إلى الدكتورين الارياني وبن دغر : تداركوا حزبكم فانتم أولى به
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 28 يوماً
الأربعاء 21 مارس - آذار 2012 04:45 م

إن من أولى الخطوات الجريئة التي ننتظرها من عنايتكم وينبغي على الحزب بقيادته الكفءة المتحررة من سطوة الفرد أن يقدم عليها اليوم وليس غدا هو فك الارتباط الفوري عن العائلة التي سيحال أفرادها واحدا بعد الآخر إلى المحكمة لينالوا جزاءهم مهما تمنعوا أو استعصوا وتمردوا، فلا ينبغي إن يكون الحزب غطاء لجرائمهم أمام هذا المطلب الشعبي، وفك الارتباط يقتضي أحد أمرين:

الأول: سرعة انتخاب عبده ربه منصور هادي رئيسا للمؤتمر الشعبي العام. لحل إشكالية الازدواج بين رأسين هما راس الحزب وراس الدولة ، والأدهى والأمر أن يكون راس الدولة لكل اليمنيين أقل درجة ورتبة من رئيس حزب خلعه شعبه وطرده كما طرد الله إبليس من الجنة.

الثاني: أن يصار إلى إعادة هيكلة الحزب جذريا بما يفرز قيادات جديدة كلية ، وإعفاء علي صالح من رئاسته للحزب وإعفاء عبده ربه منصور هادي من مهامه الحزبية وامنحوه تفرغا ليكون رئيسا لكل اليمنيين ولترفعوا عنه الحرج من هذا الانتماء تجنبا منكم للدخول في صراع سياسي مع رئيس الدولة الشرعي لليمن، ولتحرروا حزبكم من قيود الاتكاء على احد ممن لا يشرفهم اليوم الاتكاء عليه باعتباره مصدرا للتلوث السياسي غير المشرف، فالحزب كفاءته في أعضائه وقياداته وتاريخه.

نحن نعول على الدكتور عبد الكريم الارياني السياسي المحنك والشجاع والرجل الوطني الذي كلما كرهناه خطأ بسبب الدعايات الخاطئة حوله وبسبب ارتباطاته بالعائلة فرض علينا بمواقفه السياسية الفطنة الاحترام الإجباري، فقد كان أول من أقر بشرعية الثورة الشبابية الشعبية اليمنية دونا عن غيره مستشرفا حتمية التغيير السياسي في اليمن ، كذلك ينطبق الحال والتعويل على الدكتور احمد بن دغر صاحب التجربة السياسية المعتبرة .

إننا ندعوكما إلى تحويل المؤتمر الشعبي من حزب تختطفه العائلة والفرد الخرف إلى حزب وطني فهل هذا عسير عليكم ؟. وهذا هو الوقت المتاح أمامكم كما لم يكن متاح في أي وقت مضى، والفرصة التاريخية التي ساقتها إليكم الأقدار لتكونوا صناعا للتاريخ فلا تفوتوها، علما بان صلاحيتكم السياسية مستمرة فلا تربطوها بفرد منتهي الصلاحية (كانت جدتي تقول لجدي لا تربط حمارك بحمار المدبر يدبرك – رحمهما الله)

كما أن علي صالح لم يعد معنيا بتنفيذ المبادرة الخليجية بل حزب المؤتمر الشعبي العام الشريك التوافقي في الحكم كمؤسسة سياسية وطنية عريقة هو المعني بذلك، وحكومة التوافق الاستثنائية جدا هي حكومة اليمن بجميع مكوناته وليست حكومة أحزاب كما هو الحال في الظروف العادية فلا تعلقوا رقابكم بمسمار جحا فالمسمار لن يكون إلا موتا سياسيا أومشنقة ولكم الخيار.

نتذكر جميعا أن العمر الحقيقي للمؤتمر الشعبي العام يبلغ ثلاثين عاما بدا عند تأسيسه وعاء سياسيا لكل اليمنيين في يمن الشمال وانتهى به المطاف إلى حزب عائلي يخدم فقط أجندة صالح وعائلته ولا يقيم وزنا للشعب اليمني، وخلال عام من الثورة بدا أن الدولة والسلطة والجيش والأمن والحزب الحاكم كلها أدوات عائلية وليست مؤسسات وطنية، وقد تجلت في تصرفات أعضاء الحكومة التوافقية التي تأتمر بتوجيهات المخلوع الذي تعد صفته الحزبية منتهية الصلاحية وقائمة بالإكراه، وعلاقتكم به أقل شانا وأهمية من علاقتكم بالوطن، والانتماء للحكومة اليمنية المعبرة عن الوطن كله يفرض عليكم أن لا ترتهنوا لفرد مهما علا فهو اقل شانا من رئيس منتخب لكل اليمنيين.

نقول لوزراء المؤتمر الشعبي العام في حكومة الوفاق الذين لا يزال الوطن في وعيهم رديفا لعلي صالح من باب الوفاء له باعتباره من رشحهم إلى هذه المناصب ولم يكن له من مناص في ذلك، ونحن ننكر عليهم الأولى ونقر لهم الأخيرة، ولكن هل من الوفاء ضرورة خيانة الوطن والنكث في اليمين، لأنكم عندما أديتم القسم الدستورية أقسمتم آن تكونوا وزراء للوطن وفي خدمته ولم ترد سيرة علي صالح المخلوع أو الحزب الذي تـنـتمون إليه في مفردات القسم لا من قريب ولا من بعيد إلا إذا كنتم تعتقدون في وعيكم وبإصرار آن علي صالح هو الوطن فتلك هي الكارثة ورب الكعبة.

ندعوكم بصدق إلى ضرورة التغيير لأننا نقر بان الساحة السياسية في اليمن بحاجة ماسة إلى بقاء المؤتمر الشعبي العام حزبا سياسيا يتحقق في بقائه التوازن السياسي في السلطة والمجتمع ولذلك فان سياسة الاجتثاث للحزب غير واردة لان مثل هذا الإجراء سيخل بالتوازن السياسي في البلاد سواء أحببنا المؤتمر الشعبي العام أم كرهناه ، ولكن في المقابل نذكر الشخصيات الوطنية في الحزب العريق وكوادره القيادية الواعية وقواعده الإدارية المجربة إن الإبقاء على ارتباطكم بالعائلة سيؤدي بكم حتما إلى الوقوع في مهالك الاجتثاث الشعبي العارم قبل الاجتثاث السياسي ، لان رصيدا من الكراهية نحوكم تعتمل في صدور الناس يوما بعد آخر.

وعليه فانه ينبغي على القيادة غير العائلية أن تتحرر من سطوة الفرد الفاسد لتجعل من المؤتمر الشعبي العام حزبا مؤسسيا يكون له شرف إعادة بناء الدولة المدنية الحديثة وليكفر عن فترة ثلاثين عاما من الفساد الممنهج من الفرد والعائلة والتبعية والخضوع لهما دون اعتراض.إنها فرصة سانحة للتطهر والتكفير عن الصمت.

نعترف أن المؤتمر الشعبي العام اقدر من غيره على المشاركة الفاعلة في السلطة والمعارضة على السواء وان له من الكوادر المدربة في إدارة دواليب الدولة أكثر من غيره ما قد يساعد على الانتقال السريع إلى الوضع الأمن الذي نصبوا إليه جميعا ،وأن أفراده ليسوا فاسدين وليسوا من جنس الشياطين، لكن الشيطان فقط من أغواهم وكان يسوسهم بالإغراء والترهيب، لذلك نرى أن الرشوة والفساد والمحسوبية بدأت تتراجع بسبب رفع المفسد الكبير يده عن الدولة والسلطة، فقد كان يسند المناصب العليا والدنيا لمن عنده استعداد لممارسة الفساد ويتجاهل كل من لديه رفض لهذا السلوك.

للتدليل على ذلك سأذكركم فقط أن المجمع اليمني كان يشكو من فساد رجال المرور، واستقر في وعي الناس أنهم أسوا ما خلق الله، ولكن لاحظنا خلال عام من الثورة التي حررتهم من التوجيهات المدمرة ظهر معدن هؤلاء الناس بأنهم أطيب خلق الله وان الفساد كان بقرار سياسي، إننا نرى رجل المرور اليوم يتفانى في عمله تحت الشمس خدمة للمواطن وحفاظا على سلامته دون أن يتجنى على أحد وبلا أسبوع الهبر المروري الذي يقوم على التوجيهات وليس على القانون، وقيسوا على ذلك في مؤسسات أخرى منها المؤسسة الأمنية والعسكرية فقد كان الأمن والجيش مجرد أدوات لقتل الناس العزل من السلاح بأوامر من سيدهم الشيطان، واليوم تكتظ الشوارع التي كانت محرمة على المتظاهرين بالمسيرات ولا جريح ولا قتيل إلا من بقايا البلاطجة خارج المؤسسة الأمنية والعسكرية، واستشهد بمقر محافظة تعز وإدارة الأمن حيث كانت خطا احمر ويواجه بالقتل كل من يفكر بالتظاهر إمامها.

أن عدم فك الارتباط بين الحزب والعائلة ستكون عاقبته وخيمة على الحزب، فالشعب لن يرض من احد أن يكون حاميا للمجرمين، وعلي صالح وأسرته عائلة أجرمت بحق الشعب بامتياز، ولو لم يكن من إجرامها غير إفساد البلاد والعباد والتعليم والصحة وهدر الكرامة ونهب الثروات وقتل النفس التي حرمها الله بأموال الشعب المجيرة للتسليح والتجيـيش والبلطجة بدلا من البناء والتنمية، وان الإبقاء عليه رئيسا للحزب سيؤدي إلى الإضرار الفادح بالمؤتمر الشعبي العام بعقوبة شعبية ماكرة، وذلك سيخل بالتوازن السياسي إلى حين لكن ضرره لن يكون دائما ولا حتميا ولكن سيؤثر بصفة مؤقتة، والشعب قادر على إفراز قوى جديدة تقوم بالدور السياسي الفعال، فتركيا قبل عام 2001 لم يكن بها حزب العدالة والتنمية الحاكم اليوم ولم يكن يدر بحسبان القوى السياسية التركية أن حزبا جديدا وليدا مغمورا سيظهر فجأة ليكتسح الأحزاب العريقة كلها وسيحصل على أغلبية مطلقة منذ تأسيس التعددية الحزبية في تركيا قبل سبعين عاما.

إننا كشعب حضاري تمتد جذوره الضاربة في عمق التاريخ إلى سبعة آلف عام لن نمارس الانتقام ضد أحد في المؤتمر الشعبي العام ممن قدم العائلة والفرد المخلوع شعبيا على الوطن ولكن هذا التسامح والتعالي الحضاري لن يمنعنا من احتقارهم وازدرائهم فذلك شعور عاطفي لا يعاقب عليه القانون ولا نقدر على حبسه في صدورنا وربما يكونون موضع سخرية وتندر إلى ما شاء الله من الزمان فلا تضعوا أنفسكم أيها الرجال في هذا السجن النفسي الرهيب فنحن نثق بسلامة عقولكم، وأنكم أوفياء للمخلوع حيث لا يجب له الوفاء، وأنكم طيبون تثمر فيكم لقمة العيش، ولكن تذكروا أنها لقمة رميت إليكم من الحرام وليس الحلال فلا يمنعكم شيء من التنكر لها، وإنها من قوت الشعب وليس من ميراث الحرامي الكبير الذي أصابه الخلع بالجنون والخرف.

فمن يهدد رئيس حكومة شرعية بالاعتقال وهو غير ذي صفة سياسية في الدولة ؟ انه الخرف كما قال المناضل محمد سالم باسندوة عليه السلام وأسرّها في نفسه المناضل من اجل الوطن عبده ربه منصور عليه السلام. والشكر المكلل بالحب والاحترام لوزيري الدفاع والخدمة المدنية الذين فضلوا أن يكونوا وزراء للحكومة اليمنية وليسوا اراجوزات في يد علي صالح وعائلته .

hodaifah@yahoo.com