بينهم صحفي.. أسماء 11 يمنيًا أعلن تنظيم القاعدة الإرهـ.ابي إعدامهم مكافئة للاعبي المنتخب اليمني وهذا ما قاله المدرب بعد الفوز على البحرين تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها حملة تجسس صينية ضخمة.. اختراق شركة اتصالات أمريكية تاسعة اشتعال الموجهات من جديد في جبهة حجر بالضالع ومصرع قيادي بارز للمليشيات
«إذا اختلف اللصان ظهر المسروق»… هكذا يقول المثل وهكذا هو واقع الحال الآن في سوريا في قضية رامي مخلوف ابن خال الرئيس وهذه الضجة المثارة حاليا عما يتعرض له من مضايقات تهدف، حسب قوله، إلى الضغط عليه لدفع أموال طلبتها منه الدولة، أو الرئيس أوعقيلته وجماعتها، لا فرق في الحقيقة.
وإذا ما أخذنا بأقوال فراس طلاس ابن وزير الدفاع السوري الراحل فإن رامي مخلوف نجح من خلال إطلالته على مواقع التواصل الاجتماعي في شق وحدة صف الموالين للنظام كما نجح في أن يبادر البعض إلى إثارة تساؤلات حول أسباب استهداف مخلوف والاستيلاء عن أمواله (…) ذلك أن عائلتي الأسد ومخلوف تديران سوريا كأنها مزرعة خاصة وبالتالي فإن ما يحصل بينهما من شد وجذب مرده الخلاف بين أسماء الأسد زوجة الرئيس ورامي مخلوف الذي يخشى على ثروته من الضياع مقابل تعزيز نفوذ حافظ الأسد نجل الرئيس».
لعله لم يكن صدفة أن تستضيف قناة «روسيا اليوم»، وهي المملوكة لأكبر داعم للأسد ونظامه، طلاس الذي قدمته بـ»رجل الأعمال السوري» والذي كان يتحدث من دبي، الملاذ الآمن وفردوس كل الهاربين بأموال منهوبة من كل مكان في العالم، ليقول كذلك إن مخلوف «نجح في مخاطبة عائلات شهداء النظام وشبيحته وإيصال رسالة لهم مفادها أن زوجة الرئيس أسماء وشقيقه ماهر يريدان أن يستوليا على الأموال التي خصصها لهم».
الملفت للانتباه هو أن جهات سورية لا تتردد حاليا في وصف ما يجري بأنه كذلك «صراع روسي مع مخلوف» وفق ما يرى مثلا المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، الذي اهتم بالقول إن اعتقال أجهزة الأمن السورية لعدد من مدراء وتقنيي شركة «سيرياتيل» للاتصالات المملوكة لمخلوف إنما تم «بتوجيهات روسية» بل إن «قوات روسية واكبت حملات الدهم والاعتقال للمدراء والتقنيين» حتى وإن ظل مخلوف طليقا حتى الآن.
إذن نحن أمام خلاف بين فاسدين سوريين على تقاسم مكاسب وأموال منهوبة دخلت على خطه موسكو بقوة سواء بغرض نيل نصيبها من أي حصيلة أو، إذا ما اعتمدنا ما يتم تداوله حاليا، لتحصل على أموال مستحقة لها طلبتها من دمشق وتبلغ 3 مليارات دولار لم يكن النظام قادرا على دفعها، وبالتالي فمن مصلحتها أن تساعده على تدبر أمر الظفر بها ولا تعنيها بقية التفاصيل.
ما ينشر حاليا يريد أن يضع الأمر أيضا في سياق سياسي أوسع وذلك بالاشارة إلى أن مخلوف الذي يقال أنه يسيطر على 60 في المئة من الاقتصاد السوري موّل خلال السنوات الماضية عددا من الميليشيات تدين له بالولاء، وتشكل سندا للنظام، تشكلت من آلاف المقاتلين التابعين لجمعية البستان الخيرية، «وقوات النمر» و«لواء الدرع الوطني» وكانت تعتبر كذلك حليفة لإيران. ووفق نفس التحليل أيضا، فإن روسيا التي دخلت في صراع حول النفوذ داخل سوريا مع إيران، بدأت تضيق ببشار الأسد وجماعته وفي نفس الوقت لم تعد تنظر بارتياح لكل أذرع طهران وحلفائها فشرعت في استبعادها وتحجيمها بل وفي اعتقال قيادات من النظام نفسه عرفت بموالاتها لها.
حجم كبير من التناقضات داخل سوريا بدأت تطفو على السطح الآن وما قضية رامي مخلوف إلا البداية. هدوء الجبهة الداخلية الآن في سوريا في الفترة الماضية سمح لهذه التناقضات أن تبرز وتتفاعل وقد يكون المقبل أكثر إثارة. البعض وضع ما جرى في سياق ما اعتبره محاسبة لأثرياء الحرب وهذا هو الوهم بنفسه. مجرمو الحرب في سوريا هم أنفسهم أثرياء الحرب، أولهم النظام ورأسه، تليه غالبية التنظيمات المسلحة التي التحقت لدعم النظام أو القتال ضده من دول الجوار والمرتزقة، فضلا عن الدولتين اللتين تدخلتا عسكريا لإسناد النظام ومنع سقوطه.
المهم الآن ما عُرف أكثر، مما كان معروفا من قبل، من فساد ونهب في سوريا زادته السنوات الماضية انتعاشا كشأن الحروب والأزمات دائما. لقد فضحت قضية مخلوف غول الفساد في «سوريا الأسد» والذي جعلها تحتل المركز قبل الأخير في قائمة آخر تقرير سنوي لمؤشرات «مدركات الفساد» الذي تصدره «منظمة الشفافية الدولية»، والذي رصد حالتي الشفافية والفساد، في 180 دولة حول العالم لعام 2019. هذا الفساد سيتراءى في الفترة المقبلة أكثر فأكثر وقد يصل إلى مرحلة شديدة القسوة، وحتى الدموية، بين مراكز الفساد المختلفة لأن جميعها باتت تعتقد أنه آن الأوان للنزول من الجبال لتقاسم الغنائم حتى قبل تسديد الفواتير.
صحيح أن ما جرى أظهر سخافة أن يبدو رامي مخلوف مضطهدا يبحث عن العدل ويستاء المسكين من ترويع الناس واعتقالهم، لكن ذلك لا يعني تصدع أركان النظام أو تهاويه الوشيك، فالانقسامات الحاصلة داخل الطبقة الحاكمة في سوريا لن تسهم قريبا في تحقيق انتقال سياسي في البلاد كما رأى ذلك روبيرت فورد السفير الأمريكي السابق في دمشق في مقال له بالأمس.
إنها البداية ليس إلا، فما تقود إليه مثل هذه التصدّعات قد يكون أقوى أثرا من الرصاص والقنابل والتفجيرات. دعونا ننتظر…