|
اللواء الركن/ صالح عبيد أحمد- نائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن والدفاع السابق.. واحد من أبرز القيادات الجنوبية التي نزحت إلى خارج الوطن إثر حرب صيف 94م.. هو قيادي يحمل في جعبته الكثير من المعلومات والأسرار حول قضايا الوطن سابقاً وحاضراً.. لكن خزنة أسراره ما تزال محكمة الإغلاق كما هي عادته منذ عرف قائداً في جيش جمهورية اليمن الجنوبية، وقيادياً في حكومة الجمهورية اليمنية، وحتى اليوم في المنفى.. «القضية» حاولت قراءة ما يحمله هذا الرجل في رأسه من أسرار دولتين كان فيهما أحد صناع القرار، لكنه تجاوز أكثر من عشرين سؤالاً مكتفياً بالإجابة على جزء يسير منها فإلى إجاباته....
مأرب برس- \"القضية\" - مشعل محمد
*كيف تنظر إلى المشهد العام في ظل الحراك الجنوبي السلمي المتصاعد وخاصة بعد الأحداث الدامية التي جرت مؤخرا في الجنوب ؟
-المشهد العام ياعزيزي مخيف فليس بخاف على أحد بأن البلد غارقة في العديد من الأزمات الحادة وكل يوم يمضي تتفاقم هذه الأزمات وتصبح أكثر خطورة ، والمسؤولية في كل ذلك تقع على عاتق نظام الحكم العشائري التسلطي الذي أشعل الحروب وأنتج الأزمات وعمقها بفعل السياسات والممارسات الهوجاء ونزعة الاستحواذ والتملك والفساد، فالكل يعلم بأن هذا النظام هو من غدر بوحدة اليمن ومزقها، وبمنتهى الغطرسة والغرور ارتكب أبشع أنواع الظلم والطغيان ضد الشعب في الجنوب هذا الشعب المقهور الذي سعى إلى الوحدة وقدم من أجلها الكثير ليجد نفسه في خاتمة المطاف مخدوعا بوحدة وهمية تحولت ضده إلى حرب ظالمة الحرب التي ما زالت جارية حتى اليوم، وما المجازر البشعة التي حدثت مؤخراً في زنجبار وقبلها في عدن وردفان والضالع وحضرموت وبقية المناطق الجنوبية إلا دليل واضح على بشاعة نظام الحكم وحقده ودمويته، وكذلك الحرب المدمرة الجارية اليوم في صعدة هي الدليل الآخر بأن منهج العنف قد أصبح إستراتيجية النظام الوحيدة لمعالجة الأزمات الداخلية، والنظام ذاته يدرك بأن هذا السلوك لن يحل الأزمات بل يزيدها تعقيدا ولكنها ثقافة- الأنا ومن بعدي الطوفان –الأمر الذي يستدعي مستوى عالياً من اليقظة السياسية والنهوض الشعبي الشامل لإجبار هذا النظام الاستبدادي على الرحيل قبل أن يجر البلاد والعباد إلى منزلقات كارثية.
*أنت تحمل السلطة مسؤولية تدهور الأوضاع بينما آخرون يقولون بأن الرئيس صالح هو صانع الإنجازات الكبيرة فهو حقق الوحدة وفي عهده تم استخراج الثروة النفطية وهو من حقق الأمن والاستقرار فماذا تقول؟
-نعم وهم يضيفون بأنه دخل التاريخ من أوسع أبوابه ولكن ما يجري في الواقع يشير إلى أن التاريخ سيقول شيئاً آخر سيقول بأنه هو من ضرب الوحدة اليمنية في الصميم وأضاع الفرصة التاريخية لبناء الدولة الحديثة وهو من بدد ثروات الشعب وقضى على الآمال التي كانت معقودة عليها للتحرر من الفقر والجوع وتحقيق التنمية والازدهار وهو أيضا من أضاع الأمن والاستقرار.
*وماذا عن الحراك الجنوبي في الداخل برأيك أين نجح وأين أخطأ وما تقييمك العام لسير نشاطه ؟
-القيادات العاملة في الميدان هي الأكثر قدرة على التقييم وتحديد مكامن النجاح والإخفاق وهي أيضا تستطيع ابتكار الأساليب المناسبة لمواصلة النضال، ولكن ما نستطيع تأكيده من خلال متابعتنا لما يجري هو أن المسيرة النضالية على مدى السنوات الثلاث الماضية قد عمقت مشاعر التسامح وروح التعاضد والتضامن بين صفوف الشعب الجنوبي وأزالت حاجز الخوف وعززت الرغبة والاستعداد للمعاناة والتضحية وكذلك خلقت قادة ميدانيين ممتازين نعتز ونفتخر بخبراتهم وبإقدامهم وبسالتهم، وبهذه النجاحات يكون الحراك الجنوبي قد استطاع أن يضع القضية الجنوبية على الخارطة السياسية للبلاد و برهن وبما لا يدع مجالاً للشك بأنه يمتلك شجاعة نادرة وقدرات فائقة تمكنه من السير بثبات نحو تحقيق تطلعاته وأهدافه المنشودة، ومع ذلك فالمهام المستقبلية ما زالت كبيرة خاصة وأن الحراك يخوض معركة سلمية مع نظام حكم ليس لديه من وسيلة سوى أدوات القمع والقتل والإرهاب وتوظيف المال العام والإعلام لنشر الفساد والإفساد، وهذه هي المعضلة الكبيرة مع نظام الاستبداد، ولكن مهما تكن الصعوبات والعوائق ففي تقديري سيظل النضال السلمي الحضاري هو الخيار الوحيد أمام الحراك الجنوبي ، والأمر الملح هو أن على الحراك السعي الحثيث لتوحيد صفوفه وتنظيم حركة النضال في الداخل والخارج وبتحقيق هذه المهمة سيتمكن من مواصلة السير بعزيمة وقوة حتى يستعيد دولة الجنوب ويرفرف علمها عاليا، وغطرسة النظام الحاكم لابد أن يقرب زواله.
*ظهور السيد على سالم البيض هل تعتقد بأنه سيشكل إضافة نوعية لدعم الحراك وتوحيده؟
-لا ريب في ذلك.. وجود الأخ المناضل الرئيس علي سالم البيض على رأس الحراك السياسي الجنوبي يعتبر نقطة تحول هامة في مسار الحراك ودفعة قوية إلى الأمام، ولاشك أن مهمة توحيد صفوف الحراك وتنظيمه وتفعيل دوره النضالي تحتل مكان الصدارة في مهامه، وبكل تأكيد نحن إلى جانبه في مختلف الظروف وسنعمل من أجل هذه الغاية النبيلة كلما في وسعنا على اعتبار أن القضية الجنوبية هي قضيتنا جميعا ومسؤولية النهوض بالمهام الماثلة تقع على عاتق كل القوى والقيادات السياسية الجنوبية في الداخل والخارج ومن الضروري أن تتضافر الجهود وتسخر كافة الإمكانيات لتحرير الجنوب من الظلم والطغيان وتمكين الناس من العيش الكريم في ظل دولة جنوبية تحقق العدل والمساواة، ونحن نعلم بأن الطريق طويل وشاق ولكننا في الوقت نفسه على يقن تام بأن أبطال الجنوب سوف يجتازون كل العقبات والمصاعب بفضل إيمانهم الراسخ بعدالة قضيتهم وإدراكهم لحقوقهم المشروعة.
*ماذا تعني لك الوحدة اليوم؟ وهل لدى صالح عبيد حلول أو أفكار بشأن الوحدة اليمنية؟
-عن أي وحدة يمكن الحديث ودماء الأبرياء تنزف في الشوارع والساحات على أيدي- رجالات الوحدة الأشاوس- عن أي وحدة والنعوش تحمل على الأكتاف كل يوم في مختلف مناطق الجنوب عن أي وحدة تتحدث والسجون ممتلئة بالمناضلين الجنوبيين وهم يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والإذلال، الوحدة يا سيدي انهارت تماما في واقع الحياة وتمزقت في نفوس الناس والكل يدرك هذه الحقيقة ولكن النظام يستخدمها مظلة للخداع وتبريراً لأفعاله في الجنوب وعلى هذا الأساس ليس لدي من حلول أخرى سوى فك الارتباط وعودة الدولة الجنوبية .
*السيد البيض أعلن رغبته واستعداه لقيادة الحراك حتى تحقيق الأهداف ومن ثم تسليم القيادة لجيل الشباب فماذا عنك أنت ؟
-هذا قرار الجميع تقريباً وأنا واحد منهم، الجيل القديم يتعين عليه أن يقوم بدوره النضالي في هذه المرحلة حتى تحقيق الغايات والأهداف المحددة لها ومن ثم سيكون المستقبل للأجيال الشابة كونها الأكثر قدرة على الإبداع والانجاز.
*ما تعليقك على حديث الشيخ حميد الأحمر لقناة الجزيرة ؟
-مع مخالفتي لوجهة نظره فيما يخص مستقبل القضية الجنوبية فالشيخ حميد قد تقدم بأفكار تنطوي على قدر كبير من الأهمية ولكن الأمر الأكثر أهميه أيضا مدى القدرة على التنفيذ قبل فوات الأوان.
في الإثنين 24 أغسطس-آب 2009 11:47:45 م