|
مأرب برس – خاص
المتأملون في التاريخ البعيد والقريب ،وفي صفحات الواقع اليوم يدركون تماما أن للشيعة وعيا سياسيا ودهاء يفوق بمعدلات غيرهم اكتسبوه بتراكم خبرات ووعي الأقليات عموما، وبعقيدة تقوم على التقية والتي تعني في الكثير منها المكر والغدر وتبيت الفجور في اللحظة التي تسمح ..
وإذا كانت اغلب الملل والأديان قد تأثرت كثيرا في التزام وولاء أبنائها تجاهها بفعل العلمنة السياسية التي لم تسلم منها النصرانية واليهودية ومجموع المسلمين في تيارهم السني ،إلا أن من غادر الصلاة والصيام وبقية أركان الإسلام وعاش تفلتا وانفتاحا في الفضاء المطلق من الفصيل الشيعي لم يتنازل البتة عن ولائه المطلق للمرجعيات والآيات والمراقد وظل ولا زال يحمل في أعماقه أطنان من أحقاد التاريخ ،إن ذكر واحد من مرجعياتهم وكان حيا انتهى بقوله دام ظله ،أو قدس سره إن كان صاحبه قد قضى ..
لكن هناك حقيقة تاريخية لا يمكن لفطن أن يتجاهلها وهي أن الإنسان أو الجماعة أو الدولة يفقد أو تفقد ذلك المقدار من البصيرة والدهاء حينما يحس بقليل من قوة تدفعه إلى غطرسة وغلو واستكبار فيذهب ينطح هنا وهناك بدون روية أو حسابات عواقب ،في هذه اللحظة يبدأ العد التنازلي والاقتراب من النهاية المحتمة .
وهذا ما يفعله الأمريكان وإيران اليوم ومعها توابعها من الفصائل المختلفة هنا وهناك التي لم تزرع إلا الكراهية وحمى الاصطفاف ضدها ..فماذا يمكن لها بعد أن تجني.؟
إيران أو شكت أن تكون قوة عظمى في كل المجالات تؤازرها فرقها وفصائلها المختلفة ،لكنها ومعها مجاميعها وملشياتها فرق الموت المختلفة في العراق ارتكبت أخطاء تاريخية قاتلة بما تفعله ويفعلوه من جرائم لم تبلغ إليها النازية أو الصهيونية ،استنهضت لها أعداء كانوا نوما .
جعلت المسلم السني العلماني المتفلت من كل شيء يتجه فورا ويستدعي غيره لان يصطف ضدها ،ويعلن استعداده في أن يستقوي ويحمل على ظهره إليها شر البرية في مواجهة من يعتقد أن ليس بعده أشر ..
استطاع الصفويون الجد أن يبنوا ضدهم معسكرات معادية لا يمكن لعقود أن تهدا أو تنسى ما فعلوه ..
وفي تقديري إن هي إلا بضع سنين حتى يختنق التيار الصفوي في العراق وتجتث مرجعيات الفتنة ومصاصوا الدماء ،ثم حصول الضمور الحاد لإمبراطورية الشر الإقليمي إيران بفعل ضربات أمريكية غربية عموما وبتآزر أطراف عدة بدأت تتبدى..
ونحن هنا وبهذه المقدمة نتجه إلى أحبتنا الحوثيين بدعوة للمقاربة والى قراءة التاريخ والأحداث والسنن بعمق وتأمل والعودة إلى النسيج الاجتماعي النقي الصافي السلس ،والى المذهب الزيدي مذهب الخير والفلاح ..
اليوم بدأت الاثنا عشرية تبني في اليمن وفي اغتصاب وخطف المذهب الزيدي في استفادة من رياح الأحداث والمتغيرات الإقليمية والدولية والأوضاع الداخلية، في سبات وغفلة من مرجعيات المذهب الزيدي في اليمن ،والذي يختلف أصولا وقواعدا وتراثا عن نبتة الشيطان هذه ،وفي ظل حماقات ارتكبتها كعادتها السلطة بسذاجة وعدمية منها أو باختراق حاصل ومتغلغل ..
وإننا لنقبل رؤوس وأيادي أئمة مذهبنا الزيدي الحبيب والأليف وفي مقدمتهم بدر الدين الحوثي نفسه لأن تكون لهم وقفة ومراجعات تجاه هذا الوافد الجديد لأجل الإسلام أولا وللمذهب واليمن ثانيا ..
ونناشد الجناح السياسي لنبتة الفتنة هذه والمتغلغل في الكثير والخطير من المفاصل الرسمية أن تكون له وقفات دقيقة وحكيمة في مراجعة كل المنعطفات والثغرات ،وانه من الحمق كله سحب النموذج الصفوي في إيران والعراق إلى بيئة بالمطلق غير قابلة ولا تأتلف ،إلا أن تكون الثمرة ارض محروقة وجراحا لا يندمل ونزيفا دائما..
ليست هناك اخطر من صراعات مجتمعية بين فصائل دينية جميعها مفرطة ،لم تشهد أوروبا أسوء من الحروب الدينية ،حتى وصلت شعوبها في النهاية بالانقضاض على الكنيسة بالجملة ،ونحن نخشى أن يراد لامتنا ذلك بعد صراعات مذهبية تنتهي بالموقف من الدين الإسلامي جملة ..
اخطأ ويخطئ الحوثيون في الكثير من تكتيكاتهم سواء في اللعب بورقة اليهود التي عادة بأثقالها عليهم وفرصها للآخر ،وفي استعداء الطرف السعودي في الاحتكاك المباشر وفي ورقة الانفصاليين في الخارج الذي زادت من القلق الاجتماعي ضدهم ،وفي سحب خيمة العقيد القذافي إلى أتون الساحة ،
وفي أوراق أخرى كلها حشدت وكتلت عليها آخرها استفزاز الوسط الصحفي والمثقفين برسالة التهديد تلك التي استهدفت رقبة عبد الفتاح البتول بموتة صدام نفسه ،في صورة أكدت للجميع أن حكيم العراق هو مقتدى اليمن ..
على ضوء ما سبق اعني أن المقدمات والمسار الذي عليه إخواننا الحوثيين ،أو الصوفيين الجدد إن كانوا في زاوية أخرى لا يعكس او يوحي إلا بمزيد من التراجع في حصونهم والتكتيل ضدهم ،وفي حال أن ضربت إيران وهذا شبه مؤكد فان الانهيارات والنهايات ستكون أشد وأنكي.
من هنا فالفرصة لا زالت قائمة في العودة إلى الصف وبنشاط سياسي بماركة يمنية خالصة وبمنافسات سياسية على المقاعد النيابية أو الرئاسية يحملهم شعبنا إليها ..
وكم سنحمد للسلطة صنيعا لو فتحت الملف للجميع من اجل معالجته إن التفرد في حله كارثة وغباء لا تحسنه دوما إلا سلطتنا المجيدة..
إن لفيفا اجتماعيا من المشايخ والعلماء والوجهاء والمحاميين وأساتذة الجامعات لقادر تماما على استيعاب وحل هذه الفتنة .
وان حلولا أمنية بمقدار رد الفعل أو بما تسمح به الرياح الخارجية لا تزيد الأمور إلا خيبة ..
مثل هذه الأمور ليس محلها الحلول الأمنية ...
كما أن ألاثني عشرية نبتة سوء وافدة ،فان التمذهب الوهابي المنغلق هو الآخر نبتة أخرى في الوجهة المقابلة.
وان اللعب بتضاد متطرف من الغلو في مواجهة كصراع الديكة لا يمكن إلا أن تكون النتائج حرائق وعواصف محلها في الأساس من أيقضها ..
لنقترب من أهلنا الحوثين ونضمد جراحاتهم ونستدعيهم إلينا بصدر حاني ويد كريمة وبنقاش مثري ويد تمتد إليهم لا زالت عنهم نظيفة.
حينها نحن أبناء كندة وربيعة وليس للمجوسي إلا الحجر ..
في الخميس 08 فبراير-شباط 2007 09:00:33 ص