مفاجأة مدوية.. صلاح بديلا لنيمار في الهلال السعودي ترامب يعلن التقدم والفوز في 12 منطقة أمريكية … . نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لحظة بلحظة التحالف العربي ينفذ ثلاث عمليات إجلاء جوية في سقطرى الكشف عن القيادي الحوثي المسؤول عن تهريب الأسلحة الإيرانية التحركات واللقاءات العسكرية العليا.. هل قررت الشرعية خوض معركة الحسم مع مليشيا الحوثي؟.. تقرير رفقة محمد بن زايد.. شاهد ثاني ظهور لطارق صالح عقب إصابته بحادث مروري في الساحل الغربي حزب الإصلاح يعلق على إشهار التكتل الوطني للمكونات السياسية تونس تحقق نجاحاً كبيراً في تصدير الذهب الأخضر إسرائيل تدك أكثر من 40 ألف وحدة سكنية في جنوب لبنان وتجعلها ركاما وانقاضا عاجل: أمريكا تحبس أنفاسها وتتحصن مع تفاقم التوترات وترامب يعلن واثق من الفوز وايلون ماسك يحذر من هزيمة المرشح الجمهوري واخر انتخابات في تاريخ أمريكا
عندما همشت النظم الرسمية العربية كافة قضاياها واستحقاقات شعبها المصيرية بل ومجمل قضاياها القومية لينحصر همها فقط بالعمل على أي شكل من الأشكال الذي يؤمن لها الحفاظ على بقاء هذا النظام واستمراره وعلى هذه الدولة التي يفرزها أولئك السياسيون على شاكلتهم ! تصير هذه الدول مترهلة ولكل منها نوعا خاصا من سمات الترهل.
هكذا هو حال الأمة العربية ، تباعد واختلاف وتفنن في صنع الأزمات فيما بنيها ، يصنعها العرب الرسميين ليضمنوا البقاء والاستمرارية ، الحال المشين يمتد من لبنان إلى اليمن، ومن فلسطين إلى السودان، ومن العراق إلى الجزائر، ومن سوريا إلى مصر، لا فرق بين حالات تُعدُّ مستقلة بالمعنى القانوني، وأخرى تُـصارع قوى التكبر والظلم الخارجي والاحتلال الأجنبي، فالبوصلة تبدو مشوشة ويجدر تغييرها.
فلوا نظرنا إلى فلسطين لوجدنا أن هناك قضية تكاد أن تطغى على القضية الأساسية والمصيرية للفلسطينيين والأمة العربية جمعا وهو الصراع بين فتح وحماس ، مد وجزر في الوقت الذي يستمر فيه الاحتلال في قضم الأرض واغتيال الناس واعتقال السياسيين وحصار السلطة وسجن كل الفلسطينيين في سجن كبير يسمى غزة أو الضفة الغربية المحتلة؟
صراع على دولة غير معترف بها دولة "كنتونات" يحيط بها الاحتلال من كل مكان ، شربة الماء لا تمر إلا عن طريقة وكسرة الخبز هو من يتحكم فيها ، في حين نرى فتح بزعامة من يسمي نفسه رئيس الدولة الفلسطينية محمود عباس وهو لا يستطيع حتى أن يتحكم في نوعية سلاح حراسه وهل يجوز لهم حمل السلاح أم لا يجوز، رئيس لا يستطع أن يقدم لشعبه أي شئ ولو اقل القليل إلا بعد أن يستأذن الاحتلال ، رئيس يعانق من يحتلوا أرضه ويسوموا شعبه سوء العذاب وهو ما أن يلتقي بهم إلا ويسارع في عناقهم بحرارة، في الوقت الذي لا يستسيغ أن يمد يده لمصافحة أخيه الفلسطيني ، ذلك الذي اختاره الشعب في أن يمثله وان يدير شؤونه.
وهذا كان خطا فادحا من حماس حين وافقت أن تخوض تلك الانتخابات في ظل احتلال بغيض ، واخطات حين وافقت أن تشكل حكومة، تعلم ونعلم جميعا ما هو مصيرها سواء عالميا أو عربيا وبالأخص داخل فلسطين من قبل أولئك أذناب الاحتلال الذين جعلوا من أنفسهم أوصياء على الشعب الفلسطيني من معظم قيادة حركة فتح .
أما في لبنان فحدث ولا حرج فبدلا من أن يسعى اللبنانيين إلى تحرير أرضهم والوقوف صفا واحدا تجاه الاحتلال نجدهم تفرقوا شيعا وطوائف تتصارع على من يكون له الكلمة المسموعة ومن يظهر نفسه انه الأقوى حتى ولا بيد وعصا أجنبية يضرب بها يمنة ويسره على حساب أرضه وشعبه ، مواجهات حامية الوطيس صولات وجولات خاضوها عبر وسائل الإعلام ، حرصوا فيها على الشهير يبعضهم ونسوا انه لبنان هو الضحية وكأنهم وجها آخر للاحتلال همه السيطرة على الأرض والتسلط ، وهذا ما قام به أهل لبنان واعني الفر قاء أللبانيين وبالأحرى السياسيين اللبنانيين .
وفي جزء آخر من الوطن العربي المثخن بالجراح من أقصاه إلى أقصاه ، الصومال والتدهور الأمني الذي في ظل قوات أجنبية، غير متّـفق على توصيف حقيقة وجودِها بين أهل الصومال أنفسهم، وفي ظل حكومة انتقالية مُـعترف بها دوليا على مَـضض، بعد أن كان الأمن نفسه قد استتبّ جُـزئيا في قطاعات واسعة من البلاد على يد قوى شعبية تشكّـلت بحكم الضرورة تحت مظلة ما عُـرف بالمحاكم الإسلامية، التي قُـضِـي عليها عسكريا، ولكنها لا زالت موجودة كقوة سياسية أو قبائلية أو كمزيج منهما ، والتي تعتبر الوريث الشرعي للصومال كونها تضم خيرة أبناء الصومال وهاهي اليوم تسيطر وباعتراف وإقرار من الرئيس غير الشرعي الذي نصبه الاحتلال رئيسا للصومال اقر بسيطرة الجماعات المناوئة للحكومة على مدن جديدة وهي تزحف متقدمة نحو العاصمة مقديشو .
أما البوابة الشرقية للوطن العربي ارض الرافدين وعاصمة الرشيد التي احتلها الاميركان وعاثوا فيها فسادا وقتلوا أبناء العراق ، احتلوا الأرض وهتكوا العرض ، هذه هي الديمقراطية التي وعد بها الاحتلال العراق بغطاء من عمائم الآيات الزائفة التي أحلت الدم العراق العراقي وجرمت مقاومة هذا الاحتلال اللعين ، واليوم تخشى هذه الحكومة الغير شرعية ومَـن يناصرها من احتمالات انسحاب القوات الأمريكية تحت ضغط الداخل الأمريكي نفسه، ولا تريد هذه الحكومة للمحتل أن يرحل والذي سيرحل عما قريب يجر أذيال الهزيمة بفضل أولئك الشرفاء من أبناء العراق الذي جعلوا الاحتلال يعظ يد الندم على فعلته الشنيعة .
وفي مصر العروبة والتي من المفترض أن تقود الأمة العربية إلى التحرر ، مصر التي فقدت دورها القومي وتخلت عن قضايا العرب وأصبحت مشغولة بنفسها ، ويتاجر حكامها بالقضايا القومية والعربية وجعلوها مصدر دخل لهم ، وحاشا الشعب المصري مما يقوم به حكامه اليوم الذين انشغلوا وتفرغوا لملاحقة أبناء الشعب المصري وخاصة الاعتقالات اليومية لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين والتي يعتبرها نظام مبارك غير قانونية في حين أنها ممثلة في البرلمان بنسبة 20% من العدد الكلي للنواب، مفارقة عجيبة وهذا يعكس تخبّـطا سياسيا أفقيا ورأسيا على السواء.
وفي الجنوب أيضا ، ليس الحال بأسعد من الشمال، فالسودان الذي يناضل من أجل تسوية تاريخية لميراث الحرب الأهلية في الجنوب تحت مظلة اتفاقيات نيفاشا الموقُّـعة قبل عامين ونيف، يُـواجه الضغوط تِـلو الضغوط من أجل التحكم فيما يجري في دارفور، والتي يوظفها الغرب بقيادة أمريكية أوروبية لإعادة تشكيل السودان الدولة على نحو يخدم مصالحه بعيدة المدى.
وبالرغم من صمود الخرطوم حتى اللحظة في وجه الضغوط، فإن مسيرة بناء دولة متعددة تنتصر للحريات والتنوع والديمقراطية، تواجَـه بعثرات وانتكاسات واحدة تِـلو الأخرى، ومن غير الواضح كيف سيكون الحال إذا ما فُـرض نشر قوات أممية في الغرب.
وما يحدث اليوم من حشد غربي في مياه البحر الأحمر وبحر العرب بزعم تامين المنطقة من القراصنة الذين نجزم أنهم مجندين مع هذه الدول ليقوموا باختطاف السفن وبهذا الحجم الذي لا يمكن أن يكون وراءه مجرد حفنه قراصنة ، وذلك حتى يحشدوا قواتهم للسيطرة على البحر الأحمر ، والذين يهدفون كما قال المفكر الإسلامي محمد سليم العوا إن هذه الحشود يقصد بها تهريب الأسلحة إلى دار فور للمتمردين هناك لتقسيم السودان وكذلك عرقلة الانتخابات في السودان .
اليمن السعيد تبدو فيه مفارقات الترهل المؤسسي العربي جلية أيضا كباقي الأنظمة في الدول العربية والتي هي قائمة بهياكل جوفاء فت في عضدها الفساد وجعلها هشة قابله للسقوط في أي لحظة لا تستطيع أن تواجه العدو الحقيقي ، وإنما تملك قدره كبيرة وغير عاديه لقمع شعوبها وتحويل المؤسسات العسكرية إلى حراس للقصور الرئاسية وإجادة الانتشار في الشوارع لقمع أي احتجاجات تقوم بها تلك الشعوب ، وكذلك ومن باب الإنصاف لا يستطيع احد أن ينكر أن للجيوش العربية خبرة وكفاءة عالية في الاستعراضات العسكرية في ساحات الاحتفالات الرسمية .
اليمن كذلك تبدو فيه مفارقات الترهل العربي جلية خاصة بعد ظهور جماعة الحوثي المتمردة والتي خاضت مع الدولة خمسة حروب تخرج في كل حرب أقوى من ذي قبل ، هذه الفئة الضالة والتي تريد أن تؤسس بنيانها على أنقاض اليمن الحبيب بدعم وعمالة للخارج وتمويلا وأسلحة جاءت عبر الحدود وهنا قد يتساءل الجميع أين كان الجيش في السنوات الثلاث الماضية؟ وكيف تمت معالجة الظاهرة التي عادت أقوى من السابق؟ لا إجابات واضحة، ولكن مجرّد عودة التنظيم تعني غياب المتابعة والاكتفاء بما تم قبل ثلاث سنوات، وكأنه إنجاز كافٍ في حد ذاته، أما معالجة أسباب الظاهرة فلم تُـعرف أصلا.
يواجه اليمن مشاكل عدة، إضافة إلى التمرد الحوثي هناك الفساد والذي أصبح منظما ويمارس عيني عينك حتى أصبح سائدا في الشارع اليمني بقدر فسادك تنال درجتك الوظيفية أي من يمارس الفساد بقوة وبشكل كبير يصبح صاحب منصب كبير وهكذا، ومن المشاكل أيضا وهذه المشكلة هي من مخرجات عدم معالجة قضية التمرد وحسمها بشكل صحيح ، وهي مشكلة المحافظات الجنوبية والشعارات التي يرددها أولئك المأجورين لإثارة القلاقل وزعزعة الأمن والاستقرار، فبدلا من رفع شعارات الانفصال كان عليهم أن يهتفوا بشعارات ضد الفساد والفاسدين فالوحدة ليست مسئولة عن تصرفات الفاسدين ولا هي مرتبطة بحفنة فاسدين أو وحدة مزاجية متى ما أراد أي طرف الانفصال انفصل هذا محال وبعيد المنال .
واليمن اليوم كذلك ليس بعيدا عن ما يحصل في فلسطين ولبنان من مهاترات إعلامية وحجز منابر الإعلام للمهاترة والمبارزة الإعلامية بين الحزب الحاكم واللقاء المشترك ، خلقا أزمة ثقة وكل يوم تتسع الهوة بينهما ومن خلال المتابعة لما يجري فان التوصل على اتفاق بينهما ما يزال بعيدا ولا توجد نية لدى أي من الطرفين للتقارب.
ومما سبق يتضح لنا أن هناك أمرين كانا سببا في ما وصل إليه الحال العربي المزري ، وهما إما أن الخطأ كل الخطأ هو فى صيغة الدولة العربية ذاتها أو أن الخطأ هو في النخبة الحاكمة ذاتها، التي استأثرت بالحكم لفترة طويلة وأضاعت على وطنها فُـرص التغيير السلمي والتطور الطبيعي، الذي تشهده البلدان الأخرى نحو الأمام.
وأيا كانت الإجابة على هذا السؤال، فالنتيجة التي نراها ماثلة هي واحدة، أزمة عربية تنتج أخرى وسقف الأمنيات العربية بات محدودا جدا.