مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
يوم الأحد الماضي منحت الصين إيفانكا ترمب، ابنة الرئيس الأميركي، الموافقة النهائية لعلاماتها التجارية، وهي الثالثة عشرة في الأشهر الثلاثة الماضية. كذلك يوم الأحد الماضي جابت السفن الحربية الأميركية الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي في تمارين مخطط لها، والتي تؤكد الصين حقها فيها، وقال قائد أسطول المحيط الهادي: «إننا نمارس حرية الملاحة كما فعلنا في الماضي، وسوف نستمر في المستقبل». وأتت التمارين في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى إجراء مفاوضات مع كوريا الشمالية بمساعدة الصين.
إنما على بعد آلاف الأميال تعرض طيارون أميركيون يعملون انطلاقاً من المنشآت العسكرية في «كامب ليمونيه» في جيبوتي، مفتاح الحرب على الإرهاب هناك، لتهديد بالليزر موجه إليهم من القاعدة الصينية المجاورة. ويمثل الليزر خطراً جدياً على الطيارين وطائراتهم. البنتاغون تقدم بشكوى رسمية إلى الصين، فردت بكين بالقول إن الجانب الصيني يلتزم بشكل صارم بالقوانين الدولية وقوانين البلد المحلي وهو ملتزم بحماية الأمن والاستقرار المحليين.
إن التنافس بين المصالح الصينية وتلك الأميركية سيأخذ أشكالاً مختلفة في الأشهر والسنوات المقبلة، ولا بد من أن يمتد إلى استفزازات واتهامات في جيبوتي؛ المنطقة الاستراتيجية للغاية، وليست حادثة الليزر سوى مثل لصراعات مقبلة، وقد أصبح المسؤولون الأميركيون أكثر تخوفاً من النفوذ الصيني في جيبوتي وإثيوبيا. كانت المخاوف حتى قبل فترة وجيزة تلقى آذاناً صماء من القرن الأفريقي، وذلك بسبب التخفيض الدبلوماسي الأميركي العشوائي على مدى الأشهر الماضية، وفي نهاية أبريل (نيسان) الماضي قام نائب وزير الخارجية الأميركي دونالد ياماموتو بجولة إلى إريتريا وجيبوتي وإثيوبيا، وذلك إثر جولة قام بها وزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تيلرسون في مارس (آذار) الماضي. حذر تيلرسون إثيوبيا، وأفريقيا بشكل عام، من خطورة التعامل مع الصين من أجل «السيادة والديمقراطية في أفريقيا»، لكن اضمحل هذا التحذير مع طرد تيلرسون لحظة إنهاء جولته، وعقّد الرئيس دونالد ترمب معركة أميركا للحفاظ على نفوذها في أفريقيا بتعليقات هجومية وبتخفيض المعونات الاقتصادية بنسبة 35 في المائة، كما أن الإدارة لم تعين حتى الآن سفراء لدى الدول الأفريقية الرئيسية.
ربما لم يفت الأوان بعد على أميركا لإعادة إشراك شركائها الأفارقة واستعادة مصداقيتها في أفريقيا، لأن البديل هو ترك الصين ترسخ مصالحها في القارة دون أي معارضة، وكما يتوقع أحد الخبراء الغربيين: «سوف تتعثر أميركا وتهيمن الصين تجارياً ودبلوماسياً في أفريقيا». تعطي جيبوتي وإثيوبيا مثالين ممتازين للمخاطر التي تنطوي عليها المنافسة الأميركية - الصينية في أفريقيا؛ يعد «كامب ليمونيه» في جيبوتي القاعدة العسكرية الأميركية الوحيدة في أفريقيا، ويقطنه نحو 4 آلاف جندي، وهو ضروري لعمليات مكافحة الإرهاب في الصومال واليمن، ثم إن جيبوتي تقع بالقرب من باب المندب البحري الذي يمر عبره سنوياً ما بين 12.5 في المائة و20 في المائة من التجارة الدولية، وهذا الموقع الاستراتيجي جعل من جيبوتي مكاناً لمراكز متقدمة لفرنسا وإيطاليا واليابان وبالطبع الصين.
أما بالنسبة إلى إثيوبيا، فإنها كانت أسرع الدول الأفريقية في النمو اقتصادياً على مدى العقد الماضي، وساهم نمو المعدل الفردي ومعدلات الحد من الفقر بتحويل أفقر بلدان العالم إلى أسواق مستهلكة مطلوبة. لقد نما الناتج المحلي الإجمالي للفرد منذ عام 2000 بنسبة 277 في المائة، ويتوقع صندوق النقد الدولي استمرار النمو بمعدل 6.2 في المائة حتى عام 2022. ثم إن معدل الفقر انخفض بنسبة 31 في المائة. هذا النمو السريع جعل إثيوبيا سوق تصدير رئيسية للسلع الصينية. ومن أصل السلع التي استوردتها إثيوبيا في عام 2015 والبالغة قيمتها 17.6 مليار دولار، جاء من الصين ما قيمته 5.73 مليار دولار-، مقابل 934 مليون دولار فقط من الولايات المتحدة.
تكشف التطورات الأخيرة في كل من إثيوبيا وجيبوتي كيف أن الصين التي أقرضت الحكومات الأفريقية أكثر من 94 مليار دولار منذ عام 2000، أصبحت لها اليد العليا. وقد فاجأت جيبوتي شركاءها الخارجيين وصناعة الشحن العالمية بوضع يدها على محطة حاويات «دوراليه» من شركة «موانئ دبي العالمية» ومقرها دبي. ففي شهر فبراير (شباط) الماضي ادعت حكومة جيبوتي أن شركة «موانئ دبي العالمية» عملت على تعديل شروطها التعاقدية لتشغيل الميناء. ثم تحدت قرار تحكيم تم التوصل إليه في لندن العام الماضي، واستولت على الميناء. أثارت هذه الخطوة الشكوك بأن الصينيين يسعون إلى احتكار التجارة في الميناء، وبالفعل ضمنت المصالح الصينية عنصراً رئيسياً آخر في البنية التحتية للشحن والحاويات في جيبوتي.
من ناحيتها، اتهمت حكومة دبي جيبوتي بالسيطرة بشكل غير قانوني على الميناء وأعلنت عن اتخاذ إجراءات قانونية، مؤكدة أن المنشأة مملوكة لشركة «موانئ دبي العالمية» التي صممتها وبنتها وتشغلها منذ عام 2006، وبدأت إجراءات التحكيم أمام محكمة لندن للتحكيم الدولي لحماية حقوقها، أو لتأمين التعويضات والتعويض عن خرق حكومة جيبوتي ونزعها الملكية، وتقول شركة «موانئ دبي العالمية» إن الاستيلاء غير الشرعي هو لإجبار الشركة على إعادة التفاوض بشأن شروط الامتياز. ويقع ميناء «دوراليه» كما ذكرنا بالقرب من باب المندب مما يجعله مناسباً لشحن البضائع، كما أنه يستفيد من نمو اقتصاد المناطق الداخلية في إثيوبيا وجيبوتي.
الموانئ في جيبوتي جزء لا يتجزأ من حملة البنية التحتية الإقليمية الأوسع التي تمولها الصين. وقد تم توفير التمويل البالغ 4 مليارات دولار لإكمال أول خط سكة حديد كهربائي في أفريقيا يمتد لمسافة 470 ميلاً من أديس أبابا في إثيوبيا إلى جيبوتي، من قبل المصارف الصينية بالكامل، وقامت الشركات الصينية بأعمال البناء الفعلية. وتشير التقديرات إلى أن جيبوتي مدينة بمبلغ يفوق 1.2 مليار دولار للصين؛ الأمر الذي يغذي الحديث عن «فخ الديون» الذي سيترك الحكومات الأفريقية مدينة للصين حتى أجل غير مسمى. وتدعي الصين أن أهدافها اقتصادية وتحترم سيادة الدول الأفريقية، كما فعلت أخيراً مع بوركينا فاسو؛ حيث أقامت علاقات موسعة معها «تحترم كل من الدولتين استقلال الأخرى وسيادتها»! وردت بوركينا فاسو بأن الصين دولة واحدة تشمل تايوان أي «الصين الوطنية».
لدى كل من جيبوتي وإثيوبيا أسباب أخرى لتمييز علاقاتهما بالصين؛ إذ لم تعتد الصين التعليق على سجلات أي من الدول التي تتعامل معها والمتعلقة بحقوق الإنسان والقمع العنيف للمعارضة الداخلية، وكأنها تؤمن بأن «من بيته من زجاج لا يقصف الناس بالحجارة». إن سياسات الصين في عدم التدخل تعني أن نظرتها لا تمتد إلى أبعد من المصالح التجارية وتنمية البنية التحتية، وهذا هو السبب في أن الثروة المتغيرة للمصالح الأميركية والصينية في أفريقيا مهمة أكثر من مجرد الجغرافيا السياسية. لكن على المدى الطويل، وإذا ظلت الولايات المتحدة في حالة ابتعاد عن القرن الأفريقي حيث باب المندب، فما هي لاحقاً الشروط الصينية؟
فوجئت الولايات المتحدة ببناء الصين جزراً صناعية في بحر الصين تحولت إلى ترسانات عسكرية ضخمة، وهي تهرع الآن لدفع الفلبين إلى تقوية وجودها العسكري هناك. لكن بالنسبة إلى القرن الأفريقي، ماذا بالنسبة للدول المحيطة به؟ وماذا بالنسبة إلى تجذر العلاقة الآن بين الصين وإيران؟ هل تعتقد الولايات المتحدة أن الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في أفريقيا ونشطاء حقوق الإنسان الذين لا غنى عنهم للتنمية الاجتماعية والسياسية للقارة، ويشعرون بأن لا حليف لهم سوى الولايات المتحدة، قادر في المستقبل على الإطاحة بالوجود الصيني العسكري والمالي؟!
إنه أمر مشكوك فيه، وقد يؤدي من جديد إلى تخريب القارة السوداء بنزاع أميركي - صيني.