نُطالبكما بِفَك الاشتباك!
بقلم/ د.علي مهيوب العسلي
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 16 يوماً
الجمعة 29 يونيو-حزيران 2012 07:21 م

أيها الأخ رئيس الجمهورية ، والعربي الأصيل جمال بن عمر لولا تحديكما للصعاب والجدية في التعرف على التفاصيل الصغيرة للمشكلات المجتمعية ،والإدراك العميق لمطالب الثوار في الساحات ،ولولا الحرص الذي مارسه المبعوث ألأممي بن عمر على اللقاء بهم وبخاصة الشباب المستقل الذي أعطيت لهم مساحة كافية من الوقت وفتحت معهم كافة قنوات الاتصال ،وبالتالي سعيت بما تستطيع أن تحوِّل خط المبادرة من عدم إعطاء أي حق للشباب واعتبار المشكلة الجارية في اليمن هي أزمة بحسب توصيف المبادرة للوضع في اليمن ، إلى أن استطعت بذكائك الحاد وبإيمانك بحتمية التغير أن تجعلهم في صلب الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية ،ويبدوا أن الأخ الرئيس هادي كان معك على نفس التوجه!

هنا سأركز فقط على النقاط التالية لنراجعها معا وعلى النحو التالي:

1."في غضون 15 يوما من دخول مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآلية تنفيذها حيز التنفيذ، ينشئ نائب الرئيس ورئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني المكلف لجنة التفسير لتكون مرجعية للطرفين لحل أي خلاف في تفسير المبادرة الخليجية والآلية" .فهل أخي الرئيس وكذا معالي السفير بن عمر تم إنشاء لجنة التفسير ؟ ومن هي؟ وهل يُحضر إعلانها ؟ ؛ وهل قامت بتفسير أي خلافات حدثت بالفعل؟! أنا كمواطن لا عِلم لي وغيري من المواطنين كثير. فنرجو منكما توضيح ذلك حيث هناك مشكلات ملحة تتطلب منكما التدخل لفك الاشتباك بين الثوار في الساحات وبين الحكومة المُتَمثل في لجنة الاتصال فيما يخص تفسيرها لمعنى الشباب الوارد في الآلية. فهل تقصد الآلية شباب الساحات أم شباب الساحات وخارج الساحات ؟! وهنا يَكُون العَوَر قد شَاب هذه الآلية إذا كان القصد الشباب في الساحات وخارج الساحات، إذ من غير المعقول أن يتحاور المُشتبه بأنهم كانوا بطريقة أو بأخرى بما حصل لشباب الساحات من قتل مع الضحايا وهم الشباب الذين تعرضوا لكل أنواع الظلم والقتل والحرق والإصابات والاعتقالات!

2."عند تشكيل حكومة الوفاق الوطني وتولي نائب الرئيس تشكيل الحكومة لجنة اتصال تتولى وبشكل فعال التواصل مع حركات الشباب في الساحات من مختلف الأطراف وباقي أنحاء اليمن لنشر وشرح تفاصيل هذا الاتفاق وإطلاق نقاش مفتوح حول مستقبل البلاد والذي سيتواصل من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وإشراك الشباب في تقرير مستقبل الحياة السياسية". 

اجل لقد أعلن عن تشكيل لجنة الاتصال الحكومية برئاسة السيدة حورية مشهور ولكن ما لم يتم هو التواصل مع حركات الشباب في الساحات ومن مختلف الأطراف حيث في البداية تم التواصل مع المكونات الحزبية ورويدا رويدا وإذا باللجنة تتصل مع المكونات المحسوبة على بعض الوزراء في اللجنة ،وكذلك الاتصال الفردي لبعض الناشطين في الساحة دون كياناتهم !

3. "مع بداية المرحلة الانتقالية الثانية يدعو الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق الوطني إلى عقد مؤتمر حوار وطني شامل لكل القوى والفعاليات السياسية بما فيها الشباب والحراك الجنوبي، والحوثيون وسائر الأحزاب وممثلون عن المجتمع المدني والقطاع النسائي، وينبغي تمثيل المرأة ضمن جميع الأطراف المشاركة" .

أيضا كل ما ورد في الفقرة الثالثة لم تتم الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني شامل لكل القوى بما فيها الشباب حتى هذه اللحظة!

 4. ما ورد في البند19 من الآلية يبحث المؤتمر في ما يلي:

(أ‌) عملية صياغة الدستور، بما في ذلك إنشاء لجنة لصياغة الدستور وتحديد عدد أعضائها.

(ب‌) الإصلاح الدستوري ومعالجة هيكل الدولة والنظام السياسي واقتراح التعديلات الدستورية إلى الشعب اليمني للاستفتاء عليها.

(ت‌) يقف الحوار أمام القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وآمنه.

(ث‌) النظر في القضايا المختلفة ذات البعد الوطني ومن ضمنها أسباب التوتر في صعدة.

(ج‌) اتخاذ خطوات للمضي قدماً نحو بناء نظام ديمقراطي كامل، بما في ذلك إصلاح الخدمة المدنية والقضاء والإدارة المحلية.

(ح‌) اتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مستقبلاً.

(خ‌) اتخاذ الوسائل القانونية وغيرها من الوسائل التي من شأنها تعزيز حماية الفئات الضعيفة وحقوقها، بما في ذلك الأطفال والنهوض بالمرأة.

(د‌) الإسهام في تحديد أولويات برامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة لتوفير فرص عمل وخدمات اقتصادية واجتماعية وثقافية أفضل للجميع.

إن أغلب تلك الفقرات الواردة في البند 19 هي في الأساس مطالب الثورة الشبابية الشعبية منذ اليوم الأول من الخروج للساحات ،وبالتالي فان الشباب يتطلعون إلى اليوم التي تحقق فيه هذه المحاور .وأردت أن أورد هذه النقاط لان الكل هذه الأيام يتحدث عن الحوار الوطني ،ولا يعرف محاور هذا الحوار ولا من هم أطرافه ؟؛ فأحببت أن أورد رأي الآلية في هذه المسألة! و أترك التعليق لكما وللقارئ الكريم مما تحقق منها حتى الآن ،وبالتأكيد بن عمر يدرك الصعوبات التي واجهت الرئيس ومازالت وهو الذي قام بالزيارات المكوكية من أجل تنفيذ بعض القرارات التي اتخذها الأخ الرئيس ،وكان ولازال في الصورة ولا داعي لإقلاقه بها . فأنا متأكد أنها تجلب له الصُداع عندما يتذكرها!!

فالشعب اليمني لا يهمه سوى رغيف العيش والحياة الكريمة التي لم تتوفر بعد كل الجهود التي بذلتموها من أجل تحقيق ذلك، وأعذروني إن قلت لكما أن معظم الشعب وجزء كبير من الطبقة المثقفة لا يدركون الجهد الذي أرّقكما من اجل إخراج اليمن مما هي عليه ،لأن الحكومة ركزت على الشكليات وتركت بإصرار مضمون ما تنشده الآلية التنفيذية التي جعلتنا جميعا نتعامل معها بحذر شديد وخوف كبير منها لدرجة أن كِتَابَاتنا في معظمها تتعامل معها بالرفض ،والسبب في ذلك أن الحكومة المُتَشكِّلة بموجبها لم تكن بالمستوى المرجو للشعب اليمني مُنذ تشكلت هذه الحكومة الوفاقية، وكذلك فإن الحكومة لم تُخصص برامج إعلامية لتوضيح هذه الآلية والعوائد المتوقعة مــــن تنفيذها !

أحب كذلك أن أُنبهكما أن النازحين حتى كتابة هذا المقال يعانون الحرمان ولم تُيسر وتوفر الحكومة المساعدة لمن يحتاجها ،فكل الشعب يحتاج المساعدة والعون حيث أن اكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، بل وازدادوا فقراً نتيجة للمماحكة السياسية بين الطرفين المُوقِّعين على المبادرة والياتها التنفيذية ، وأن تعقد المشكلات قد يُنذر بثورة جديدة ، إنها ثورة الجياع نتيجة لحرمان الإنسان اليمني في شتى نواحي الحياة ،فالغذاء غير متوفر وحتى المساعدات المجلوبة "مضروبة" تخيلوا معي إنها منتهية الصلاحية ،والكهرباء زاد انقطاعها أضعاف مضاعفة وبخاصة في هذه الأيام ونحو 500ألف طالب وطالبة يمارسون العملية الامتحانية في الشهادة الأساسية والثانوية ،إضافة إلى اكثر من 200 ألف في الجامعات ،وأزمة الوقود بدأت تطل برأسها في العاصمة صنعاء ..وما ندري ماذا يفاجئنا الزمن من كوارث في المستقبل القريب إن لم تَتَدخلا لإعادة هيبة الدولة ومحاربة الفساد والإفساد وتُطبقان الحكم الرشيد وتَجعلان الشعب يلمس التغييرات التي يَنشدها وبالسرعة الممكنة دون إبطاء!

نعم! فالحكم الرشيد تفتقده هذه الحكومة ! فالذي يراقب المشهد السياسي ويُحلل ما جاء في هذه الفقرة التي يتطلع إليها كل اليمنيين لكي تكون واقعا معاشا ،لا يلحظ إلا عكسها تماما، وما قيل عن تدوير المناصب الإدارية في الدولة فلم يتحقق حتى الآن ، وان تم الآن فسيكون عرضة للتلاعب وتصفية الحسابات ،لان هيبة الدولة واستعادتها لِتعمل بشكل اعتيادي لم تُنجز حتى هذه اللحظة!

اختم مقالي برسالتين أراهما هامتين:

الرسالة الأولى للأخ جمال بن عمر : فحوى هذه الرسالة وأنت تتابع ما يجري هذه الأيام من مغالطات وتأجيج الصراعات بين الشباب من قبل لجنة الاتصال الوزارية سواء بين شباب الثورة في الساحات أو بينهم وبين الشباب المنتمين لبعض الأحزاب خارج الساحات عندما تعمد اللجنة على جَمعهما معاً وهو قرار خاطئ أدى إلى زيادة الجروح والآلام عند شباب الثورة ولم نسمع بتصريح لك يوضح المسألة ولم نسمع من لجنة التفسير حل لهذه الإشكالية التي ابتدعتها لجنة الاتصال.سعادة السفير أنت تعلم كما نحن من أن الشباب هم من رفض المبادرة ،ولكنهم هم الوحيدون الذين التزموا بالمبادرة بطريقة أو بأخرى فمارسوا ضبط النفس والتهدئة والاشتراك بالعملية الانتخابية ولم يطالبوا حتى الآن بإسقاط الحكومة لأنها لم تُطلق المعتقلين ولم تعالج الجرحى ولم تقدم القتلة للمحاكمة !

وخلاصة رسالتي نتمنى عليك أن تُشرِّف اليمن بزيارة لتفك الاشتباك الحاصل والقيام بالتفسير الصحيح لمعنى الشباب الوارد في الآلية التي صُغتها أنت ولا يستطيع غيرك تفسيرها ،لتبين للجنة هل تعني بالشباب هم الذين خرجوا يطالبون بإسقاط النظام ؟ وهل ما عنيته بالحوار ؟ ؛ يعني الحوار معهم فقط ولن يتأتى ذلك إلا بالاعتراف بالثورة وبأهدافها ومطالبها عندها فقط يتحقق الحوار ورفع الساحات وذلك بالترتيب معك ومع الأخ رئيس الجمهورية الرجل التوافقي حتى الآن ،ولا تخيب ظن الشباب بك من أن اهتمامك فقط ينصب في الجانب العسكري بزياراتك المكوكية فالشباب اكثر أهمية فهم من فجروا الثورة وبدونهم لن تحقق الآلية التنفيذية مقصدها!

الرسالة الثانية للأخ الرئيس عبده ربه منصور هادي : فحوى هذه الرسالة أن تتدخل لفك الاشتباك بين الثوار ولجنة الاتصال الوزارية حيث ارتكبت عدة أخطاء من حيث الشكل ومن حيث المضمون ، فمن حيث الشكل أن الآلية تُلزمها بالتواصل مع الحركات الشبابية في الساحات والحركات الشبابية أصلا لا توجد إلا في ساحات الاعتصام المطالبة بتغيير النظام ،فأقحمت نفسها في الدخول في مربعات الأحزاب السياسية ولا مخرج من هذه الإشكالية إلا بتوجيهك لها وتوقيف كل نشاطاتها السابقة وإعادة النظر بالحوار مع الشباب على قاعدة ما يتوافق عليه الشباب أنفسهم ،وأن الأحزاب الموقعة هي أصلاً ممثلة في الحوار وما ينطبق على الشرائح المضمنة في الحوار بحسب الآلية هي بالضرورة تشمل الأحزاب الموقعة بمعنى أن التمثيل الحزبي في الحوار الوطني يشمل الشباب والمرأة والمهمشين وخلافه ، وطالما والأحزاب ممثلة فلا داعي للمناكفة في حجم التمثيل لأن المسألة لا تحسم بالتصويت وإنما بالتوافق . فلماذا اهتمت اللجنة بالشكل وتركت المضمون الذي كان عليها أن تقوم به وهو شرح الاتفاق والضمانات الكفيلة ببناء الدولة المدنية الحديثة وغيرها من القضايا التي تذلل الصعاب ولا تصب الزيت على النار. فعليكما كما اعتقد أنت أيها الأخ الرئيس وبن عمر أن تَفُكا هذا الاشتباك قبل أن يتفاقم ويتحوّل إلى إرهاصات جديدة ربما تصبح المطالبة بإسقاط الحكومة أمر لابد منه ،إذ لم تُحل هذه المشكلة ففيها من التعقيد ما أن يجعلها غير سهلة على الإطلاق . مقدرين تحملكم للمسؤولية الكبيرة وبانتظار بقية قراراتكم التي تُنهي الانقسام وتُنصف أصحاب المظالم وترجع الحقوق إلى أصحابها!

واسمح لي أيها الأخ الرئيس أن أذكرك بما عُرِف بتقرير "با صرة- هلال" و أتمنى عليك أن تُزيل الغبار الذي تراكم عليه منذ انجازه ، وأن تتطلع على توصياته وتبدأ بقرارات شجاعة تجدول توصياته وتُشرع في اتخاذ خطوات بتنفيذ ما تراه ، فقد يُسهم ذلك فيما انتم قادمون عليه في الحوار الوطني الشامل ،لأنه سيطمئن الناس وسيشعرون بان الماضي لن يعود ، وبالتالي سيجعل أصحاب السُقُوف العالية أن يتراجعوا عن سقوفهم من إخواننا الوحدويين في المحافظات الجنوبية والله من وراء القصد وهو هاديك وهادينا إلى سواء السبيل!

  alasaliali@yahoo.com