مأرب برس - خاص
ودع اليمنيون مع آخر أيام العام 2007م واحد من أهم وأكبر الشخصيات في تاريخهم الحديث في موقف قلما يتكرر على مدار عقود الزمن .
مراسيم تشيعه اختلط فيها الشعبي بالرسمي المحلي بالخارجي تزاحم الجميع من اجل التعبير عن حزنهم وعظيم خسارتهم بوفاة شيخ اليمن عبدالله بن حسين الأحمر الموقف كان صعبا على الجميع السياسيين فقدو عنصر التوازن في الحياة السياسية ورجل المواقف الثابته في كل المراحل السياسية .
القبيلة فقدت الأب والشيخ والزعيم الذي أعاد للقبيلة دورها وجعلها جزء من مكون الدولة فلا هي هيمنة على الدولة ولاخرجت عنها ومكنها من أن تكون عونا للدولة وأجهزتها في فرض هيبتها وسلطتها فقد كان رجل الدولة في القبيلة ورجل القبيلة في الدولة .
اختلف الشيخ عبدالله الأحمر مع الكثير لكنه انتقل الى جوار ربه وهو محل احترام وتقدير وحب الجميع لأنه يتطرف باختلافه مع احد ولم يتطرف بمواقفه السياسية ولم يحمل الحقد والضغينة ضد من يختلف معه .
مواقفه من قضايا دينه ووطنه وعروبته ثابتة لم تتغير ، عندما هاج الثور الامريكي بعد احداث 11 سبتمبر سلم الكثير له وتراجعت مواقف الكثير من الزعامات العربية تجاه القضايا القومية والاسلامية المصيرية وحده الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر لم تتغير مواقفه من القدس ومن قضية فلسطين ودعم حركة حماس التي اعتقل بسبب دعمها ( المؤيد ورفيقه ) الذين تتهمهما امريكا بدعم حماس وبالتالي فانه من المنظور الامريكي كل من يدعم حركة حماس فانه داعم للارهاب لأن امريكا تعتبرها منظمة ارهابية .
عندما احتلت العراق الكويت أعلن رفضه لذلك وأسس اللجنة الشعبية لمناصرة الكويت وحدد موقفه انذاك ضد الظلم وضد أن يبطش الأخ الاكبر بأخيه الاصغر .
وعندما هاجمت أمريكا العراق في 2003م أعلن رفضه لذلك ومعارضته لأنه يرى أن وقوع عربي أومسلم تحت سطوة أجنبي وهيمنته اذلال للأمة كلها وليلة عيد الاضحى المبارك عندما اعدم صدام حسين كان موقفه قويا ورافضا لتلك الجريمة لأنه اعتبر اعدام رئيس عربي بتلك الصورة وبذلك التوقيت مهين للعرب والمسلمين عامة داعيا المسلمين الى الصحوة من سباتهم حسب تصريحه لقناة الجزيرة آنذاك .
لم يكن عبدالله بن حسين الاحمر دمويا . يكره اراقة الدماء ويكره تصفية الحسابات السياسية والصراع على السلطة باراقة الدماء . حينما اختلف مع السلال والقيادة المصرية اعتكف في عمران ولم يوقف مقاومته للقوى الامامية ودعمه للنظام الجمهوري وعندما وصلته صناديق الذهب من أجل الأنظمام للملكيين رفضها ورفض اغراء السلطة لأنه اعتنق الثورة والجمهورية .
وعلى الرغم من اختلافه مع القيادة المصرية بسبب اعتقال قادة ورجال اليمن في سجون مصر وتصرفات القيادة المصرية في اليمن الا أنه وعقب نكسة حزيران 1967م دخل صنعاء مع اكثر من عشرة الف مقاتل استعدادا للذهاب الى مصر للدفاع عنها . لم يجعل من نكسة يونيو مادة للتندر والسخرية من خصومة ( السلال والقيادة المصرية في اليمن ) .
غادر السلال الحديدة وهو مدرك أن شيئا ما يدبر في الخفاء فما كان منه الا ان خاطب عبدالله بن حسين الاحمر ( لا تجعل الفقهاء يزيدون عليك الجمهورية أمانه في عنقك ) هذه الثقة امتداد للثقة التي وضعها محمد محمود الزبيري في عبدالله الأحمر لانهما يدركان مدى قدرته على الدفاع على الثورة والجمهورية ( هؤلاء اثنين من قادة الثورة باتجاهين مختلفين شاهدين على الدور الذي اطلع به الاحمر في الدفاع عن الثورة مهما شكك المشككون ) فلم يخذلهما عبدالله بن حسين الاحمر ودافع عن الثورة والجمهورية حتى استقام عودها وقويت شوكتها واسقط النظام الامامي البائد .
تمتع الشيخ عبدالله الاحر برؤية ثاقبة وبصيرة نافذة فعند التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في عمان اندهش الجميع لما يكتبه عبدالله بن حسين الاحمر عند توقيعه على الوثيقة لقد اشترط في توقيعه عودة البيض الى صنعاء لانه كان يقرأ نوايا الطرف الاخر ويقرأ نتائج الازمة وتداعياتها .
هذه المواقف جزء يسير ويسير جدا يمكن ان توضع لها دراسات لمعرفة شخصية هذا الرجل الذي تمتع بالصراحة والوضوح والمصداقة في مواقفه لذلك احترمه الجمعي لانه لم يجامل أو يصمت أو ينحني للعاصفة عند المواقف .
حبه خصومه قبل مريديه والايام حبلى بان تثبت معدن هذا الرجل ومواقفه وعظيم الخسارة من فقدانه .
رحم الله الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر واسكنه فسيح جناته
بقلم / الشيخ : صادق عبدالكريم زاهر
* مدير العلاقات العامة بمكتب الشيخ / عبدالله بن حسين الاحمر بالرياض
في الخميس 17 يناير-كانون الثاني 2008 07:03:44 م