في الذكرى الاولى لثورة الياسمين بتونس !!
بقلم/ خالد السفياني
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 3 أيام
السبت 21 يناير-كانون الثاني 2012 12:32 ص

في العام 1987م تولى الوزير الاول في تونس زين العابدين بن علي مقاليد السلطة خلفا للرئيس الحبيب بورقيبة الملقب بالمجاهد الاكبر بعد ان اقعدة الكبر والعجز عن ادارة شئون البلاد التي يحكمها منذ نجاح الثورة التونسية في 1957م ، فقد قدم بورقيبة استقالته عن رئاسة الجمهورية وبمقتضى القانون والدستور التونسي يحل الوزير الاول (رئيس الوزراء ) مؤقتا محل الرئيس حتى انتخاب رئيس للبلاد ، لكن زين العابدين بفعل هيمنته على دوائر واجهزة الدولة نتاج توليه عدد من المناصب الهامة والحساسة لاكثر من عقدين سابقين سخر كل امكانياته وقدراته ليصبح رئيسا للبلاد ويعزز قبضته على امورها ليتمكن من الفوز بدورة انتخابية ثانية ثم ثالثة ورابعة واتبع سياسة القبضة الحديدية في ادارة شئون تونس وتوجيه الاعلام الداخلي والخارجي لتصوير حالة الرخاء والتطور والنهوض والحرية التي تعيشها تونس في عهدة فانطلت هذه الاكاذيب على العالم برمته فاختزلت تونس في شخصية الرئيس زين العابدين الذي صور نفسه بالرجل المنقذ لتونس طوال 23سنة مضت ولم يكن للشعب التونسي او لغيره من القادة في تونس صوتا مسموعا بما في ذلك اقطاب الدولة وفي صدارتهم رؤساء الوزراء المتعاقبين.

شرارة الثورة وانطلاقتها :- وفي 17/ ديسمبر –كانون الاول/ 2010م اندلعت شرارة الثورة في سيدي ابو زيد اثر حادثة احراق بائع الخضار محمد البوعزيزي نفسه احتجاجا على قيام شرطية تدعى فادية حمدي بمنعه من ممارسة عمله اليومي ، وامتدت بعد ذلك الثورة الشعبية الى مدينة القصرين في اليوم التالي والى مدن الرقاب وسيدي علي بن عون ومدن اخرى وبداءت التجمعات بعد ذلك في تونس العاصمة يوم 25 / ديسمبر/ 2010م في اجواء من القمع الشديد ، وفي يوم 27 ديسمبر امتدت المسيرات والمظاهرات الى اغلب محافظات تونس لتشمل تونس وصفاقس والقيروان والقصرين وتالة وقفصة ومدنين لتعم الثورة والغضب الشعبي ارجاء البلاد وبرغم القمع الامني للثائرين الا ان الجيش التونسي بقيادة رشيد عمار التزم الحياد ورفض المشاركة في قمع الشعب ليصل الضغط الشعبي ذروته في 13 يناير –كانون الثاني 2011م ويحتم على زين العابدين الخروج من الصمت والقاء خطاب تهدئه حاول من خلاله تهدئه التونسيين وتقديم بعض التنازلات والوعود والتغييرات في الحكومة بعد ان اصبح مطلب الشعب التونسي برمته قد تعدى السقف مطالبا باسقاط نظام زين العابدين بن علي ، وفي يوم الجمعة 14 يناير 2011م رحل بن علي هاربا من تونس الى المملكة العربية السعودية لاجئا سياسيا لتنتصر ثورة الياسمين في تونس وتكتشف تونس ذاتها المفقودة فانهارت القيود الامنية والسياسية التي كانت مفروضة من قبل وتولى محمد الغنوشي رئاسة الجمهورية بصفة مؤقته لكن ثورة تونس الحمراء استمرت فاخرجت الغنوشي من الحلبة السياسية و في 17 يناير 2011م تم تنصيب فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب رئيسا للجمهورية مؤقتا لمدة 45-60يوم ، وفي ظل مؤشرات انتصار الثورة التونسية بداءت قوافل عودة المعارضين السياسيين الى البلاد والبدء في الافراج عن المعتقلين في 19 يناير ، وفي خضم هذه التطورات المتلاحقة التي كفلت نجاح الثورة وتالقها واشراقها اضحت الارادة الشعبية وصوت الشعب التونسي الذي لم يكن مسموعا هو ركيزة التحولات السياسية وصاحب القول الفصل في تحديد ملامح الحياة السياسية الجديدة وصورة الدولة المطلوبة لتكبح كل اشكال الفساد السياسي والاقتصادي والعبث بموارد وامكانيات وخيرات البلاد فكانت هذه الثورة التي اطلق عليها \\\"ثورة الياسمين \\\" ثورة ناجحة بكل المقاييس برغم التضحيات اليسيرة التي لم تتجاوز 219 قتيل منذ انطلاق شرارة الثورة حتى انتصارها .

ثورة الياسمين والتحولات العربية :- ان من الممكن القول ايضا ان الثورة التونسية لم تحدث تغييرا فعليا داخل تونس فحسب بل مهدت لتحولات واسعة والهبت المشاعر الشعبية في كثير من الاقطار العربية فشبت نيران الثورة في مصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين والجزائر والمغرب وعمان والاردن وغيرها 00000 فانتصرت بعضها وبعضها مايزال في طور المخاض ومنها ماتم احتواءه .. وممالاشك فيه ان ثورة الياسمين والثورات التي انساقت في اثرها قد كفلت اسقاط اعتى الانظمة الاستبدادية العربية واقوى الزعماء المستبدين ممن طال عليهم العمر وهم يحكمون بلدانهم وشعوبهم بالحديد والنار كـــ\\\" حسني مبارك ومعمر القذافي وزين العابدين بن علي وعلي عبدالله صالح \\\" وكان رحيل هؤلاء عن السلطة والحكم في عداد المستحيلات ولم يكونوا يتوقعون ان يخرجوا اوتسقط انظمتهم مطلقا ولم يكن العالم من حولهم يعتقد انه من الممكن مفارقتهم للسلطة والحكم طوعا او كرها 00لكن ارادة الشعوب كانت اقوى من ارادتهم لانها مستمدة من ارادة الله سبحانة الذي لامعقب لحكمه ولاراد لقضاه فكان انتصار هذه الثورات تاكيدا ان الشعوب قد تستعبد وتسام لكنها ابدا لاتموت .

لقد كان عام 2011م مليئا بالتحولات والاحداث الجسام وكان سريعا للغاية في دورته فهانحن اليوم في كل الاقطار العربية بعد مرور عام كامل نشاطر شعب تونس افراحه بحلول الذكرى الاولى لنجاح ثورة الياسمين وانتصارها .. تلك الثورة الحمراء التي اججت الثورات من حولها وكان نجاحها مبعث رعب وفزع في قلوب الحكام المستبدين ليس في المنطقة العربية فحسب وانما في كل بقاع العالم لانها احدث الهبات والثورات الشعبية المعاصرة واشدها حسما وبداية عنوان ربيع الثورات العربية توالت في اثرها الثورات بعد ان اكدت للشعوب ان ارادتها لاتقهر وان الانظمة المستبدة من الممكن اسقاطها دوما عند غضبة الشعوب وثورتها ، فتحية واجلال لثورة تونس في اول ذكرى لها وهنيئا لشعب تونس رياح الحرية التي بات يتنفس عبقها العاطر بعد كبت طويل واستبداد غير مسبوق عاشه طويلا فرضت فيه القيود حتى على اداء الشعائر والصلوات وعبادة الحي القيوم .

مسك الختام :- يقول امير الشعراء احمد شوقي :

وللحرية الحمراء بابا بكل يدا مضرجة يدق