صحيفة أمريكية تتحدث عن تورط دولة كبرى في تهريب قائد في الحرس الثوري من صنعاء أردوغان يكشف ما تخبئه الفترة المقبلة وأين تتجه المنطقة .. عاصفة نارية خطيرة اجتماع حكومي مهم في عدن - تفاصيل بن مبارك يشن هجوما لاذعا على موقف الأمم المتحدة وتعاطيها الداعم للحوثيين وسرحد فتاح يكشف عن نتائج تحركات المستوى الوطني والدولي وزير الدفاع يقدّم تقريرا إلى مجلس الوزراء بشأن مستجدات الأوضاع الميدانية والعسكرية قطر تقدم تجربتها الأمنية في إدارة الجوازات والخبرات والتدريب لوزير الداخلية اليمني إسبانيا تُواجه كارثة هي الاولى من نوعها... حداد وطني وعدد الضحايا في ارتفاع المليشيات تستكمل «حوثنة» الوظيفة العامة بقرارات جديدة لماذا تعرقل إيران انضمام تركيا إلى البريكس؟ إغتصاب الأطفال.. ثقافة انصار الله في اليمن
منذ بدء الأزمة السورية في مارس 2011، أثير الحديث كثيراً عن دور لحزب الله في دعم نظام بشار الأسد، وتنامت تلك الشكوك مع اتهامات المعارضة السورية لحزب الله بالمشاركة في القتال إلى جانب قوات الأسد في العملية العسكرية التي تعرضت لها منطقة "بابا عمرو" في عام 2012، وقد تأكدت تلك الشكوك مع المسار الذي أخذته المعارك في منطقة "القصير" بمدينة حمص خلال الأشهر القليلة الماضية، وإعلان "الجيش السوري الحر" خلال ذلك عن هويات عدد من العناصر التابعة للحزب، والذين قتلوا داخل الأراضي السورية.
وبعد أن كان الحزب ينكر خلال عامي 2011 و2012 مشاركة قواته في المعارك الدائرة بسوريا، فإن الملاحظ خلال الأشهر الأخيرة هو تلميحه بالمشاركة في القتال هناك، تارة بحجة حماية المراقد الشيعية المقدسة، وتارة أخرى بحجة حماية المواطنين من الأصول اللبنانية داخل سوريا. غير أن تدخل حزب الله في النزاع السوري أخذ أبعاداً أكثر خطورة مع اعتراف الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، صراحة بالمشاركة في القتال السوري، واعداً بـ"النصر" في المعركة التي يخوضها داخل سوريا إلى جانب قوات بشار الأسد.
دلالات خطاب نصر الله:
في كلمة متلفزة ألقاها في 25 مايو 2013 بمناسبة احتفال حزب الله بذكرى تحرير جنوب لبنان في عام 2000، استعرض الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، مسار الأحداث في سوريا، حيث أكد أن: "سوريا هي ظهر المقاومة، وهي سند المقاومة، والمقاومة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي، ويكشف ظهرها، أو يكسر سندها"، في تصريح مباشر وصريح بدور حزب الله العسكري في دعم الجيش النظامي السوري، وخصوصاً مع تأكيد نصر الله أن: "حزب الله لا يمكن أن يكون في جبهة فيها أمريكا وإسرائيل، وشاقو صدور، وقاطعو رءوس، ونابشو قبور"، مشيراً إلى ما سماها بـ"المجموعات التكفيرية" التي قال إنها اليوم "القوة الأكبر والتيار الغالب" في الميدان داخل سوريا، بحسب ادعائه.
ورأى أن سيطرة هذه الجماعات على سوريا أو على المحافظات المحاذية للبنان هي خطر كبير على لبنان، وعلى كل اللبنانيين، وهي ليست خطراً على حزب الله أو الشيعة فقط، واعداً بتغيير المعادلة، مدعياً "إننا ندافع عن لبنان وفلسطين وسوريا"، مشدداً على أن "مسار الأحداث مهم ومصيري جداً بالنسبة إلى لبنان".
والأكثر خطورة في خطاب نصر الله أنه وُصف بأنه خطاب "تحريضي" لأبناء لبنان على السوريين. فالأمين العام للحزب الذي قال قبل 13 عاماً إن حركة مقاومته لن تعبر الحدود الإسرائيلية، أي أن الأمر مرهون بفلسطين وتحرير القدس، أعلن أن جماعته قد عبرت الحدود السورية، واعداً بتحقيق النصر هناك. وقال: "أنا لا أطالب أحدا بالمساعدة، وهذه المعركة نحن أهلها وصناع انتصارها إن شاء الله"، مشيراً إلى أن ما يحصل من قتال في طرابلس لبنان "يجب أن يتوقف بأي ثمن"، متوجهاً إلى المقاتلين بالقول: "من يريد نصرة النظام، فليذهب إلى سوريا، ومن ريد أن ينصر المعارضة، فيلذهب إلى هناك، ودعوا طرابلس"!.
ولا شك فى أن تلك التصريحات لنصر الله أثارت الكثير من الجدل حولها، وذلك مع الإشارة إلى الملاحظات الآتية:
على الرغم من دعوته الصريحة إلى القتال داخل سوريا، مقابل الدعوة إلى الحفاظ على السلم داخل لبنان، فقد حرص نصر الله على نفي أي اتهامات توجه إليه بقتال السنة، مشدداً: "لا يستطيع أحد أن يتهمنا بالمذهبية"، مدعياً أن: "حزب الله حارب من أجل الفلسطينيين.. وقاتل في السابق في البوسنة والهرسك من أجل الدفاع عن المسلمين، وهناك لا يوجد شيعة"، وهي التصريحات التي لاقت استهجاناً واسعاً على أساس أن تصرف حزب الله في سوريا يكرس واقعاً الانشقاق الطائفي، ويخدم بالدرجة الأولى أهداف إيران.
ربط البعض خطاب نصر الله ودعوته الصريحة إلى القتال داخل سوريا بالمسار الذي تأخذه التطورات في مدينة "القصير" الاستراتيجية داخل سوريا، حيث تجد القوات السورية النظامية صعوبة كبيرة في تحقيق الحسم العسكري هناك مقابل قوات "الجيش السوري الحر"، الأمر الذي تزداد أهميته لقوات الأسد وقوات حزب الله على السواء، حيث تقع المدينة على الطريق السريع الواصل بين العاصمة السياسية للبلاد دمشق، التي لا يزال النظام السوري يحكم قبضته عليها، والساحل السوري الذي تسكنه الأقلية العلوية، ويمثل الخزان البشري للقوات المقاتلة إلى جانب النظام.
وفي المقابل، فإنه بالنسبة للثوار في سوريا، فإن المحافظة على "القصير" تعني قطع الطريق على حلم إقامة "الدولة العلوية"، ووضع حد لتمدد حزب الله داخل سوريا، وخط دفاع أول لمنع سقوط حمص بيد قوات الأسد، مع استهداف المقاومة أيضاً حرمان النظام السوري من انتصار تخشى من احتمال أن يمنحه اليد الطولى في محادثات السلام المقترحة تحت رعاية الولايات المتحدة وروسيا.
هناك من ربط توقيت إعلان الأمين العام لحزب الله صراحة بمشاركة قواته في النزاع الدائر في سوريا، وتزايد القتلى في صفوف حزب الله خلال الشهر الأخير، حيث أعلن "المرصد السوري لحقوق الإنسان" ومقره بريطانيا، سقوط 141 مقاتلاً من حزب الله خلال مايو 2013 خلال مساندتهم للجيش السوري النظامي في اجتياح القرى المحيطة بمدينة "القصير، ويُقال إن من بين هؤلاء 79 شخصاً قتلوا خلال الأيام الـ10 من منتصف مايو. ولتبرير هذه الخسائر غير المتوقعة، كان من الضروري بالنسبة للأمين العام لحزب الله تبرير تدخله المحفوف بالمخاطر في سوريا، بحسبانه أمراً محورياً لحماية مهماتهم الأساسية المعلنة، ألا وهي: مواجهة إسرائيل، وتمكين الأقلية الشيعية، وحماية لبنان.
قد يكون المؤشر الأبرز في خطاب نصر الله هو التأكيد بوضوح على أن النظام القائم في سوريا عاجز في واقع الأمر عن خوض معركة موضعية في مدينة طرفية هي "القصير"، ليضطر إلى الاستعانة بقوات حزب الله، في محاولة تحقيق الحسم هناك، ذلك أن مسار القتال في سوريا أبان بوضوح أن الجيش السوري النظامي ليس الجيش المتصور من ناحية القدرات القتالية، كما أنه ليس الجيش الذي كانت تعتمد عليه إيران وحزب الله كسند وظهير، ومن ذلك يكون جزء من تدخل حزب الله مع إيران في سوريا، إضافة إلى مناصرة النظام السوري، هو في حقيقته عملية سد الثغرات في الجيش السوري، وإعادة هيكلته وترتيبه. بعبارة أخرى: بعد خطاب حسن نصر الله في 25 مايو، فإن نظام الأسد هو من أضحي يحتمي الآن بحزب الله، وليس العكس.
وعلى الجانب الآخر، فإن حرب سوريا ربما تكون حرب وجود بالنسبة إلى حزب الله. فإذا سقط نظام الأسد، فإن خطوط إمداده بالأسلحة من إيران ستنقطع، وسيتم عزله في المنطقة، مما يؤثر كذلك فى الدعم السياسي الذي يحظى به الحزب من طهران.
في سبيل تقديم الدعم للنظام السوري، تشير تسريبات صحفية إلى أن نصر الله التقى سراً في الأسبوع الأول من أبريل 2013 بالمرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، وكان اللقاء تنفيذاً لاتفاق الدفاع المشترك في سوريا، ونية إيران تغيير الاستراتيجية من الدفاع نحو الهجوم، مع الإشارة إلى أن نصر الله التقى أيضاً قائد "فيلق القدس"، قاسم سليمان، لإجراء مباحثات سرية، وذلك مع تزايد قلق حلفاء النظام السوري، وعلى رأسهم إيران وحزب الله، من الدعم العربي والغربي للمعارضة السورية، مع رغبة إيرانية قوية في تعديل موازين القوى على الأرض عبر سلسلة خطوات، أبرزها: إرسال المزيد من آلاف المقاتلين إلى سوريا للدفاع عن نظام الأسد بعد التنسيق مع مقاتلين ينتمون إلى "لواء أبو فضل العباس" الذي يرتبط بـ"كتائب حزب الله- فرع العراق" المدعوم من إيران، وتعديل الاستراتيجية، والتحول من الدفاع إلى الهجوم، وحماية المقامات الدينية في سوريا .
تداعيات دور حزب الله على لبنان:
قد يكون من أخطر التداعيات المتربطة بخطاب حسن نصر الله التحريضي، خلال الذكرى الـ13 لتحرير جنوب لبنان، هو ما يتعلق بتغذيته للتطرف المذهبي في عموم منطقة الشرق الأوسط، وفي لبنان على نحو خاص، الأمر الذي حدا بالرئيس اللبناني، ميشال سليمان، إلى تحذير حزب الله من "الفتنة"، مؤكداً: "إن معاني المقاومة أعلى وأسمى من كل المعاني، ومن أن تغرق في رمال الفتنة، في سوريا، أو في لبنان، أكان ذلك لدى شقيق أو صديق".
وذلك في حين أدان نواب وشخصيات سياسية لبنانية حزبية ومستقلة استمرار حزب الله في التفرد باتخاذ قرارات تعرض أمن اللبنانيين ووحدتهم للخطر، وذلك خلافاً للالتزام بـ"إعلان بعبدا" الذي كرس مبدأ "النأي بالنفس" في لبنان عن الصراع السوري، وناشدوا الحزب الانسحاب الفوري الكامل من الصراع في سوريا، وإيقاف عملية التضحية بشبابه اللبنانيين تحت شعار الواجب الجهادي في نزاعات لا تمت بصلة إلى مصالح لبنان.بل إن هناك من الرموز الشيعية من أعلنوا بوضوح رفضهم لدفع شباب الشيعة إلى القتال في سوريا، مع تأكيدهم أن الحرب هناك ليست دفاعاً عن المراقد الشيعية كما يدعي حزب الله، ولكنها لصالح إيران، تنفيذاً لأجندات خاصة بها، والأهم أنها تترك انعكاسات أمنية خطيرة على الساحة اللبنانية، كان من مظاهرها الآتي:
- تشهد مدينة طرابلس لبنان اشتباكات دموية اندلعت في أكثر من مناسبة، بين السنة في منطقة "باب التبانة"، والعلوييين في "جبل محسن"، انعكاساً لتطورات الأوضاع في سوريا. وقد اندلع القتال مجدداً بين الجانبين في 19 مايو 2013، وذلك مع اشتداد القتال في مدينة "القصير"، وأسفرت الاشتباكات الأخيرة بين الجانبين عن وقوع أكثر من 30 قتيلا، وما يزيد على مائتي جريح، وسط حديث عن أن مقاتلين سنة من طرابلس غادروها ليقاتلوا ضد عناصر حزب الله في "القصير".
- امتدت رقعة النزاع السوري في لبنان إلى الضاحية الجنوبية ببيروت، معقل حزب الله، بسقوط 3 صواريخ "غراد" (أحدها لم ينفجر)، وذلك للمرة الأولى منذ حرب يوليو 2006، وكان ذلك بعد أقل من 12 ساعة على تعهد نصر الله بمواصلة القتال في سوريا. حيث استهدف صاروخان في 26 مايو منطقة "الشياح" في الضاحية الجنوبية، وأديا إلى إصابة أربعة أشخاص، بينهم 3 سوريين بجروح. وفي حين لم تعلن أي جهة مسئوليتها عن إطلاق الصاروخين، ونفى "الجيش السوري الحر" مسئوليته، فإنه من المرجح أن المجموعات المرتبطة بالمعارضة السورية هي التي نفذت الهجوم، في رسالة واضحة إلى حزب الله وسكان الضاحية الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية بقدرة المعارضة السورية على نقل المعارك إلى قلب معقل حزب الله بلبنان.
- هناك أيضاً محاولات لاستهداف الجيش اللبناني على وقع الاشتباكات الدائرة في سوريا، وذلك مع اتهام البعض جيش لبنان بالتغافل عن عبور عناصر تابعة لحزب الله حدود لبنان مع سوريا للقتال إلى جانب قوات الأسد. وقد قُتل ثلاثة جنود لبنانيين في 28 مايو برصاص مسلحين في شرق لبنان قرب الحدود السورية، وذلك عندما اقتربت سيارة من نوع "هامر" من نقطة تفتيش للجيش اللبناني، وأطلق من بداخلها النار على الجنود، في إحدى الهجمات الأكثر دموية التي يتعرض لها الجيش اللبناني. وسبق أن قتل جنديان لبنانيان في فبراير 2013 في منطقة "عرسال" الحدودية حين تعرضت دورية للجيش لكمين أثناء مطاردتها رجلاً مطلوباً من العدالة.
- رداً على تورط ميليشيات حزب الله في المعارك الدائرة في سوريا، فقد هدد "المجلس العسكري الثوري" في حلب بنقل المعركة إلى داخل الأراضي اللبنانية، وذلك مع مطالبة الحكومة اللبنانية بلجم ميليشيات حزب الله. وكان رئيس هيئة الأركان العامة في "الجيش السوري الحر"، اللواء سليم إدريس، قد أمهل الرئيس اللبناني، وأمين عام جامعة الدول العربية، وأمين عام الأمم المتحدة، مدة 24 ساعة لإخراج عناصر حزب الله من الأراضي السورية، وحذر من مغبة استمرار عمليات الحزب، مشدداً على أن الجيش الحر سيلاحق ميليشياته حيثما حلت، مع تحميله الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، مسئولية ما يحصل في سوريا.
تأثر الصورة الذهنية لحزب الله:
لا شك فى أن الصورة الذهنية لحزب الله تأثرت كثيراً بتورطه في القتال الدائر في سوريا. فبعد أن كان الحزب يُعد من رموز المقاومة في المنطقة العربية، فقد أضحى ينظر إليه كأداة للانقسام الطائفي، وأداة من أدوات مواجهة الثورة السورية، وكمسئول رئيسي عن ازدياد أعداد الضحايا من المدنيين. وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه موقع "الجزيرة. نت" أن حزب الله أصبح عدواً بنظر غالبية العرب والمسلمين، حيث أجاب 72.8% من المستطلعة آراؤهم بـ"نعم" على تساؤل: هل تعتقد أن حزب الله أصبح عدوا في نظر العرب والمسلمين؟ في حين أجاب 27.2% من المشاركين بـ"لا". وقد شمل الاستطلاع دولا عدة، من بينها الكويت، والبحرين، والإمارات، وقطر، والعراق، وعُمان، واليمن، والسعودية، ومصر، ولبنان، والأردن، وفلسطين، والمغرب، إضافة إلى بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة، وكندا، واستراليا.
وذلك فيما يرى قطاع واسع من المواطنين في لبنان أن حقيقة أهداف ومخططات حزب الله قد انكشفت منذ أن وجه سلاحه ناحية المواطنين في بيروت عام 2008. وثمة من أدرك ذلك بعد حرب حزب الله في الداخل السوري، وهي الحرب التي بدت لرئيس تيار "المستقبل"، سعد الحريري، قراراً بإلغاء الدولة اللبنانية. وبعد أن كانت غالبية كبرى من اللبنانيين، ومن مختلف الأطياف السياسية، تحتفي مع الحزب سنوياً بذكرى إتمام الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب كل عام، أضحت الصورة مختلفة تماماً اليوم لدى شرائح واسعة في الشارع اللبناني، بعد مشاركة الحزب رسمياً في القتال إلى جانب النظام السوري، حيث أعلن الحريري، في بيان، أن الأمين العام لحزب الله أعلن "نهاية المقاومة في عيد المقاومة".