اقترن إسم مأرب قديماً بالحضارة والتاريخ والمجد واختزلت حضارتها بمملكة سبأ وعظمة بلقيس ومعبد الشمس وسد مأرب. ومع اكتشاف النفط، منتصف ثمانيات القرن الماضي استبشر الماربيون خيراً، فإلى جانب التاريخ والحضارة غدت محافظتهم غنية بالموارد وبعد فترة اكتشف الغاز الطبيعي، لتضاف ثروة ثالثة الى السابقتين. لم يدرك ابنائها أن هذه النعم ستكون سبباً لإشعال الفتنه والحروب فيما بينهم و ستتحول إلى نقمة عليهم بهدف إلهائهم عن التقدم و توظيف هذه الثروة بما يخدم مصلحة الوطن أولاً و مصلحة المحافظة ثانيا، اقتصادياً وعمرانياً. وتم عقد اتفاقات تراضي وتصالح مع بعض افراد القبائل من اجل اسكاتهم بالفتات وبالقليل على حساب تحقيق المصلحة العامة. وبمرور الوقت تم استخدام سياسيات سلبية ممنهجة هدفها إبعاد ابناء المحافظة عن الطموح بإستغلال مواردها لصالحهم،ومن ضمن هذه السياسات التي لا يغفل عنها احداً اليوم هي سياسة تشويه صورة أبناء مأرب و تصويرهم على انهم قطاع طرق، ومتخلفين، وخارجين عن القانون لعقود طويلة و امتصاص الغضب الشعبي الذي كان جديرا ان يجابه به النظام الى غضب يصبه المواطنون على أبناء مأرب ،خاصة فيما يتعلق بوصفهم بالمخربيين للخدمات العامة التي تصل من المحافظة الى كل ارجاء الوطن، بالرغم من عدم استفادة المحافظة منها و اكثر من ذلك الترويج لتنظيمات كالقاعدة و غيرها و تبني افكار متطرفة لجر أبناء مارب الى نفق مظلم. وفي ٢٠١١ والتحولات المتسارعة التي عاشتها البلاد ضمن حملات الرفض و الاكتفاء من واقع لا يرقى لطموح المواطنيين كانت مأرب حاضرة بأبنائها ايضا يطالبون على حد سواء بدولة مدنية يسودها القانون، لكن لا شيء تغير حقا لابناء المحافظه بعد اربع سنوات من الثورة. ما تزال مأرب تمد اليمن بالغاز وعائدات النفط على حساب بيئة المحافظة و صحة ابنائها و تدعم الميزانية العامة.
و بالرغم كل من ذلك ظلت مأرب يمنية خالصة في الشدة والرخاء في السلم والحرب. إن كان هناك درس يستفاد في كل ما مضى لأبناء مأرب أنفسهم, محافظتكم بأيديكم. لكنها أشبه بقرية : كل الخدمات الأساسية متدنية بل منعدمة و لذلك وجب الخروج من العباءة الضيقة ، سواء اكانت حزبية أو سياسية أو شخصية الى الأفق الأوسع وهي المصلحة العامة لكل أبناء المحافظة اياً كانت انتماءاتهم.
لقد حان الوقت لأن يجتمع أبناء مأرب على أسُس عامة، يتفقون عليها من أجل بناء محافظتهم و يركزون علي الإنسان فيها الذي هو الثروة الحقيقية. يجب أن يجتمع العقلاء والمخلصين في المحافظة ليرسموا خارطة طريق واضحة فالحرب ستنتهي يوما و سيلتف الساسة من جديد و سيوقعون الاتفاقات و ستقتسم الأحزاب بشراهة حصصها و ستنسى الدماء التي سفكت و ستنسى المحافظة.
لقد حان الوقت للتمسك بالحق و إغتنام الفرصة و الاهتمام العالمي ينصب على مأرب كنقطة أساسية لوصول تعزيزات و كجسر حيوي بين محافظات مهمة و حيوية . لقد بدأ المحافظ" سلطان العرادة" بالتفكير بشكل إيجابي ومن خلال قرار في غاية الأهمية بعدم توريد عائدات الثروات لصنعاء و هي تحت قبضة الانقلابيين الذين يسلبون البلد خيراته و يوظفون المال العام لتمويل معاركهم في قتل المواطنيين و التضييق عليهم. و رغم أنه قرار تأخر كثيرا حيث ظلت مأرب تنعش الخزينة العامة عبر صنعاء لأشهر بعد الإنقلاب. كذلك لايجب إغفال التفكير في اتخاذ قرارات من أجل المحافظة و تفعيل دورها و الحفاظ على حق ابنائها في مرحلة ما بعد التحرير..
لقد حظيت مدينة عدن "الباسلة" برعاة يعملون على تلبية احتياجاتها وإعادة الإعمار والإغاثة و هو نموذج جميل يحق لمأرب بحكم مركزها أيضاً أن تسعى لمعاملة مثيلة تطالب بها القيادة الشرعية للبلاد، ولا يمكن القبول بتسويف هذه المطالب ووضعها في الخطط طويلة الامد التي لا تنفذ مطلقاً , لذا وجب على أبناء المحافظة إظهار جاهزيتهم و حشد قدراتهم التنموية ووضع الخطط اللازمة حتى يتم البدء بها فور تحرير البلاد و لا تقع في فوضى و إرباك لا يمكن تلافيهما.