي يدّعي الإنتماء إليه.

ثانياً مشروع الحوثي ليس مشروع وطني، مستورد من إيران ويخضع لسيطرة النظام الإيراني وهذا ما يرفضه الشعب اليمني، حيث وقد سئم التبعية ويرى في ذلك إحتلال فارسي للبلاد.

ثالثاً الحوثي لا يزال في أغلب المناطق المستجدة على السيطرة ومناطق القبائل يقدم الخدمات التي ينشدها الناس لكسب التعاطف، ولم يتمكن من تطبيق النظام الذي يسعى إلى تطبيقه، وهذا إنتقال صعب سيخفق فيه، لكون

المجتمع رافض للفكر الإثنا عشري والجارودي.

رابعاً الحوثي يعتمد في توسيع دولته في الغالب على قوة السلاح واستخدام العنف، وطبيعة المجتمع اليمني قبائل وسيصطدم مع أهل الأرض من القبائل، هذا قبل أن يصطدم مع الإصلاح والسلفي كمذهب أو الجيش كنظام.

خامساً الحوثي لديه عقيدة بأنه سينتصر وسيقيم دولته التي تشير إلى تمجيد العوائل وتوريث الحكم للأبناء، والشعب قد قام بثورة قبل أربعة عقود من الزمن ضد الإمامة الممجدّة، واليوم قام بثورة ضد التوريث.

وعقيدة الحوثي التي توهمه بتحقيق حلمه، ستحرمه نصيبه من المشاركة الشعبية والعمل السياسي، لكونه يسخّر عمله الشعبي والسياسي لخدمة مشروعه المستبد الإنفرادي لا لخدمة الوطن والمواطن.