الرابحون والخاسرون من فوز ترامب.. محللون يتحدثون حماس تعلق على فوز ترامب.. وتكشف عن اختبار سيخضع له الرئيس الأمريكي المنتخب هل ستدعم أمريكا عملية عسكرية خاطفة ضد الحوثيين من بوابة الحديدة؟ تقرير اعلان سار للطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج بعد صنعاء وإب.. المليشيات الحوثية توسع حجم بطشها بالتجار وبائعي الأرصفة في أسواق هذه المحافظة شركة بريطانية تكتشف ثروة ضخمة في المغرب تقرير أممي مخيف عن انتشار لمرض خطير في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي في اليمن أول موقف أمريكي من إعلان ميلاد التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، في اليمن تقرير أممي يحذر من طوفان الجراد القادم باتجاه اليمن ويكشف أماكن الانتشار والتكاثر بعد احتجاجات واسعة.. الحكومة تعلن تحويل مستحقات طلاب اليمن المبتعثين للدراسة في الخارج
قبل كل شيء لا يمكن البتة ولو بمقدار ذرة الثقة بالدور المصري ومعه ما يسمى دول الاعتدال في التوسط بشان الأزمة الحاصلة في بلادنا، لان الدور المصري ببساطة ومنذ عقود قد تخلى تماما عن واجبه القومي والتزامه القيمي تجاه دول المنطقة ، بل وتجاه أمن مصر القومي نفسها في أكثر من سبيل ..
ولا زلنا نتذكر بحرقة الدور المصري بشان أزمة الوحدة اليمنية في صيف 1994م وتصريحات الرئيس مبارك التي لازالت ترن، وهي مبنية على أجندات خارجية، وقد ارتفعت تلك المواقف على اليمن نتيجة لتحسس شخصي تجاه القرار السياسي في اليمن الذي بدا يغمز بالدور والقرار المصري بالتورية وبالتصريح، حيث ظن أو فطن مبارك يومها بان ثمة مزايدة عليه في القضية القومية، وان الرئيس صالح وأثناء الانتفاضة أقتنصها فرصة وبدأ يزاحم ويتلمس له دورا قوميا بعد اعتقاد الأخير انه قد استكمل وانتهى من ملفاته الداخلية ، مع وجود الحاجة إلى ملأ الفراغ القيادي إقليميا.
في نفس السياق فان الدور المصري بشأن العراق ولبنان، وغزة والسودان يزيد في انعدام الثقة بل ويثبت على المسرح أنها في المقدمة والخاتمة أجندة إسرائيلية تعمل
فالنظام المصري محاصر بمطالب واحتياجات وصيانة، وقد وضع خناقه بيد إسرائيل للوفاء وصار في المقابل أداة لتنفيذ أجندة متكاملة تحفر في المنطقة على قواعد ومنطلقات أمنية صرفة.
وبهذا الخصوص فان الدبلوماسية المصرية سارت وتسير بذات شقين ، صوري شكلي ويمثله وزير الخارجية ، وجوهري عملي ويمثله اللواء عمر سليمان، وهذا صاحب رؤية وإستراتيجية تنسجم تماما ولا تتشاكل مع الإستراتيجية الأمنية لما يسمى بالنظام الدولي ، أو الانجلو صهيوني .
لكن ما لذي أوصلنا إلى جحر الأفعى وتلك الوسائط، بحيث تصبح أزمتنا الداخلية على هيئة فرقاء - وكأن الجميع دول - يلتقون على طاولة مفاوضات ، كلا الطرفين في مقام متساوي ، وكليهما يضعا سقفا مفرطا على الآخر، ليأتي الوسيط النزيه هنا بجذب هذا وهذا إلى النقطة الوسط ، بحيث يكون التنازل من الطرفين ما نسبته ألـ 50 %.
وبطبيعة الحال تكون التسوية قد أعدت سلفا بأدوات أمنية وفي كواليس مظلمة ، ولا يبقى الظهور السياسي في الأخير إلا ديكور مكمل وتحصيل حاصل .
وقطعا أنها الفدرالية ، كما تشير المؤشرات من أكثر من جهة ، والفيدرالية هي إستراتيجية كونداليزا رايس على طريق الفوضى الخلاقة لتشكيل شرق أوسط كبير وجديد تنعم فيه إسرائيل بنظريتي الأمن والسوق .
كما انه من المقطوع به أن الجهود المصرية والسعودية بهذا الشأن لا يمكن أن تذهب دون التنسيق والمراجعة مع القوى الدولية .، والإقليمية الحاضرة .
الواقع أن هناك ارتجال وعاطفة عند اتخاذ القرار من السلطة بشان الكثير من القضايا الداخلية ذات الشأن المرتفع والحاد ، وعند مراجعة عدد من الحالات والنماذج نجد أن السلطة تتخذ قرارات فورية مرتجلة طابعها رد الفعل لتجني في النهاية وتحمل الشعب تكاليف سلبية باهظة وربما تكسر الظهر .
فبالنسبة للقضية الجنوبية ظلت تتجاهل مطالب المسرحين من وظائفهم، بل وتعريهم وتنعتهم بأبخس الأوصاف ، والناس بدماثة وحسن نظام يقرعون الأبواب ويراجعون الحق والقانون، في الوقت الذي يتهم فيه الناصح البصير بضرورة استيعاب وحل قضاياهم بالتآمر والمزايدة والإرباك .
فلما حمل النوبة والمتقاعدون الأعلام والرايات وخرجوا في مظاهرات واعتصامات، ولوحوا بالسلاح خرجت إليهم السلطة بقرارات إعادتهم، ودفع تعويضات عن كل الفترة السابقة، وضخ مليارات مصاحبة للتهدئة والتسكين ، ومع تلك فان الحال قد تباعد والجو تلبد وصارت المطالب الحقوقية إلى مطالب بهوية هي الآن بيت القصيد ومحل الوساطات الإقليمية المريبة...وقد كانت السلطة تستطيع أن تدفع من قبل بالذي هو اقل وهي مختارة .
نفس الحال بشان الحوثيين كانت الفرصة مواتية لإجراء حوار وليس تسوية مع الحوثين في وقت تبقى للدولة عليهم هيبة وشوكة ، ومثلهم يومها كابن عاق شرد ثم عاد ، فجزاؤه (أن هلم ولا تثريب عليك) وقد كان الحوثيون يومها يستجدون الصلح بالحد الأدنى ، فلما صارت لهم شوكة وجلبة وصولة وذهب من السلطة ريحها رغبت إليهم السلطة تحت ظلال رماحهم هم، وشروطهم التي نحتوها على الأرض فعلا .
وبشان المشكلة السياسية العامة كان المشترك أحد الأطراف الفاعلة في الحضور والعملية السياسية قد تقدم بمشروع (النظام البرلماني) لتطوير النظام السياسي وخلق صيغة مثلي تحتوي الحاضر وصمام أمان المستقبل، وكانت رؤية ممتازة وتلزم البيئة ، فتأففت منها السلطة ، وتأبطت لها شرا ..
حتى وصل الحال اليوم إلى أطروحات الفيدرالية، والنظام الرئاسي المصاحب، فوجدت هذه الفكرة سوقها عند جزء من النظام ، وبعض المشترك ، وعدد من الأكاديمين والمثقفين ، فضلا عن الرغبة الإقليمية .
ولعل الناس عند هذه الفكرة قسمين ..
إما أن يكون الأول مخلص وصادق ولديه رغبة لخير اليمن وأمنها واستقرارها، فهو حسن النية ، لكنه ساذج أحمق ، يجهل الأبعاد ،وإن أدعى العلمية والثقافة والتأهيل الأكاديمي، وهو جزء من أزمتنا على هذه السجية، ومن عنده نؤتى.
القسم الآخر خصم سياسي به جروح - الحراك الانفصالي والحوثية،وأشخاص وجماعات أخرى - يهمه أن يسددها إلى صدر الآخر بأي صورة كانت دون حساب العواقب على الوطن والأجيال في المراحل القادمة التي ستتمخض عن أزمات وفتن بالجملة مع فرضية أن يعمل هذا الخيار.
الفيدرالية صيغة للنظم السياسية تكون مرغوبة حين تأتي إليها الوحدات المكونة لتشكيل صورة من الاتحاد مركب، تكون تعددية اللون، والدين، والقوميات، والحضارة والتاريخ حائل دون الانصهار في نمط الاندماج الكامل ، بحيث تبقى صيغة الاتحاد هذه الخيار الذي ليس منه بد .
وحتى تنجح الفيدرالية لنموذج ما يلزمها قدر كبير من الوعي الحضاري، والعلمي والثقافي،وتقاليد المؤسسات، ووفرة اقتصادية ، وقدرة عسكرية ،ومؤسسية عالية في المركز .
والمنطقة العربية إجمالا ليس طابعها في الفيدرالية تبعا لجغرافيتها وتضاريسها المختلفة ، في أكثر من سبيل ، إنما في توافق على الحريات والحقوق ، وفي نمط يناسبها ، ولو كانت الفيدرالية هي الناجعة فلتتخذها مصر أولا التي يتعددها الأقباط، والنوبيون، والمسلمون وغيرهم، أو لتقبلها على نفسها تركيا ، أو إيران .، وكلتاهما متعدد في الداخل .
فإن قيل بالنموذج الإماراتي ، فهذه كانت عدد من القبائل والمشيخات توافق المشايخ فيما بينهم قبل أن يكونوا في الأصل دول على تشكيل هذا الاتحاد على أن يبقى كل شيخ على قبيلته , ومن بعده الأبناء ومن تبعهم إلى يوم الدين ، المهم هو الحصول على شخصية دولية ، وقبل أن يبتلعهم آل سعود كما ابتلعوا غيرهم .، ويستطيع صاحب أي إمارة عند حصول أي أزمة أن يضع يده على إمارته ويقول هذه الإمارة حقي أنا ليسير بها حيث يشاء .
لا يعني هذا القبول بالواقع ، والتعمية عن حقائق ملموسة على الارض، فالقضية الجنوبية واقع حي، ومثلها الأزمة في صعدة ، وتناقضات أخرى هنا وهناك ، وهذه وتلك محلها ليس في التسكين والقرارات الرادارية ، أو التدوير الوظيفي، إنما في مراجعات بنيوية وهيكلية يصوغها الجميع ، تراعي الحاضر وتحديات الغد ، وخصوصية المشهد والبيئة، وعلى ضوء دراسات تعدها مراكز متخصصة وجهات أكاديمية ، وسياسية مخضرمة ، بمعية أكثر من جهة استشارية ..
الذي نرجوه على جميع الفرقاء ، أن يكون النظر للمستقبل والاتجاه البعيد ، وان لا تدفع البعض انفعالات اللحظة ، والشعور بالظلم والإقصاء إلى خيارات ابعد واشد وأنكي ..
هذا البلد إذا لم نحسن في بنائه والتعايش فيه ، فلا اقل من أن نحفظ الوعاء ، ليأتي مَن بعدنا ، فقد تساعدهم الظروف والمتغيرات ..
وكم نتمنى على السلطة أن تقبل باليسير على الكثير من الخسائر والتضحيات على نحو ما ذكرنا ، وان تبني حوارا جادا مع الداخل وفي الداخل ، وعلى طاولتنا تكون فيه هي السيدة ، والأم ، والأب ..، على أن لا تجعل اليمن على مائدة مشبوهة يعبث بها اللئام ..
إن مشروع الفيدرالية خيارا مطروحا ، ويبدو انه الغالب والذي يطبخ الآن، فان ظن البعض بان الدور المصري السعودي - إن كان - ستستغله السلطة لتتويه الحدث وكسب الوقت كعادتها ثم الانقلاب عليه كحال الدور القطري ، فانه مخطئ تماما ، لان اليمن قد ربطت قاطرتها تماما بالقاطرتين المصرية والسعودية ، ومن الصعب جدا عليها أن تعارض أو أن تختار المغادرة تبعا لأكثر من سبب ، ثم أن الدور المصري السعودي وهذا هو الأهم تحوطه الرعاية الأمريكية .
وقد كان الدكتور الارياني حينما رفض الفيدرالية اطلاقا يعي تماما ما يقول ، وهو الخبير والمتمترس ، والذي إن اختلف الناس حول سياساته وبرامجه إلا أن أحدا لا يختلف حول وطنيته وحبه الكبير لبلاده ، ومخزونه من الخبرات .
إن هناك صيغا مختلفة لاستيعاب الأزمة السياسية ، يمكنها احتواء كل الأطراف والتأسيس لمجتمع ديمقراطي مدني يقوم على الحريات والحقوق والنهضة والبناء ، ما عدا الفيدرالية ، التي هي المرحلة الأولى والأخطر في عملية التفكيك .
Alhager@gawab.com