عن وقف إطلاق الحوار
بقلم/ عبدالله بن عامر
نشر منذ: 14 سنة و 9 أشهر و 29 يوماً
السبت 27 فبراير-شباط 2010 06:51 م

  في الحوار لا جولات كما هي الحرب بين السلطة وجماعة الحوثي، فقد كانت السلطة أكثر حزماً في إيقاف الحوار مع أحزاب المشترك التي واصلت فرض شروطها على الحاكم، الذي بدا وكأنه مستجدياً تلك الأحزاب الموافقة بالجلوس على طاولة الحوار، والتي أرداها الحزب الحاكم عبثية كعادته وتحويلها الى مهرجان وكرنفال إحتفالي وإفراغ الحوار من محتواه ومدلولاته الوطنية.

 ويبدو أن التجاذبات السياسية بين جميع الأطراف قد تؤدي بنا الى أزمة سياسية يصدق عليها وصف " كلما صفت غيمت " خاصةً بعد مؤشرات إيقاف إطلاق النار بصعدة وانتهاء جولة من جولات الحرب الدائرة بين السلطة وجماعة الحوثي بعد تكالب الجميع من قاعدة وحراك ومشترك على الحزب الحاكم، حتى أصبح مهووساً، لا يدري إلى أي جهة يوجه سلاحه، خاصةً بعد التوجه الدولي إزاء االيمن، وإعطائه أولوية لدى أجندة الإدارة الأمريكية، التي تتعامل مع الموقف بما يهم مصالحها لا كما يريد اليمن ونظامه الحاكم، فأنتهى إجتماع لندن بشروط قد تنتقص من السيادة الوطنية وتجعل الحاكم في موضع اختبار صعب قد يؤدي به إلى النهاية المحتومة إن تواجد البديل المناسب له.

 لا أدري عن أي حوار يتحدث أولئك وبأي حوار يتغنى هؤلاء، دون الوصول إلى آلية محدده له يتفق عليها الجميع، تفضي إلى طاولة تجمع مختلف الأطراف السياسية، ليطرح فيها مختلف الأزمات الوطنية، لأن التشخيص الصحيح البداية الحقيقية للعلاج، ثم يأتي بعدها إعطاء الوصفات الطبية لعلاج مختلف التداعيات والقبول بمخرجات جلسات الحوار وتنفيذها وفق آلية زمنية لذلك .

 سيصبح من الصعب غداً أن نتحاور بعد أن فشلنا اليوم في اللقاء تحت قبة واحدة عنوانها الوطن فالكل هُنا يتجه نحو المجهول ولا رؤية ولا إستراتيجية توضح إلى أين نحن ذاهبون ؟

من العيب على السلطة ان توقف الحوار مع أحزاب اللقاء المشترك، ولا أجد أي مبرر لذلك خاصةً بعد قبولها محاورة طرف ظلت الرصاص لغته الوحيدة في الحوار على مدى ست سنوات وهاهي جولات حوار المدافع والرصاص تفضي إلى حوار طاولات واعتراف ....

 يبدو أن إيقاف إطلاق النار بصعدة ألقى بظلاله على إيقاف إطلاق حوار الحزب الحاكم مع أحزاب المشترك بعد إتهامات متبادلة بين الطرفين، الذين دائماً ما تجمعهم طاولات المصالح وحوار التقاسم وليس حوار الشراكة في الحكم وإتخاذ القرار .

 الجميع يتفق معي أن قرار إيقاف الحوار مع أحزاب المشترك قرار أحمق ويعبر عن مدى تخبط الحزب الحاكم، والحالة الصعبة التي يواجهها بمفردة، متحدياً بذلك الجميع وكأن هذا الوطن لا يعنينا ويبدو أن الإرياني والبركاني وغيرهما يعوا جيداً بأن سياسة التهميش والإقصاء وتطنيش الآخرين قد تؤدي بالحزب الحاكم إلى التهلكة ومعه الوطن وحينها لا ينفع الندم ..

 نتمنى من الحزب الحاكم أن يجود بفرصة لإخواننا في اللقاء المشترك بإعادة إطلاق الحوار كما جاد ويجود بإعطاء الفرصة تلو الأخرى لجماعة الحوثي عبر ما أصبح يطلق عليه " استراحة محارب " يستطيع من خلالها الحوثي تنفس الصعداء وإعادة ترتيب نفسه إستعداداً لجولة حوار دموي آخر ضحيته اليمن أولاً وأخيراً.

 في صعدة انتهت الحرب السادسة ولم تنتهي الحرب وفي الجنوب سيناريوهات مرعبة لما هو قادم وأفلام أكشن القاعدة تحولت من هوليود الى مأرب وشبوة والجوف ناهيك عن مسلسلات التجويع والموت البطئ وتضييق الخناق على المواطن، ومشاهد قمع الحريات، ومصادرة الصحف، ولقطات مبكية لمجتمع يحتضر؛ ولا أدري هل يكفي كل ذلك لإقامة حوار وطني أم ماذا نريد حتى نجتمع على طاولة واحدة فيه يتم تقديم التنازلات وتغليب المصلحة العليا للوطن .. ألا يكفي كل تلك الأوجاع في يمن أطلق عليه قديماً اليمن السعيد..