الحرب المحتملة بين ايران ودول الخليج لمن النصر فيها ؟
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 8 سنوات و 11 شهراً و 20 يوماً
الإثنين 16 نوفمبر-تشرين الثاني 2015 03:46 م
تضحكني كثيرا مقولة ان السعودية وقيادتها للتحالف العربي فاجأت امريكا بتمردها وخوضها الحرب المباشرة في اليمن وان العرب لأول مرة في تاريخهم صاروا قوة جبارة تحسب لها ألف حساب ...
سبق ان اوضحت في مقالات سابقة ان دول التحالف لم تفاجئ امريكا بل هي تقوم بدور امريكا في المناطق وبإيعاز منها ، فأي تحريك لسلاح الجو العربي بهذه القوة والكثافة ان كان خارج النص لن تصمت الدول الكبرى من جهة ولن تصمت اسرائيل عنه من جهة أخرى فهي المهدد بهذا السلاح في اي مواجهات قادمة.. 
ولكون هذا العمل العسكري جاء بضوء اخضر امريكي ودولي فان اسرائيل لم تأت على ذكره او لم تعلق عليه لا سلبا ولا ايجابا لأنها تضمن انه سلاح حليف وتحت السيطرة ..
فما هي الاهداف المسكوت عنها توازيا مع الاهداف المعلنة في خوض دول التحالف هذه الحرب الجوية والبحرية على نطاق واسع والبرية المحدودة في جغرافيا بعينها ؟
اولا : الاهداف المعلنة :
الهدف الاول : حماية اليمن وحماية الشرعية والدولة من الانقلاب
يقوم على اساس قانوني وهو ان رئيس شرعي لليمن جاءت به مبادرة خليجية وانتخابات صورية تم الانقلاب عليه من قوى داخلية نكصت الوعد والاتفاقات بين القوى اليمنية وبتمويل وتدخل ايراني .. ولهذا السبب الوجيه لجأ الرئيس الشرعي الى دول الخليج وطلب منها ان تحمي دولته وشرعيته من انقلاب داخلي وتدخل ايراني خارجي يهدد امنها ايضا ، فكانت هذه النجدة في اطار قانوني صرف يشبه ما فعلته الدول الغربية مع الكويت عند احتلال العراق عندما استنجدت الكويت بالسعودية وهذ الاخيرة طلبت بشكل رسمي من امريكا والامم المتحدة التدخل العاجل فتم على اساسها ضرب العراق واسقاط صدام حسين..
الهدف الثاني : حماية الامن والسلم الاقليمي والدولي 
صدرت قرارات اممية حول النزاع في اليمن وكان اخرها القرار 2216 الذي جاء وفق الفصل السابع الموجب للتدخل العسكري في تنفيذ القرارات الاممية، وقد اوعزت دول مجلس الامن لدول بالتفاهم فيما بينها لدول التحالف العربي لتنفيذ القرار الاممي، وكان هذا الصمت وعدم الاعتراض الدولي لهذا التدخل الواسع وبهذه الكثافة انما يحقق اساسا تامين المنطقة حفاظا على الامن والسلم الدوليين.. 
وفي منطقة النزاع تم تحييد سلاح الجو اليمني وتدميره وتحييد سلاح البحر وتم السيطرة على المعابر البحرية الدولية ومياه اليمن في البحر الاحمر والبحر العربي حيث تمر معظم ناقلات العالم التجارية وصارت طرقا آمنة بفضل هذا التدخل .. وذلك ان امريكا لا تريد التدخل المباشر في المنطقة لسببين الاول عدم التورط في حرب مباشرة تنفق فيها اموالا طائلة والثاني عدم اثارة التنافس مع روسيا على المنطقة تجنبا لأي مواجهات محتملة خطيرة على الامن والسلم العالمي .. وربما تقريبا ستلجأ امريكا في حروبها المستقبلية في العالم ستجري عبر وكلائها في المنطقة تجنبا لأي انزلاق خطير في صراع دولي كارثي ..
ثانيا : الاهداف المسكوت عنها خليجيا 
الهدف الاول : التدريب والتأهيل للقدرة على المواجهة المحتملة مع ايران 
ان ترسانة الخليج العسكرية والمتضخمة لم يسبق لها ان جربتها في معارك حقيقية او مناورات نوعية لتدريب الطيارين والبحارة وتجريب الصواريخ جو ارض ، وصواريخ ارض ارض ، وصواريخ ارض جو .. وان هذه الدول منذ تأسيسها لم تخض حربا على الاطلاق في حين ان نزاعاتها مع ايران مذهبيا وسياسيا وجغرافيا يجعل من الحرب بينهما محتملة في اي وقت وان مواجهتها دون التدرب الكافي لقواتها سيؤدي الى هزيمة محققة وبالتالي فان الحرب على اليمن هي تدريب عسكري عالي الخبرة والكفاءة لقواتها وطياريها وطرق استعمال الاسلحة الحديثة المختلفة 
ونتيجة لهذا الاحتمال فان هذه الدول لا تستعجل حسم المعركة لإطالة امد التدريب , ويظهر جليا من تأخير متعمد للحسم ان هذا هو احد الاهداف المسكوت عنها ويحتل اولوية قصوى في غرفة عمليات التحالف .. بغض النظر عن المآلات الحاصلة على الارض من قتل وتدمير وانتهاك صارخ للإنسان .. ولا يستبعد ان يكون اطالة أمد الحرب أيضا ناتج عن قصور وعجز عسكري في انجاز الحسم على الارض وهو ما افصحت عنه سير المعارك البطيئة في زمن ليس بالقليل ..
الهدف الثاني : قياس الفعالية والنجاح في هذه الحرب وسد الثغرات 
أظهرت الحرب عمليا على الحوثي وصالح عجز هذه الدول مجتمعة على الحسم السريع وان اطالة امد الحرب ليس خيارا مخططا له ، فقد فشلت دول الخليج من القدرة على شل فعالية الخصم على الارض بالرغم من الفارق المهول في الاسلحة بين الطرفين .. 
فمجموعة الحوثيين وصالح وبسلاح تقليدي محدود تدير معارك على مساحات واسعة على الارض وتحقق اختراقات وهجوم وصمود وسيطرة وهي تفتقد الى سلاح الجو الفعال وتفتقد الى صواريخ الدفاعات الجوية التي تهدد الطيران والى صواريخ ارض ارض بعيدة المدى لتهدد البوارج البحرية او المدن السعودية ، ومع ذلك ظلت عصية على الكسر ..
فهل اذا ما وقعت مواجهات محتملة في مقبل الايام بين دول الخليج وايران فأي نوع من الانتصار سيتحقق ولأي جهة ؟
تمتلك ايران جيشا مدربا على استخدام اسلحته المصنعة محلية او تلك التي اشتراها من روسيا وكما ان هذا الجيش سبق له ان خاض حروبا حقيقة طال امدها لم يكن اخرها مع العراق على مدى عشر سنوات بل تدخل ايران في كل من لبنان وسوريا واليمن .. 
كما تمتلك اسلحة متعددة الاغراض مثل صواريخ بعيدة المدى قادرة على تهديد اي مدينة خليجية ، وتمتلك صواريخ ارض جو قادرة على تهديد الضربات الجوية لأي عدوان جوي عليها وتمتلك طيران قادر على التهديد الفعلي بالضربات الجوية على اي تجمعات عسكرية او مدن او قوات عسكرية كما تمتلك اسطولا بحريا كبيرا فيه عدد من الغواصات تجري من خلاله اكثر من مناورات واسعة في الخليج الفارسي العربي .. وبالتالي فان دول الخليج تعتبر ضعيفة ومنكشفة امام قدرتها على حسم اي نصر على عدو مكافئ لها او متقدم عليها بالقوة والاسلحة والتدريب والتأهيل.. كما هو حال ايران ..
تخيلوا ان مدينة دبي وكل عواصم الخليج الفارهة تصبح مدن اشباح حين تسقط عليها صواريخ تدميرية هائلة وكل مدن دول الخليج تصبح تحت نيران القوات الايرانية ، وان امريكا لا تنوي التدخل المباشر بعد تورطها في حرب العراق وافغانستان وخسارتها الاقتصادية والعسكرية المهولة ، والتقارب الشديد بين ايران وروسيا كما هو حاصل في النزاع السوري حيث احجمت دول الخليج عن التدخل المباشر تجنبا للمواجهات المحتملة مباشرة مع ايران في وقت هي ليست مستعدة لهذه المواجهات.. 
وبالتالي فإن امريكا تسعى حاليا الى الاخذ بيد دول الخليج للتدرب على الدفاع عن نفسها وقد اثبتت الحرب الممتدة ثمانية اشهر في سماء اليمن وبحارها وارضها انها اضعف من ان تحقق نصرا او ردع عدوان عليها ، وانها غير مكافئة للقوة الايرانية حتى وان حصلت على دعم امريكي كامل مالم تتدخل الدول الغربية بنفسها لإدارة المعركة.. 
بينما تحرص واشنطن على تجنب المواجهات المباشرة في المنطقة تجنبا لأي صراع دولي محتمل قد يتحول الى حرب عالمية ثالثة بحكم حساسية المنطقة كمخزون دولي للطاقة وموقعها الدولي لتامين التجارة الدولية فهي تشرف على اهم مضائق العالم وطرقه البحرية ..
اليوم مطلوب من السعودية التي تقف على راس دول التحالف الى سرعة الحسم والانجاز في اليمن لتعط رسالة قوية الى ايران انها قادرة على الضرب الموجع والحسم العسكري في اي مواجهات معها ؟ 
مالم تفعل ذلك فإن ايران ستمدد نفوذها في قادم الأيام لتخضع كل دول المنطقة بالتفاهم المباشر مع القوى الكبرى في الغرب والعالم لتقدم نفسها انها القوة الوحيدة الضامنة لمصالحهم الحيوية في التجارة الدولية او امدادات الطاقة وحماية مصالحهم المباشرة في المنطقة ؟ ويأت التفاهم بين واشنطن وطهران حول الاتفاق النووي برضا الدول الكبرى مؤشرا يعزز هذا الاتجاه ....

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
حافظ مراد
وجوه بريئة تحت وطأة الحرب
حافظ مراد
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
علي محمود يامن
عبدالفتاح … المفكر القائد والاديب المنظر
علي محمود يامن
كتابات
سرحان الطيبمابعد العاصفة
سرحان الطيب
محمد سعيد الشرعبيتعز تخوض معركة وجود
محمد سعيد الشرعبي
الكتاب والقرآن في التنزيل الحكيم
د. عبده سعيد مغلس
مشاهدة المزيد