من الذي يوقع بين فتح وحماس .. دحلان .. أم شاس ؟
بقلم/ د.رياض الغيلي
نشر منذ: 17 سنة و 9 أشهر
الثلاثاء 30 يناير-كانون الثاني 2007 05:18 م

مأرب برس – خاص

(شاس بن قيس) رمز الدسائس والمؤامرات ، ورائد الفتن ، وموقظ الأحقاد والضغائن .

(شاس بن قيس) شخصية يهودية شيطانية ، تظهر كلما لاحت في الأفق بوادر التحامٍ واعتصامٍ واتحاد ، فيجهض بدسائسه كل بادرة اتفاق ، ويجهز بمكائده على كل محاولة للتقارب .

(شاس بن قيس) بدأ مشروعه حينما رأى جماعة من الصحابة (رض) ، بل جماعة من الأوس والخزرج ، أعداء الأمس .. فرقاء الأمس .. قد أصبحوا إخوة !! يجلسون في مجلس واحد ، وينهلون من نبع واحد ، ويصلون في مسجد واحد، ويعبدون رباً واحداً ، ويقرؤون كتاباً واحداً ، و يقودهم رجل واحد هو الحبيب محمد ( صلي الله عليه وسلم ) .

فراعَ (شاساً) ما يرى من توحد كلمة المسلمين .. أفجعه ما يرى من اعتصام بحبل واحد .. هو حبل الله المتين .. غاظه ما أصبح عليه الأوس والخزرج من ألفة واجتماع ومحبة وإخاء ... وهكذا هم اليهود على مر العصور .. فاندس الخبيث في صفوف المسلمين ، وبدأ ببث سمومه ، فذكرهم بما كان بينهم من حروب ..

ذكرهم بالقتلى .. ذكرهم بالدماء التي أريقت .. ذكرهم بالنساء اللاتي انتهكت أعراضهن .. ذكرهم بالأطفال الذين يتموا .. والأمهات اللاتي ثكلن .. والأزواج اللائي رملن .. وأنشد على مسامعهم بعض الأشعار التي تقاولوها فيما بينهم أيام العداوة والقتال .

وذكرهم بيوم بعاث : ويوم بعاث يوم اقتتل فيه الأوس والخزرج ، وكان النصر فيه للأوس على الخزرج ..

فتحركت نار الأحقاد .. تحركت العصبية الجاهلية في النفوس ..فبدأوا يتذاكرون ويتفاخرون .. حتى تواثب رجلان منهم أحدهما من الأوس والآخر من الخزرج فتقاولا ، ثم قال أحدهما للآخر : إن شئتم والله رددناها جذعة (حربا طاحنة لا تبقي ولا تذر ) ..

ونجح الخنزير ... نجح سليل القردة .. في إشعال فتيل البغضاء بين إخوة اليوم الذين كانوا قبل دقائق معدودة يتدارسون القرآن ..ويرددون أحاديث المصطفى (ص) .

وغضب الفريقان .. وشاعت أجواء الحرب في المنطقة .. وفاحت رائحة الحقد المنتنة في الأجواء .. وهب كل واحد منهم إلى سلاحه .. وتنادوا قائلين : السلاح السلاح ، موعدكم الظاهرة .

ولكن سرعان ما فاحت رائحة الأحقاد في الأجواء ، كما تفوح الروائح المنتنة الكريهة، فبلغت الحبيب محمداً صلى الله عليه وسلم ; ، فخرج الحبيب محمداً صلى الله عليه وسلم ; .. خرج ليتدارك الموقف .. خرج ليخمد الفتنة النائمة التي أيقضها بنو صهيون .. خرج ليمنع التفرق .. خرج ليمنع التمزق .. خرج ليمنع سفك الدماء .. خرج فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى بلغ موضع الحرب .. موضع الفتنة ..

ونادى بأصحابه من الأنصار .. وصاح فيهم : " يا معشر المسلمين .. يا معشر المسلمين .. الله .. الله .. الله .. أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟ أبدعوى الجاهلية بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام ، وأكرمكم به ، وقطع به عنكم أمر الجاهلية ، واستنقذكم به من الكفر .. وألف به بينكم .. ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً "

بهذه الكلمات البسيطة الصادقة السلسة ... نزع الحبيب المصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم فتيل الحرب الذي أشعله عدو الله اليهودي (شاس بن قيس) ...

بهذه الكلمات النابعة من القلب ... أخمد الحبيب المصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم ; نار البغضاء والشحناء التي حاول غرسها الخنزير عدو الله ... بهذه الكلمات الخارجة من فم من لا ينطق عن الهوى ...قتل الحبيب المصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم ; مارد الفتنة في نفوس الأنصار .. ذلكم المارد الذي رعاه سليل القردة عدو الله ..

فماذا كان رد الفعل لدى الأنصار بعد سماعهم كلمات معلمهم وقائدهم ورائدهم محمد محمداً صلى الله عليه وسلم ; ؟ إن الموقف الذي حدث تعجزعن بيانه الألسن .. موقف رهيب .. موقف عظيم .. عندما تعود المياه إلى مجاريها الطبيعية..عندما يفوح عبق الأخوة .. وأريج المحبة .. عندما تصفو النفوس ... وتطهر القلوب ... يعم السلام ... وينتشر الأمان ...

كيف أصف الموقف .. والقلب يكاد ينخلع .. وكأنني أشاهد عن كثب جموع الأنصار .. الأوس والخزرج ... الذين رفعوا السلاح في وجوه بعضهم منذ لحظات قليلة قبل قدوم الحبيب محمداً صلى الله عليه وسلم ; ... كأني أراهم وقد نزع الله من قلوبهم نزعة الشيطان .. وكيد العدو ... قد ألقوا السلاح من أيديهم .. كأني بهم وقد بللت الدموع لحاهم يبكون بكاءً شديداً .. ويتعانقون عناقاً حاراً .. رجع كل واحد منهم إلى نفسه .. وتغلب على حمية الجاهلية .. وعصبية القبيلة .. عاد وعانق أخاه عناق المحب للمحب .. وانشرح صدر النبي (ص) بهذا الإلتحام .. وبهذه المشاعر .. وبهذه المحبة .. التي لم يزدها كيد اليهود إلا رسوخاً .. و( ورد الله الذين كفروا بغيضهم لم ينالوا خيرا .. وكفى الله المؤمنين القتال ) ..

وبعد لحظات يأتي البريد السريع من السماء .. من عند رب الأرض والسماء .. يحمله أمين وحي السماء .. جبريل عليه السلام ..إلى رسول رب السماء ... في برقية عاجلة إلى المؤمنين جميعاً .. أنصاراً ومهاجرين .. أوساً وخزرجاً .. هذا نصها : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران: 100-103) 

وما لبث أن ظهر (شاس بن قيس) مرة أخرى في شخصية (عبد الله بن سبأ) ، وهاهو يظهر اليوم من جديد في شخصية (دحلان) الذي يسارع إلى إشعال الحرائق ، ودس الدسائس ، وزرع الفتن كلما أوشك إخوة الجهاد في فتح وحماس على الاتفاق ، وهو بذلك يؤدي نفس الدور الذي قام به سلفه (شاس بن قيس) ، فهذا المارق يخدم اليهود ، وينفذ دوره في المخطط الصهيوني لإسقاط حكومة حماس بجرها إلى حرب أهلية طاحنة .

شاس الجديد (دحلان) بالرغم من أنه لبس قناع النضال إلا أنه لم يستطع إخفاء (شاسيته) التآمرية التي تم صياغتها في كواليس الشاباك الإسرائيلي ، ودهاليز (السي أي إيه) الأمريكية ، لذلك كان (دحلان) هو أفضل مرشح لدى الكيان المحتل لتقمص دور الجد (شاس بن قيس) .

وإذا كان الحبيب محمداً صلى الله عليه وسلم ; قد أحبط محاولة الجد (شاس) للإيقاع بين الصحابة ، فإن المطلوب اليوم من القيادة السعودية أن تحاول القيام بدور الحبيب محمد قد أحبط محاولة الجد (شاس) للإيقاع بين الصحابة ، فإن المطلوب اليوم من القيادة السعودية أن تحاول القيام بدور الحبيب م محمداً صلى الله عليه وسلم ; لإحباط مؤامرة الحفيد (دحلان) في الإيقاع بين الإخوة في فلسطين ، وذلك لا يتأتى إلا بالسير وفق تعاليم القرآن الكريم : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات:9) ، وأعتقد أن أفضل مكان لعقد التصالح بين حركتي (فتح وحماس) هو المدينة المنورة ، وأمام الروضة الشريفة ، حتى يعاهدوا الله ويعاهدوا رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم ; على الاعتصام بحبل الله تعالى وتحريم الدم الفلسطيني وتوجيه طاقات الجهاد والنضال ضد المحتل ، وبتر كل عضو دخيل شاسي .

مشاهدة المزيد