أول دولة عربية تعلن عن عفو رئاسي يشمل نحو 2.5 ألف محكوم وسجين خليجي 26: البحرين أول المتأهلين بعد فوزها على العراق والمباراة القادمة أمام اليمن فرار عشرات الطلاب من أكاديمية حوثية للتعليم الطائفي في صنعاء .. سقوط بشار يربك محاضن المسيرة الطائفية عاجل: صدور قرار لرئيس مجلس القيادة وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد
يمر اليمن، الذي كان سعيدا في التاريخ القديم، في الاسابيع القليلة الماضية وحتى الآن بأزمات حقيقية. بدأت عندما زحف الحوثيون من صعدة إلى العاصمة صنعاء.
ظن الكثيرون أن الأزمة ستنتهي بعد توقيع الحوثيين اتفاقا مع الحكومة والقوى الوطنية، ولم تنته، فقلنا ربما بعد تشكيل الحكومة وموافقتهم عليها، وإذا بالأزمة تبدأ بدل أن تنتهي. أحد بنود الأتفاق الأساسية تنص على انسحاب المسلحين من المدن، وإذا بهم بدلا من ذلك يتمددون إلى مدن ومحافظات أخرى. لم يتوقع أحد أن يستمر الحوثيون في اجتياحاتهم بدون أن يجابهوا بقوى القبائل و»القاعدة» وحزب الإصلاح وباقي القوى الوطنية والثورية، وقد كان.
أمريكا قصفت مواقع «القاعدة» المصنفة لديها منظمة إرهابية. الغريب في الأمر أن الحوثيين حركة عسكرية خارجة على القانون في اليمن، خارجة على الحكومة التي باركتها أمريكا ودول الخليج بعد خلع الرئيس علي عبدالله صالح. لم تقصفها أمريكا، ولم تصنفها حركة إرهابية. دول الخليج لم تحرك ساكنا عندما اجتاح الحوثيون صنعاء، وهم الذين ملأوا الدنيا صراخا قبلها عن الخطر الشيعي على المنطقة. هل تريد دول الخليج وأمريكا مثلا استنزاف قوى «القاعدة» والحوثيين في حروب طويلة فيضعفان كلاهما وهم يتفرجون، بالطبع هذا يتطلب جهدا استخباراتيا كبيرا حتى لا تفلت زمام الأمور ويخرج أحدهما منتصرا.
الغريب في الموضوع أن الحوثيين يصولون ويجولون في أصقاع اليمن بدون أن يشتبكوا مع قوى الأمن والشرطة والجيش اليمنية. الشرطة تتفرج وكذا الجيش في مشهد سريالي عصي على التفسير. الأكثر رواجا بين المحللين السياسيين أن هناك تواطؤا واضحا بين قيادات الجيش والأمن، التي تدين بالولاء للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في تحالف مشبوه يمثل ثورة مضادة. الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يوجه نداء، وليس أمرا عسكريا، لمحافظ مأرب والقوة العسكرية فيها للتصدي للحوثيين الذين يستعدون لاجتياحها، لاحظوا أنه لم يوجه أي تعليمات كهذه قبل اجتياح صنعاء، وقد يكون التفسير ألا نفوذ عسكري لصالح في مأرب، والأيام القليلة القادمة ستخبرنا إن كان الجيش هناك سيتصدى للحوثيين أم لا.
بالعودة إلى النظرية القائلة باستنزاف «القاعدة» والقوة الحوثية في معارك طاحنة، تصبح الامور أكثر وضوحا بتحييد الجيش اليمني في معركة «ليس له فيها ناقة أو بعير»، وسيعود لاحقا عندما ينجلي غبار المعركة ليحافظ على تماسك الدولة قبل أن تفشل ويذهب ريحها. صحيح أن الحوثيين غنموا اسلحة ومعدات محدودة من الجيش في صنعاء، ولكنهم لم يفعلوا ذلك على نطاق واسع في باقي المناطق، أليس كذلك؟
البعض يربط التقارب الأمريكي الإيراني، ورسائل الود التي بعث بها أوباما إلى خامنئي مع الحمام الزاجل، بأن أمريكا تغض الطرف عن التمدد الحوثي وتقنع حلفاءها الخليجيين بأن لا يكترثوا للأمر، على الأقل إلى حين، فهذه هي السياسة في المحصلة، لا صداقات دائمة ولكن مصالح مؤقتة، أمريكا محتاجة إلى ايران للتصدي لـ«داعش» في العراق، ولـ«القاعدة» في اليمن. أمريكا لن يضيرها الشعارات المرفوعة في شوارع صنعاء: «الموت لأمريكا» ولا الشعارات المرفوعة في طهران «الموت للشيطان الأكبر»، لأنها تبقى شعارات ليس إلا، وعلى أسوأ الأحوال، على الأقل إلى حين.
الإخوان المسلمون يفسرون الامور على طريقتهم بأنها مؤامرة من قبل الخليج (ما عدا قطر) وأمريكا بمساعدة الحوثيين ضد حزب الاصلاح اليمني، الإخواني. الناقص لتصديق هذه المقولة إن حزب الاصلاح ليس له نفوذ واسع في اليمن حتى يحسب له ألف حساب. صحيح ان السعودية والامارات والكويت دعمت السيسي ضد الاخوان، ولاحقا دعمت مصر والامارات برلمان طبرق المنحل واللواء المتقاعد حفتر (الذي عاد إلى ساحات الوغى بعد ان دبت في عظامه روح الثورة والاصلاح والتطهير ) ضد القوى الإسلامية في طرابلس وبنغازي، بل وقصفتهما بالطائرات. ولكن هل السعودية من الغباء السياسي بأن تستبدل الإخوان بالحوثيين الشيعة، ربما إلى حين، على مبدأ القاعدة الفقهية الضرورات تبيح المحظورات، وبعدها لكل حادث حديث أو صفقة.
ربما تتباين التحليلات والتكهنات بشأن الأزمات التي نمر بها ـ اليمن وسوريا وليبيا و»داعش» ومن وراءها ـ وتبدو تحليلات الخبراء الاستراتيجيين كمن يقرأ الكف أو الودع أو الفنجان، ولعل ابسط ما يلخّص هذا كله ما كتبه سائق تاكسي مصري على سيارته: «والله ما حدش فاهم حاجة خالص».
٭ كاتب فلسطيني .. القدس العربي