لكم الله يا أبناء المناطق الوسطى من الاعتذار.
بقلم/ عمرو محمد الرياشي
نشر منذ: 12 سنة و شهرين و 17 يوماً
الخميس 30 أغسطس-آب 2012 04:35 م

كم هي كثيرة تلك الصفحات السوداء في تاريخنا اليمني وإن إختلفت درجات سوادها لكن يظل نور تضحيات اليمنيين مضيئا في كل سطر وحرف فيها .

لقد تشكلت محطات النضال للشعب اليمني وكانت الريادة لأبناء المناطق الوسطي جراء ممارسة الاستعباد والاستبداد باسم القبيلة والمشيخة الذي تم رفض تلك الثقافة المزيفة والخروج نحو التحرر من قيم ضاعفت من المعانات وألام الظلم الاجتماعي التي كانت سائدة ومستفحلة فكان الخيار هو التعبير عن ضمير ومعاناة الشعب اليمني بكافة أطيافه

فحجم تضحيات أبناء المناطق الوسطى يعتبر الأكبر قياسا ببقية أبناء المناطق الأخرى لذا استدعى الأمر تساؤلا ان نتوقف عنده ففي كل مناسبة وطنية وكل حدث وتسوية سياسية نسأل اين مكان أبناء المناطق الوسطى منها ومن الخارطة السياسية اليمنية.

فرغم تلك القوافل من الشهداء الذين رووا بدمائهم الطاهرة التربة اليمنية لتنبت شجرة الحرية والكرامة لجميع أبناء اليمن ... تظهر لنا علامات الإستغراب والاستفهام وتبحث عن من يحاول الاستمرار في إبعادهم عن كل لحظة تاريخية قد يُرسم من خلالها مسيرة وطنهم اليمن .. فلماذا هي محاولات الطمس المتكررة لطي صفحات تاريخ نضال وتضحيات أبناء المناطق الوسطى الذين شكلوا النواة الأولى لثورة 26 سبتمر والداعم لثورة 14 اكتوبر والركيزة الأساسية في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية .

يقيناً إن الشعب اليمني بكامل انتماءاته وفئاته واختلاف مناطق توزيعه الجغرافي قد كابد سنوات الإجحاف والفقر والظلم لكن النصيب الأوفر كان لأبناء المناطق الوسطى.

فقد تقاذفته الحكومات والأحزاب السياسية المتعاقبة في لعبة المصالح التي جعلت من المناطق الوسطى مجرد وقود للأزمات السياسية وغالبا يكون مصيرهم خارج الخارطة اليمنية السياسية.

لكن ماجدوى تلك التضحيات إن لم تشفع لابناءها فتلك المناطق لم تنعم حتى بالحصول على الحد الأدنى من حقوقها ولو على اقل تقدير الاعتراف بقضاياهم التاريخية وإسهاماتهم في تحقيق الانتصارات في زمن الانكسارات

ربما هناك من يخالفني الرأي لكني لم أجد مبررا لهذا التجاهل من قبل الدولة والأطراف السياسية بمكوناتها القبلية والعسكرية والحزبية وحتى المكونات الدينية تجاهلت أبناء المناطق الوسطى ونسيت أنها كانت جزء من ما حل بهم من تنكيل وإشعال فتيل الفتنة نهاية سبعينات وثمانينات القرن المنصرم حيث سخر الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الدين في إذكاء الحروب حتى وصل الأمر ان يتم تكفير أبناء المناطق الوسطى واستخدام الدين في قتالهم و كم هي كثيرة تلك الأشرطة التحريضية بإسم الدين بواسطة من كانوا حينها يُسمون علماء ولكن إعلام صالح تراجع وغير مسماهم الآن الى (عملاء) .

علماء الماضي وعملاء الحاضر حسب إعلام صالح هم من أفتوا بقتال وقتل ابناء المناطق الوسطى قبل ان يفتوا بقتل ابناء الجنوب وتحت غطاء الدين وتم وصم ابناء الهضبة الوسطى بالتبعية الشيوعية لمجرد أنهم حملوا أكفانهم وحفروا قبورهم من اجل رفع مأسي وظلم وتعاسة أبناء اليمن جراء سياسات حوزة سنحان وفرض الولاء والطاعة والخنوع .

لكن جيش سنحان فشل في تكبيل إرادة الحرية والكرامة ولذا لجئت حوزة سنحان لتفعيل برامج الثارات بعد ان قامت بتجنيد عملاءها والقتل باسم الجبهة الوطنية .

ولا ننسى أيضا المشاريع الجبارة والطرقات والكهرباء التي عمت المناطق الوسطى لكنها كانت في الأحلام ...لذا لا غرابة في ان يشكل أبناء المناطق الوسطى أكثر من 80% مهاجرين خارج اليمن في تعبير صريح عن حالة مستفحلة من الإقصاء والعوز الاقتصادي

فلماذا الاعتذار فقط لصعده ولأبناء الجنوب عن حرب 94م ونسيان مجازر 13 يناير مثلا . ولماذا إخفاء أبناء المناطق الوسطى كليا من دائرة الاعتذار .. لكن يبدوا ان التجاهل والعمل بشعار الاعتذار أصبح ممراً لتحويل غايات سياسية نفعية وإبعاد أبناء تلك المناطق من الشراكة في الوطن أو ان جزء من الخارطة الجغرافية اليمنية قد تغيرت لما يعرف بالمخربين والشيوعيين (تعز- إب – الضالع- البيضاء) وجيرت لمستفيد ما وتقديره إعادة الهيمنة الأيدلوجية القبلية .

والتساؤل الذي تعب من ان يجد لنفسه عن إجابة صريحة ... إذا كان هذا النسيج من التجمع السكاني لليمن هو الأكبر عدداً و تأثيراً سياسيا وتاريخيا وكان مسرحا لحدوث الصراعات المسلحة جراء الممارسات الاقصائية وعدم العدالة الاجتماعية .

هل شظايا حوزة سنحان مازالت عالقة في عقلية إدارة و رسم أبجديات الحوار الوطني من اجل الهيمنة القبلية على مسار الحكم في اليمن ؟

ام مازالت نظرة الاستعلاء والدونية ضد أبناء المناطق الوسطى هي المسيطرة خصوصا أنهم شاركوا في تفجير ثورة سبتمر 62م وتم سحلهم في صنعــاء فيما يعرف بـأغسطس 68 م ؟

ما يدخل الريبة في النفس هو استمرار الإهمال الرئاسي المزمن لأبناء المناطق الوسطى فقد تكون التحولات السياسية التي ساهمت في إسقاط (علي صالح ) تخفي في ثناياها عن وجود صراعات تحمل طابع أيدولوجي قد يكون من شأنه الإنقضاض على مسار التغير في اليمن ويكون التغيير تحت سلطة الفكر الإمبريالي خصوصا أن تحديد كل مسمار في إعادة ترتيب البيت اليمني يكون وراءه مال سياسي مساند في رسم سياسيات إخضاع القوى التقدمية الداخلية و تعطيل كل الإمكانيات التي تساهم في إحراز أي تغيير جوهري في التغيير الحقيقي لليمن ليكون ما حصل من ثورة على مباديء حوزة سنحان مجرد تبادل للأدوار بين اللاعبين المحليين في اليمن ليس أكثر .

أخيرا.... ما أريد ان أؤكده أن أبناء المناطق الوسطى سيزالون كما كانوا على العهد باقون وما يطمحون إليه هو اكبر من معنى الإعتذار كشعار أخلاقي .... حيث ان الاعتذار لمجرد الاعتذار لن يصلح شيئا في اليمن .

ما نأمله ليس مجرد اعتذار وشعار بل إعمار اليمن وشعبه بالعدل والمساواة والشراكة في بناء الوطن ورفع المعنويات الوطنية بتعظيم أهمية بناء الإنسان اليمني بإيجاد مؤسسات مدنية قوية تعبر عن حاجة ورغبة حقيقية في تحويل اليمنيين إلى ورشة للبناء بأدوات وطنية ولا تركن للخارج في التحكم في مصيره .