إعلام إيراني يتحدث عن سر الاستنفار الحوثي في الحديدة الاحتلال الحوثي يرفع وتيرة التصعيد في صنعاء - هدم منازل ومتاجر وطرد للتجار والباعة والمتسوقين حزب الاصلاح بمحافظة المهرة يحتفي بذكرى التأسيس واعياد الثورة ويدعو لاستعادة مؤسسات الدولة قيادي حوثي يجني شهريا أكثر من 190 مليار ريال من وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية في البحر أحد كبار القيادات العسكرية الأمريكية يسخر من تعاطي الإدارة الأمريكية مع مليشيا الحوثي في اليمن وزارة الأوقاف تبدأ عملية المسح الميداني لشركات النقل لضمان جودة خدمات النقل الأمن وراحة الحجاج مقتل عبد الملك الحوثي كيف سيؤثر على الحوثيين وإيران؟ .. تقرير أمريكي يناقش التداعيات ويكشف عن الخليفه المحتمل منظمات حقوقية تطالب بالإفراج عن الصحفي المياحي من سجون مليشيا الحوثي ثلاث كاميرات سرية في واتساب.. تنقل عنك كل التفاصيل.. تعرّف عليها اسعار صرف الدولار والسعودي في اليمن مساء اليوم
كان لافتا أن يحظى اللاعب المصري الشهير محمد أبو تريكة بفيض من الهتافات في ملاعب الكرة المصرية، من الجماهير المصرية ومن جماهير منتخبات عربية، خلال البطولة الأفريقية التي تقام في الملاعب المصرية.
والحال أننا إزاء ظاهرة غريبة؛ لأن النجم الذي نتحدث عنه اعتزل اللعب منذ سنوات، ما يدفع إلى التوقف أمام هذه الظاهرة للحديث عما وراءها.
في الحديث عن السبب المباشر وراء حضور أبو تريكة الدائم في مواقع التواصل، يحضر تاريخه العريق؛ ليس كلاعب مبدع وحسب، بل كلاعب يتميز بأخلاق عالية جعلت منه "أميرا للقلوب" كما لقبته الجماهير، لكن البعد الآخر الذي يحضر هنا هو مواقع التواصل الذي جعلته دائم الحضور بتعليقاته التي تعبّر عن ضمير الجماهير.
يتبدى البعد الذي يستوقفنا في القضية، وهذه الأيام تحديدا، بخاصة بعد تعليقه (أبو تريكة) على استشهاد الرئيس محمد مرسي
أما الأهم من ذلك راهنا، فيتعلق بمظلومية الرجل الذي تحوّل من "أمير القلوب" إلى شخص متهم بالإرهاب، من دون أن تثبت عليه أي تهمة من هذا النوع.
هنا تحديدا يتبدى البعد الذي يستوقفنا في القضية، وهذه الأيام تحديدا، بخاصة بعد تعليقه (أبو تريكة) على استشهاد الرئيس محمد مرسي، والذي استفز بعض مهرجي القنوات المصرية الذين أشبعوه هجاء من اللون المبتذل.
في تقديري أن الهتاف لـ"أبو تريكة"، كان في واقع الحال يتجاوز التعاطف معه أمام سيل الهجاء المبتذل؛ إلى التعاطف مع القضية التي تتم مهاجمته لأجلها، إن كان في بعدها القريب ممثلا في التغريدة المشار إليها، أم كان في بعدها الآخر ممثلا في اتهامه بالإرهاب.
إنه يتجاوز ذلك إلى الرغبة في الهتاف للرئيس الشهيد، ولكل المتهمين بالإرهاب ظلما، والذين تزدحم بهم السجون، وهو بدوره تعبير آخر عن رفض الواقع الراهن الذي تلا ثورة يناير.
جمهور النادي الأهلي المصري هو في واقع الحال قطاع من جمهور ثورة يناير التي تم اغتيالها، لكن قدرة هذا الجمهور على قول ذلك صراحة تبدو صعبة في أجواء الرعب التي يعيشها المجتمع، وفي أجواء يمكن للكاميرات أن ترصد أي شخص يهتف، ولذلك ذهب هؤلاء إلى هذا اللون من التعبير الذي يصعب على أجهزة الأمن أن تجرّمه.
لو كانت هناك فُسحة، ولو محدودة من الحرية، لكان بوسع تلك الجماهير أن تهتف لثورة يناير وللشهداء وللمعتقلين، لكن أجواء الرعب التي يعيشها المجتمع تحول دون ذلك.
في هذا السياق لم تعجبني مثلا تلك التعليقات في مواقع التواصل، والتي سخرت من الهتاف لـ"أبو تريكة"، معتبرة أنه كان عليها أن تهتف للشهيد مرسي، فيما يتجاهل أصحاب تلك التعليقات طبيعة الوضع الذي يعيشه البلد، والتي ستلقي بأي شخص في غياهب السجون لأجل تغريدة أو هتاف والأمثلة لا تحصى.
يحدث في واقع الشعوب أن يلوذ الناس بالصمت أو يلجؤون إلى أشكال مبتكرة من التعبير هربا من البطش. ويحدث ذلك حين تشعر تلك الجماهير أن الأجواء ليست مواتية لما هو أكبر، إن كان في البعد المحلي أو الإقليمي أو الدولي، وهذا هو الواقع في الحالة المصرية، وفي حالات أخرى مشابهة، كان التعبير الأكثر بلاغة من قبل الجماهير هو الصمت.
في دول خليجية ترك مئات الآلاف من الأشخاص مواقع التواصل، ومالوا إلى الصمت بعد أن اعتقل رموزهم، وشاعت أجواء الرعب، فكان الصمت هو تعبيرهم الأكثر بلاغة عن رفض الواقع الراهن، فيما لم تجد السلطات من بين ملايين المشاركين في تلك المواقع سوى حفنة صغيرة ممن يؤيدونها بأسمائهم الصريحة، وذهبت نحو تجنيد جحافل من الأسماء المستعارة كي يمارسوا لعبة التأييد، بجانب هجاء الناقدين (وهم غالبا من الخارج)، والتشنيع عليهم بالهجاء المبتذل.
المرحلة التي نعيشها في دول عديدة هي مرحلة انتصار للثورة المضادة، وإن كان انتصارا مأزوما، ومرحلة بطش بلا حدود، ولا غرابة في أن يلجأ الناس إلى شكل من أشكال التعبير الموارب، أو حتى الصمت، كي يعكس رفضهم للواقع الرهن، وانتظارا لتطورات تسمح لهم بما هو أقوى في سياق الرفض.
هو واقع لا يمكن أن يستمر بطبيعة الحال، فللشعوب لحظتها التي يفيض بها الكأس، وتعرف خلالها كيف تواجه الاستخفاف بضميرها ومطالبها، ولذلك يبدو التعويل على الحلول الأمنية وضخامة البطش ضرب من الرعونة، سيكتشف من يختارونه مدى رعونته في لحظة لا ينفع فيها الندم، ما لم يراجعوا مواقفهم مبكرا، ويتصالحوا مع شعوبهم.