مصر تعلن خسارتها 6 مليارات دولار جراء هجمات الحوثيين ضد السفن تحذير البنك الدولي من انزلاق اليمن نحو أزمة إنسانية واقتصادية حادة تقرير أممي يكشف تعزيز قوة الحوثيين نتيجة دعم غير مسبوق تقرير أممي يؤكد تمرد الانتقالي عسكرياً على الشرعية مأرب تحتشد تضامناً مع غزة وتنديدا باستمرار حرب الإبادة الاسرائيلية مباحثات يمنية سعوديه بخصوص إجراءات سير تأشيرات العمرة اجراءات حكومية رادعة ضد محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في جميع المحافظات المحررة حشود هادرة بمحافظة تعز تنديدا بجرائم الابادة والتهجير بقطاع غزة الذكاء الاصطناعي يورط عملاق التكنولوجيا «تسلا» ويقودها للمحاكمة عبر القضاء كلاب آلية تنظف أحد الجبال المصنفة ضمن قوائم التراث العالمي
مأرب برس – بثثنه الناصر – دوريه العراق
هذا المقال بقلم الجندي جوشوا كي والذي صدر له كتاب بعنوان حكاية هارب من الجيش الأمريكي .
جوشوا كي (28 سنة) كان فتى ريفيا أميا من أوكلاهوما رأى في الجيش الأمريكي ومنافعه الموعودة - من الرعاية الصحية إلى التدريب المهني - بطاقة مرور إلى حياة أفضل . في عام 2002 ولما يبلغ من العمر 24 سنة بعد ولكنه كان متزوجا وأبا لطفلين ، انضم كي إلى الجيش . ويقول إن ضابط تجنيده وعده بأنه لن يرسل إلى الخارج ولكن بعد سنة واحدة كان في العراق.
وبعد 24 ساعة من وصوله كما يروي كي في حكاية هارب من الجيش ، انتابته شكوكه الأولى حول
سبب وجوده ورفاقه هناك .. في كانون الأول/ ديسمبر 2003 عاد كي إلى الوطن في إجازة لمدة أسبوعين ولم يعد إلى العراق . استمر في الاختباء. وفي مارس التالي عبر وعائلته الحدود الكندية عند شلالات نياغارا.
أصابني ذعر شديد في يومي الأول في الرمادي.
كانت قواتنا الجوية قد انتهت لتوها من قصف هؤلاء الناس ، ولكن حالما خرجنا من مركباتنا بدأنا نمشط شوارعهم على الإقدام . وبسبب الأثقال التي تقترب من 100 رطل من الأسلحة والمعدات والملابس ينوء بها ظهري، كنت أتحرك بسرعة البقرة .
كان فصيلنا يتكون من 20 رجلا يسيرون بمفردهم في شوارع مليئة بالعراقيين . لم استطع منع نفسي من التفكير بأنه في أي لحظة قد يرديني ميتا أي قناص على أي سطح من هذه البيوت . كان الأطفال العراقيون يحيطونني مثل أسراب النحل يمدون أيديهم يطلبون الماء والطعام .
وكانت ترن في أذني كلمات زوجتي الأخيرة قبل أن اركب الطائرة :" لا تدع أولئك الإرهابيين يقتربون منك . حتى لو كانوا أطفالا ، اقتلهم قبل أن يقتلوك "
في تلك الليلة الأولى ، اوقظت في الساعة الثالثة فجرا وأمرت أن أغادر السرير بسرعة لأننا في خلال ساعة سوف نداهم منزلا مليئا بالإرهابيين .
وقد عرض الكابتن كوند وبعض الضباط من رتبة سارجنت علي وعلى رفاقي صورة ملتقطة بالستلايت لمنزل ورسما تخطيطيا للمنزل من الداخل . كانت مهمتنا أن نفجر الباب ونندفع إلى داخل المنزل بسرعة ونفتش فيه جديا عن أسلحة وعلامات وجود أنشطة إرهابية ثم نعتقل الرجال بأسرع وقت ممكن . كلما طال وقت بقائنا في أي مكان كلما ازداد احتمال تعرضنا للصواريخ والهاونات.
لم تكن لدي أية فكرة عما يمكن توقعه .
هل اندفع عبر الباب حتى يفجرونني أشلاء بقنبلة يدوية ؟ هل سيكون هناك شخص ما لديه كلاشينكوف يفجر به مؤخرتي لدى أول خطوة داخل المنزل ؟
هل سيكون في انتظاري طفل في السادسة وقد تلقى تعليما في يومين على استخدام السلاح ليرديني به وهو جالس في مقعده ؟
مرت الدقائق وتمنيت أن تمضي الساعة سريعا حتى ننتهي مما ينتظرنا. وقد أدى جندي أو اثنان تمارين تقوية الصدر قبل الخروج. اقترضت مشغل السي دي المحمول من ماسون وفجرت طبلتي أذني بإيقاع اوزي ازبورن . وقد ساعدتني الموسيقى.
كنت جاهزا ومرتفع المعنويات ، نظرت إلى ساعتي وتمنيت أن تسرع ووضعت تبغا بطعم البوربون بين شفتي . فأنت لاتستطيع أن تعالج سيجارة جيدا حين يكون بين يديك سلاح إلي من نوع M249 . ولهذا التبغ أفضل . يجعل فمك اسودا مثل الخطيئة ويعفن الجذور في لثتك ولكن التبغ كان هو جرعة النيكوتين التي اخترتها في تلك المداهمة.
كنت قد حفظت التعليمات . اعرف زوايا المنزل وأي باب سوف نفجرها وكم من الطوابق في ذلك المنزل وماهي مهمة كل واحد منا ساعة دخولنا .
سوف أكون الثالث في الباب مما يعني أني سأكون ثاني واحد أتلقى الرصاص إذا كان هناك من سيواجهنا في المنزل وكان علي أن اندفع إلى اليسار . دائما وفي كل مداهمة كان ترتيبي الثالث في الدخول وكان علي دائما أن اتجه إلى اليسار.
قبضت على سلاحي . نعم .. انه يستطيع إطلاق 2000 جولة في الدقيقة ولكن نظريا فقط . فأنت لا تستطيع في الواقع أن تحتفظ بأصبعك على الزناد طوال ذلك الوقت . فأنت حين تطلق تلك الصليات ، يحول الرصاص الخزانة إلى جمرة متقدة . وإذا استمريت في وضع أصبعك على الزناد لمدة طويلة فقد تدمر الحرارة السلاح .
استغرق قيامي وجونز بوضع شحنة التفجير البلاستيكية على الباب ثلاثين ثانية . ثم هرعنا إلى جانبي الباب حتى لا نفجر أنفسنا معه . قد تتحول إلى لحم مقلي إذا كنت قرب الانفجار. أطلقت شرارة التفجير ثم اندفعنا نحن الستة إلى الداخل . كان جونز الأول .. كان ذلك الولد النحيل ذو الشعر الأحمر من ولاية أوهايو شديد الحماس دائما . واندفعنا وراء جونز إلى داخل المنزل مدججين بالسلاح والخوذ والستر الواقية والمدافع الآلية وبساطيل القتال .. لم ادخل من قبل بيتا عراقيا .
دخلنا في المطبخ أولا . كان قائد الفريق باديلا قد أمر أن نفتش كل شيء ولهذا فقد فتحت الثلاجة على أمل أن أجد أسلحة أو قنابل يدوية . ولكني لم أجد شيئا .
كل مارأيته في الثلاجة كان قليلا من الطعام وفي المجمدة وجدت الواحا كبيرة من اللحم غير المغطاة أو الملفوفة . لا أكياس بلاستك . وإنما لحوما مكشوفة مجمدة . ركضنا إلى غرفة المعيشة تحيطها أرائك طويلة .. واحدة عند كل جدار .
في هذه الغرفة وجدنا مع الأرائك طفلين ومراهقة وامرأة . كما وجدنا شابين في المنزل .. كان احدهما يبدو مراهقا والآخر ربما في أوائل العشرينات .. كانا اخوين .
صرخنا و شتمنا ، وقد بصقت التبغ على الأرض واختلط صراخي مع صراخ الجنود الآخرين . كنت اعرف أن أهل المنزل لن يفهموا ولكني مع ذلك كنت اصرخ:" انبطحوا. انبطحوا يا أولاد .. . اخرسوا أفواهكم اللعينة " لم يعرفوا ماذا تعني " get down "ولهذا ضربنا الأخوين حتى وقعا على الأرض وضعنا ركبنا على ظهريهما وسحبنا أياديهما خلفهما وفي اقل من رمشة عين كنا قد اوثقناهما . الوثاق البلاستيكي يضيق الخناق على اليدين وقد ينغرس في الجلد وليس له مفتاح . الطريقة الوحيدة لفكه هو قطعه بالسكين .
دفعنا الأخوين إلى الخارج حيث كان ينتظر 12 من فصيلنا وقد اخذ الشقيقان إلى مركز احتجاز أمريكي للاستجواب . لا اعرف ماذا يسمى أو أين مقره . كل ما اعرفه هو أننا نرسل هناك كل رجل - أو بالأحرى كل ذكر طوله أكثر من خمسة أقدام - نجده في المنازل التي نداهمها ولم أر أيا منهم يعود في المناطق التي كنا نمشطها بانتظام . في الداخل استمرينا في بعثرة المنزل . وكلما فشلنا في العثور على أسلحة أو أدلة مريبة كلما زدنا من بعثرة وقلب المنزل.
قلبنا الدواليب وقطعنا المفارش والمراتب بالسكاكين واطحنا بالأبواب وقد داهمنا ثلاث غرف نوم في الطابق الثاني ثم أسرعنا إلى الطابق الثالث . قلبنا كل شيء وكسرنا الأثاث بشكل عشوائي ونحن نفتش عن الأسلحة والذخائر وأي دلائل على أنشطة إرهابية أو علامات أسلحة دمار شامل .
لم نجد سوى سي دي واحد . قال الجنود أول الأمر انه دليل على نشاط ارهابي ولكن اتضح انه يحوي خطبا لصدام حسين . وحالما قلبنا كل أحشاء البيت وفتشنا كل شيء ، حل محلنا فريق آخر لزيادة التكسير وإشاعة الفوضى بحثا عن أسلحة ربما تكون قد أفلتت من انتباهنا .
في الخارج ، عهد إلي أن أراقب النساء والأطفال . لم نحتجزهم ولكن لم نكن نسمح لهم بالذهاب إلى أي مكان . أفراد العائلة لايستطيعون الدخول إلى المنزل كما لا يستطيعون الذهاب إلى الجيران . عليهم أن يبقوا في أماكنهم في حين نمزق منزلهم أشلاء . في هذه الإثناء بدأت الفتاة المراهقة تحدق بي . وحاولت أ ن أتجاهلها .
ثم بدأت تكلمني . في الداخل ، حين كنا نصرخ فيها وفي الآخرين ، كنت افترض أن لا احد منهم يفهم كلمة من الانجليزية . ولكن هذه الفتاة الصغيرة بدأت تكلمني بالانجليزية وعيناها تحفران ثقوبا في جسدي .
كانت جلدا على عظم ربما لا تزن أكثر من 100 رطل . ولم تكن حتى امرأة كاملة ولكن شيئا فيها كان قويا و مثيرا للقلق .
شعرت بالخوف من الفتاة وتمنيت أن أسرع بالابتعاد عنها ولكن عملي كان أن ابقي لضمان عدم تحركها . كان سلاحي جاهزا . وكانت ترتدي قميص نوم ازرق وتربط شعرها بوشاح ابيض . لم تكن تغطي وجهها بحجاب وهكذا كنت استطيع أن أرى وجهها . كانت عيناها بلون الفحم ومليئتين بالكراهية.
وبلغةانجليزية سألتني "أين تأخذون اخوي ؟" قلت :" لا اعرف يا آنسة ." "لماذا تأخذونهما ؟" " لا استطيع أن أصرح " "متى تعيدونهما ؟" "لا استطيع أن أجيبك على ذلك أيضا " "لماذا تفعلون بنا هذا ؟" ولم استطع أن أجيب عليها .
لم أكن ارغب أن تثير ضجة . لم ارغب أن تبدأ في الصياح مما قد يثير انتباه رفاقي الجنود وبعضهم قد يشتهي أن يستخدم عقب سلاحه لكسر أسنانها.
لم يكن قد مضى على وجودي في العراق أكثر من 24 ساعة وكنت قد بدأت في الإحساس بشعور غامض. أولا .. كنت عرضة للخطر ولم أكن أحب ذلك .
حتى مع كل هؤلاء الجنود وكل هذه المعدات كنت اعرف انه في أي وقت وفي أي مكان .. أي عراقي مع بندقية وحائط يختبئ خلفه وعين صحيحة يستطيع أن يلتقطني أسرع مما ينقض صقر على جرذ.
ثانيا - في أول خطوة داخل الحرب كنت أحس بعدم الارتياح حول سبب وجودنا هناك . شيء ما كان خاطئا . لم نجد شيئا في منزل الفتاة ولكننا قلبناه في 30 دقيقة واعتقلنا أخويها. وفي الداخل مازال بعض الجنود يقلبون المنزل . لم اشعر بالراحة لاضطراري لحراسة تلك الفتاة في كراج بيتهم في هواء نيسان البارد قبل الفجر في الرمادي .
أما أسئلتها فقد نالت مني ولم أحب أن أكون في موضع من لا يستطيع الإجابة.. حتى بيني وبين نفسي. مداهمة البيوت وبعثرتها كانت هي معظم المهام التي كلفت فيها بالعراق وقبل أن تنتهي دورتي كنت قد ساهمت في 200 مداهمة تقريبا . ولم نجد في أي منها أسلحة أو دلائل إرهاب.
لم أجد شيئا يبرر الرعب الذي نسببه كلما فجرنا باب منزل مدني وكسرنا كل ما يملكه و ضربنا وقيدنا الرجال واعتقلناهم . ولكن الأسوأ كان مافعلناه في إحدى المداهمات .. كان منزلا جميلا من طابقين في منطقة منعزلة . وكالعادة ، وضعت شحنة المتفجرات على الباب . وفجرناه وبينما اندفعنا داخل المنزل كانت النساء يتعثرن وهن يخرجن من غرفهن . وصرخت ثلاث فتيات مراهقات حين رأيننا .
بعض رفاقي الجنود مسكوا بهن موجهين أسلحتهم إليهن والبقية ركضنا نفتش المنزل . لم نجد رجالا على الإطلاق . بل وجدنا ست نساء أخريات مابين سن العشرين والثلاثين . لم يجد الرجال في فرقتي أي شيء حتى ولا أي سلاح وكالعادة كلما فشلوا في العثور على شيء ازدادوا في المنزل تخريبا وكسرا للأثاث وتهشيما للمقتنيات وتقطيعا للمفارش وللمراتب ورميا للأرفف على الأرض.
في الخارج وجدت الجندي هيز مع امرأة في كراج المنزل وكان يوجه سلاحه إلى رأسها ولكنها لم تتوقف عن الصياح.
كانت تقول "لماذا تفعلون هذا ؟"
وأمرها هيز أن تخرس
صرخت "لم نفعل لكم شيئا "
رأيت هيز وقد جن جنونه. قلت لها بأننا ننفذ أوامر ولا نستطيع أن نتحدث إليها ولكنها استمرت في الصراخ بي وبهيز :
" انتم الأمريكان حقراء ! من تظنون أنفسكم لتفعلوا هذا بنا ؟"
ضربها هيز على وجهها ببندقيته فسقطت على التراب صامتة وهي تنزف . لم تحرك ساكنا . دفعت هيز جانبا وأنا أقول له "ماذا تفعل يا رجل ؟ عندك زوجة وطفلان ! لا تضربها هكذا "
نظر إلي بعينين يملأهما الحقد كأنه على وشك قتلي لقولي تلك الكلمات ولكنه لم يلمس المرأة مرة أخرى .
وجدت هذه الواقعة مع هيز على الخصوص مثيرة للقلق لأني خلال عملي معه في العراق لم أره يوما يفقد هدوءه وقد تولد لدي إحساس انه إذا فقد صوابه وضرب المرأة فكلنا معرضون لمثل هذا السلوك.
ثم حدث شيء مازلت أراه في كوابيسي حتى اليوم .
اقتيدت النساء إلى داخل المنزل وطلب منا جميعا أن نقف حراسا في الخارج . دخل أربعة عسكريون أمريكان مع النساء وأغلقوا الأبواب . لم نر أي شيء من خلال الشبابيك . لم اعرف من هم الرجال العسكريون أو من أي وحدة كانوا ولكني كنت اعرف أنهم أعلى رتبا منا أو على الأقل في مستوى ملازم أول فما فوق .
وهذا لأن جويس وهي ملازم ثان من فرقتنا كانت هناك ووجودها لم يعقهم .
عادة حين نقوم بمداهمة كنا نستغرق 30 دقيقة أو اقل في الدخول والخروج . فنحن لا نرغب في البقاء في مكان واحد مدة أطول خوفا من التعرض لهجمات بالهاون .
ولكن فريقنا أمروا بالبقاء خارج المنزل لمدة ساعة . بدأت النساء يصرخن والرجال معهم خلف الأبواب المغلقة. واستمر هذا طويلا .
أخيرا . خرج الرجال وأمرونا بالانصراف .
طرأ على ذهني حينها أن الإرهابيين هم نحن الجنود الأمريكان
أننا نرهب العراقيين .
نرعبهم
نضربهم
ندمر منازلهم
ربما نغتصبهم
من لا نقتله نخلق له كل الأسباب في العالم ليتحول إلى ارهابي
وبما نفعله بهم ، من يلومهم على رغبتهم بقتلنا ؟ وقتل كل الأمريكيين ؟
هذا الإدراك المثير للغثيان تحول في أحشائي إلى ما يشبه ورما سرطانيا نما وكبر وسبب لي معاناة هائلة مع كل يوم يمر علي هناك .
الإرهابيون في العراق.. هم نحن الأمريكان.
ترجم هذا المقال بثينة الناصري خصيصا لدورية العراق وأصل المقال من موقع
www.uruknet.info