لا يمكن وصف ما سمي بالإعلان "الدستوري" الحوثي الا بأنه انقلاب مكتمل الأركان ليس على ما تبقى من شرعيات قائمة للدولة ومؤسساتها السيادية، بل على كل التوافقات التي تمت خلال المرحلة الأخيرة وكان أنصار الله "الحوثيين" جزء منها ابتداء من مخرجات مؤتمر الحوار مروراً باتفاق السلم والشراكة وصولاً الى مسودة اتفاق موفمبيك الأخيرة،هكذا سيتعامل المجتمع الدولي ودول الاقليم مع هذا الاعلان، وهكذا ستتعامل اغلب القوى السياسية ومختلف المناطق في اليمن الغير خاضعة لسيطرة أمنية لأنصار الله.
وبالتالي سيكون اعلان دستوري لما سمي بإقليم "آزال"، وعندها سيكون أنصار الله لا غيرهم هم من أرسى دعائم وضع الأقاليم على المستوى العملي والتي طالما رفضوها على المستوى النظري، وكان يفترض بالحوثيين أن يعرفوا أنهم لا يتحركون في فضاء لوحدهم ليقرروا مصير شعب ودولة، فهناك أطراف أخرى كثيرة فاعلة يجب أن تكون شريكة في أي تسوية لكي تكتسب شرعية وطنية.
كما أن هذا الإعلان يشكل ضربة موجعة للقوى السياسية التي توافقت قبل يومين مع الحوثيين في الموفمبيك على مسودة اتفاق وكانت جاهزة للتوقيع وتم تأجيل التوقيع لحين اقناع الإصلاح بأن يكون شريكاً فيها، ولو أن انصار الله صبروا ليوم او لعدة أيام لتم توقيع هذا الافاق سواء بمعية الإصلاح أو بدونهم ، وكان سيعزل الإصلاح نفسه لو لم يشارك في هذا التوقيع لكن ما حصل هو العكس حيث عزل أنصار الله أنفسهم وفقدوا أهم اصدقائهم من المكونات السياسية وعلى رأسهم الحزب الاشتراكي وبقية القوى التي توافقوا معها.
وإذا ما اعتبرنا أن هناك رسم بياني يوضح صعود حركة انصار الله "الحوثيين" فان اللحظة التي اعلن فيها البيان تعتبر اعلى الهرم وسيبدأ الرسم في النزول فور الانتهاء من قراءة البيان مباشرة.
الإعلان الحوثي هزيل وضعيف وصياغته ركيكة ومتناقض بشكل صارخ وطبخ على عجل وأشبه بـ "خلطة حريو" مكونة من الدستور القديم ومخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة وبرنامج اللجنة الثورية، وأكاد أجزم أنه لم يشارك في صياغته اي رجل قانون ذو كفاءة.
المهم انتهت السكرة وجاءت الفكرة، وسيكون أمام الحوثيين ومن دار في فلكهم استحقاقات ومصاعب كثيرة كتبت عنها في صفحتي على الفيس بوك قبل اعلان الانقلاب بثلاث ساعت التالي: ستتداعى الأحزاب للاجتماع، وستصدر بيانات رفض للانقلاب، وسترفض الكثير من المحافظات الاعتراف بشرعية الانقلاب، وستعلن السفار ت والامم المتحدة أن ما حصل انقلاب، وستغادر الكثير من البعثات الدبلوماسية صنعاء، وستتوقف كل أشكال التعاون بين اليمن والمنظمات الدولة والجهات المانحة والدول الداعمة، وسيختفي الدولار من الاسواق فجأة، ويرتفع الريال وبالتالي الأسعار بشكل جنوني، ولن تصرف مرتبات شهر فبراير وما بعده، وستُغلق بعض القنوات والصحف، وسيتم حظر بعض المواقع من قبل وزارة الاتصالات، وقد تتطور الحالة الى اعتقال قيادات حزبية وسياسية تحت عناوين ثورية، وسيتم دعم بعض الاقاليم من قبل دول الاقليم وتحويل أموال اليها لتتمكن أجهزة الدولة فيها من الاستمرار، وسيحاصر اقليم آزال، وستصل المعاناة المعيشية الى كل بيت واسرة، وعندها سيخرج الآلاف للتظاهر بسبب الجوع وسوء الأحوال، ويعلنوا رفضهم للانقلاب ويحملون أنصار الله المسؤولية.
سيناريو جنوني تدعوكم اللجان الثورية الى تدشينه عصراً والاحتفال به في الساعة الثامنة مساءً عبر إطلاق الالعاب النارية لإعلان عهد الاقاليم وصولاً الى عهد الدويلات اليمنية المنفصلة، اريد أن اعرف من مُخرج فلم الرعب هذا؟ وهل قرأ المشهد الأخير من الرواية؟أم أنه يعمل وفقاً لمبدأ "ما بدا بدينا عليه"؟ عندها قولوا معي: على اليمن السلام.
"نقلاً عن صحيفة الأولى" 7 / 2 / 2015م