معذرة منك نصر..!
بقلم/ فائد دحان
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 5 أيام
الأحد 12 مايو 2013 04:04 م

"لا أفسر الهجمة الشرسة ضد مدير مكتب رئاسة الجمهورية نصر طه مصطفى غير الهجوم الممنهج ضد ثورتنا من قبل أزلام الثورة المضادة"

معذرة منك أستاذ نصر على ما طالك من بذاءات بسببي وأعلن على الفور تخليي عن قرار التعيين لأنك اكبر من أن يتطاول عليك الأوغاد.

هذا ما كنت أتمناه من معاذ بجاش بعد أن وجد أعضاء الطابور الخامس في ثورتنا ثغرة للنيل من الأستاذ نصر طه مصطفى ويحاول رد الجميل للأستاذ وتسجيل موقف يجنبه الحرق الذي تعرض بإلغاء القرار.

أنا لا أعرف معاذ بجاش تماما إلا ما سمعت عنه من زملاء موثوق بهم لما لمسوه منه أثناء عملهم في وكالة سبأ وصراحة أيضا وجدت منهم يثني على تفانيه بالعمل والتزامه.

أنا شخصياً التقيت به في عام 2006 أمام مكتب الأستاذ نصر وكنت اعرف عنه انه من بلاد قريبة مني تفرقنا بضع كيلوا متر وعندما حاولت أقول له إننا من بلاد متقاربة حينها تمغّر وجهه وحاول التملص عن الحديث وقامت موظفة كانت بنفس المكتب بالرد عليا أن هذا من صنعاء وليس من تعز محاولة تفادي الموقف وإنهاء حرجة الشديد حينها أصبت بالذهول من موقفه وتذكرت رواية نذالة جدة الشيخ الحماطي حينما حاول الثائر الثلايا الاحتماء به من ظلم الإمام فقام بكل نذالة تسليمه إلى الإمام وعلى إثرها تم إعدام الثائر الذي قال لعن الله شعباً أردت له الحياة وأراد ليَ الموت، ما أشبه اليوم بالبارحة فمعاذ بجاش الحماطي كان سبباً كافياً للإيغال بشخص أراد له الحياة ولم يقابله باستقالة مبكرة تسد أفواه الأوغاد، فأي منصب يصلح له بعد اليوم إن كان لا يجيد فن السياسة وإدارة الأزمات.

صاحب البلاد يستحق الشكر اليوم لأنه صمد حتى احرق لأن يكون ككبش فداء ومفتاحاً لمرحلة جديدة من الثورة ينتج عنها التفحص جيداً بملفات من قد يصدر قرار بتعينهم ليس هذا فقط وإنما أيضاً من قد صدر قرار بهم في المرحلة السابقة.

البعض اعترض على وضعي لصورة الأستاذ على صفحتي في الفيس بوك ونشر خبر تفنيد وصفنا بفلول النظام بحسب تصريح منه، حينها ظنوا أنني أتقرب منه ليشملني أي ترقية منه ولكن للأسف أقول لهؤلاء عليكم مراجعة صفحتي تماما وقراءة بوست كنت قد انتقدت فيها الأستاذ بصورة مهنية لا تصل إلى أسلوب وصل إليه البعض في انتقاده وقابلة برحابة صدر رجل يحترم حرية الرأي والتعبير..

لست هنا في صدد الدفاع عن مدير مكتب الرئاسة أو التملق له بقدر ما هي كلمة حق يجب أن تسجل في ثنايا التاريخ أن نصر طه مصطفى لا يختلف عن الأستاذ نصر ولا يختلف عن رئيس وكالة سبأ ويشابه جداً مدير مكتب رئاسة الجمهورية، فهو ذاك الشخص الإنسان الذي يسرق الحب من قلبك في لحظات اختلاف معه أكثر من لحظات اتفاق أو لقاء عابر على سلم التلاقي المفاجئ.

نصر لا يحتاج إلى تفجير الكلمات حول شخصه كما يفجرها بتواضعه الجبار على عتبات قلوب كل من يعرفه ، ليس هذا فقط بل ورجل دولة من طراز رائع وفريد، وأذكر أنني حينما كنت مسئولاً لمنصة ساحة التغيير بصنعاء كنت أشعر بأسف شديد لأنه لم ينضم لنا ولم أصدق أنني أعلن بصوت يخرج من الأعماق ويستقر في رحم التاريخ أن نصراً قد أتى إلى ثورتنا وباتت ملامح النصر للثورة ترمقنا عن قرب.

ابتهجت بذلك اليوم واتصلت لبعض الشباب أنبئهم بخبر انضمام الأستاذ نصر للثورة الشعبية ولم أشعر بقرارة ابتهاجي هذا إلا عندما صدر قرار بتعينه مديرا لمكتب رئاسة الجمهورية وتيقنت أن انتصار ثورتنا سيحل على قلوبنا برداً وسلاماً وإن كان بالتقسيط المريح فهذه هي الحكمة اليمانية تتجلى بوضوح.

لا أدري لماذا يشعر الحر بانتصار ثورته عندما يتصدر المثقفون إلى واجهة الحكم ويتقزم الأوغاد صاغرين عند أحقاد عفنت روائحهم ونراهم كل يوم يهرولون إلى نهايتهم المؤلمة.

قد يظن البعض أن مقالي هذا هو محاولة وترجي وتقرب أو تمسح أو كما يحلوا لهم تسميته، أود أن أوضح لهم أنني ذاك الشخص الذي عاش الذي تعود على كوارث الدهر ولعقت خبز الحرية وتلذذت به طيلة حياتي السابقة منذ أن غادرنا والدي رحمه الله وأنا في الصف الأول الإعدادي مهتما بدراستي فقط وبتفوق أخي الذي صار طبيب أسنان وأكملت دراستي الثانوية وحصلت على بكالوريوس إعلام تحت حرارة جو عدن ولم أمد يدي لأحد معتمداً على دعوات والدتي الغالية التي لم استطع مكافئتها منذُ تخرجي من الجامعة إلى اليوم ولو بفحص في أقرب عيادة حفظها الله ورعاها.

عشت طيلة الفترة السابقة ونموذجي في الحياة ذاك الطائر الذي ترك قطعة الخبز مفضلاً الحرية ولم ألن لقرقرة أمعائي طامحاً إلى وطن يستوعبني ويستوعب كل المطحونين من نظام صالح.

أنا ذاك الذي تذوق طعماً للحرية لن يتذوقه أحداً غيري حينما خيرت بأن أزاول مهنتي مقابل المال والعبودية وبين أن أمارس مهنتي مقابل الحرية وزوال الأغلال والقيود من قاموس حياتي ففضلت الحياة بحرية مقابل أن أعيش فقير، ولم أطأطئ رأسي أمام إغراءات ياسر العواضي أو تهديدات وسيم القرشي، ولن أتخلى عن هذا المبدأ أمام سيارة من حميد الأحمر أو إشباع شهوتي من الحوثيين.

لن أصمد أمام منة واحدة من نصر عليا إذا هو فكر بها ولن أكون ذاك اللئيم المتنكر فالوظيفة التي حصلت عليها في مكتب رئاسة الجمهورية لم تكن منةً منه أو نتيجةً لمحاصصةٍ حزبية كما يقول هو، بل هي نصيباً وافراً لطفلتي رهف التي جاءت إلى النور بعد عملية جراحية لوالدتها أدخلتني في هماً وغم بسداد رسومها فكان خبر وظيفتي في هذه اللحظة منحة ممن أكد لنا أن لا نقتل أولادنا من خشية إملاق لأنه يتكفل برزقهم، ليعلمنا قمة الحرية والركون علية صدق الله العظيم.

إن وظيفتي هذه جاءت بعد ممارسة كل الأساليب المتاحة للبحث عن وظيفة وكان الأستاذ نصر أحد الأشخاص والشركات والمؤسسات في الداخل والخارج الذين استقبلوا رسالة بملفي ومؤهلاتي إلى بريدهم للبحث عن وظيفة وبعد أن كنت قررت أن أطبع ألف نسخة لسيرتي الذاتية ولصقها على شوارع صنعاء وأعمدة الإنارة مشابهة لإعلان الفقدان.

أقول لمن يظن أنني سأخضع لعملية جراحية لاستئصال الحرية من بدني إنها ماكثة في كل عرق مني ولن تذهب إلا بذهابه رغم أنني في هذه المرحلة بحياتي رأيت النور لتحقيق طموحي منذ 2009 بمواصلة دراستي وتحضير الماجستير فإنني مستعد لكسر هذا الطموح أمام حمل حجارة أو سد ردمه في جدار الوطن.

من حقي أن اطمح ولو لأعلى منصب في الدولة ولكن الحياة علمتني إعداد الزاد الكافي لتحمل المسئولية والحصول على المؤهلات اللائقة بالمرحلة المقبلة.

بالمناسبة قد يقول قائل لماذا اقترحت على معاذ بجاش تقديم استقالته لتجنيب الأستاذ نصر إحراج ما تعرض له ولم أنفذ هذا الاقتراح لنفسي ، فأقولها هنا بصراحة قبل أن يتم تثبيتي في هذه الوظيفة أنا مستعد أن اتركها بأي لحظة ليس لأجل خاطر الأستاذ وإنما لأجل وطن ضحى الكثير بأرواحهم وإنسان يمني يطمح إلى شروق حياة العز دون أفول وهو هماً مشتركا بيننا وبين نصر وقسماً بأني لن أكون حجرة عثرة أمام تقدم الوطن وسأغادر هذه الوظيفة لكن في حدود القانون وحيثيات المرحلة التي نمر بها لتحظي رهف برزق أجمل متيقناً أنه لا يوجد أفضل مما اختاره الله لنا راضياً مطمئنا وليس رضوخاً عند أهداف المغرضين والأوغاد.

خُلاصة القول أن تعرض نصر لهجمة قوى الثورة المضادة لا تختلف عن تلك الهجمات التي تلقاها علي محسن الأحمر وهو ذاك الشخص القوي جداً بحكم خيرته إلا أن قوة نصر طه مصطفى أقوى لأنه يستمدها من حبنا الثوري المطلق لشخصه وعقليته التي يحملها فواهم جداً من يرنوا إلى الإطاحة بنصر الذاكرة والتاريخ فمكانه مستقر في قلوبنا لا يتزعزع ابداً ما دام يقف مع الحق ويقدم مصلحة الوطن على كل مصالحه الشخصية.