صيحات غيور
بقلم/ فهد السقاف
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 17 يوماً
الإثنين 16 فبراير-شباط 2009 07:09 م
 

الأرض تعشق الحرية، والناس الأحرار يعشقون الأرض، ويدفعون حياتهم دفاعا عنها، وما من ارض إلا وأنجبت أحرارا يفتدونها بمهج الأرواح، ويبذلون في سبيلها الغالي والثمين من الأنفس والمال والبنين، فأمنا الأرض، منها ولدنا واليها نؤوب، ولأننا قطعة منها وهي ذاتنا وحياتنا، فأن حياتنا بدونها كأوطان لن تكون ذات معنى، لأن الإنسان لا يكون أنسانا إذا جرد من أرضه ووطنه، ومن لا وطن له لا حياة له.

هذه العلاقة ما بين الإنسان والأرض كما هي العلاقة بين الإنسان وأمه، لا يمكن في أي ظرف أن تفصل بينهما، فليس هناك إنسان بدون أم وليس هناك مواطن بلا وطن، وأن تجرد الإنسان من إنسانيته واعتدى على أمومته، وتنكر لهذه العلاقة الإنسانية النبيلة، فقد خرج من دائرته الإنسانية فأصبح في ثقافتنا ولغتنا وقيمنا وديننا ولد عاق، وكذلك الإنسان الذي يتنكر للانتماء لوطنه، ويسعى جاهدا لإحلال مصالحه الفردية على حساب مصالح الوطن، فهو إنسان يحظى بلقب الخيانة.

الأرض كما هي الأوطان تلفظ من يخونها ولا توفر له المأمن الذي يحتاج إليه، والأوطان لا تقبل الخيانة والخونة، حتى لو كانوا ممن يدعون الانتساب إليها، لأن الخونة هم أعداء الأرض والوطن والناس، لأنهم قد اختزلوا الوطن بمنافع مادية أو معنوية لصالح الأعداء الذين ينهشون الأرض والإنسان إلى جانب الخيرات والثمرات.

للأوطان علاقة خاصة بالمواطنين ولا يجوز أن تتم عملية الانتساب ما بين الإنسان والوطن زورا وبهتانا، لان الانتساب إلى الأوطان لا بد وأن يكون في ضوء الالتزام بالعلاقة الحميمية مابين الوطن وإنسانه، أن لا يقدم الإنسان على خيانة وطنه الذي ينتسب إليه، وإذا أقدم على فعل الخيانة فلا تصح العلاقة، لان هناك خلل ما أما في الإنسان أو في الوطن، ولان الوطن لا يمكن أن تعزى أو تنسب إليه أية شائبة في علاقاته مع ناسه، فان الخلل يكمن في الإنسان ذاته، لان الوطن لا يمكن أن تتم معاقبته على فعل تقصير بحق ناسه، أيا كان هذا التقصير، لتبرير فعل الخيانة، فمن يبرر فعل الخيانة بسبب نقص في العلاقة بين الحاكم والمواطن هو مختل في عقله وتفكيره، لان الوطن لا تتم معاقبته ببيعه إلى الأعداء من اجل منافع فردية، لان الوطن ليس ملكا لهذا الفرد أو ذاك، ولا هو ملك لمجموع أفراده، لأن أبناء المستقبل يملكون حصتهم فيه التي لا تقبل التصرف فيها من أي جهة ولأي جهة.

لليمن في هذا الظرف بالذات مذاق خاص بعد حرب الأنفصال، وان كان مذاقا مرا، تكشفت فيه مجموعات من الخونة الذين يسعون لتبرير خياناتهم بشتى الطرق والوسائل، ينعقون دائما انهم ضحية النظام السياسي، مما يعني ان ممارساتهم الخيانية لها ما يبررها، وهم الذين تحولوا الى كلاب ضائعة على موائد حلفائهم واصدقائهم، وكان حري بهم لو كانوا صادقين في الانتساب الى الوطن ان لا يبيعوه بابخس الاثمان، حتى لو كانت مصالحهم الفردية قد اصابها كل ما يدعون، لان الخيانة لا مبرر لها، ومن يقدم على فعل الخيانة لا حجة له، وليس له قضية يدعي انه صاحبها.

الاوطان لا تحمي خونتها وكما يقول البعض ان الارض لا تقبل خونتها ابدا، فلو كان هؤلاء الخونة ممن يهمهم الوطن، وكانت الارض عزيزة عليهم لما استباحوها ، وهم الذين قد وضعوا من انفسهم اصحاب النخاسة والتسويق للعهر الخياني، الذي اراد ان يجعل من الوطن سلعة رخيصة لصالح اعدائه.

الذين وقفوا على ابواب العهر السياسي والاخلاقي، وجعلوا من انفسهم حراسا لاستباحة الاعداء لعرض اوطانهم، لا يستحقون الانتساب لهذه الاوطان، التي باعوها في سوق العهر الدولي، ولانهم لا يملكون حق هذا الانتساب، فان الوطن سيلفظهم، وقد لفظهم في اللحظة الاولى، التي ارادوا فيها ممارسة عهرهم الخياني.

كان الوطن اليمن واقفا على قدميه وما زال، وبدأ ابناؤه الابطال ينهشون جسد الغازي، وامتدت ايدي الابطال لهؤلاء الصغار من الخونة، لتجعل منهم امثولة لمصير كل الخونة والعملاء والجواسيس، فضاقت الدنيا في وجوههم، واخذت الارض تنظر اليهم بشزر، وهي تعدهم بمصيرهم المحتوم، فلم يجدوا ارضا تسعهم ولا مأوى لهم، لأن الاوطان تلفظ خونتها، ولا تسعد بسير اقدامهم على اديم ارضها.

انظروا لخونة الاوطان اين يختبئون؟، في احضان المرتزقة الذين يحاولون العبث ببلدي اليمن الحبيب، العهر الذي مارسوه في حق اليمن يزيدهم عهرا، بان يتنازلوا عن كرامة الانسان وهم الذين كانوا يبررون خياناتهم، ان النظام قد ظلمهم، فلو كانوا صادقين، اما كان حري بهم ان يجدوا ملاذا لهم في داخل الوطن، اما كان حري بهم ان يجدوا حماية لهم وتأييدا من الوطن وناسه، الذين تشدقوا بالحديث باسمه، اما كان حري بهم ان يجدوا من يقف الى جانبهم، وهم الذين يدعون انهم سيأتوا بالحرية والديمقراطية المفقودة لهذا الوطن، اما كان حري بهم ان يجدوا بديلا عن ورق التوت ليغطوا عوراتهم النجسة عندما تجرأوا على الوطن وناسه.

نعم وألف نعم، ان الارض لا تقبل بخونتها، ونعن الف نعم، ان الاوطان تلفظ خونتها، وان الارض تقذف بحممها مزمجرة في وجه كل الخونة والعملاء والجواسيس، وان هؤلاء لا ملاذ لهم الا في الحفر وتحت التراب، او ان يسرعوا في الهرولة بعيدا عن وجه الوطن، قبل ان تصل الايدي الى الفتك بهم، ليعيشوا على قارعات التسول والذل والمهانة خارج اسوار الوطن.

الانسان الطيب ملح الارض، والمناضل دفاعا عن الارض والعرض والوطن هو ابن الارض وابن الوطن، ومن فاز بابوة الاوطان وحب الارض فاز بالدنيا والاخرة، اما اولئك الخونة الذين يبيعون الارض والعرض والوطن، فهم عار الارض والاوطان، وقمامة الارض والانسان، وهم قمامات بشرية تدب على الارض، لا ينفع معها الا كنسها، حتى تتخلص الارض من قاذوراتها، وان نضالات الشعوب وحريات الاوطان، كفيلة بإزالة هذا الوسخ البشري المتعفن في النفوس البشرية المريضة. لماذا لا يعودون لليمن ويمارسوا حياتهم السياسية التي كفلها لهم الدستور ,فهذا أكرم وأشرف لهم مما يتصنعوا به في الخارج , وأنا هنا أتحدث ليس على المغتربون البسطاء الذين يبحثون عن تحسين لقمة عيشهم بل أتحدث عن المرتزقة الذين يطلقون على أنفسهم بالمناضليين....

فهد السقاف / كندا