المجلس الوطني وتحدي العيد
بقلم/ د. محمد أمين الكمالي
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 16 يوماً
الإثنين 29 أغسطس-آب 2011 12:28 ص

كتبت قبل شهر من الآن بعنوان المجلس الانتقالي ما قبله وما بعده رؤية نقدية لصيغة المجلس المعلن وتقييم ذلك الطرح وتلافي سلبياته والبناء علية بما يخدم الثورة اليمنية.

وكان من المفترض للصيغة الحالية للجمعية الوطنية والمجلس الوطني- والتي أتت متأخرة وبعد فترة طويلة وبذريعة الإعداد الجيد- أن تخرج بصورة أفضل من الشكل الذي خرجت به.

انه لمن المؤسف إعادة طرح بعض السلبيات التي كنا نتمنى تلافيها وكذلك ظهور سلبيات كان لا يجب الوقوع فيها وهنا لا نريد إن نكون ممن يسعى لانتقاد الثورة نفسها أو الانتقاد لمجرد الانتقاد ولكن يجب النظر بنقدية ايجابية لمحاولة الوصول إلي أفضل النتائج وتلافي الأخطاء.

من الانتقادات الهيكلية إن المجلس عند إعلانه إما انه مجلس حكم لإدارة البلاد وهنا يجب أن يتم إعلانه بعد تحرك حاسم تسقط السلطة على أثره أو يتلوه مباشرة هذا التحرك أو انه مجلس لقيادة الثورة وبالتالي كان يجب أن يكون اقل تعقيدا وأكثر سلاسة وأكثر تواصلا مع ساحات الثورة كي يستطيع التفاعل الايجابي والسريع مع تطورات الأحداث ويقود إلي الحسم الذي سيفرز مرحلة انتقالية يتم التوافق على إدارتها.

من قراءة الطريقة التي تم بها تشكيل الجمعية الوطنية والمجلس الوطني نلاحظ أن هذا المجلس كان ضرورة للقوى السياسية التقليدية أكثر منه ضرورة للثورة , فبدا كان مهمة المجلس أن يقوم بتعديد الأسماء ومع ذلك أتى مفتقرا للعديد من الأسماء التي كان من الواجب ضمها لكي يتم تمثل جميع القوى الوطنية.

فعدم تمثيل الشباب بالشكل الكافي أو المناسب إلي جانب مركزية التشكيل , فكانت هناك أسماء من الأفضل عدم دخولها حيث من الممكن أن تخدم الثورة بشكل أفضل من خارج المجلس فالأسماء المغمورة الصاعدة من الساحات كانت ستكون أكثر أهمية وفائدة داخل المجلس.

لا نريد للمجلس الوطني أن يكون موضوع الهاء خارج مسار الثورة لذلك يجب التعامل بوضوح ومباشرة مع التحديات التي تواجه الثورة اليمنية للوصول إلي الخطوات المطلوبة للحسم عن طريق تبني روئ واضحة للحل يتم الاستفادة فيها من جميع الطروحات والخطوات السابقة للوصول إلي الهدف الذي نسعى اليه كتراكم ايجابي لخدمة الثورة وليس لزرع الشقاق والخلاف بين الثوار.

فمع تسارع الأحداث في المنطقة العربية وسقوط النظام الليبي يجب اخذ الدروس بشكل سليم فالمجلس الانتقالي الليبي كان نتيجة توافق بغرض إدارة المسار الثوري وحشد الدعم الخارجي والالتفاف الداخلي حول الثورة , وكذلك فان التمنع الغير منطقي علي السقوط لأنظمة هشة عن طريق استخدام القوة المفرطة والتدمير نجم عنه انهيار سريع في المراحل الأخيرة التي يفترض بهي الاستبسال فيها لذلك لا يجب أن يهتز إيماننا بعدالة ثورتنا وحتمية الانتصار علي الظلم والعدوان.

واتى رد فعل النظام عن طريق الإعلان عن وفاة رئيس مجلس الشورى-التي شكك البعض في توقيتها- كالهاء يمنع تزايد الحماس الثوري كي لا يصل للدرجة التي تؤدي للحسم ,فإستراتيجية بقايا السلطة تعتمد على التأثير نفسيا على جماهير الشعب بإلهائها في اللحظات الحاسمة بأمور أخرى اقل أهمية.

وهنا يجب قراءة الواقع بشكل جيد حيث أن بقايا السلطة تتخوف من رجوع راس النظام السابق من السعودية مما قد يؤدي إلي تفجر الشارع مما سيعني التوجه للحسم ,فأتى رجوع مجور كبالونه اختبار إضافية لقراءة رد فعل الشارع لتحسس الوقت المناسب للعودة المفترضة مما يتيح فرصة لإعطاء رسالة للداخل والخارج بالقدرة على العودة للوضع السابق ويبدءا تفكيك الثورة بقسوة وعنف للحفاظ على فترة ضغط يتم فيها إعادة ترتيب الوضع الداخلي بفرض إملاءات على الجميع بقوة السلاح , هذا التوقيت المفترض هو فترة العيد ,فالعيد سيؤدي إلي نقصان الكثافة في الساحات الثورية وتفرق الناس للواجبات الاجتماعية مع بقاء رمزي للثوار فإذا عاد صالح خلال العيد سيكون من الصعب على الثوار التجمع خلال أول يومين للعيد مما سيمنع الفعل الحاسم ويتم ترسيخ الأمر الواقع أن الطاغية قد عاد.