بن لادن يثير ذعر إعلام أمريكا مرة أخرى
بقلم/ محمد الجوهري
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 19 يوماً
السبت 15 سبتمبر-أيلول 2007 11:35 م

 في توقيت بدا للكثيرين أنه متعمد، أطلق زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن شريط فيديو جاء متزامنا مع الذكرى السنوية السادسة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وقد كان هذا الشريط محل اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية طيلة الأسبوع، نظرا لما احتواه من انتقادات لاذعة للإدارة الأمريكية وحربها على العراق، فضلا عن الهجوم الحاد الذى شمل بن لادن به الشركات الأمريكية، التى اعتبرها موجهة للسياسة الخارجية الأمريكية، ومسئولة عن الأخطار إلى تواجهها البشرية فى الوقت الحالى. كما أهتم الإعلام الأمريكى بالزوابع السياسية التى أثارها تقرير تقدم الوضع فى العراق حتى قبل صدوره.

بن لادن يهدد من جديد

علي شبكة MSNBC أعد برنامج Morning Joe الذى يقدمه جوى سكاربوره Joe Scarborough حلقة خاصة عن الشريط الذى ظهر فيه أسامة بن لادن مؤخرا. وقد ركز البرنامج على محتويات الشريط، حيث أكد أن الشريط تضمن عددا من الرسائل من أهمها، أن على الأمريكيين أن يقبلوا الإسلام من ناحية أولى، ومن ناحية ثانية إشارة بن لادن إلي أن رفض الرئيس الأمريكي الاعتراف بأخطائه فى العراق يماثل تماما ما فعله السوفيت بعد غزوهم لأفغانستان.

وأشار البرنامج إلى أن بن لادن ذكر كل من الرئيس بوش Bush ونائبه تشينى Cheney ووزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد Donald Rumsfeld ، ووزير الخارجية السابق كولين باول Colin Powell ، واتهمهم بأنهم مجموعة من تجار الحرب War Mongers الذين ورطوا الولايات المتحدة فى حرب غير ذات جدوى فى العراق.

وقد اعتبر البرنامج أن الهدف الاساسى لهذه الرسالة – التى وصفها البعض باللاذعة – هو الحرب على العراق، حيث أشار بن لادن انه منذ عام تقريبا طالب الشعب الأمريكى بإنهاء الحرب على العراق بتصويته لصالح الديمقراطيين فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكي، ولكن الديمقراطيين لم يستطيعوا تحقيق هذا الهدف، لأنهم - كما أكد بن لادن - حبيسى النظام السياسى الأمريكي، الذي يعتمد بصورة كبيرة على الأموال المقدمة من الشركات الأمريكية.

على نحو آخر تناول البرنامج أهم السبل والطرق المقترحة، والتي يمكن بها مواجهة الخطر الارهابى الذى يمثله أسامة بن لادن، حيث لفت الانتباه إلى الخطة التى طرحها مرشح الحزب الديمقراطى لمنصب الرئاسة جون ادواردز John Edwards ، الذى أكد انه بمجرد أن يصل إلى منصب الرئاسة سوف يطلق إستراتيجية جديدة شاملة لمكافحة الإرهاب، وسوف تعتمد هذه الإستراتيجية على مبدأين أساسيين هم التعاون والقوة، أما جوهر هذه الإستراتيجية فسوف يعتمد على إنشاء منظمة جماعية جديدة تسمى "منظمة معاهدة مكافحة الإرهاب والمخابرات" Counterterrorism and Intelligence Treaty Organization .

أمريكا تواجه الخطر

أما برنامج Good Morning America الذى تذيعه شبكة إيه بى سى ABC اعتبر أن الولايات المتحدة فى الذكرى السادسة لأحداث الحادى عشر من سبتمبر مازالت على حافة الهاوية، حيث لا يزال أسامة بن لادن فى مكان غير معروف، وأكد أن الشريط الذى أطلقه بن لادن مؤخر يعتبر تذكير مؤلم بأحداث الحادث عشر من سبتمبر، حيث جاء هذا الشريط متزامنا مع الذكرى السنوية لأحداث الحادى عشر من سبتمبر.

وقد اهتم البرنامج بمسألة العثور على أسامة بن لادن، حيث اعتبر أن الجغرافيا تقف حائلا كبيرا أمام العثور على بن لادن، أيضا الأخطاء العسكرية التى وقعت هى الأخرى حالت من العثور عليه، فبالرغم من التعاون بين الأمريكيين والباكستانيين فى هذا الشأن، إلا أن النزاعات بين قوات الأمن الباكستانية وشيوخ القبائل وأفراد المليشيات المسلحة فى المناطق التى يشتبه اختباء بن لادن فيها فى شمال غرب باكستان، قد حالت دون القبض عليه، بل أكثر من ذلك تحولت قوات الأمن الباكستانية إلى أعداء للقبائل فى هذه المناطق، وتصاعدت وتيرة العنف بين الطرفين على مدار الفترة الماضية، فمنذ عام 2001 قتل حوالى 800 جندى باكستاني، منهم حوالي 200 قتلوا فى الشهرين الماضيين.

ثم انتقل البرنامج إلى الوضع الأمنى فى المناطق الشمالية الغربية، حيث أشار إلى وجود حوالى 11 قبيلة هناك، كما أن هذه المناطق تشهد مؤخرا أحداث عنف كثيرة، تضمنت تفجيرات بالقنابل، فضلا عن نشاط ملحوظ لتنظيم القاعدة الذى استطاع أن يعيد تشكيل بنيته مرة أخرى فى هناك.

ولفت البرنامج الانتباه انه بالرغم من الشكوك الكثيرة حول اختباء بن لادن فى الجبال الموجودة فى هذه المناطق على طول الحدود، فانه لا يوجد أحد يبحث فى هذه المناطق عن بن لادن، لان السلطات الباكستانية لم تسمح للقوات العسكرية الأمريكية بالعمل فى هذه المناطق بحثا عن بن لادن، بالإضافة إلى سيطرة القبائل على هذه المناطق، وعدم تعاونها مع قوات الأمن الباكستانية، ونتيجة لذلك أصبحت هذه البيئة المضطربة ملاذا آمننا لابن لادن وأعوانه.

أما صحيفة لوس انجلوس تايمز Los Angeles Times فقد أعدت ملفا عن الشريط الذى ظهر فيه أسامة بن لادن، واعتبرت الصحيفة أن هذا الشريط قد تم تسجيله من اجل أن يتم بثه بالتزامن مع الذكرى السنوية لإحداث الحادى عشر من سبتمبر، وفى هذا الشريط - كما قالت الصحيفة - طالب بن لادن أمريكا بإنهاء الحرب فى العراق، كما طالب الأمريكيين بالتخلى عن طريقتهم الرأسمالية فى الحياة.

وأكدت الصحيفة أن بن لادن أرسل تهديدا إلى المواطنين الأمريكيين، مؤكدا أنهم إذا لم يتوقفوا عن دعم الهجمات والضربات ضد تنظيم القاعدة، فإنهم بذلك يعرضوا حياتهم للخطر.

كما اهتمت الصحيفة بالتصريحات التى أدلى بها الرئيس الأمريكى بوش تعليقا على هذا الشريط فى قمة دول آسيا والباسيفيك التى عقدت فى استراليا فى الأسبوع الماضي، حيث اعتبر بوش أن هذا الشريط تذكرة بالخطر المحدق بالعالم اجمع. مضيفا أن القاعدة تريد أن تشن هجمات ضد الولايات المتحدة، ولذلك فمن المهم أن نبدى حزما فى حماية أنفسنا، وأن نحرم التنظيم من أى ملجأ آمن يمكن أن يلجأوا إليه، وتشجيع الديمقراطيات الشابة التى سوف تعتبر بمثابة هزيمة لطموحات التنظيم.

وعن مدى صحة هذا الشريط ونسبه إلى أسامة بن لادن، أكدت الصحيفة أن بن لادن ظهر فى الشريط بصحة جيدة، وان خبراء وكالة المخابرات الأمريكية تعمل على تحليل محتويات الشريط، إلا أن بعض خبراء مكافحة الإرهاب أكدوا بأنهم ليسوا مقتنعين بان الشخص الذى ظهر فى الشريط هو أسامة بن لادن.

وعلى صعيد أخر أكدت الصحيفة أن الشريط لم يتضمن تهديدات واضحة بشن هجمات وشيكة سوف يقوم بها التنظيم، إلا أن بعض خبراء الإرهاب أكدوا أن المحللين يعملون الآن على تحليل الشريط، لمعرفة ما إذا كان يتضمن تهديدات مستترة للمصالح الأمريكية سواء فى الداخل أو فى الخارج، أو يتضمن رسائل مشفرة لأتباع التنظيم حول العالم.

وأشارت الصحيفة إلى أن بن لادن قد وجه انتقادات شديدة إلى الرئيس الفرنسى الجديد نيكولاى ساركوزى Nicolas Sarkozy ورئيس الوزراء البريطانى الجديد جوردون براون Gordon Brown أيضا، ولكنه صب جام غضبه على الشركات الأمريكية التى وصفهم بأنهم الإرهابيين الاستبداديين الحقيقيين The Real Tyrannical Terrorists ، واتهمها بن لادن بأنها كانت وراء مقتل الرئيس الأمريكى جون كينيدى John Kennedy ، لأنه رفض الحرب على فيتنام. وأضاف انه بسبب هذا الشركات تعانى أمريكا الآن من ديون كبيرة وكثيرة، كما أنهم مسئولين عن تعريض الجنس البشرى للخطر الشديد بسبب دورهم فى ظاهرة الاحتباس الحرارى العالمى Global Warming .

بيتراوس يثير الشكوك

اهتم برنامج The Situation Room الذى يقدمه وولف بليتزر Wolf Blitzer على شبكة سى إن إن CNN هذا الأسبوع بجلسة الاستماع التى عقدها الكونجرس الأمريكى مع كل من ديفيد بيتراوس David Petraeus قائد القوات الأمريكية فى العراق والسفير الأمريكى فى العراق رايان كروكر Ryan Crocker .

وقد ركز بليتزر Blitzer على تأكيدات كل من بيتراوس Petraeus وكروكر Crocker بأنه على الرغم من أن مستقبل العراق غير واضح ويكتنفه غموض كبير إلا أن الانسحاب المتعجل سوف يكون كارثى.

وتناول التقرير انتقادات النائب توم لانتوس Tom Lantos رئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس النواب، حيث قال لبيتراوس Petraeus أن الإدارة قد أرسلته إلى الكونجرس ليقنعهم بأن النصر فى العراق مازال فى متناول اليد، ولكنه رفض ذلك رفضا تاما. إلا أن بيتراوس من ناحية أخرى أكد أن الكثير من أهداف الحرب قد تم تحقيقها.

فضلا عن ذلك أشار البرنامج إلى التسمية التى أطلقها بعض الديمقراطيون على الجنرال بيتراوس Petraeus حيث أطلقوا عليه "الجنرال الذى جاء يخدعنا" General Betray Us ، ولكن وزير الدفاع الأمريكى السابق وليم كوهين WILLIAM COHEN – والذى استضافه البرنامج هذا الأسبوع – رفض هذه التسمية، وأكد أن بيتراوس Petraeus هو احد الجنود المحترفين الذى وهبوا حياتهم من اجل أن يكونوا عسكريين محترفين، ولذلك فان قبول مثل هذه التسمية يعتبر اتهام له بأنه أهمل فى واجباته، أو بمعنى أخر فانه اتهام يلوى الحقائق من اجل خدمة أهداف سياسية، ونفس الأمر بالنسبة للسفير كروكر Crocker
فانه قضى كل حياته المهنية فى هذا الجزء من العالم ويجيد اللغة العربية، ولذلك فانه من الصعب أن نقول أنهم مسيسين، يقولون فقط ما يمليهم عليهم البيت الأبيض.

من ناحية أخرى اهتم البرنامج برصد رد فعل الرأى العام الأمريكى تجاه الشهادة التى أدلى بها بيتراوس أمام الكونجرس، وعن مدى ثقة الشعب الأمريكى فى التقرير الذى سوف يصدره قائد القوات الأمريكية فى العراق، أكد بليتزر أن الاستطلاع الذى قامت به شبكة سى إن إن CNN أشار إلى أن 53% من الأمريكيين قالوا "لا"، بينما أشار الاستطلاع الذى قام به معهد جالوب Gallup عن "هل سيتمتع التقرير بالاستقلالية والموضوعية؟" إلى أن 53% من الأمريكيين أيضا أجابوا بـ "لا". وبالتالي فان هذه النتائج تؤكد أن الجمهور الأمريكى متشكك ولا يعرف ما إذا كانت الزيادة فى القوات الأمريكية سوف تساهم فى تحسين الأوضاع فى العراق وتقضى على العنف المتصاعد هناك أم لا.

تقرير واشنطن