لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيل
بقلم/ د. محمد أمين الكمالي
نشر منذ: 13 سنة و يومين
الجمعة 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:17 م

الثورة عادة ما تكون خاطفة وسريعة وفي جوهرها انتفاضة وانقضاض يهدم ويحطم ما أمامه ليزيل حواجز وعوائق كثيرة ثم تبداء بعدها مرحلة طويلة من التسوية والبناء وهيا تسمى ثورة عندما تنتصر أو تصبح انقلاب وتمرد إذا فشلت .

هذا ما درج الناس عليه من أمر الثورات أو أن تصبح تسمية الثورة غطاء لصراع أو نزاع مسلح أو انقلاب للوصول إلي السلطة وتحقيق أهداف معينة ولكن الثورة لا تكون ثورة إلا إذا عبرت عن الجماهير العريضة .

والثورة الطويلة الأمد يكون من فوائدها أنها إذا لم يتم إحباطها فأنها تكسب القوة والمتانة والنضوج بطول بقائها وثباتها وتتحول من انتفاضة عابرة أو انفجار سريع إلي حركة تغيير حقيقة تتعدى الجانب السياسي لتؤثر مباشرة في التطور الاجتماعي للشعوب .

فعقب الثورات السريعة أو الانقلابات تبداء في العادة مرحلة تغيير توعوي واجتماعي وإنساني وسياسي يقوده المنتصرون لقولبة البلاد ونظام الحكم والموطنين فيها تبعا لأيدلوجيات هؤلاء الذين قادوا الثورة أو أولئك المحظوظين الذين يجنوا ثمارها وان لم يقودوها نتيجة لتصريف القدر ,,ويلاحظ انه خلال الفترة الأولى تظل الكثير من التأثيرات الواعية وأخرى في اللاوعي من المرحلة السابقة وبعضها يختبئ في شقوق الزمن لينتقل مترسخا في حياة الناس وان فقد صلته بالمصدر,,ومما يمكن ملاحظته هو بقاء المصطلحات ناهيك عن المفاهيم والأفكار والممارسات.

في المقابل تطاول الثورة يجعلها تبداء مرحلة التغيير وهيا لا زالت في الشارع فيكون مسح الأسماء والمفاهيم والقيم السلبية والممارسات السابقة جزء من العمل الثوري الذي يتاح له الوقت الكافي ليتبلور وتكون قدرة الشارع والجماهير علي التوجيه والغربلة وإسقاط النفعيين والانتهازيين وليس مجرد صدى الفكر الملهم للإبطال أو الأوامر الصادرة من القيادة .

وخلال الثورة يبداء القافزون بالتسلق والهروب إلي سفينة الثورة الناجية طمعا ورهبا وهذا دليل علي قوة الثورة ومسيرها نحو الانتصار ومقابل ذلك عندما تطاول الثورة يبداء البعض بالهرب والانسحاب منها وإعادة حساباتهم لمعرفة أين يتجه المؤشر ولكن عندما يفاجئ جميعهم بانتصار إرادة الشعب فان من انظم إلي الثورة ثم تراجع أو من رفض الانضمام وظل يرتكب الجرائم مدافعا عن أسياده يبدءون بتأويل مواقفهم والدفع بكلمة هنا أو هناك ليظهروا كيف أنهم كانوا مع الثورة وحاولوا حماية الثوار وأنهم ما شاركوا في القتل والذبح والقصف إلا لتفادي مجازر اكبر (وكان ما حدث ليس شيئا كبير ) وانه كان تكتيك منهم لنصرة الثورة وأنهم عندما كانوا يقتاتون من دماء الضحايا لم يفعلوا ذلك إلا لمصلحة الوطن ككل ولكي يعجلوا بانتصار الثورة ويأتون طالبين المغفرة وان تشملهم الثورة كما شملت غيرهم ممن نفض يديه من النظام وانضم باكرا ولم يشارك في ذبح الثورة والثوار متناسين أن التوبة لا تكون لميت وأنهم قد ماتوا عندما ماتت ضمائرهم وغمست أيديهم بالدماء الطاهرة .

فحتى الطغاة في أخر لحظاتهم وبعد أن يعلنوها صراحة أنهم قد فهموا شعوبهم (الزين) فلا تمديد ولا توريث وينكروا كافة التهم الموجهة إليهم بالقفص (مبارك) ويطلبوا الصفح ويستجدوا الرحمة ممن لم يرحموهم (القذافي ) يكون لسان حالهم كما قال فرعون الذي لم يؤمن وقد تعددت الآيات ثم عندما رأى البحر رهوا وأن الله أنجاه من البلاء السابق يأخذه الكبر والغرور ويقتحم البحر حاسبا انه قد فتح له ليمضي في طغيانه ولم يدرك الحقيقة إلا في لحظات لا ينفع فيها الندم (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ) * ولن يكون الرد على طاغيتنا واذيالة المحملين بدماء الشهداء إلا (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) فلا توبة للمفسدين بعد القتل ولا حصانة للقتلة .

* إله بني إسرائيل الذي يؤمن به الطغاة هو المال والسلطة .