أسْبَابُ إزْدِحَامِ القَضَايَا فِي المَحَاكِم وَنَتَائِجُهَا !
بقلم/ محامي/احمد محمد نعمان مرشد
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً
الأحد 16 ديسمبر-كانون الأول 2012 04:03 م

الشرع والقانون هو السياج الواقي من طغيان الإنسان  على أخيه الإنسان  وظلمه له وكلاهما ينظم العلاقة بين الأفراد  والجماعات ويصون الممتلكات ويحمي الأعراض ويحقن الدماء ويجازي المحسن على إحسانه ويعاقب المسيء والمخطئ على إساءته وأفعاله المخالفة وما التزم بهما موظف إلا نجح وارتقى ولا قاضٍ إلا وتحقق على يده العدل والإنصاف وبقضائه العادل تُقام الحدود وتُطبق أحكام الشرع وتُعاد الحقوق إلى أهلها وتُحمى الأموال الخاصة  والعامة وتتوسع الاستثمارات وترتقي الدولة وتزدهر فالقضاء العادل الذي يُطبقُ الشرع والقانون في الدولة باعتباره  احد سلطاتها الثلاث يُعتبر بالنسبة للدولة بمثابة الروح من الجسد  او القلب من الجسم وقد بين الرسول صلى الله وعليه وسلم هذه الأهمية بقوله (''ألاَ وإنّ في الجسد مُضْغَة إذا صَلُحَت صَلُحَ الجسد كلّه، وإذَا فَسَدَت فَسَدَ الجسد كُلُّه ألاَ وهي القلب) إذن فالقضاء إذا صلح صلحت الدولة واستقام أمرها ونهض اقتصادها وإذا فسد خربت الدولة وتدهور اقتصادها وعمت الفوضى وساد الظلم وكثر الظلمة المستبدون وقطاع الطرق. والوضع في بعض البلدان العربية اكبر شاهدا على ذلك ويختلف من بلد إلى أخر كما يختلف بين المحافظات من حيث تولي القضاة الذين يطبقون الشرع والقانون ويتصفون بالنزاهة والاستقامة وحسن الخلق وبين من يسلك غير ذلك السلوك فتكون النتيجة عكسية , ولعلى الكثير يتساءل عن دور القضاة في تطبيق  القانون ؟ وهل بالفعل يطبقونه ؟ وهل هناك من اثر سلبي في حالة عدم تطبيقه ؟ والحقيقة تؤكد أن بعض القضاة هم من يقومون بتطبيق القانون و تتحقق على أيديهم  العدالة أما البعض الآخر فهم من لا يحترم القانون ولايطبقه وهم السبب في اكتظاظ المحاكم بقضايا كيدية كاذبة حيث إن القاضي يسير في نظر القضية وتحقيقها وقد تخلص النتيجة إلى قبول الدعوى أو رفضها لكنه يتجاهل الحكم للمحكوم له بالغرامة والنفقات والتعويضات سواء كان المحكوم له مدعي أو مدعى عليه فتجده يسكت عن الحكم بالغرامة أو يقضي بتحمل كل طرف مخاسيره في القضية أو يحكم للمحكوم له بمبلغ زهيد لا يساوي 5% من إجمالي الغرامة والتعويضات والقاضي بذلك يكون قد خالف القانون وسوى بين المحسن والمسيء ولعلى ذلك هو من أهم الأسباب التي أدت  إلى انتشار الفساد في القضاء وازدحام المحاكم بقضايا كاذبة وكائدة لان الكثير من المدعيين ليسوا أصحاب حق في التداعي وإنما هم أصحاب أغراض وأهواء وانتقام من غيرهم ولعلمهم بتهاون بعض القضاة بالقانون وعدم قيامهم بتطبيقه وذلك بالحكم على من خسر الدعوى بجميع أغرام المحكوم له ومخاسيره ونفقات التقاضي وأتعاب المحاماة التي قد تصل في بعض الأحيان إلى مئات الألوف أو الملايين وهذا التجاهل يجعل الكذابين يلجأون إلى المحاكم بدعاوي كيدية ما انزل الله بها من سلطان ،

ولو عرف المدعي الكذاب انه سيترتب على خسرانه لدعواه تحمل جميع أغرام المدعى عليه وتعويضه عن جميع الأضرار المادية والمعنوية وعن ما فاته من كسب أو لحقه من ضرر فلن تجد كذابا يدخل المحكمة لاسيما وان المحكمة ملزمة بالحكم بالغرامة ونفقات التقاضي من تلقاء نفسها ولو لم يطلب ذلك الخصوم فما بالكم والمحكوم له يطلب في دعواه وفي جميع عرائض مرافعاته الحكم له بالغرامة ولكن لا حياة لمن تنادي ويصبح طلبه في مهب الريح فبعض القضاة يتجاوزون نصوص القانون المتعلقة بالغرامة مع أنها نصوص آمرة على سبيل الوجوب والإلزام للمحكمة وليس على سبيل الجواز والاختيار والنصوص الآمرة تتعلق بالنظام العام الذي يجب على القضاة التقيد به وفي حالة مخالفته تـتعرض أعمالهم إلى البطلان فقد نصت المادة (258) من قانون المرافعات رقم (40) لسنة 2002م المعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2010م (يجب على المحكمة من تلقاء نفسها أن تحكم بإلزام المحكوم عليه بالنفقات بالحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها ) وقد بينت المادة (257) من ذات القانون معنى نفقات المحاكمة ولم تتركها مجهولة حيث نصت بالقول ( نفقات المحاكمة ما يثبت بوجه شرعي وقانوني أن الخصوم أنفقوه في الخصومة ويدخل في ذلك- أجور الخبراء – ونفقات الشهود – ونفقات اتخاذ الإجراءات التحفظية – وأجرة من تنصبه المحكمة عن الخصم الغائب – وأجرة المحامي بما تقدره المحكمة ) كما نصت المادة (380ــ381) من قانون الإجراءات الجزائية على وجوب الحكم للمحكوم له باغرام التقاضي وأتعاب المحاماة لكنك تجد معظم القضاة في المحاكم اليمنية على وجه خاص يتجاهلون هذه النصوص القانونية ضاربين بها عرض الحائط بل بعضهم يحكم بغرامة زهيدة جدا ولعله يضحك بها على المحكوم له ويتمسخر به حيث يحكم له بمبلغ عشرين أو ثلاثين ألف ريال يمني مع علم القاضي أن المحكوم له يستحق خمسمائة ألف ريال غرامة أو أكثر منها ونزولا على ما سبق فان للقانون أهمية كبيرة في حياتنا اليومية ولولا القانون لما استطاع بنو البشر تنظيم حياتهم اليومية لاسيما وان تنظيم سلوك البشر في جميع المستويات الفردية والجماعية قد نظمها القانون واوجب على الكافة احترامها رئيسا ومرؤوسين قضاة ومتخاصمين وفرض جزاءات وعقوبات على من يخالفه كي يصل الجميع إلى حقوقهم المشروعة بعيدا عن أي انتهاك لها أو تهاون بها وفي المجتمعات الراقية تقاس درجات الرقي بمدى معرفة الشعب لحقوقه ومدى احترام الدولة للحقوق وكذا مدى معرفة المواطن لواجباته واستعداده للوفاء بهذه الواجبات ولان الكثير من المواطنين في البلدان العربية يجهلون معرفة حقوقهم التي اوجب القانون حمايتها وعاقب من يعتدي عليها كان السبب الذي جعل بعض القضاة يتهاونون في تطبيق القانون ويتسببون في ضياع بعض الحقوق وإطالة أمد التقاضي فنسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق والسداد في القول والعمل .