صحفيات بلا قيود: حرية الصحافة في اليمن تواجه تهديدا كبيرا.. وتوثق عن 75 انتهاكا ضد الصحفيين خلال 2024. مركز الإنذار المبكر يحذر المواطنين في تسع محافظات يمنية من الساعات القادمة بشكل عاجل أردوغان يكشف عن أرقام اقتصادية تذهل العالم بخصوص الصادرات التركية خلال 2024 لماذا اصدرت وزارة الداخلية اليمنية قرارا بمنع تشغيل المهاجرين الأفارقة في عدن؟ وزير الخارجية الأمريكى: فوجئنا بسرعة سقوط نظام الأسد وإيران في وضع لا يسمح لها بالشجار .. عاجل وزير الخارجية الألماني والفرنسي في غرف التعذيب بزنازين صيدنايا سيئ السمعة بسوريا وزيرة خارجية ألمانيا بعد لقائها أحمد الشرع: حان وقت مغادرة القواعد الروسية من سوريا وزير الخارجية الفرنسي من دمشق يدلي بتصريحات تغيظ إيران وحلفاء امريكا من الأكراد بعد تهرب الجميع.. اللواء سلطان العرادة ينقذ كهرباء عدن ويضخ الى شريينها كميات من النفط لتشغيلها هكذا سيتم إسقاط الحوثيين عسكريا في اليمن .. تقرير أمريكي يكشف عن ثلاث تطورات ستنهي سيطرتهم نهائيا ...كلها باتت جاهزة .. عاجل
مأرب برس - خاص
كنت أعتقد أن مجتمعاتنا العربية تعاني من ظاهرة ما في محيط معين، في حين تختفي هذه الظاهرة في محيط آخر، فإذا بالأمر عام، والظاهرة واحدة، والسلبيات ذاتها، والخسارة بنفس الحجم، والشعار واحد: "غياب كرامة الإنسان العربي"!!
التسول على إشارات المرور في شوارع المدن العربية التي زرت منها الكثير، كان وما زال يعني لي شيئاً واحداً وهو قصور الأنظمة العربية عن توفير أبسط مقومات العيش الكريم للشعوب الجائعة، التي تستجدي قوت يومها على الإشارة الحمراء، في صور ومظاهر خطيرة تمس الطفولة والشيخوخة والمرأة والمعوقين.. وعزيز قوم ذل!!
قد يعتقد البعض – كما كنت اعتقد – أن الأمر متعلق بقصور هيئات الرعاية الاجتماعية في وطننا العربي، لا أكثر ولا أقل، أو أنه عيب نفسي في هؤلاء المتسولين، أو.. أو.. ، ولكني وللحقيقة وبعد تمحيص وجدت أن هذه الظاهرة ليست وليدة ظروف اقتصادية معينة، أو نتيجة طارئ اجتماعي معين، أو إفراز للتغيرات الفوضوية العالمية، ولكنها بلا شك نتيجة حتمية لتراكمات سياسية تهدف إلى التجويع الذي يقود إلى التركيع، وكلاهما (التجويع والتركيع) يقود إلى خسارة الكرامة الإنسانية للنفس العربية، التي تنشغل بقوت اليوم قبل أن تنشغل بتنمية الغد، وتفكر في مستقبل العشاء، قبل أن تفكر في مستقبل الأبناء.. وهكذا حتى الوصول إلى مرحلة الخضوع التام لكل الظروف القاسية، مع استلاب في الكرامة الإنسانية، ثم بعد ذلك يطالب مسؤولو النظام شعوبهم أن يكونوا شركاء في التنمية المستذامة.. أقصد المستدامة!!
التسول على إشارات المرور ليس هو القضية العربية، بل هو ظاهرة من ظواهر القضية، وأدناه في سلم الخنوع، فالمواطن العربي الذي يترفع عن التسول على إشارة المرور لا يجد بأساً في أن يتسول على باب المسؤولين والمتنفذين وذوي السلطة.. والجميع هنا وهناك يتسولون لقمة العيش، والرعاية الصحية، وحق الاعتراف بهم، بل ويتسولون مواطنتهم على أبواب البطانات التي تشبه إشارات المرور، غير أنها تختلف عنها بأن أبواب البطانات دائماً ذات إشارة حمراء، ولا تسمح بالإشارة الخضراء إلا للمقربين والاتباع.. وهكذا يصبح التسول ظاهرة، ولكن القضية الأساس هي أن تتسول حقك!!
أعتقد أن الجميع يقر معي أن ادعاءات الفقر العربي، ونقص الموارد أصبحت باطلة ومدحوضة أمام إيرادات النفط العالمية، والضرائب الخيالية، واستحقاقات الدولة من المواطنين على أشكال جبايات مختلفة،، وأن الحقيقة الكامنة وراء ظاهرة الفقر العربي ، أصبحت في اعتراف صريح من الأنظمة عن أسباب غياب العدالة، وغياب التنمية الزراعية في الأراضي التي خلقت للزراعة، وغياب مقومات الدولة المستدامة كما هي التنمية المستدامة والمواطنة المستدامة، فبذور العدالة والشفافية وتكافؤ الفرص، وحقوق الرعاية الشاملة، متوفرة دائما، وجاهزة للزراعة، على أن لا يزرعوهــا سماً!!
لنتفق أن ظاهرة الفقر العربي هي إفرازات سياسية، خلفتها مركبات التمكين من السلطة، وإحكام قبضة النظام، وأنها ظواهر في طريقها إلى الازدياد، وليس إلى الانقراض، إلا إذا تنبهت الأنظمة العربية أنها تتعامل مع مواطنين وليس متسولين!!.. وهذا هو مربط الفرس الذي تمكن منه النظام السعودي على مستوى القيادة الحكيمة، مع تحفظي على مستوى أداء الهيئات التنفيذية!
وختاماً، سألني أحد الأصدقاء: هل يمكن القضاء على ظاهرة التسول باقتلاع الإشارات الضوئية من الشوارع العربية؟.. أجبته: يمكن القضاء عليها دون اقتلاع الإشارات الضوئية!، فسألني: وكيف ذلك؟.. أجبت بحذر: باقتلاع الفساد من أطراف الأنظمة العربية!!.. ومن مأمنه يؤتى الحذر.
* الباحث الرئيسي المشرف العام على مركز أبحاث الشرق الأوسط للتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان.