كَلَمُن ...
بقلم/ سالم الفرّاص
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و 9 أيام
السبت 09 مارس - آذار 2013 05:33 م
ها أنذا أقر وأعترف أنني قد بدأت ولن أتوب عن مواصلة لعن أبو سياسة الأجور المتبعة في بلادنا ومعها كل الحكومات السابقة واللاحقة، والتي ستتعاقب لتواصل حكمنا بذات سياسة الأجور المقيتة والبغيضة وغير العادلة هذه.
كما وأنني أقر واعترف بضلوعي في توجيه التهمة عن قناعة وإيمان، مشككًا بصدق والتزام ونزاهة كل مثقف وناشط وسياسي، وحزب وحركة وفعالية كانت قد عملت سرًّا أو علنًا داخل الحكم أو خارجه. وظلت بعيدة عن تناول هذه الإشكالية وكشف أبعادها، وجعل وقفها والتصدي لها وتغييرها من أولويات مهامه.
وأقول ذلك غير منزّهًا نفسي من التلطخ بأدران المشاركة في السكوت على بقاء وتمادي ومواصلة الانسحاق والتمزق تحت أرزاء وطأته، التي كان قد حُكم وما زال بها على أكثر من ثلاثة أرباع موظفي الدولة العيش تحت خط الفقر لعدم كفاية الراتب الشهري للواحد منهم على إغاثته منفردًا لأكثر من نصف شهر دون الإقدام، على دفع فواتير الكهرباء والماء أو سداد إيجار غرفة أو حانوت دون حمام, فكيف بمن معه زوجة أو أطفال وأرحام وعجزة يعولهم مع غياب تعليم مجاني سليم وتأمين صحي ملزم.. إذ لا يمكن أن يرتقي ما يحصل عليه الموظف نهاية كل شهر إلى معنى راتب المفروض أن يغطي مصروفاته وأسرته ويزيد, وإنما هو أقرب إلى مسمى (إعانة) أو (إعاشة) تمنح له كل ثلاثين يومًا.
إنها سياسة أجور مهينة لا تقتصر آثارها المزرية على أكثر من ثلاثة أرباع من إجمالي موظفي الدولة، وإنما تمتد لتشمل أضرارها أكثر من ثلث المجتمع تقريبًا؛ الأمر الذي يكشف مبينًا مدى قبح ودناءة استمرار فرض مثل هذه السياسة المدمرة للإنسان والمجتمع والمحيط ويفضي إلى زعزعة استقرارهما معًا.
لذا أعتقد أننا بحاجة إلى قيام ثورة يقودها حزب برنامجه وإيديولوجيته يصبان في إنقاذ مجتمعنا من استمرار فرض سياسة الأجور الحالية وفرض سياسة أجور أخرى بديلة عادلة تتناسب وقيمة ووجود الإنسان وتحترم وتحفظ له مكانته وتصون كرامته.
ما زالت حتى الآن لا أستطيع معرفة جوهر وكفة السياسة التي درجت الحكومة على انتهاجها في التجاوب فقط وحصريًا مع مطالب بعض موظفي مرافق الدولة الذين يعمدون إلى الاعتصام والإضراب عن العمل ولا يُسمح لها الالتزام بهذه السياسة الغريبة من أن تقدم على اتخاذ إجراءات مسبقة تحل فيها وبشكل متساوٍ وسليم جملة المشاكل في جميع المرافق دون استثناء, بحيث تشمل خصوصًا تلك المرافق التي لم يقدم فيها موظفوها على انتزاع حقوقهم عن طريق الإضرابات والاعتصامات حتى الآن, والتي أصبحت نتيجة لذلك تبدو مغفلة وغبية ويمكن مواصلة الصفع المستمر على قفاها.
الحزب أو التجمع أو المنظمة التي أدعو الجميع إلى وجودها الغرض منها هو أن تعني وتتكفل برصد مخالفات كبار المسئولين في الدولة والحكومة اليوم وغدًا والعمل أولًا بأول على كشفها ووقفها وتصحيحها وذلك حتى نجنب شعبنا وأنفسنا الوقوع في مآزق ومطبات؛ السكوت عن مواصلة ارتكابها كان وما زال يقودنا إلى مخاطر لا ننتبه لها إلا وقد بلغت مستوىً يصعب فيه مواجهتها, فننقاد طوعًا وكرهًا إلى الدخول في مساومات غير صحيحة وغير مقبولة للتسليم بوجودها والعيش والتعايش معها.