طب هو أبو سندوه زعلان ليه ؟!
بقلم/ د. محمد أمين الكمالي
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 4 أيام
الأربعاء 12 ديسمبر-كانون الأول 2012 04:20 م

في البداية يجب الإشارة إلى أن الثورة في اليمن لم تحدث بسبب الشهداء , بل هؤلاء الشهداء هم من قدموا أرواحهم خلال الثورة لآجل هذا الوطن وحق هؤلاء لا يجب أن يضيع حقهم في أن تتحقق أهداف ثورتهم التي خرجوا من اجلها وحقهم في أن يعاقب الجناة الذين لم يتورعوا في سفك تلك الدماء الطاهرة بكل برود لتحقيق أهداف سياسية دنيئة للحفاظ على سلطتهم الغاشمة .

وقالوا قديما من آمن العقوبة أساء الأدب وعندما نطلب محاكمة الجناة ومحاسبتهم ليس من اجل شهوة انتقامية أو رغبة في الثأر بحد ذاته ,, فالعدالة رغم كونها قيمة أساسية وحق للضحية إلا أنها أيضا حق للمجتمع وحق لنا جميعا لأنها الضامن لمنع تكرار هذه الجرائم البشعة .

وهذا لا يتعارض مع مفهوم العدالة الانتقالية الذي يتم تداوله كثيرا كمبرر فهو لا يسقط حق الضحايا بالتحقيق ومعرفة الحقيقة وإدانة الجاني ورفع الضرر والتعويض المعنوي والمادي مقابل أن يتم التصالح مع المذنب أو حتى العفو عنه في إطار يجنب البلاد والناس الويلات ولكن ضمن قيود تمنع المجرم من الاستمرار في جريمته أو تكرارها وتدين الجريمة من أساسها وليس شرعنة الجريمة والقبول بها تحت وطأة الاستقواء بالقوة العسكرية والتهديد بالحرب الأهلية 

ثانيا : يبهرني دوما أولئك الواقفون بثبات وان عارضتهم كل التيارات فبغض النظر عن وجاهة الفكرة التي يحملونها ومدى صحتها لكنهم مخلصون لإيمانهم ولو كان ضد مصالحهم أو ينتهك استقرار واقعهم أو توازن مجتمعاتهم التي ارتضت الوقوف على الحياد نظرا للخوف المجتمعي من الوقوف في وجه التيار السائد .

كنت أرى هذا الشعور في أولئك الكهول الذين أنهكتهم سنوات المعارضة السياسية والمجتمعية وكيف يخبو صوتهم بمرور الأيام ,, هذا الصوت سمعته من داخل مؤتمر حقوق الإنسان وهم يهتفون ضد النظام الذي أبى ان يسقط إلا نصفه (مثل الشلل النصفي المعوق ) وضد طرفي النقيض في المعادلة السياسية وضد الواقفين على الحياد لتمشي الدنيا على خير ,, هل هم قلة من الشباب الغر الذين لا يعرفون مصلحته يدفعه الحماس الأهوج ؟ أم هل هم مجرد مندسين مدفوعين لتحقيق مصالح طرف ما ؟ أم هم ضمير الأمة والملايين الصامتة التي لم تجد من يعبر عنها وهم الناطقون بما يدور في خلد كثير من السياسيين الذين ألجمتهم قيود السلطة والمنصب فلا يستطيعون البوح بما يؤمنون به تمنعهم التزاماتهم السياسية لأحزابهم ومناصبهم واتفاقاتهم ومبادراتهم فلا يستطيعون أن يجهروا بما هتف به هؤلاء الفتية .

يقول تعالى (‏لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ) وهم يشعرون بالظلم الآن ,, الظلم الذي خرجوا ثائرين ليرفعوه عن وطنهم وظلم إخوتهم الذين قضوا بين أيديهم ويراد اليوم أن يكافئ القاتل بالتغاضي عنه ومجاملته ومساواته بالضحية أن لم يكن تفضيل القاتل على الضحية لأننا لدينا مصالح والتزامات سياسية معه ولا يوجد مثلها مع الضحايا ( الشهداء بأذن الله ).

كان لرئيس الوزراء وهو الكهل الذي خبر الدنيا أن يحتوي هؤلاء الشباب بحكمته ويسألهم أن يفوضوا احدهم ليتحدث بما يريدون ويعطيهم الفرصة ليشرحوا وجهة نظرهم صواب كانت أم خطاء ليعطي للجمع درس في الديمقراطية وتقبل الآخر بدل الانفعال الذي يخرج المرء عن طوره ويجعله يخطئ في حكمه وتصرفه .

الطريف ان مشكلتي مع ما حدث هي مع جاري العزيز في مصر صاحب المحل الذي تعودت شراء حاجياتي منه عندما بدأت هوايته في تتبع أخبار اليمن عندما عرف أنني يمني ومن باب الود يبادرني بالسؤال عن أحوال اليمن ويناقشني في التطورات فيها وبعدما حدث البارحة حاولت أن أمر سريعا من أمام دكانه عله لا يراني لكنه آبى إلا أن يستوقفني كعادته وبادرني بالسؤال: من هم الذين قاموا بإثارة الفوضى (عملوا دوشه ) في وجود رئيس الوزراء هو اسمه إيه ؟؟

أجبته : اسمه باسندوه وهؤلاء الشباب من الناشطين في الثورة .

سألني: أنت مش قلتلي إن رئيس الوزراء مع الثورة ؟ قلتله ايوه .

سألني : طب هم كانوا بيقولوا إيه علشان أنا مبفهمش كلامكم كويس .

فأجبته : لا حصانة لا حصانة القاتل لازم يتحاكم وأعوانه .

قالي قصدهم على صالح ؟ قلتله ايوه .

سال : رئيس الوزراء كان بيزعق بيقول ايه .

أجبته : كان بيقول الشعب يريد رحيل علي عبد الله صالح .

نظر الرجل إليا مستغربا وقال (طب هو أبو سندوه زعلان ليه ).

واعتذرت أني مستعجل وسأعود لأشرح له لاحقا هذا الموقف الذي اعتبره بديهي وصعب عليا شرحه وحمدت الله انه مبيفهمش كلامنا علشان ميسالنيش عن الكلمات الثانية ايش معناها .

ملاحظة: بلغني شائعة انه صدر آمر بالقبض على مجموعة من أولئك الشباب ولا اعتقدها صحيحة ففي بلد يتم فيه تحصين القتلة وتتسع صدورنا لهم لا يعقل أن نحاكم من يخالفنا الرأي.

كلمة أخيرة : العيب أن تفعل الخطاء .

والجهل أن لا تدرك ما الخطاء.

والعار أن تدافع عنه وأنت تدرك انه خطاء .

والشجاعة أن تعترف بهذا الخطاء .

والحكمة أن تعالج هذا الخطاء وتصححه.