الكهرباء .. أمام خياري القوة أو المهادنة
بقلم/ ماجد الداعري
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 14 يوماً
الأحد 03 يونيو-حزيران 2012 05:03 م

يصطدم المواطن العدني بخيبة أمل وطنية كبرى، حينما يسمع ان سبب انقطاعات الكهرباء لأكثر من عشر ساعات يوميا عن منزله في هذه الأيام العصيبة ، ناجم عن عمل تخريبي لكهرباء مأرب الغازية، وتنصهر كل من تبقى لديه رصيد من الآمال الوحدوية، مع تساقط شلالات "عرق الحر" المنهمر بغزارة من أجزاء جسده حينما يسمع وكيل وزارة الكهرباء الأسبوع قبل الماضي وهو يكذب عليه بصورة مخزية، وعبر قناة عدن الحكومية ايضا، بأن لا انقطاعات للكهرباء عن مدينة عدن، في حين أن القائمين على توزيع التيار الكهرباء على أحياء المدينة لم يمهلوه على مايبدو ليستكمل كذبه الهاتفي للقناة، فقاموا بقطع التيار عن أغلب أحياء المدينة كرسالة أرادوا الاثبات من خلالها على كذب ما يقوله الوكيل المبجل بإملاء من وزيره الكهربائي المفدى.

ومن هنا يتساءل المواطن المغلوب على أمره، عن أي ذنب وبأي ملة ودين أو نظام يتم التعامل معه بالتساوي في حصص الكهرباء وهو ابن مدينة حارة لا يمكن العيش فيها أو تحمل جوها الحار في مثل هذه الايام، وكيف يمكنه الاقتناع بتأثر كهرباء مدينته العريقة التي عرفت الكهرباء قبل غيرها من المدن العربية ولم يحصل أن عاش فيها انقطاعات للتيار تصل إلى خمس مرات في اليوم تزيد مدة الانقطاع الواحد عن ساعتين؟ وهل كل هذا العذاب والواقع المرير الذي يعيشه، يعتبر جزءا من مساواة حكومة "النفاق" الوطني بين مواطني اليمن شمالا وجنوبا، أم أن وراء كل ذلك الفساد والإفساد والتخبط والعشوائية التي تعيشها مدينة عدن، سياسية مقننة يود من خلالها متبنوها ايصال رسائل سياسية وانتقامية من أهل هذه المدينة المسالمين والرافضين للعنف والاهاب والتطرف الديني من قبل كل الجماعات "المتأسلمة" والدخيلة على هذه المدينة.

ولاشك أن الكهرباء محنة يمنية عصيبة، تمثل إحدى جوانب الصورة القاتمة للواقع اليمني المكهرب سياسيا وانسانيا، ولعل العجز الحكومي في حل استراتيجية التخريب المستمر لخطوط نقلها، من قبل رجال القبائل بعد اقترابنا من نصف العام الاول لمابعد الثورة المتأرجحة على الرئيس السابق علي صالح وأركان نظامه، يمثل أبرز جوانب الفشل الرسمي لحكومة الوفاق الوطني التي وجدت نفسها أمام خيارين لاثالث لهما في تأمين ايصال التيار الكهرباء إلى المواطن المغلوب على أمره وحماية الارواح التي تزهق يوميا بسبب انقطاعات الكهرباء عوضا عن المليارين ريال من تلك الخسارة اليومية والوطنية الفادحة التي تتكبدها اليمن بسبب التخريب المتواصل لخطوط نقل الكهرباء.فهي إما أن تستيعن بخبرة "صالح" ومراوغته وتهادن رجال القبائل وتستميلهم بالأموال كي يحموا الخطوط من انفسهم أولا وغيرهم ثانياُ، طالما وقد فشلت في القيام بواجبها الأمني والعسكري في حماية تلك الابراج وتوفير الكهرباء لمنزل المواطن المحترق بنار ساعات الجو المكفهر في عدن أو الحديدة أو حضرموت او غيرها من المناطق الساحلية الحارة التي يتجرع وأطفاله ويلات انقطاعاها كل أربع وخمس ساعات، بساعتين أوثلاث ساعات يوميا، وإما أن تطبق النظام والقانون بحق المخربين وتنشر قوة عسكرية على طول مناطق التخريب تكون كفيلة بتأمين الخطوط وإعادة هيبة الدولة المنهارة إلى عقلية المواطن الذي مايزل يعتقد أنها قد انهارت بمجرد رحيل "علي عبدالله صالح" من كرسي الرئاسة وتحول صوره وخطاباته من قناة "اليمن" الفضائية إلى قناة "اليمن اليوم" الأهلية المملوكة لعائلته.

وأجزم ان المواطن اليمني المتفاءل بخير الثورة الغائب عنه حتى الساعة، لم يعد قادرا على مزيد من الصبر والتحمل في ظل فشل كل الوساطات والتعهدات القبلية بحماية ابراج الكهرباء، واكتفاء الحكومة ووزارة المناضل الكهربائي "صالح سميع" بإرسال فريق الاصلاح الكهربائي لإصلاح ماخربه مخربون متربصون ماكرون ما ان يغادر الفريق مكانه، إلا وأغاروا بخبطة جديدة على خطوط النقل المارة في مناطق رجال قبائل لم تبخل عليهم الحكومة مؤخرا بالمليارات لإيصال التيار الكهربائي إلى كل مناطقهم وقراهم كحق وطني لهم عليها، وأملا في إنهاء أي ذرائع قبلية لهم، قبل أن يستوجب على الرئيس هادي وحكومة باسندوه، إعادة النظر في استراتيجية الحرب على القاعدة بأبين وتوجيه الحرب على المخربين وقطاع خدمات الحياة وقتلة العشرات يوميا من أبناء الشعب في أعمالهم التخريبية المرفوضة دينيا وقبليا واخلاقيا وانسانيا.. فهل تفعلها الحكومة.