جمعة الكرامة عودة للكرامة
بقلم/ عبدالله الهتاري
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 13 يوماً
الإثنين 19 مارس - آذار 2012 05:19 م

نحمد الله الذي حرم الظلم والبغي والعدوان، ونحمده سبحانه كتَب على الباغي الخزي والهزيمة والخذلان،أخي القارئ

في مثل هذا اليوم الميلادي من العام المنصرم، وبعد أداء صلاة الجمعة حدثت جريمة عظيمة جعل ربنا مصير مرتكبها الخلودَ في نار جهنم وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}إن ما حدث في جمعة الكرامة من قتل للأبرياء، وسفك للدماء، لجريمة يدينها التاريخ، ويستقبحها الدهر، وتستنكرها الدنيا،

قتل مايزيد على الستين من أبناء بلد الإيمان قتلوا عمداً وعدواناً،فالإصابات كانت موجهة للرأس والرقبة، .والصدور العارية والقلب

إن مرتكبيها لم يتركو فرصة لضياع أي رصاصة لديهم،وكأنها أغلى من دماء إخواننا

إن القصاص هو مطلب جميع اليمنيين التي تفاعلت مع حدث جمعة الكرامة ، القصاص العادل هو مصير كل قاتل،القصاص الذي لا يعرف غنياً ولا فقيراً،ولا رئيساً ولا مرؤوساً، ولا حاكماً ولا محكوماً..فكل نطاح من الناس له يوم نطوح فلابد أن تطفأ نار المحن بالقضاء على مشعليها كائن من كان،وإلا فلا حياة.

القصاص فيه حياة المجتمع أليس الله هو القائل {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}

لقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة يوم أن تقدم؛ليشفع في امرأة مخزومية شريفة سرقت، وقال: (وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها،إنما أهلك من كان قبلكم: أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه،وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد)

وإذا لم يتم القصاص في الدنيا فالقصاص هناك بين يدي الله عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي قال:لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة)حتى يقاد للشاة الجلحاء(من الشاة القرناء/ أإذا كان الله يأخذ الحق للدواب والبهائم والحيوانات فهل يترك الله حق العباد

وقال الرسول:يجيء الرجل آخذاً بيد الرجل فيقول:يا رب،هذا قتلني.فيقول الله له لم قتلته؟فيقول : قتلته لتكون العزة لفلان . فيقول : إنها ليست لفلان.فيبوء بإثمه

لقد طال تعجبي من إنسان محسوب على البشر,يؤثر خدمة السلطان ويقتل من أجله مع ما يرى منه من الجور الظاهر والعدوان,

لقد حدثنا ربنا تبارك وتعالى في كتابه العزيز عن أول جريمة قتلٍ في الأرض لما قتل أحد ابنيْ آدم أخاه في فجر البشرية في فجر الحياة حيث لم يكن يعرف الإنسان كيف يواري جثة أخيه الإنسان فهذه أول جريمة تقع على وجه الأرض حيث بعث الله غرابا يعلم الإنسان كيف يواري سوأت أخيه

إذاً من قديم الزمان تعلم الناس العدوان وعرف الناس الشر ووجد الشرير الذي يقتل أخاه بغير ذنب جناه ووجد في الناس الطيب الوديع المسالم الذي يقول لأخيه (لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ

إن الحل الحقيقي والأقل كلفة والذي يستعيد الكرامة للإنسان اليمني، هو في البطانة الصالحة لمن يحكمون اليمن الجديد فأبناء الشعب قد كره البطانة الفاسدة وأرباب الفساد الذين جثموا على صدور العباد دهراً من الزمن، والذين يتحملون دماء شهداء جمعة الكرامة

أخي القارئ تسبق العبرات قول الكلمات،وتخنق الآهات القلوب الحائرات،وهي تستذكر تلك المجزرة الأليمة وتزداد النفوس ألما حين ترى القاتل والجاني حرا طليقا الويل ثم الويل للقاتل أين سيفر من عدالة الله تعالى؟ أين سيفر من الخسارة والندم أين سيفر من الخيبة والخذلان؟ أين سيفر من تلك الوجوه المظلومة التي تلاحقه في كل لحظة، وفي كل مكان؟ قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ)

ألا يعلم القاتل أي دار ستستقبله.إنها دار الذلِ والهوانِ،والعذابِ والخذلانِ، دارُ الشهيق والزفرات، والأنين والعبرات، ماذا نقول تجاه ذلك الإجرام الذي رأيناه قبل عام ويا ليتنا لم نراه ؟والله عندما رأينا تلك المشاهد كأن الكهرباء تسيطر في أجسادنا لأن هذه دماء ولست قطرات ماء شباباً قُطفت زهرة شبابهم،وأزهقت أرواحهم، وتوقف مستقبلهم، وتلاشت أحلامهم؟

أخيرا أقولها حقاً جمعة الكرامة كانت عودة للكرامة المسلوبة وفي القريب العاجل بإذن الله سنرى من أرتكب تلك الجريمة البشعة في مشنقة العدل الإلهية عندها ستكون الكرامة قد اكتملت

و لا نملك في النهاية إلا أن نعزي أنفسنا -نحن أبناء اليمن ونجعل أكاليل الزهور والرياحين على رؤوس أسرهم الصابرين المحتسبين، ونقول لهم: اصبروا وصابروا، فإنا نرجو من الله تعالى أن يكتب لهم الشهادة،

وأن يرفعهم في عليين، وأن يشفعهم في أهليهم، وأن يتجاوز عن سيئاتهم،وأن يتقبل حسناتهم،وأن يجازيهم بالحسنات إحساناً،وبالسيئات عفواً منه وغفراناً.

اللهم أسكنهم دار الشهداء،واجمعهم بالأولياء، اللهم أكرم نزلهم،ووسع مدخلهم،اللهم باعد بينهم وبين خطاياهم كما باعدت بين المشرق والمغرب،اللهم اغسلهم من خطاياهم بالماء والثلج والبرد،اللهم نقهم من خطاياهم كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته