الرابحون والخاسرون من فوز ترامب.. محللون يتحدثون حماس تعلق على فوز ترامب.. وتكشف عن اختبار سيخضع له الرئيس الأمريكي المنتخب هل ستدعم أمريكا عملية عسكرية خاطفة ضد الحوثيين من بوابة الحديدة؟ تقرير اعلان سار للطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج بعد صنعاء وإب.. المليشيات الحوثية توسع حجم بطشها بالتجار وبائعي الأرصفة في أسواق هذه المحافظة شركة بريطانية تكتشف ثروة ضخمة في المغرب تقرير أممي مخيف عن انتشار لمرض خطير في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي في اليمن أول موقف أمريكي من إعلان ميلاد التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، في اليمن تقرير أممي يحذر من طوفان الجراد القادم باتجاه اليمن ويكشف أماكن الانتشار والتكاثر بعد احتجاجات واسعة.. الحكومة تعلن تحويل مستحقات طلاب اليمن المبتعثين للدراسة في الخارج
في ظلِ شعارِ " روح الاتحاد " احتفلت دولةُ الإماراتِ العربيةِ بالعيد ال ( 46 ) لتأسيسها . لقد كان الاتحادُ روحا رفرف بالخير على أمة الإسلام والعرب , وكان يوما تجسدت فيه روحُ القوةِ والسلام , والوحدة والحرية .
اليوم هل مازالت الإماراتُ تجسد روحَ (الأباء) ؟ , أم أنها أضحت جسدَ (الأبناء) , جسدا خاليا من أية روح ؟ .
ـ أيقن الروحُ وجوبَ إقامة كيان سياسي موحد قوي , يؤسس حياةً عزيزةً لمواطنيه وأمته ، فكان إتحاد الإمارات العربية في 2 ديسمبر71م . منتهجا سياسة خارجية أساسها العدل والحكمة , وتاجها الحق والرحمة .
ـ اليوم هيمن الجسدُ بنرجسيته على جوارح الاتحاد قاطبة , فأصبحت له الكلمة القوية النافذة , متفردا بالقرار دون مساءلة من أحد في الاتحاد . ومنتهجا سياسة قائمة على مخالفة روحِ المؤسسين الداعية للخير والسلام .
ـ تجسدت روحُ الاتحاد , حينما عمل الشيخُ زايدُ مع الشيخ جابر الأحمد " رحمهما الله " على تأسيس مجلس التعاون الخليجي . فاستضافت أبو ظبي في 25 مايو 1981م أول اجتماع قمة له .
ـ أما جسد الاتحاد فهو اليوم يعمل على تفتيت وحدة هذا المجلس الحيوي , وتفكيك انجازاته في كل مجال .
ـ حلقت روحُ الاتحاد في سماء الخير والسلام , حيث قدمت الإماراتُ مليارات الدولارات في مساعدة الدول الفقيرة . وفي تنمية عدد من مشاريع الخير لصالح أسر معوزة في عدة بلدان . كما نفذ مشروعَ إعادة بناء سد مأرب باليمن . وبكل إخلاص ساهمت في حل كثير من مشاكل العرب , حيث قامت إلى جانب دولة الكويت بالوساطة بين عُمان واليمن الديمقراطي أثر نزاع حدودي , نتج عنه توقيع مصالحة بالكويت في نوفمبر 82م . ومثل ذلك بين مصر وليبيا , كما نجحت في التوصل إلى حل خلافات وطنية أخرى , داخل البلد الواحد .
ـ والجسد يقوم اليوم بدك البنية التحتية لعدد من الأوطان , عبر تحريك أياديه وأدواته من خونة تلك الأوطان لتحقيق أهدافه التوسعية والخفية . كما ينفق البلايينَ ليبسط على حقوق شعوب أخرى , معطلا مصادر خيرها ومنافذ دخلها القومي , ليبقى هو حيا اقتصاديا على حساب حياة غيره . يتضح هذا من خلال تعطيل ميناء عدن , وتوقيف مشروع قناة السويس . وفي ندوة بجامعة كولومبيا بالولايات المتحدة ، قال المفكرُ الأمريكي نعومُ تشومسكي " إن الدراساتِ تؤكد على أن تنفيذَ مشروعِ تطوير قناة السويس يهدد الاقتصادَ الخدمي لموانئ الإمارات , وسيدمر دبي اقتصاديا خلال 20عاماً " . وبات الجسدُ اليوم عاملا فاعلا في التفريق بين أبناء البلد الواحد . وله يدٌ لا تخفى في فتنةِ مصرَ , ومحنة ليبيا , وحرب اليمن , وحصار قطر , وميل بوصلة السعودية .
ـ تألق الروحُ في مواقفه الوطنية العربية , واضعا كل إمكانياته لصالح معركة الأمة . ففي حرب أكتوبر 73م , قال الشيخُ زايد " إن البترولَ العربي ليس أغلى من الدم العربي " ، فتم قطعه عن الدول الداعمة لإسرائيل .
ـ والجسد الاتحادي اليوم , لا يبالي بتلك المواقف , فله أهدافٌ خاصة , وأجندة محددة ينفذها . ولا ندري أين يقفُ من الصراع العربي الإسرائيلي . هل دورُه في انقلاب العسكر بمصر , وإصراره على بتر سواعد حماس الدفاعية , ومحاربة كل من يدعمها , يخدمُ قضيةَ العرب وفلسطين ؟ أم يخدم إسرائيل وأعداء الأمة والدين ؟ .
ـ أثر غزو العراق للكويت , لجأ 66 ألف كويتي إلى الإمارات , وقد هيأت لهم سبلَ المواصلاتِ من حافلات وطائرات لحملهم إليها . وأمر حينها الروحُ بمنحهم سكنا لائقا , ومساعدات مالية وإعفائهم من دفع أي رسوم .
ـ وجسدُ الاتحادِ اليوم يحاصر شعبَ قطر من أجل إجبارها على التغريد ضمن سرب الكناري والببغاوات . وداخليا قام بسن قوانين جزائية تقيدُ المواطنَ وتقهرُ المقيمَ . ومن خلالها شن حملة اعتقالات وإجراءات نفي واسعة , طالت كل مشتبه في معارضته , من العلماء والدعاة والمثقفين والحقوقيين والمحسنين وغيرهم , مواطنا كان أو مقيما .
ـ أعطى الروحُ بحسه العربي الأصيل ، بعداُ قوميا لواجبات القوات المسلحة الإماراتية . ففي الحرب الأهلية بلبنان 75م , قال الشيخُ زايد لقواته المشاركة ضمن قوات الردع العربية , والتي أوكلت لها مهمة أمن لبنان وسلامته : " إننا جزءٌ لا يتجزأ من الأمة العربية ، لنا حقوق وعلينا واجبات وأول واجباتنا المشاركة بكل ما نستطيع للدفاع عن أمتنا والذود عن كل شبر من أرضها يتعرض لعدوان أجنبي " . وشاركت قواتُ الإماراتِ مع قوات حفظ السلام الدولية في كوسوفو , والصومال 93م . وفي كل ذلك كانت تعمل ضمن أطار هذه القوات ووفق برامج مهامها .
ـ اليوم يعطي الجسدُ بُعدا محدودا ضيقا لواجبات قواته المسلحة , فمشاركته ضمن قوات التحالف في اليمن لم تعد تهدف إلى حماية روح المواطن وحرية الوطن . حيث تؤكد تقارير دولية وشهادات موثقة , مسؤولية الإمارات عن تغييب مواطنين واعتقالهم قسرا إلى جهات مجهولة ؟ . وعن اغتيال علماء ودعاة , ورجال دولة وأمن , ورموز وطنية واجتماعية غيرهم . وطالبت وكالة أسوشيتد برس , ومنظمة هيومان رايتس , والعفو الدولية , وغيرهم , دولة الإمارات بالكشف عن معلومات حول معتقلات سرية وغير سرية , تحت إدارتها . حيث وثقت المئات من حالات سوء المعاملة بمراكز الاعتقال , في السجن المركزي بعدن ، ومطار الریان ، والقصر الرئاسي بالمكلا , وقاعدةٍ لها في إريتريا . ورجحت أن تكونَ معظم الاعتقالات من تنفيذ قوات " الحزام الأمني " في عدن , و" النخبة الحضرمیة " في حضرموت . وهما قوتان تأسستا في 2016م ، ويُفترض رسميًا تبعيتهما لوزارة الداخلية , والجيش اليمني ، إلا أنّ للإمارات اليد الطولى في توجيههما وتسييرهما , وفقًا لتقارير ووقائع أكدت عملهما خارج سلطة الحكومة اليمنية بشكل كبير . وتجلى هذا في التحدي السافر لرأس القيادة الشرعية , ففي فبراير2017م , منعت قوات حماية مطار عدن , الموالية للإمارات ـ عمدا ـ طائرة الرئيس (هادي) من الهبوط , وهو على متنها . الأمر الذي أدى بعدها إلى اشتباكات للسيطرة على المطار ، وحينها قصفت مروحيات الإمارات مواقع تتبع الحماية الرئاسية . فأي أهداف سياسية واقتصادية تريد الإمارات تحقيقها ؟, عبر تنفيذ أجندتها الخاصة , بعيدًا عن سير الشرعية والتحالف .
ـ قد يظن البعض أن هذا المقال دليل كراهية للإمارات وشعبها , والحقيقة أنه حبٌ وحنينٌ لروح الاتحاد الموءودة , وفخرٌ وعرفان لرجالها المؤسسين الكرام , وما قدموه بالأمس من بناء ودعم لشعبهم , وما جسدوه من مواقف عزة ونصرة لشعوب بلدان أخرى . واليوم بكل أسف يستخدم الجسدُ الاتحادي كلَ إمكانياته الماديةِ والعسكريةِ في التدخل بشؤون بلدان أخرى , تدخلا لا يخدم أمنَها واستقرارَها , ولا يحيي اقتصادَها وشعبَها .
كم نفتقد ( روح الإتحاد ) السامية , والتي لا نرى من ذكراها اليوم إلا جسدا متخبطا , يحطم البنيان ويقهر الإنسان . وجسد كهذا لن يلبثَ إلا أن يسقطَ متهشما . وهذا ـ واللهِ ـ الذي لا نتمناه لإمارات الخير والسلام .