كنا تحدثنا فيما مضى أن المنطقة بكلها تتعرض لزلازل تغييرية تعصف بالدول والمنظمات والبشر في صورة مروّعة تتجاذبها الأطراف العالمية المؤثرة الراغبة في تحديد ملامح الشرق الأوسط من جديد باعتباره بؤرة الصراعات العالمية قديمًا وحديثًا ..
وكي لا نخوض فى التفاصيل التي نزمع ذكرها لاحقًا إن شاء الله في مقالات أخرى ، نتحدث باختصار عن موطني الحبيب اليمن ، ومدى قابليته لأن يكون مطيّة لصراعات تلكم القوى العالمية التي تريد له أن يدخل في مآزق الدعشنة والعرقنة ، وهل يمكن أن يتم تحويل اليمن الى عراق أخرى تتجاذبها الطوائف المتقاتلة ، من ثم إدخاله في إيجاد بؤر داعشية مدمّرة لكل سبل الحياة الرغيدة والمستقرة ..
المؤشرات كلها فيما يبدو والمرسلة من الطرف الإيراني وبتعاون امريكي وروسي خفي تشير الى تحقيق ذلك واقعًا على الأرض اليمنية ، وليس الهدف اليمن بحد ذاتها ، لكن تم اختيار اليمن كمنطلق للتدمير الشامل للمنطقة ، وعاصفة الحزم ما زالت تواجه اعتراضات كبيرة لمنعها من تحقيق أهدافها كاملة ، ويتم ذلك من خلال اختراقات متعددة تتمثل في اعتراض الشرعية العربية للقتال فى اليمن ، ثم بالدعم الأممي المستمر لإيقاف الحرب ، وبتوريد السلاح من مناطق متعددة ، فالبحر العربي والبحر الأحمر مفتوحان على مصراعيهما ، وقد تم ضبط عدة قاطرات محملة بالأسلحة قادمة من الشوكة في خاصرة التحالف ( عُمان ) .
إن اليمن ومعها السعودية وكل دول التحالف تخوض حربًا متعددة الجوانب ، ففي الداخل يُسهم عفاش وعصاباته المتعددة للقيام بتحريك عناصره المخفية والمستأجرة لتكوين خلايا داعشية قاتلة ، وهي الآن تتحرك بقوة في عدن ، وقد تم تعبئتها فكريًا بأن أعمالهم الإجرامية ستقودهم الى الجنة والتمتع بالحور العين والنعيم المقيم ، فكيف يمكن لأي دولة أن تقنع مثل هؤلاء الصغار أن طريق الجنة ليس من هنا ، فكيف بنا ونحن بلا دولة ولا قيادة سياسية تحكم البلاد من الداخل ، بينما قيادات التمرد والخراب فى اليمن يقودهم أفعي برأسيـــــن ( عفاش + الحوثي ) يعيثون فى الارض الفساد ، ولا يهمهم أن يجعلوا من اليمن عراق أخرى ، ولديهم من الأدوات والدعم اللامحدود ما يكفي لتحقيق ذلك ..
الحل من وجهة نظري القاصرة أن تأخير الحسم العسكري أكثر من ذلك لأي اعتبارات سواء سياسية أو أممية سيدفع بالبلاد نحو المصير المجهول ، ويعطي فرصة كبيرة لصانعي الخراب فى العالم لتحقيق طموحاتهم ، ويعطي مجرمي الداخل الفرصة لتمزيق اليمن الى كنتونات صغيرة تتجاذبها الجماعات المسلحة المتقاتلة ، فتأخذ من العراق الطائفية المقيتة ، ومن ليبيا تنازع المتقاتلين على تحقيق التوسعات فى الأرض ، ومن داعش التدمير الممنهج للحياة المستقرة ، فهل تعقل قيادتنا السياسية أن المخطط التدميري أكبر من خلافاتهم الشخصية ، وأن الأولى لهم قيادة سفينة البلاد نحو الأمن والإستقرار ، فالتاريخ سيكتب ما صنعوا ، وبئس ما صنعوا إن تركوا البلاد تتجه نحو العرقنة والدعشنة ..