|
من خلال تجوال وسائل الإعلام في ساحة اعتصام رابعة العدوية في مصر بالقاهرة وكذا واقع ساحة التعيير بصنعاء يجد المتابع أن هناك جوانب تشابه عديدة في الشكل بينما تختلفان في الأهداف ، ويمكن أن نلخص أوجه التشابه والاختلاف فيما يلي:
1- من حيث الشكل المنظور: هناك تشابه كبير في الجولة والشوارع الأربعة المتفرعة عنها ، ويلاحظ امتداد خيام المعتصمين في رابعة بما يشبه ما كان سائداً في ساحة التعيير حتى نهاية2012م ، والفارق الوحيد هو أتساع تقاطع وشوارع رابعة العدوية وهو بتناسب مع حجم سكان القاهرة إذا ما قورنت بأمانة العاصمة.
2- الجانب الاعتباري للمكان رابعة تشير إلى واحدة من النساء الزاهدات العابدات في التأريخ الإسلامي ، وساحة التغيير بصنعاء يقع النصب التذكاري الإيمان يمان والحكمة يمانية وكذا قرب الساحة من أكبر المرافق التعليمية في اليمن وهي جامعة صنعاء.
3- غلبة التيار الإسلامي في المعتصمين بساحة التغيير بصنعاء أو رابعة والنهضة وغيرها، ومحدودية مشاركة الأحزاب القومية والليبرالية وغيرها ، وخطاب المنصة يعكس ذلك التوجه ، ومن يتذكر كيف كانت الهجمات التي تتعرض لها منصة ساحة التغيير بصنعاء بقصد السيطرة عليها من بعض التيارات التي كانت تعارض بشكل مخصوص الشباب المحسوب على التجمع اليمني للإصلاح ، بل ووصل الأمر ببعضهم لافتتاح منصات جديدة بعض بالقرب من المنصة الرئيسية للساحة ، وبعضها في أطراف الساحة جوار مبنى جامعة صنعاء القديمة ، أما منصة رابعة لا نعلم حتى الآن كيف تدار ، ولكن إن زاد تنوع القوى المعارضة للانقلاب العسكري وحجمها ربما نشاهد تغير نسبي لخطاب المنصة ، ومن يتابع الاسبوع الخامس من الاعتصام سيجد أن وجوه جديدة بدأت تظهر على المنصة وخاصة من الشباب.
4- هجمات الأمن والاشتباكات مع حراسة الساحة وخاصة في فترات آخر الليل ، ويشبه هجوم قوات الأمن على ساحة التغيير بصنعاء جوار سيتي مرت حاله تشبه الهجوم على رابعة من جوار المنصة ، وإذا كان شباب الثورة اليمنية تمكنوا من الوصول إلى تقاطع المركز الإيراني بعد هذه الحادث ، فإن معتصمي ساحة رابعة تمكنوا من تثبيت أطراف الساحة بالقرب من النصب التذكاري ، ومن يتابع الهجمات المتباعدة على ساحة رابعة وميدان النهضة يجدها تتشابه إلى حد كبير على ما كان يتم في ساحة التغيير بصنعاء ، وعلى وجه الخصوص الهجوم المسلح الذي تعرض له ميدان نهضة مصر مطلع شهر رمضان جوار جامعة القاهرة.
5- الاعتداء على المسيرات التي تخرج من الساحة ففي ساحة رابعة وميدان النهضة ورمسيس تعرضت بعض المسيرات لنفس الأساليب من هجوم للبلطجية بمشاركة قوات الأمن ، وأبرز الأمثلة مجزرة قاع العلفي للمسيرة العائدة من شارع الزبيري تم التقطع لها في ميدان العلفي بالقاع وتعاون البلاطجة مع قوات الأمن لقمع المسيرة واستدراج بعض الشباب إلى الأزقة والشوارع والاعتداء عليهم من قبل مسلحين مدنيين تم إعدادهم لهذا الغرض ، ونفس المشهد بتفاصيله تم لمسيرة تحركت من رمسيس إلى رابعة وتم الاعتداء عليها في منطقة غمرة التي تتواجد فيها بعض الأحياء الشعبية ولذا كان الشبه شديد بين الحالتين ، وهناك اعتداءات تمت في المنصورة على حشود النساء وهي تشبه الاعتداء على الأخوات المشاركات في الثورة وفي المسيرات وحدث ما يشبه ذلك فعلاً في مدينة تعز ومنطقة القاع أيضاً.
6- التهديد بإنهاء الاعتصام وإعطاء مبرر يتمثل في تضرر الأهالي ، حدث ذلك في ساحة التغيير بصنعاء ولم تتمكن قوات الأمن من تحقيقه على الرغم سقوط عشرات الشهداء دفاعاً عن الساحة ، بل لازالت بعض خيام المعتصمين التابعين لجماعة الحوثي قائمة حتى الآن ، العجيب أن حكومة الانقلاب تحاول فض اعتصام رابعة بنفس الطريقة وهي معارضة الأهالي ، ولكنها ستستخدم طريقة جديدة تعرف بالإخلاء القانوني مستغلة هيمنتها على القضاء والنيابة في مصر ويتم ذلك من خلال رفع دعوى من الأهالي وإصدار حكم قضائي ثم قرار من النيابة بإزالة ساحة الاعتصام في رابعة والنهضة وغيرها .
7- التدخل الدولي والذي يتناغم مع الحركة في الشارع ، فكلما كانت تزيد حشود الثوار في صنعاء والمحافظات زادت زيارة الوفود الدولية التي تتفاوض مع المعارضة الرسمية ، وعلى الرغم من رفض ثوار الساحات للمبادرات ، إلا أن ارتباطهم بأحزابهم نفى عن غالبية القيادات الشبابية الجدية في رفض المبادرات الدولية التي تبقي على بعض مكونات النظام السابق في سلطة ما بعد الثورة ، وفعلاً توافقت كل الأحزاب على ما عرف بالمبادرة الخليجية التي جنبت اليمن فعلاً مزيد من الصراع والدماء ، ولكنها أفرغت الثورة من محتواها ، ومكنت للحزب الحاكم سابقاً من نصف الحكومة ، ونصفها الآخر جزء كبير منه لشخصيات كانت مقربة من الحزب الحاكم ، وبالتالي من قامت الثورة ضده حصل بعد المبادرة الخليجية على حوالي ثلثي مقاعد الحكومة ، كما تم تغيير رئيس الجمهورية بنائبه ، وبالتالي على الرغم من مئات الشهداء إلاَّ أن دورة الفساد ظلت مستمرة ولم يشعر المواطن اليمني بأي جهد لمحاربة الفساد الذي يعد من ابرز المشكلات ، كما لم يحس المواطن اليمني بحالة من الاستقرار لأن من حصلوا على ثلثي المناصب الوزارية ورئاسة الجمهورية لازالوا يطمحون إلى ما هو أكبر وهو إلغاء شيء اسمه الثورة والعودة بالأوضاع إلى ما قبل 2011م أي الاستحواذ على كل مفاصل الدولة واعتبار ثورة2011سحابة صيف انقشعت ، وفي مصر أيضاً إرهاصات الوفود الدولية مستمرة والفرق الوحيد هو مقابلة قيادات أحزاب اللقاء المشترك في الفنادق والمرافق الحكومية ، بينما يقابل قادة الاخوان تلك الوفود وهم في السجون.
8- من الأقوال التي تتداول أن هناك تناقض في الخطاب السياسي بين رابعة وساحة التغيير بصنعاء، فبينما تطالب ساحة رابعة بعودة الشرعية ، وساحة التغيير قامت ضد الشرعية ، نود التأكيد لهؤلاء أن الشرعية هي الناجمة عن انتخابات شفافة ولدورة انتخابية لا تزيد عن أربع إلى ثمان سنوات ، أما أن يتم الاحتيال على الديمقراطية بتعديل الدستور وتصفير العداد والتوريث ...إلخ ، فإن الحكم تحول من الشرعية الديمقراطية إلى الاستبداد السياسي الذي يجب مقاومته ، وبالتالي ساحة التغيير بصنعاء قامت ضد شرعية مزورة عمرها (33)سنة ، أما ميدان رابعة فيدافع عن شرعية نهبت بالقوة العسكرية ولم يتجاوز عمرها العام ، وبالتي فالفرق واضح بين أهداف الساحتين ، وبين معنى الشرعية في الساحتين.
أخيراً نأمل من قادة تحالف الشرعية في مصر دراسة التجربة اليمنية بعناية وأن لا تركن إلى الوفود التي تبحث عن مصالحها أولاً ثم عن مصالح قادة الانقلاب كونهم يمثلون أمر واقع مسنود بقوة الجيش والداخلية.
في الخميس 08 أغسطس-آب 2013 07:01:38 م