- ذكري جديده تمر علي الوحدة اليمنية علي غير عادتها المفعمة بالبهجة والامل بغد سعيد ... فاليمن السعيد هذا العام متوشج بلون الدم القاني المسفوح ظلما من صعدة شمالا الي عدن جنوبا بيد من يزعمون أبناء وصخب القذائف وأزيز الطائرات تملأ الأفق بدلا من الالعاب النارية والزغاريد .. و حشرجت الموت انين الالم وصراخ العويل وسواد الحزن يسكن كل بيت . يشعر اليمنيون هذا العام بيتم الوحدة التي فرحوا بميلادها ورقصوا علي انغامها وجعلت منهم كيان ممتد بحجم الطموح ومنحتهم فضاء يتجاوز الحلم
-امس كانت وحدة الارض والانسان حلما رواد كل اليمنيين اردها اليمنيون للتاريخ والجغرافيا …والدم والنسب ..المصالح المشتركة والشراكة الوطنية كلازمة من لوازم المعتقد الديني وضرورة من ضرورات الجغرافيا والتاريخ ..وقصة عشق لابد ان تكتمل.....
- ولكن للأسف الشديد منذ قيام الوحدة لازمتها بذور الشقاء الفردي ..فالاستبداد السياسي لنظامي ما قبل الوحدة استفردا في صناعتها و في تحويلها الي مغنم شخصي حيث اتفقا الرئيسان علي صالح وعلي البيض بعيدا عن الأنظار حول تقسيمها وادارتها …بعيدا عن الخواص والعوام من رجال الحكم ورفاق طريق النضال والشعب الوحدوي ..ارادوها بهوا للهروب من استحقاقات المرحلة ومركب لإنقاذ طموحهم الشخصي من الغرق في تلك المرحلة ..
- قدر الاحداث العظيمة في اليمن ان يستفرد بها المستبدون والمستغلون في الزوايا المظلمة للكيد والتآمر الشخصي لم يكن علي صالح وعلي البيض يملكون من المؤهلات اكثر من ان قذف بهم القدر في هذه اللحظة التاريخية الي سدة الحكم في البلدين ووضعهما امام بيان اعلان الوحدة اليمنية وليس في مخيلتهم اي برنامج سياسي او اقتصادي لتحويل المولود القادم الي عملاق اقليمي وعالمي وحامل متين لأحلام الشعب اليمني وهذه إشكالية الانظمة المستبدة التي تعودة علي النهب لا التنمية والدم لا البناء و تكميم الافواه وتنفيذ أوامر القائد الملهم والحزب المهيمن دون أي التفات للمؤسسات الشكلية المكياجية التي تزين وجه النظام... مؤسسات لتوزيع المناصب والافتخار بها امام الخارج (الوحدة المصرية السورية نموذج)
٠٠منذ ساعات الفجر الاولي للمولود الجديد تحولت الوحدة الي مشروع شخصي وحزبي ومسرح للمناكفات وميدان للصراع السياسي القذر واستهلكت الوحدة كمصطلح مقدس في اروقة السياسة القذرة وخطابها الاعلامي المنافق الذي شرعن للاغتيالات واعاد اجواء الصراع السبعيني للواجهة حتي انتهت بحرب ٩٤ الذي قامت في اجواء مشحونة بالدين والايدلوجيا والوطنية والخيانة والشرعية والتمرد ..وكلها مصطلحات اريد من خلالها الانقلاب علي الشراكة والتشارك و الاستفراد والاقصاء للأخ واغتيال الحلم الشعبي اليمني
. والغريب أن تأتي هذه الحرب بعد أول انتخابات ديمقراطية كان من المفترض ان تأخذ اليمن الي رحابة الدولة المدنية الا انها للاسف الشديد اعادة اليمن الي ما قبل مايو91م حيث لم تكن النخب السياسية متهيئة فكريا وسلوكيات للانتقال الي مرحلة التعددية والقبول بنتائج الانتخابات فثقافة الاستحواذ والهيمنة والاقصاء كانت بحاجة الي مرحلة انتقال ديمقراطي تمهد لانتقال العقل السياسي من مرحلة الشمولية الي مرحلة الديمقراطية الشاملة بمفهومها الفلسفي والتقني …
- كان للوحدة فرصة تاريخية في وثيقة العهد والاتفاق للتعود للشعب كمجري طبيعي وتتحول لمشروع وطني قومي يستنهض بالقوي ويستجمع الطاقات ويوحد الرؤي والهدف حول مشروع يرتكز علي الديمقراطية والتعددية والمشاركة الوطنية الا إن لعنة الغباء العسكري القبلي والايدلوجي الاستعلائي لم تستوعب ما بين ايديها وتعاملت بعقلية التخاصم السبعيني وبنفس الشحن الايدلوجي حتي انفجرت حرب 94م ..
- اختطفت حرب اربع وتسعين الوحدة وفرغتها من محتواها وحولتها الي شيئ استثماري مادي يعود ريعة لصالح شخص حاكم واسرته تماهت مع دوله مختطفة .. خسرنا الوحدة كمشروع لليمن وللمستقبل وتحولت لساحة حرب بين شركاء متشاكسون كلا يدعي وصل بها يتنازعون خطامها ويجلدون ظهرها طمعا في حليبها وخدمتها …
– واستمرت الحياة السياسية ماضية خارج سكة الوحدة الوطنية منتجة اثارها المرة و المدمرة علي النفسية اليمنية والقيم التشاركية فعدم قدرة النظام السابق علي تحليل وتشريح الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وخاصة للجنوب وتعاملت القوي العسكراتية الشمالية العائلية بنفسية الجنرال الكولونيلي المنتصر متخذا من الاقصاء والفيد والسلطة ادوات لإدارة الدولة بعيدا عن قواه التشاركية وحوُل الديمقراطية من مشروع سياسي وطني موازي ومثبت لمشروع الوحدة الام الي اداة لتمكين اركان حكمة الفردي وسيلة لتريبه صغارالمراهقين من افراد العائلة علي ممارسة السياسة ليس الا….
-لقد تعامل صالح مع شركاء الارض والسياسة والمصلحة بتذاكي وحذلقة استعلائية كحاكم اوحد اختزل الدولة في شخصه ويستفرد باتخاذ القرار ويمتلك القوة العسكرية والامنية و جعل من شخصه مرجعية وحيدة في القضايا المصيرية وللأسف الشديد زاد من غية تخلي القوي السياسية المعول عليها ممارسة الفعل السياسي الرشيد القائم علي الرأي والرأي الآخر وأراد لها دورا معارض مرسوم وفقا لحسابات ضيقة ومغانم غير وطنية شأنه شأن أي مستبد آخر وحول الديمقراطية الي هيكل بلا روح تزين وجهه وتعيد إنتاج حكمة ومحسن لإعداد الحكام الجدد من أسرتة
- كانت ديمقراطية نظام قد وصلت إلي طريق الإفلاس السياسي فهي منفصلة عن التنمية الاقتصادية والإصلاح الاجتماعي والتشارك السياسي ما جعل الشعب يكفر بها وبما نتجتة من مخرجات وضيقت افق الاصلاح والتغيير المدني السلمي الامر الذي مهد لثورة الشباب ففي 11 من فبراير 2011م
- لقد حرره ثورة فبراير ومن قبله حراك الجنوب الوحدة من قبضة العائلة العسكراتية وحولتها الي مشروع وطني من خلال احد الاهداف للثورة الشبابية وأحد أهم بند في مؤتمر الحوار الوطني ادراكا منهم أن الحس الوطني يتطلب صيغة جديدة للوحدة وان عمق الجروح النازفة في الجسد الوطني يستوجب الجلوس واعادة صياغة الاسس الوطنية للوحدة وكما ان شدة التهتكات التي اصابة النسيج الاجتماعي والسياسي بسبب ممارسة العائلة العسكري تحتم تصحيح الخلل وتدارك ما يمكن تداركه واعدة الحق لا هلة الشعب .
-لقد احتلت القضية الجنوبية وتصحيح مسار الوحدة أولوية كبري للمدخل لأي حل سياسي شامل واعبر الركيزة الاساس والرئيس لمستقبل اليمن واصلاح الاختلالات وترميم الجروح والاوجاع باتفاق كل الاطراف وان الثقوب التي اصابة الضمير اليمني وجعلته يقتل بعض ويكره بعضا يعود لحالة الاقصاء والفساد الاخلاقي والقيمي والمالي باسم الوحدة ..حتي مشكلة صعدة ليست سوي اثر كبير وعميق لجرح الوحدة النازف
-اليوم تواجه الوحدة مذبحة اسواء من مذبحة ٩٤م ترتكبها مليشيات صالح الحوثي مذبحة تستهدف الوجود الروحي والمادي للوحدة في الجنوب وحاضرته عدن ..لا يدرك الحوافش ان صمود عدن ببسالة جيل ٩٤م الذي كبر علي انغام التحرير والانتصار للإرادة الجنوب كما ان خراب عُمران عدن يؤسس لمرحلة سياسية جديدة تفرض شروطها واجندتها في اي حل قادم للمسألة اليمنية ..الحوثي اليوم يتحرك نحو الجنوب بعقلية السيد والتابع والمركز والاطراف المجاهدون والكفار وهي نفس المصطلحات التي ايقضت الوعي لدي الشباب الجنوبي وعلت اناشيد التحرير وحركت الهوية الجنوبية كهوية موازية وبديلة للهوية اليمنية … ..
-لقد توقفت مشارع المدنية والسلم منذ اختطاف الوحدة وتيتمت لصالح المشروع العائلي العسكراتي الذي هيمن علي عالمي المال والعسكر فحول كل المشارع الاستثمارية تحت رعاية وشراكة العائلة وحول المدن الي مخازن اسلحة علي حسان الحدائق والمنتزهات ومؤسسات الثقافة ….
- الوحدة اليمنية هدف نبيل ورغبة إنسانية وهي اليوم بحاجة لاعاة لصياغة سياسية جديدة تستوعب كل مكونات المجتمع اليمني وتوزع الصلاحيات والسلطة والثروة وفق عقد جديدة يقوم علي الحرية والديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة وفصل السلطات وواعتقد ان مخرجات مؤتمر الحوار يمكن أن يكون مدخل مناسب لهذه الصياغة بحيث تتحول الوحدة الي مشروع مستقبلي للنهوض واستنهاض والقدرات واليمنية لبناء الدولة اليمنية
- لك الله يا الوحدة اليتيمة …انها لعنة العائلة العسكراتية ..واسقاطات الوعي التاريخي بمفهوم الوحدة كفعل اندماجي للأرض والإنسان ..متناسين مفهوم الاعتصام كمصطلح يوازي الفدرالية واللامركزية المقززة…لقد ايقنا وان في زمن متأخر ان نتفرق دويلات نتفرغ فيها للبناء والتنافس علي تقديم الخدمات وتطبيق القانون ورعاية الحقوق والحرية في جو من الاحترام وراحة البال .. خير لنا من وحدة كبقرة حلوب ستنزف لبنها اسرة باغية توغر القلوب وتخرب الاطراف وتنتهك الحقوق والحريات وتنشر الخراب في كل المدن والاطراف …فالوحدة كهدف نبيل يجب ألا يعمينا عن رؤية الواقع الجديد وحبنا للوحدة لا يعني أنها مقدسة والصيغة المركزية أثبتت فشلها والإنسان اليمني اليوم آمنة واستقرار وطنة ونمو الاقتصادي هو الأساس الذي يجب أن نبني علي ضوءة اليمن الاتحادي الجديدة بقيم المدنية والحرية والمساواة والديمقراطية ....